أجواء الحرب تخيّم على لبنان: غارات وقتلى و«استعداد» إسرائيلي

وزير الخارجية يؤكد التصميم على تحرير الأرض وحصر السلاح

السيارة التي استُهدفت بغارة على طريق تول في قضاء النبطية (الوكالة الوطنية للإعلام)
السيارة التي استُهدفت بغارة على طريق تول في قضاء النبطية (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

أجواء الحرب تخيّم على لبنان: غارات وقتلى و«استعداد» إسرائيلي

السيارة التي استُهدفت بغارة على طريق تول في قضاء النبطية (الوكالة الوطنية للإعلام)
السيارة التي استُهدفت بغارة على طريق تول في قضاء النبطية (الوكالة الوطنية للإعلام)

عادت أجواء الحرب إلى جنوب لبنان، حيث لا يمر يوم من دون سقوط قتلى وجرحى على وقع الغارات المتنقلة والمسيَّرات التي لا تفارق الأجواء، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي عن «اكتمال تمرين الفرقة 91 على الحدود اللبنانية»، فيما وصفه «أوسع تمرين منذ بداية الحرب؛ لتعزيز الجاهزية العملياتية في الدفاع والهجوم - بحراً وجواً وبراً».

هذا في وقت أكد فيه وزير الخارجية يوسف رجّي خلال زيارة له إلى الجنوب أن «الاعتداءات الإسرائيلية والنقاط الخمس العسكرية الإسرائيلية، تزيدنا تصميماً على ضرورة تحرير الأراضي اللبنانية ودعم الجيش اللبناني في جهوده لبسط سيادة الدولة وتطبيق قرار 1701، وتنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح في يد الدولة واستعادة قرار الحرب والسلم».

وقام رجّي بجولة تفقدية على متن طوافة تابعة لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، اطّلع خلالها على حجم الدمار الذي خلّفته الاعتداءات الإسرائيلية في القرى الحدودية، وتفقد الخط الأزرق والنقاط الخمس التي تحتلها إسرائيل، كما شملت الزيارة تحليقاً جوياً على الحدود وتفقداً للقرى المتضررة والدمار الهائل الذي سببته.

6 قتلى خلال ساعات

والغارات المتنقلة بين الجنوب والبقاع أدت خلال ساعات إلى سقوط ستة قتلى وعدد من الجرحى؛ إذ بعدما كان قد قُتل شخصان في غارات استهدفت البقاع ظهر الخميس سقط قتيلان مساءً في غارة على الجنوب، ومن ثم قتيلان آخران صباح الجمعة، بعدما كان قد قُتل شخص أيضاً في عين قانا ظهر الأربعاء.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» ظهر الجمعة عن تنفيذ مسيَّرة إسرائيلية غارة بصاروخ موجه، مستهدفة سيارة على طريق بلدة تول، قضاء النبطية، حيث اندلعت النيران بالسيارة المستهدفة، لتعود وزارة الصحة اللبنانية وتعلن أن الغارة على تول أدت إلى سقوط قتيلين وإصابة مواطنين اثنين بجروح. وأشارت وسائل إعلام لبنانية، إلى أن المستهدف هو عنصر في «حزب الله» كان قد أصيب العام الماضي بعملية تفجير أجهزة الـ«بيجر»، وهي المرة الثانية التي يُستهدف فيها جريح «بيجر» بعدما كان قد قُتل عنصر مصاب قبل أسابيع، مع زوجته.

ولاحقاً، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن «الجيش قضى على عباس حسن كركي مسؤول الشؤون اللوجيستية في قيادة جبهة الجنوب في (حزب الله)»، مشيراً إلى أنه يشرف «على عمليات إعادة إعمار قدرات القتال في (حزب الله)، وشغل منصب مسؤول إعمار بناء القوة في (حزب الله) وأدار عمليات لنقل وتخزين وسائل قتالية في جنوب لبنان».

وأتت الغارة على تول بعد ساعات على مقتل سيدة ورجل مساء الخميس، في استهداف غرفة صغيرة في بلدة عربصاليم، في إقليم التفاح. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الغارة أدت إلى مقتل المواطنة زينب موسى (82 عاماً) عندما كانت في منزلها المجاور لمكان الغارة، التي استهدفت حيّاً سكنياً والشاب ماهر يونس (43 عاماً)، إضافة إلى جرح عدد من الأشخاص.

وقالت «الوطنية» إن «الغارة استهدفت غرفة لا تتعدى مساحتها الـ25 متراً مربعاً كانت تُستعمل للأشغال الزراعية، ودُمّرت بالكامل وتقع على مقربة من مبنى البلدية والحديقة العامة، وتسببت بأضرار كبيرة في المنازل المجاورة وتحطم الزجاج فيها، إضافة إلى أضرار بشبكات الكهرباء والهاتف واشتراك الكهرباء وعملت فرق فنية على إصلاحها.

زينب موسى (82 عاماً) وماهر يونس (43 عاماً) اللذان قُتلا في الغارة التي استهدفت بلدة عربصاليم مساء الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)

هذا في موازاة استمرار سياسة خنق الجنوب اقتصادياً، ومنع إعادة الإعمار عبر منشآت مدنية وصناعية تستخدم لهذا الهدف.

وسجّل في هذا الإطار، إلقاء مسيّرة إسرائيلية قنبلة صوتية، بالقرب من جرافة في الحي الغربي في مدينة الخيام؛ ما أدى إلى احتراقها وعمل عناصر من الدفاع المدني على إطفائها وسط تحليق مسيّرة إسرائيلية على علو منخفض.

كما استهدفت غارة إسرائيلية محيط منزل مدمر في ميس الجبل من دون وقوع إصابات.

ضغط وتصعيد مفتوح

وتضع مصادر وزارية هذا التصعيد العسكري في خانة الضغط على لبنان من دون أن تستبعد تسارع الوتيرة، معوّلة في ذلك على ما ستقوم به لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي يفترض أن تستأنف اجتماعاتها مع الجنرال الأميركي الجديد، الأربعاء المقبل.

من جهته، يقول اللواء الركن المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي، لـ«الشرق الأوسط» إنه «يمكن القول اليوم إننا دخلنا في مرحلة الضغط العسكري على لبنان؛ وذلك انطلاقاً من أن الأهداف التي تُقصف ليست أهدافاً جديدة، والأشخاص الذين يتم اغتيالهم ليسوا مسؤولين أو قياديين إنما عناصر في الحزب أو مؤدون له».

ويضيف: «التصعيد اليوم هو لأهداف سياسية، وذلك عبر إثارة الرعب في صفوف بيئة (حزب الله)، والضغط على الدولة اللبنانية للذهاب إلى المفاوضات بالشروط الإسرائيلية». أما عن مدى هذا الضغط، فيقول شحيتلي: «السقف مفتوح لأن الهدف الوصول إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الشروط».

انتهاء مناورة على الحدود وإسرائيل ترفع جهوزيتها

في موازاة هذا التصعيد، أعلن الجيش الإسرائيلي عن الانتهاء من مناورة عسكرية على الحدود مع لبنان؛ «بهدف رفع الجاهزية».

وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي على حسابه على منصة «إكس»: اكتمل مساء أمس (الخميس) تمرين مكثف استمر خمسة أيام لقوات جيش الدفاع بقيادة الفرقة 91 بهدف رفع مستوى الجاهزية لسيناريوهات الطوارئ القصوى في مجال الدفاع، والاستجابة السريعة للأحداث المفاجئة، بما في ذلك استدعاء قوات الاحتياط وحشد القوات، والانتقال إلى الهجوم، وكل ذلك مع استخلاص العِبر والدروس من عامين من القتال في الساحات كافة».

وأضاف: «تم تكييف سيناريوهات التمرين وفق الوضع بعد القتال في جنوب لبنان، والذي خلاله تضررت القدرات العملياتية لمنظمة (حزب الله) الإرهابية، وشملت السيناريوهات تدريباً على التعاون بين المقاتلين المكلّفين بمهمة الدفاع في المنطقة، وسلاح الجو وسلاح البحرية، بالإضافة إلى وحدات الدفاع، والمجالس المحلية، وقوات الأمن الموازية».

وأشار أيضاً إلى أنه تم تدريب «قوات اللوجيستيات والطبية والتكنولوجيا والصيانة على سيناريوهات إخلاء الجرحى تحت النيران وتقديم الدعم اللوجيستي والصيانـي والتقني في حالة الطوارئ.»، مؤكداً أن الجيش الإسرائيلي «سيواصل العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل، وبالتوازي سيستمر بالاستعداد لمجموعة متنوعة من السيناريوهات، والحفاظ على الجاهزية، وتحديث الخطط العملياتية».


مقالات ذات صلة

النازحون من جنوب لبنان ينتشرون في العمق... ويبدأون حياة جديدة

المشرق العربي آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)

النازحون من جنوب لبنان ينتشرون في العمق... ويبدأون حياة جديدة

لا يزال نحو مائة ألف مواطن لبناني من الطائفة الشيعية، تهجروا من منازلهم ومناطقهم نتيجة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، يعيشون في مناطق متفرقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جلسة البرلمان اللبناني انعقدت الخميس بغياب ممثلي «القوات» و«الكتائب» وقوى التغيير (الوكالة الوطنية)

لبنان: «حزب الله» يخوض معركة قانون الانتخابات من موقع القلق

شكلت مقاطعة أحزاب لجلسة البرلمان ترجمة مباشرة للقلق من مسار تشريعي يُخشى أن يتحوّل مدخلاً إلى تعطيل الانتخابات أو تأجيلها تحت عناوين تقنية

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

خاص «حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» للتأكد من استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الراعي متوسطاً عدداً من النواب ورجال الدين في مدينة طرابلس (الوكالة الوطنية للإعلام)

الراعي من مدينة طرابلس: السلام هو الخيار الدائم والأفضل

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «السلام هو الخيار الدائم والأفضل»، مضيفاً أن «العيد لا يكتمل إلا بحضور المسلمين والمسيحيين معاً».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

خاص سلام لـ«الشرق الأوسط»: «حصر السلاح» سيبدأ بين نهري الليطاني والأولي قريباً

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح باتت على بُعد أيام من الانتهاء، وان الدولة جاهزة للانتقال إلى المرحلة الثانية.

ثائر عباس (بيروت)

النازحون من جنوب لبنان ينتشرون في العمق... ويبدأون حياة جديدة

آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
TT

النازحون من جنوب لبنان ينتشرون في العمق... ويبدأون حياة جديدة

آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)

لا يزال نحو مائة ألف مواطن لبناني من الطائفة الشيعية، تهجروا من منازلهم ومناطقهم نتيجة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، يعيشون في مناطق متفرقة رغم مرور أكثر من عام على إعلان وقف النار.

الحرب، وإن كانت قد توقفت بشكل موسع، فإنها مستمرة بأشكال أخرى، سواء من خلال عمليات الاغتيال التي تطول عناصر وقياديي «حزب الله»، أو من خلال الاستهدافات لمبانٍ ومنشآت تقول إسرائيل إن الحزب يعمل فيها على إعادة بناء قدراته العسكرية.

بموازاة تأخير عملية إعادة الإعمار التي يُنظر إليها على أنها السبب الرئيسي لعدم عودة العدد الأكبر من النازحين إلى بلداتهم وقراهم، إلا أن الخشية المستمرة من تدحرج الأمور باتجاه حرب جديدة في أي وقت، تجعل القسم المتبقي يفضل مواصلة التمركز في مناطق تُعتبر مُحيّدة حيث لا نفوذ وسيطرة لـ«حزب الله».

عناصر من الجيش اللبناني بمحاذاة آلية استهدفتها غارة إسرائيلية في جبل لبنان الجنوبي الأربعاء (أ.ف.ب)

وتنتظر مئات العائلات النازحة دفعة جديدة من المال يفترض أن يؤمنها «حزب الله» لمن دُمرت منازلهم بدل إيجار وإيواء، بعدما كان قد أمّن هذه المبالغ قبل عام. وتشير المعلومات إلى أن هؤلاء تلقوا وعوداً ببدء قبض مستحقاتهم الأسبوع المقبل. أما المبلغ الإجمالي المطلوب فقدره 110 ملايين دولار.

توزعهم على المناطق

وحسب الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، فإن الشيعة النازحين توزعوا على عدة مناطق؛ من نزحوا من الشريط الحدودي وعددهم حوالي 90 ألفاً، نصفهم موجود في القرى الجنوبية القريبة، أي في صور والنبطية وصيدا وقضاء الزهراني وغيرها، ونصفهم الآخر موجود في الضاحية الجنوبية ومناطق بيروت، موضحاً أن «سكان الضاحية نزح حوالي 10 آلاف منهم، نصفهم إلى مناطق متفرقة من بيروت والنصف الآخر إلى مناطق متاخمة، وبالتحديد إلى ضواحي جبل لبنان القريبة من العاصمة كالحازمية والمنصورية وسن الفيل وغيرها».

منطقة اقتصادية

ونفى شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ما يتم الترويج له عن أن «حزب الله» يشتري شقق الراغبين ببيعها في الضاحية، لافتاً إلى أنه في المقابل «يصر على ألا تُدفع أموال للمتضررين إنما أن تتم عملية إعادة إعمار منازلهم بشكل مباشر خشية أن ينتقل هؤلاء للسكن في مناطق أخرى».

وأشار شمس الدين إلى «ازدياد الحديث عن منطقة اقتصادية ممتدة من الناقورة حتى شبعا بعمق 5 كلم، على أن تُنشأ شركة على غرار شركة (سوليدير) لإعادة الإعمار فيصبح من لهم أملاك في هذه المنطقة يحملون أسهماً في هذه الشركة من دون أن يتمكنوا من العودة للسكن فيها».

أبناء الشريط الحدودي

يبدو أن قسماً كبيراً من أبناء منطقة الشريط الحدودي وصلوا إلى قناعة في هذا المجال فأقدموا على نقل أعمالهم إلى مناطق سكنهم وحتى بدأوا أعمالاً جديدة، خاصة أولئك الذين كانوا يعملون في الزراعة والمواشي.

ويشير حسين.م (46 عاماً) إلى أنه ورغم تعلقه بأرضه فإنه لم يعد يفكر بالعودة إليها بعد أن وسّع أعماله في بيروت، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أنا كنت أعمل سنكرياً (مصلح السباكة) في بلدتي وكانت الأعمال محدودة. هنا في بيروت فرص العمل أكبر بكثير لذلك ها نحن نؤسس من جديد هنا».

عمال يعيدون ترميم كنيسة تضررت بفعل قصف إسرائيلي في بلدة ديردغيا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

من جهته، يستبعد الكاتب السياسي ورئيس تحرير موقع «جنوبية» علي الأمين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون أكثرية أبناء الشريط الحدودي فقدت الأمل بالعودة إلى قراها وإعادة إعمارها، «وإن صارت العودة هذه أمراً ليس بالهين واليسير، ودونها عقبات كبرى»، لافتاً إلى أن «ما تبدل أنهم أصبحوا أكثر جهوزية لتقبل عودة بشروط يدركون أنها ستكون قاسية عليهم، بسبب ما يعتقدون أن إسرائيل ستفرضه على إعادة الإعمار وعلى العائدين، علماً بأن القرى المدمرة ليست خالية تماماً فقد أتاحت إسرائيل للعديد من العائلات العودة ولكن بفرض قواعد وشروط تجعل السكان وكأنهم تحت سلطة الاحتلال، فأي عمل أو نشاط في هذه القرى يتطلب إذناً مسبقاً من الاحتلال ليوافق أو يرفض».

وضع سكان الضاحية

أما سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، فقد عاد كثيرون إليها بعد إعلان وقف النار، لكن أعداداً كبيرة أخرى لا تزال تؤجل العودة خشية اندلاع جولة حرب جديدة أو حتى تخطط لبيع ممتلكاتها هناك.

ويتحدث أمير ر. (35 عاماً) عن تجربته لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «إمكاناتنا المادية قبل نحو 10 سنوات لم تكن تسمح لنا بشراء منزل إلا في الضاحية، ولكننا كنا دائماً نفكر بالانتقال عندما تتحسن ظروفنا المعيشية... باغتتنا الأحداث الأخيرة واضطررنا لمغادرة منزلنا يوم اغتيال فؤاد شكر، لأنه عندها اعتبرنا أن الوضع الأمني لم يعد يسمح بالوجود في الضاحية وقد انتقلنا للسكن في منزل للإيجار في بعبدا لا نزال نسكن فيه لأن الوضع لا يزال غير مستقر»، لافتاً إلى أنه وعائلته اختاروا السكن في منطقة بعبدا باعتبارها قريبة من مدارس أولاده، «كما أن بعض أقاربنا وجيراننا اختاروا الحدث والشويفات وخلدة ودير قوبل».

ويؤكد أمير أنه «مع الوقت نخطط لبيع منزلنا الذي تضرر خلال الحرب، لكننا ننتظر كي يهدأ الوضع أكثر لنتمكن من تحصيل سعر جيد يخولنا شراء منزل آخر خارج الضاحية».

وقد عمد كثير من النازحين الذين يملكون الإمكانات والفرص للهجرة فيما يعمل آخرون لتحقيقها.


لبنان: «حزب الله» يخوض معركة قانون الانتخابات من موقع القلق

جلسة البرلمان اللبناني انعقدت الخميس بغياب ممثلي «القوات» و«الكتائب» وقوى التغيير (الوكالة الوطنية)
جلسة البرلمان اللبناني انعقدت الخميس بغياب ممثلي «القوات» و«الكتائب» وقوى التغيير (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: «حزب الله» يخوض معركة قانون الانتخابات من موقع القلق

جلسة البرلمان اللبناني انعقدت الخميس بغياب ممثلي «القوات» و«الكتائب» وقوى التغيير (الوكالة الوطنية)
جلسة البرلمان اللبناني انعقدت الخميس بغياب ممثلي «القوات» و«الكتائب» وقوى التغيير (الوكالة الوطنية)

لم تكن مقاطعة «القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب» لجلسة مجلس النواب الأخيرة، خطوة معزولة عن سياقها السياسي، بل شكّلت، وفق أوساط نيابية معارضة، ترجمة مباشرة للقلق من مسار تشريعي يُخشى أن يتحوّل مدخلاً إلى تعطيل الانتخابات أو تأجيلها تحت عناوين تقنية.

في هذا المناخ، عاد قانون انتخابات 2018 إلى الواجهة، ليس بوصفه نصاً إصلاحياً قيد التطوير، بل بوصفه قانوناً وُلد من تسوية سياسية ظرفية، ويُعاد استدعاؤه اليوم في لحظة اختلال سياسي حاد، مع ما يرافق ذلك من اشتباك حول بند مقاعد المغتربين، وتوقيت أي تعديل، وحدود ما يمكن تسويقه داخلياً وخارجياً.

قانون ابن لحظته السياسية

في هذا السياق، يقدّم الأمين العام لـ«الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات» (LADE) عمار عبود قراءة تشخيصية لجذور الأزمة. ويقول عبود لـ«الشرق الأوسط» إنّ قانون الانتخابات المعمول به «لم يُصمَّم بوصفه قانوناً عملياً مستقراً بقدر ما وُلد من لحظة سياسية وصفقة بين القوى التي أقرّته»، عادّاً أنّ القانون الذي طُبّق للمرة الأولى في انتخابات عام 2018 «كان نتيجة تسوية بين أحزاب، صيغت بما يخدم توازنات تلك المرحلة ومصالح أطرافها».

ويضيف أنّ الإشكالية الأساسية اليوم تكمن في أنّ «المعطيات تبدّلت جذرياً بعد سبع سنوات، مع الأزمة والتحولات السياسية والاجتماعية»، ما يجعل النقاش حول تعديل القانون «أقرب إلى محاولة إعادة تكييفه مع توازنات سياسية جديدة»، محذّراً من أنّ هذا المسار «يتحوّل عملياً إلى إعادة توزيع ومحاصصة إذا جرى بمنطق حماية المكتسبات لا بمنطق إصلاح قواعد اللعبة الانتخابية».

بند المغتربين

أحد أبرز عناوين الاشتباك يتمثّل في بند المقاعد الستة المخصّصة للمغتربين. ويشير عبود إلى أنّ القوى السياسية في عام 2018 «اتّفقت على المبدأ لكنها رحّلت التفاصيل، فتمّ تثبيت فكرة المقاعد الستة من دون حسم كيفية تطبيقها». ويقول: «جرى تأجيل التنفيذ في الاستحقاقات اللاحقة، والآن عاد البند إلى الواجهة لأن النص بقي غامضاً: هل هي دائرة اغتراب واحدة ينتخب فيها جميع المغتربين ستة نواب؟ أم ست دوائر؟ وكيف يكون التوزيع الطائفي لهذه المقاعد؟ وما شروط الترشح لها؟ وما الجهة التي تشرف على العملية في الخارج؟ وكيف تُطبَّق الرقابة؟».

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال المؤتمر العام للحزب 2025 (القوات)

ويشدّد عبود على أنّ هذا الغموض يجعل تطبيق المادة «متعذّراً عملياً من دون تعديل تشريعي»، مؤكداً أنّ الخيارات الواقعية تنحصر بين «تفصيل النص بشكل واضح ليصبح قابلاً للتنفيذ، أو إلغاء المقاعد الستة»، وفي الحالتين «لا مفرّ من العودة إلى المجلس النيابي».

كواليس التأجيل

لكن خلف النقاش القانوني، تكشف مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط» أنّ التداول في الكواليس ذهب أبعد من ذلك، إذ طُرح خيار تأجيل الانتخابات دورة كاملة. ويقول مصدر نيابي إنّ هذا الطرح «هرطقة دستورية»، موضحاً أنّ التأجيل، إن حصل، «لا يكون إلا مرحلياً أو تقنياً ولمدّة محدودة، غالباً سنة واحدة، ولا يمكن تبريره قانونياً لدورة كاملة».

جنازة رئيس أركان «حزب الله» هيثم الطبطبائي وآخرين قُتلوا معه بضربة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويضيف المصدر أنّ هذا الطرح قُوبل برفض واضح من دبلوماسيين غربيين، شدّدوا خلال اتصالاتهم مع المسؤولين اللبنانيين على أنّ أي تأجيل طويل «غير مقبول دولياً»، و«لا يمكن تسويقه بوصفه خطوة إصلاحية أو تقنية».

وحسب المصدر، أعاد المسؤولون اللبنانيون الترويج لصيغة بديلة تقوم على «تأجيل تقني محدود حتى شهر يوليو (تموز) المقبل، تُقدَّم بوصفها تخريجة تسمح بإجراء تعديلات لوجيستية، من بينها إتاحة مشاركة المغتربين عبر انتخابهم داخل لبنان، بدلاً من الذهاب إلى تطبيق ملتبس للمقاعد الستة في الخارج».

تاريخ القوانين الانتخابية

في السياق الأوسع، يقدّم الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين قراءة تاريخية تضيء على طبيعة النقاش الحالي. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ الانتخابات النيابية العامة في لبنان أُجريت 16 مرة منذ الاستقلال عام 1943 وحتى اليوم، فيما عُدِّل قانون الانتخاب نحو 10 مرات، لافتاً إلى أنّ «الدافع الأساسي وراء هذه التعديلات لم يكن تحسين صحة التمثيل، بل حسابات القوى السياسية قُبيل كل استحقاق، حيث تسعى كل جهة إلى تعديل القانون في التوقيت الذي يخدم مصلحتها ويُحرج القوى الأخرى».

ويوضح شمس الدين أنّ «جميع القوانين الانتخابية التي عُدِّلت أو اعتُمدت جاءت عملياً على قياس القوى السياسية، ولم تُحقّق الهدف المعلن منها، أي تصحيح التمثيل»، مشيراً إلى أنّ «الانتقال في انتخابات 2018 و2022 من النظام الأكثري إلى النظام النسبي لم يكن انتقالاً سليماً، إذ جاءت النسبية مشوّهة، لكنها مع ذلك حقّقت مصالح واضحة للقوى السياسية، ما يفسّر تمسّكها بهذا القانون في انتخابات 2022، واستمرار التمسّك به حتى انتخابات 2026».

ويضيف أنّ «النقاش الدائر حالياً لا يتناول جوهر القانون، بل يقتصر على تعديلات طفيفة»، موضحاً أنّ «الحديث لا يشمل إعادة النظر بحجم الدوائر أو بطريقة الاقتراع، بل ينحصر في مسائل فرعية، مثل مقاعد المغتربين الستة أو 128 مقعداً، والكوتة النسائية من عدمها، أو خفض سن الاقتراع إلى 18 أو إبقائه عند 21 عاماً»، مؤكداً أنّ «جوهر القانون الانتخابي نفسه خارج أي نقاش جدي، رغم أنّ هذه النقاط تبقى أقل أهمية من معالجة الأساس الذي يُفترض أن يقوم عليه أي قانون انتخابي عادل».

السلاح في قلب المعادلة

غير أنّ هذا السجال، وفق معارضين، لا ينفصل عن معضلة السلاح. فملف الانتخابات بات ورقة ضغط في مواجهة تصاعد المطالبة بحصر السلاح بيد الدولة، وسط مخاوف من أن يتحوّل التأجيل، أو التلويح به، إلى أداة مقايضة سياسية، تقوم على إرجاء الاستحقاق أو تعديل قواعده مقابل تهدئة النقاش حول سلاح «حزب الله» أو ترحيله إلى مرحلة لاحقة.

وتشير مصادر معارضة لـ«حزب الله»، إلى أنّ بعض القوى، لا سيما «الثنائي الشيعي»، تخوض معركة القانون من موقع القلق، في ظل تراجع شعبيتها بعد الحرب والأزمة الاقتصادية، ما يعزّز الإغراء باستخدام أدوات التعطيل أو شراء الوقت، سواء عبر مقاطعة أو عبر فتح باب تعديلات متأخرة.

تحذير من لعبة الوقت

في خضم هذا المشهد، يحذّر عبود من فتح باب التعديلات في توقيت قاتل، قائلاً إنّ النقاش في القانون «قبل أشهر من موعد الانتخابات يخالف أبسط المبادئ الديمقراطية».

ويحذّر من أنّ استمرار المراوحة حول تفسير النصوص أو تجنّب الحسم التشريعي «يدفع البلاد إلى طريق مسدود»، لأن الحكومة «لا تستطيع تطبيق مادة غير محددة الشروط، فيما يتحوّل الخلاف السياسي إلى لعبة وقت قد تُستخدم ذريعة لفتح الباب أمام سيناريوهات التأجيل، بدل الذهاب إلى انتخابات في موعدها، وبقواعد واضحة، تعكس إرادة الناخبين لا حسابات القوى السياسية».


لـ«منع إقامة دولة فلسطينية»... إسرائيل تقر إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة

صورة لمستوطنة إسرائيلية بشرق مدينة نابلس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
صورة لمستوطنة إسرائيلية بشرق مدينة نابلس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

لـ«منع إقامة دولة فلسطينية»... إسرائيل تقر إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة

صورة لمستوطنة إسرائيلية بشرق مدينة نابلس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
صورة لمستوطنة إسرائيلية بشرق مدينة نابلس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

وافق المجلس الأمني في إسرائيل، الأحد، على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة قال وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إنها تهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية».

ووفق بيان صادر عن مكتب سموتريتش، فإنه وبموجب هذا الإعلان يرتفع عدد المستوطنات التي تمت الموافقة عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة.

وتأتي الموافقة الإسرائيلية بعد أيام على إعلان الأمم المتحدة تسارع وتيرة الاستيطان بالضفة الغربية بحيث بلغت أعلى مستوياتها منذ عام 2017 على الأقل، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في بيان مكتب سموتريتش: «تمت الموافقة في المجلس الوزاري المصغّر على اقتراح وزير المالية ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لإقرار وتنظيم 19 مستوطنة جديدة» في الضفة الغربية المحتلة.

ووصف البيان الخطوة بأنها «تاريخية»، وتهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية. وقال سموتريتش: «على أرض الواقع، نحن نمنع إقامة دولة إرهاب فلسطينية».

وأضاف: «سنواصل تطوير وبناء وتعزيز الاستيطان في أرض تراثنا التاريخي، إيماناً بعدالة الطريق الذي نسلكه».

وبحسب البيان: «تُعد مواقع هذه المستوطنات ذات أهمية استراتيجية عالية، ويتصدرها إعادة إقامة مستوطنتي غانيم وكاديم» اللتين سبق أن أزيلتا في شمال الضفة الغربية قبل نحو عقدين.

ومن بين المستوطنات التي تمت الموافقة عليها أيضاً، خمس مستوطنات عشوائية كانت قائمة بالفعل لكنها لم تكن تتمتع بوضع قانوني.

تأجيج التوترات

كان الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش دان «التوسع المستمر» للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وقال في وقت سابق من الشهر الجاري «هذا التوسع يواصل تأجيج التوترات، ويعيق وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم، ويهدد قابلية قيام دولة فلسطينية مستقلة تمامًا، ديموقراطية، متصلة جغرافيًا وذات سيادة».

ومنذ اندلاع الحرب على غزة، تزايدت الدعوات لإقامة دولة فلسطينية، إذ أعلنت عدة دول أوروبية إلى جانب كل من كندا وأستراليا اعترافها بفلسطين كدولة ما أثار غضب إسرائيل.

وقال غوتيريش «تمثل هذه الأرقام زيادة حادة مقارنة بالسنوات السابقة»، مشيرًا إلى أن متوسط عدد الوحدات السكنية الاستيطانية التي أُضيفت سنويًا بين عامي 2017 و2022 بلغ 12.815 وحدة.

وأضاف «هذه التطورات تُرسّخ الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، وتنتهك القانون الدولي، وتقوّض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير».

كما كانت إسرائيل أقرت الصيف الماضي مشروع (إي وان) الاستيطاني الذي من شأنه فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وأثار بدوره ردود فعل فلسطينية ودولية غاضبة.

ويعتبر المشروع من أكبر المشاريع الاستيطانية التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية مؤخرا وخصوصا أنه سيضمن بناء 3400 وحدة استيطانية جديدة وتوسعة مستوطنة معاليه أدوميم الواقعة إلى الشرق من القدس.

تحذير من ضم الضفة الغربية

كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد حذر إسرائيل من ضم الضفة الغربية وهي خطوة يحاول وزراء في الحكومة اليمينية في إسرائيل تطبيقها بأسرع وقت ممكن.

وباستثناء القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل وضمتها مع الضفة الغربية عام 1967، يعيش نحو 500 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية، بالإضافة إلى نحو ثلاثة ملايين فلسطيني.

وسبق أن قال ترمب في مقابلة مع مجلة «تايم»، «ستفقد إسرائيل كل دعمها من الولايات المتحدة إذا تم ذلك».

وتُعدّ جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي، فيما تُعتبر البؤر الاستيطانية غير قانونية أيضا بموجب القانون الإسرائيلي.

تصاعد العنف

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصاعداً في هجمات مستوطنين إسرائيليين، خصوصا من البؤر الاستيطانية، استهدفت فلسطينيين وناشطين إسرائيليين وأجانب مناهضين للاستيطان، وأحياناً جنوداً إسرائيليين.

كما تصاعدت أعمال العنف في أنحاء الضفة منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، قُتل ما لا يقل عن 1027 فلسطينياً، بينهم مسلحون، في الضفة الغربية برصاص القوات الإسرائيلية والمستوطنين منذ بدء الحرب.

وفي الفترة نفسها، قُتل 44 إسرائيلياً، بينهم جنود، في هجمات نفذها فلسطينيون في الضفة الغربية، وفق أرقام رسمية إسرائيلية.