مصر تُحضّر لمؤتمر التعافي المبكر في غزة

اتصالات مع دول أوروبية لدفع خطة إعادة الإعمار

مراسم توقيع قادة الدول الوسيطة على وثيقة لدعم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة (الرئاسة المصرية)
مراسم توقيع قادة الدول الوسيطة على وثيقة لدعم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تُحضّر لمؤتمر التعافي المبكر في غزة

مراسم توقيع قادة الدول الوسيطة على وثيقة لدعم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة (الرئاسة المصرية)
مراسم توقيع قادة الدول الوسيطة على وثيقة لدعم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة (الرئاسة المصرية)

تجري مصر سلسلة اتصالات، لا سيما مع دول أوروبية لدفع خطة الإعمار في قطاع غزة، ضمن التحضيرات للمؤتمر الدولي الذي تنظمه بالقاهرة في النصف الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

تلك التحركات التي تأتي على المستويين الرئاسي والوزاري، يراها عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية الدكتور أحمد فؤاد أنور لـ«الشرق الأوسط»، تمثل دعماً لنجاح مسار التحضيرات الخالية وضمان مشاركة دولية أكبر، وكذلك تمويل واسع لدفع اتفاق شرم الشيخ بشأن وقف إطلاق النار للأمام.

وجرى اتصالان هاتفيان الاثنين، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيريه: الفرنسي جان نويل بارو، والدنماركي لارس لوكه راسموسن، تناولا «التحضيرات الجارية لاستضافة مصر المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية بغزة في شهر نوفمبر».

وأكد وزير الخارجية المصري «أهمية البدء في أقرب وقت في تنفيذ خطط التعافي المبكر، وإعادة الإعمار في غزة، وذلك في إطار رؤية متكاملة تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ووفقاً للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار (التي أقرت في مارس/ آذار الماضي)، وخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط (التي طرحت في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي)»، داعياً الدول الأوروبية إلى المشاركة الفعالة في المؤتمر.

ومن جانبهما، أعرب وزيرا خارجية فرنسا والدنمارك عن «تطلعهما لمواصلة التنسيق مع مصر في الملفات ذات الصلة بالتعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة، وفي إطار الإعداد للمؤتمر الدولي».

يركض فلسطينيون بحثاً عن ملجأ بعد غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تلك التحركات المصرية تأتي غداة اتصالات هاتفية بين وزير الخارجية المصري، ونظرائه في إيطاليا أنطونيو تاياني، وإسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، وألمانيا يوهان فاديفول، وكندا أنيتا أناند، تناولت «التحضيرات الجارية لاستضافة مصر المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في غزة».

كما جرى اتصال هاتفي السبت، بين بدر عبد العاطي ووزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، بشأن التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر إعادة الإعمار والتعافي المبكر والتنمية، المقرر عقده في القاهرة بمشاركة إقليمية ودولية واسعة، مؤكداً «أهمية تنسيق الجهود العربية لضمان نجاحه وحشد الدعم اللازم لتمويل عملية إعادة الإعمار».

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن هناك إصراراً مصرياً على سد أي ثغرات في ملف التهجير، ومؤتمر الإعمار هو إحدى أبرز هذه الخطوات. ويؤكد أن مصر تبث الأمل في نفوس الفلسطينيين وسط حالة الدمار التي يشهدها القطاع من خلال تثبيتهم على أرضهم عبر خطط محددة، وتحديد المسؤوليات.

ولم تتوقف المباحثات على المستوى الوزاري، وامتدت للمستوى الرئاسي، وبحث الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مع رئيس وزراء النرويج، يوناس جار ستور، اعتزام مصر استضافة المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار القطاع، معرباً عن تطلع مصر لتعزيز التعاون مع النرويج في إطار التحضير لهذا المؤتمر، ومشاركة الجانب النرويجي الفاعلة في أعماله.

ونقل بيان للرئاسة المصرية عن رئيس الوزراء النرويجي، ترحيبه بمواصلة التشاور والتنسيق مع مصر في هذا الشأن، مؤكداً اعتزام بلاده العمل مع مصر، وتكثيف التنسيق معها بشأن ملف إعادة إعمار قطاع غزة.

وفي كلمة بندوة للجيش، أعلن السيسي، الأحد، أن مصر ستستضيف في نوفمبر المقبل، مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار قطاع غزة، داعياً الشعب المصري إلى المساهمة الفاعلة في جهود الإعمار، وكلف رئيس مجلس الوزراء بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات المعنية بالدولة، لدراسة إنشاء آلية وطنية لجمع مساهمات وتبرعات المواطنين في إطار تمويل عملية إعادة إعمار قطاع غزة.

وخلال قمة شرم الشيخ للسلام، التي قادت لاتفاق، أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن موعد المؤتمر، مؤكداً «أهمية عقد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة إعمار» قطاع غزة.

ويتوقع أنور أن يُعقد المؤتمر في موعده، وستكون هناك إجراءات على الأرض، فيما لم يستبعد عقبات ومناورات إسرائيلية لعرقلته، مؤكداً أن مصر تحشد لدعم عربي وغربي لدعم القاهرة في هذه التحركات من أجل إعمار قطاع غزة، لافتاً إلى أن رسائل السيسي بشأن تبرعات المصريين للقطاع هي للمجتمع الدولي بأهمية أن يتحمل مسؤولياته تجاه أهل غزة.


مقالات ذات صلة

موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة

المشرق العربي موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة play-circle 02:43

موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة

أجبرت الأمطار الغزيرة بعض السكان على دفع سياراتهم في شوارع قطاع غزة المغمورة بالمياه، بينما لجأ آخرون إلى عربات تجرّها الحمير لعبور السيول.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء.

محمد عجم (القاهرة)
تحليل إخباري مساعدات مصرية تتكدس أمام معبر رفح بانتظار السماح بدخولها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

تحليل إخباري اجتماع الدوحة... هل يعجّل بتشكيل قوة «استقرار غزة»؟

تدخل مرحلة نشر «قوات الاستقرار» في قطاع غزة مرحلة نقاشات تبدو نهائية، مع اقتراب الموعد الرئيسي لانتشارها العام المقبل، وفق تسريبات أميركية.

محمد محمود (القاهرة)
خاص فلسطينيون يبحثون عن ضحايا وسط أنقاض منزل انهار الثلاثاء بعدما كان قد دمره القصف الإسرائيلي جزئياً خلال الحرب في مخيم الشاطئ بمدينة غزة (رويترز)

خاص «حماس» تريد جولة تفاوض جديدة

تسعى «حماس» لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة في مصر أو قطر، خلال الفترة المقبلة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي نازحون يمرون عبر برك المياه جراء الأمطار الغزيرة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«حماس»: اتفاق غزة «في مهب الريح» بعد 813 خرقاً إسرائيلياً

دعت حركة «حماس» الوسطاء في اتفاق غزة إلى التدخل لمنع انهياره في ظل الخروقات الإسرائيلية اليومية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

قوى سودانية تُوقّع «إعلان مبادئ» لإنهاء الحرب


جانب من اجتماع القوى السودانية في نيروبي (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع القوى السودانية في نيروبي (الشرق الأوسط)
TT

قوى سودانية تُوقّع «إعلان مبادئ» لإنهاء الحرب


جانب من اجتماع القوى السودانية في نيروبي (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع القوى السودانية في نيروبي (الشرق الأوسط)

وقَّعت القوى السياسية والمدنية في «تحالف صمود» السوداني، بالعاصمة الكينية نيروبي، أمس (الثلاثاء)، على إعلان مبادئ مشترك مع حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد النور، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» (الأصل)، لوقف الحرب في السودان، وتصفية نظام «الحركة الإسلامية» نهائياً من المشهد السياسي. ويُعد هذا أول تقارب يجمع غالبية الأطراف السودانية المناهضة للحرب، وجاء بعد مشاورات واتصالات استمرت أشهراً طويلة.

وشدد «إعلان المبادئ» على أنَّ «وقف الحرب فوراً يمثل أولوية وطنية قصوى»، مؤكداً أهمية ممارسة مزيد من الضغوط على طرفَي الحرب: الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، للالتزام بخريطة الطريق التي طرحتها دول «الرباعية»، (الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والإمارات، ومصر)، في أغسطس (آب) الماضي.

ويناشد «إعلان المبادئ»، الأطراف المتحاربة التنفيذ السريع لمقترح الهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر، والوقف الفوري لإطلاق النار دون قيد أو شرط، والعمل على تطويره إلى وقف إطلاق نار دائم.


«الصحة العالمية» قلقة إزاء احتجاز طواقم صحية ومدنيين في جنوب غرب السودان

شاحنة محمّلة بممتلكات شخصية لعائلات نازحة تنتظر مغادرة نقطة حدودية في مقاطعة الرنك بجنوب السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)
شاحنة محمّلة بممتلكات شخصية لعائلات نازحة تنتظر مغادرة نقطة حدودية في مقاطعة الرنك بجنوب السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الصحة العالمية» قلقة إزاء احتجاز طواقم صحية ومدنيين في جنوب غرب السودان

شاحنة محمّلة بممتلكات شخصية لعائلات نازحة تنتظر مغادرة نقطة حدودية في مقاطعة الرنك بجنوب السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)
شاحنة محمّلة بممتلكات شخصية لعائلات نازحة تنتظر مغادرة نقطة حدودية في مقاطعة الرنك بجنوب السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعربت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية وحوالى خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا في جنوب غرب السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان منذ 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليونا إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم بحسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس على إكس «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، والتي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملا في مجال الرعاية الصحية بالإضافة إلى حوالى خمسة آلاف مدني». وأضاف «بحسب شبكة أطباء السودان، فإن المعتقلين محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».

وتحالفت قوات الدعم السريع وفصيل «الحركة الشعبية لتحرير السودان-الشمال» في وقت سابق من هذا العام، وشكلت ائتلافا مقره نيالا.

وقال تيدروس «تقوم منظمة الصحة العالمية بجمع معلومات إضافية عن عمليات الاحتجاز وظروف المحتجزين. ويزيد استمرار انعدام الأمن الوضع تعقيدا». وتابع «إن التقارير التي تفيد باحتجاز عاملين في المجال الصحي وآلاف الأشخاص الآخرين تثير قلقا بالغا. يجب حماية العاملين في المجال الصحي والمدنيين في كل الأوقات، ونطالب بالإفراج الآمن وغير المشروط عنهم».

وسجّلت منظمة الصحة العالمية 65 هجوما على مرافق للرعاية الصحية في السودان هذا العام، أسفرت عن مقتل 1620 شخصا وإصابة 276.


الجزائر تتحرك لمواجهة استنزاف عملتها الصعبة

الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)
الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)
TT

الجزائر تتحرك لمواجهة استنزاف عملتها الصعبة

الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)
الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)

تواجه الجزائر نزيفاً ملحوظاً في العملة الصعبة نتيجة الاستغلال غير المشروع لمنحة السفر السياحية، وتعاني قلقاً رسمياً من خروج كميات مهمة من النقد الأجنبي خارج الأطر القانونية، في حجم الحالات المسجلة وطبيعة التنقلات الشكلية؛ الأمر الذي استدعى اتخاذ تدابير جديدة، تهدف إلى كبح التلاعب بالعملة ومحاصرة السوق الموازية.

وزير الداخلية والنقل أثناء رده على أسئلة النواب حول منحة السياحة (البرلمان)

أكد وزير الداخلية والنقل، سعيد سعيود، الاثنين، أمام نواب «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية السفلى)، وجود «شبكة احتيال منظمة»، تستغل، حسبه، حق السفر الذي أقرّته الدولة لفائدة المواطنين، بناءً على منحة تقدر بـ750 يورو تصرف سنوياً.

وأوضح سعيود أن هذا الإجراء الاجتماعي، الذي وُضع لتسهيل تنقل الجزائريين إلى الخارج، «انحرف عن أهدافه بفعل ممارسات غير قانونية، قادها سماسرة وشبكات منظمة، تورط فيها وسطاء وبعض وكالات السفر»؛ ما اضطر السلطات إلى فرض قيود على مستوى المعابر الحدودية.

وكان سعيود يرد على أسئلة للنواب تخص الضغط، الذي تشهده المعابر الحدودية مع تونس، حالياً، من قِبل آلاف الأشخاص الذين استفادوا من «منحة السياحة» بغرض قضاء عطل في الجارة الشرقية، مشدداً على أن الحكومة «أجرت تقييماً دقيقاً وشاملاً للوضع بالتنسيق مع السلطات التونسية»، وذلك خلال زيارة رسمية رافق فيها الوزير الأول سيفي غريب إلى تونس، نهاية الأسبوع الماضي.

وقد كشف هذا التقييم، حسبه، النقاب عن «تورط بعض وكالات الأسفار في تنظيم تنقلات مشبوهة لمواطنين جزائريين، بالاعتماد على أساليب احتيالية، هدفها الأساسي الاستحواذ غير المشروع على العملة الصعبة».

«تهريب» 7.5 مليون يورو

أكد الوزير سعيود أن «أسلوب الاحتيال المعتمد يقوم على إدخال مواطنين جزائريين إلى الأراضي التونسية بطريقة قانونية وختم جوازات سفرهم، ثم إعادتهم بسرعة إلى الجزائر، عبر معابر حدودية مراقبة، دون استيفاء مدة الإقامة القانونية، ليُعاد إدخال الأشخاص أنفسهم مجدداً بالطريقة ذاتها؛ بهدف تكرار عملية الختم والاستفادة المتعددة من منحة السفر المقدّرة بـ750 يورو». لافتاً إلى أن هذه الأموال «لم تنفع لا الاقتصاد الجزائري ولا الاقتصاد التونسي، بل ذهبت حصرياً إلى جيوب سماسرة وشبكات غير قانونية».

حافلات سياح جزائرية تنتظر الانتقال إلى الجانب التونسي (وكالات سياحية)

ووصف الوزير الأرقام المسجلة بـ«المقلقة للغاية»، مشيراً إلى رصد ما يقارب مائة ألف حالة خلال شهر ونصف شهر فقط، «غالبيتهم من العاطلين عن العمل، الذين يتم استغلالهم كأدوات في هذه العمليات العابرة للحدود». وبعملية حسابية تم تهريب ما يقارب 7.5 مليون يورو خلال 45 يوماً فقط، دون أن يذكر الوزير المدة بالتحديد.

وللتصدي لهذه «التجاوزات»، أعلن سعيود عن حزمة من الإجراءات الرقابية الاستعجالية، من بينها فرض تراخيص مسبقة على حافلات وكالات السفر الناشطة عبر الحدود. وأوضح أن هذه الخطوة «كشفت عن حجم الممارسات غير القانونية، بعد عجز بعض الوكالات عن تقديم أي التزامات، أو ضمانات تتعلق بإعادة مواطنين جزائريين عالقين في تونس».

وشدد الوزير على عدم وجود أي قرار لإلغاء منحة السفر؛ «فهي حق مكفول للمواطن الجزائري». غير أنه أوضح أن الحكومة تعمل على استحداث «أطر قانونية وتنظيمية محكمة لمنع أي استغلال غير مشروع لها، والحفاظ على طابعها الاجتماعي».

منحة 750 يورو السياحية تفجّر جدلاً كبيراً في الجزائر (ناشطون في السياحة)

في هذا السياق، أشار الوزير إلى بحث مقترح لاعتماد «بطاقة دفع مسبقة»، يتم من خلالها صب منحة 750 يورو، بما يسمح بالتحكم في كيفية صرفها، وتتبع استعمالها، وضمان توجيهها مستقبلاً نحو الأهداف، التي أُقرّت من أجلها.

شروط صارمة بالمعابر الحدودية

منذ إعادة تقييم منحة السفر إلى 750 يورو في 20 يوليو (تموز) 2025، بعدما كانت 95 يورو، شهدت حركة المسافرين الجزائريين نحو تونس عبر الطرق البرية ارتفاعاً كبيراً. وأمام ما تعدّه السلطات «تجاوزات» و«تحويلاً للعملة الصعبة نحو السوق الموازية»، تم اعتماد مجموعة من القواعد الجديدة لتنظيم النقل الجماعي الدولي عبر الطرق؛ ما فجّر موجة احتجاجات في أوساط مهنيي وكالات السفر، حسبما نشره الموقع الإخباري الاقتصادي «ماغرب إمرجنت»، الذي نقل عن بعضهم، أن فرض توفير طاقم قيادة مزدوج، واستعمال حافلات لا يتجاوز عمرها عشر سنوات - وهي شروط يصعب التقيد بها - «مناورة تهدف إلى تقييد الاستفادة من منحة السفر السياحية، المقدرة خاصة بالنسبة للرحلات المتجهة إلى تونس».

ازدحام في حركة المرور بمعابر الحدود الشرقية (ناشطون في السياحة)

وتضع الأحكام الجديدة قيوداً ثقيلة على الرحلات المنظمة بالحافلات والحافلات الصغيرة، في مقابل مرونة واضحة لا تزال ممنوحة للسيارات الخاصة التي يقل عدد ركابها عن ثمانية. وقد دخل الإجراء الأساسي حيز التنفيذ، منذ أسبوع دون إشعار مسبق؛ ما أدى إلى تشديد غير مسبوق في المتطلبات الإدارية والعملية.

وبموجب هذه الإجراءات، بات كل سفر بالحافلة يستدعي «ترخيصاً دولياً خاصاً ومؤقتاً»، يجب طلبه من مديريات النقل بالولايات قبل موعد السفر بخمسة عشر يوماً على الأقل. يضاف إلى ذلك إلزام توفير مرشد مرافق لسائق الحافلة مصرح به لدى الضمان الاجتماعي؛ الأمر الذي يرفع بشكل كبير تكاليف الوكالات، ويقلص هامش الربح لديها، والهدف من ذلك ثنيهم عن تنظيم الرحلات.

وأوضح أحد مسيري وكالات الأسفار للموقع الإخباري نفسه أن «تراكم هذه الشروط يعادل غلقاً تاماً لإمكانية حصول زبائننا المسافرين بالحافلات على العملة الصعبة، وبهذا أصبح من شبه المستحيل الاستمرار في هذا النوع من العروض».

ومن خلال استهداف النقل الجماعي، تسعى السلطات بوضوح إلى كبح «الاندفاع» نحو منحة 750 يورو، وهو مبلغ ترى كلٌ من الجزائر وتونس أنه يسهم في تغذية السوق الموازية للعملة، بدلاً من أن يُخصص حصرياً للنشاط السياحي.