انقسام داخل البنتاغون حول الحشد العسكري في الكاريبي

عقب استقالة مبكرة لقائد «القيادة الجنوبية»

الأدميرال ألفين هولسي القائد المستقيل لقيادة «ساوثكوم» يتحدّث في بوينس آيرس يوم 20 أغسطس (رويترز)
الأدميرال ألفين هولسي القائد المستقيل لقيادة «ساوثكوم» يتحدّث في بوينس آيرس يوم 20 أغسطس (رويترز)
TT

انقسام داخل البنتاغون حول الحشد العسكري في الكاريبي

الأدميرال ألفين هولسي القائد المستقيل لقيادة «ساوثكوم» يتحدّث في بوينس آيرس يوم 20 أغسطس (رويترز)
الأدميرال ألفين هولسي القائد المستقيل لقيادة «ساوثكوم» يتحدّث في بوينس آيرس يوم 20 أغسطس (رويترز)

في تطور مفاجئ ألقى بظلاله على المؤسسة العسكرية الأميركية، أعلن الأدميرال ألفين هولسي، قائد القيادة الجنوبية الأميركية، استقالته، الخميس، بعد أقل من عام على تعيينه. وأثارت هذه الخطوة تساؤلات واسعة حول الدوافع، وتداعياتها على العمليات الجارية ضد شبكات تهريب مخدّرات يُعتقد أنها مرتبطة بفنزويلا في بحر الكاريبي.

وكانت القيادة الجنوبية، التي تشرف على كل العمليات العسكرية الأميركية في أميركا الوسطى والجنوبية، في الأشهر الأخيرة محور تصعيد عسكري متسارع أمرت به إدارة الرئيس دونالد ترمب، بهدف مكافحة تهريب المخدرات والإرهاب. لكنّ توقيت استقالة هولسي، وسط هذا الزخم، بدا للكثيرين دليلاً على خلافات عميقة داخل البنتاغون.

رحيل غامض في ذروة التصعيد

لم تفسّر وزارة الدفاع الأميركية أسباب رحيل هولسي، مكتفية ببيان مقتضب صدر عن وزير الحرب بيت هيغسيث، قدّم فيه «الشكر للأدميرال هولسي على 37 عاماً من الخدمة المتميزة»، وأعلن أنه «يخطط للتقاعد بنهاية العام».

سانتياغو بينيا رئيس باراغواي يُكرّم الأدميرال ألفين هولسي في أسونسيون يوم 23 أغسطس (أ.ب)

لكن تسريبات نقلتها وسائل إعلام أميركية، منها «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، تحدثت عن أن القائد العسكري أبدى في اجتماعات مغلقة تحفظات على طبيعة العمليات التي تُنفَّذ في البحر الكاريبي، خصوصاً الغارات التي نفذتها قوات خاصة أميركية ضد قوارب يُشتبه بأنها تهرّب المخدرات قبالة السواحل الفنزويلية.

ومنذ مطلع سبتمبر (أيلول)، نفّذت القوات الأميركية ما لا يقل عن 5 ضربات ضد هذه القوارب، أسفرت عن مقتل نحو 27 شخصاً. وتقول إدارة ترمب إن هذه العمليات تستهدف «منظمات تهريب تموّل نظام نيكولاس مادورو في كاراكاس»، لكن منتقدين يرون فيها تجاوزاً للقانون الدولي وذريعة للتدخل العسكري في فنزويلا.

توتّر في المؤسسة العسكرية

في واشنطن، ربط مشرّعون استقالة هولسي بما وصفوه بأنه «توتّر داخل القيادة العسكرية» حول أسلوب إدارة الحرب على التهريب في المنطقة. وقال النائب الديمقراطي آدم سميث، نائب رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، إن «رحيل قائد بهذا المستوى قبل إكمال عام واحد أمر غير مسبوق، ويشير إلى خلل في آلية اتخاذ القرار داخل البنتاغون».

أمّا السيناتور جاك ريد، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، فاعتبر أن «الاستقالة في لحظة يتصاعد فيها التوتر مع فنزويلا تبعث بإشارة مقلقة عن استقرار سلسلة القيادة العسكرية».

لقطة من فيديو نشره الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقارب يحترق قبالة سواحل فنزويلا بعد إصابته بغارة أميركية (رويترز)

وتأتي هذه التطورات فيما يواصل وزير الحرب بيت هيغسيث حملة لإعادة هيكلة القيادات العسكرية، بعد أن أقال أو دفع إلى التقاعد عدداً من كبار الضباط، بينهم رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز براون، وقائدة البحرية الأدميرال ليزا فرانشيتّي. ويرى مراقبون أن هذه السياسة عززت مناخاً من عدم اليقين داخل المؤسسة العسكرية.

منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض، أعادت إدارته تصنيف فنزويلا ضمن «مناطق الخطر الأمني»، متهمة حكومة مادورو بدعم شبكات تهريب وتمويل جماعات مسلحة. وفي الأسابيع الأخيرة، سمحت واشنطن لوكالة الاستخبارات المركزية بتنفيذ «عمليات سرية» ضد أهداف فنزويلية، وفقاً لتقارير صحافية أميركية.

لكن غياب أي تفويض من الكونغرس لعمل عسكري مباشر أثار جدلاً قانونياً واسعاً، خاصة أن القانون الأميركي لا يجيز استخدام القوة ضد مهربين إلا في حالات محددة جداً. ويرى خبراء قانونيون أن التصعيد الجاري «يمزج بين مكافحة الجريمة المنظمة والسياسة الخارجية»، وهو ما يثير تساؤلات حول حدود سلطة الرئيس في توجيه ضربات خارجية دون موافقة تشريعية.

انقسام عميق

يشير مراقبون إلى أن استقالة هولسي قد تعكس انقساماً أعمق داخل الجيش الأميركي حول طبيعة الدور المطلوب من القيادة الجنوبية. فبينما يرى بعض القادة أن المهمة تهدف إلى «حماية الأمن القومي ومكافحة المخدرات»، يعتبر آخرون أن التحركات العسكرية المتزايدة في الكاريبي «تحوّلت إلى عرض قوة سياسي أكثر منه عملية أمنية».

كما أن تركيبة القيادة الجديدة في البنتاغون، المقرّبة من الرئيس ترمب ووزير حربه، دفعت بعض كبار الضباط إلى التقاعد المبكر أو الاستقالة.

اللافت أن استقالة هولسي جاءت قبل اكتمال عامه الأول في المنصب الذي يُفترض أن يمتد لثلاث سنوات. ولم تُعلن وزارة الحرب عن اسم خلفه بعد. لكن تقارير أفادت أن البيت الأبيض يدرس تعيين شخصية «أكثر انسجاماً مع الرؤية الاستراتيجية الجديدة»، وقد طُرح اسم نائب الأدميرال جيمس كارتر، قائد الأسطول الرابع سابقاً، كأبرز المرشحين لخلافة هولسي. وفي الوقت ذاته، يعمل البنتاغون على طمأنة الحلفاء بأن استقالة القائد لن تؤثر على «استمرارية العمليات أو التزامات واشنطن الدفاعية».

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث متحدّثاً خلال مناسبة في البنتاغون (رويترز)

ويخشى أعضاء في الكونغرس من أن يؤدي هذا الفراغ إلى ارتباك في تنفيذ العمليات، خصوصاً في ظل الحديث عن خيارات عسكرية جديدة قد تشمل توجيه ضربات داخل الأراضي الفنزويلية. ويرى محللون أن رحيل الأدميرال ألفين هولسي ليس حدثاً إدارياً عادياً، بل إشارة جديدة إلى أن المؤسسة العسكرية الأميركية تدخل مرحلة اختبار صعبة بين الانضباط المهني والضغوط السياسية. وفي وقت تتحدث فيه الإدارة عن «حماية الأمن القومي»، يرى خصومها أن ما يجري في الكاريبي يعيد فتح ملف استخدام القوة خارج إطار القانون، لتصفية حسابات سياسية تحت شعار مكافحة التهريب والإرهاب.


مقالات ذات صلة

خوف وقلق بين أفغان الولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن وتشديد سياسات الهجرة

آسيا سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)

خوف وقلق بين أفغان الولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن وتشديد سياسات الهجرة

بعدما عملوا لسنوات إلى جانب القوات الأميركية في أفغانستان، وجد آلاف الأفغان الذين أعادت الولايات المتحدة توطينهم في أراضيها، أنفسهم فجأة موضع شك.

«الشرق الأوسط» (آناهايم (الولايات المتحدة))
الولايات المتحدة​ خفر السواحل الأميركي ينتظر وصول قوات إضافية قبل أن يحاول اعتلاء ناقلة نفط مرتبطة بفنزويلا (أ.ف.ب)

خفر السواحل الأميركي يفتقر لقوات لاحتجاز ناقلة نفط مرتبطة بفنزويلا

قال مسؤول أميركي ومصدر مطلع لـ«رويترز» إن خفر السواحل الأميركي ينتظر وصول قوات إضافية قبل أن يحاول اعتلاء ناقلة نفط مرتبطة بفنزويلا يطاردها ​منذ يوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)

تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

أدانت المفوضية الأوروبية ومسؤولون في الاتحاد الأربعاء بشدة العقوبات الأميركية المفروضة على خمس شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
الولايات المتحدة​ ناقلة النفط «إيفانا» راسية عند ميناء في فنزويلا يوم 21 ديسمبر (أ.ب)

أميركا تكثف حشودها في الكاريبي... وروسيا والصين تتضامنان مع فنزويلا

نقلت القوات الأميركية المزيد من طائرات النقل والشحن إلى منطقة الكاريبي، مضيقة الخناق عسكرياً ونفطياً على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)

نقل الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو إلى مستشفى لإجراء عملية جراحية

الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (أ.ف.ب)
الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (أ.ف.ب)
TT

نقل الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو إلى مستشفى لإجراء عملية جراحية

الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (أ.ف.ب)
الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (أ.ف.ب)

أُفرج عن الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو الأربعاء مؤقتاً من السجن، ونُقِل إلى مستشفى حيث من المقرر أن يخضع لعملية جراحية الخميس، حسبما أفاد به مصدر في هذه المؤسسة الصحية الخاصة ببرازيليا.

وشاهد صحافيون من «وكالة الصحافة الفرنسية» موكباً من السيارات السوداء والدراجات النارية يدخل مرأب مستشفى «دي إف ستار»، حيث كان الرئيس اليميني المتطرف السابق (2019 - 2022) الذي حُكم عليه في سبتمبر (أيلول) بالسجن 27 عاماً، بتهمة محاولة تنفيذ انقلاب، قد خضع لعملية جراحية سابقة في أبريل (نيسان). ولم تُحدّد مدة إقامته في المستشفى.

ووافق قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس، المسؤول عن محاكمته، على الإفراج عنه.

واستغرق الموكب الذي نقله بضع دقائق فقط للوصول من مقر الشرطة الفيدرالية في برازيليا، حيث يقضي عقوبته، إلى مستشفى «دي إف ستار».

ومن المقرر أن يخضع لعملية جراحية الخميس لعلاج فتق إربي.

يعاني جايير بولسونارو (70 عاماً) من آثار هجوم يعود إلى عام 2018، عندما طُعن في بطنه خلال تجمع حشد في خضم حملة انتخابية.


فنزويلا: روسيا أكدت دعمها لنا في وجه الحصار الأميركي

وزير خارجية فنزويلا إيفان غيل (حسابه عبر منصة «إكس»)
وزير خارجية فنزويلا إيفان غيل (حسابه عبر منصة «إكس»)
TT

فنزويلا: روسيا أكدت دعمها لنا في وجه الحصار الأميركي

وزير خارجية فنزويلا إيفان غيل (حسابه عبر منصة «إكس»)
وزير خارجية فنزويلا إيفان غيل (حسابه عبر منصة «إكس»)

أعلن وزير الخارجية الفنزويلي إيفان غيل، الاثنين، أنه تلقى اتصالاً من نظيره الروسي سيرغي لافروف أعرب فيه عن دعم بلاده «الكامل» في الأزمة بين كاراكاس وواشنطن.

وقال غيل، في بيان: «تطرقنا إلى الاعتداءات والانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي التي تُرتكب في الكاريبي، بما في ذلك الهجمات على القوارب، وعمليات الإعدام خارج نطاق القانون، وأعمال القرصنة غير القانونية التي تنفّذها حكومة الولايات المتحدة. وقد جدد لافروف دعم بلاده الكامل بوجه الاعتداءات على بلدنا».

وقال الوزير الروسي إنّ «هذا النوع من الاعتداءات لا يمكن التسامح معه»، مؤكداً أنّ روسيا ستقدّم «كل تعاونها ودعمها إلى فنزويلا ضد الحصار، معبّرة عن دعمها الكامل للإجراءات المتخذة في مجلس الأمن الدولي»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ونشرت موسكو من جهتها بياناً جاء فيه أنّ «الوزيرين أعربا عن قلقهما العميق إزاء تصعيد واشنطن في منطقة البحر الكاريبي، الذي قد تكون له عواقب خطيرة على المنطقة ويهدد الملاحة الدولية».

وأضاف البيان أنّ «الجانب الروسي جدّد دعمه الكامل وتضامنه مع قيادة فنزويلا وشعبها في الظرف الراهن».

ويُعد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو حليفاً مقرّباً من فلاديمير بوتين، وقد دعمه منذ الأيام الأولى للهجوم العسكري الروسي في أوكرانيا.


أحدهم لـ1335 عاماً... أحكام بالسجن لمئات السنين لأعضاء عصابة في السلفادور

سجناء في مركز احتجاز الإرهاب في السلفادور (أ.ف.ب)
سجناء في مركز احتجاز الإرهاب في السلفادور (أ.ف.ب)
TT

أحدهم لـ1335 عاماً... أحكام بالسجن لمئات السنين لأعضاء عصابة في السلفادور

سجناء في مركز احتجاز الإرهاب في السلفادور (أ.ف.ب)
سجناء في مركز احتجاز الإرهاب في السلفادور (أ.ف.ب)

أعلنت السلفادور، اليوم الأحد، إصدار أحكام بالسجن بحق المئات من أعضاء عصابة إجرامية خطيرة، حيث وصلت مدد أحكام بعض المدانين إلى مئات السنين.

وأورد مكتب المدعي العام أن 248 عضواً من عصابة «مارا سالفاتروتشا» (إم إس-13) تلقوا «أحكاماً رادعة» لارتكابهم 43 جريمة قتل و42 حالة إخفاء قسري، بالإضافة إلى جرائم أخرى.

ولم يحدد المكتب تاريخ صدور هذه الأحكام أو ما إذا كانت المحاكمات قد جرت بشكل جماعي.

سجناء داخل زنزانة في مركز احتجاز الإرهاب في السلفادور (أ.ف.ب)

أضاف المنشور أن أحد المدانين حكم عليه بالسجن لمدة 1335 عاماً، بينما تلقى 10 آخرون أحكاماً بالسجن تراوح بين 463 و958 عاماً.

ومنذ مارس (آذار) 2022، يشن الرئيس نجيب بوكيلي حملة قمع ضد العصابات في ظل حالة الطوارئ التي تسمح بالاعتقال من دون مذكرة توقيف.

ووفقاً لمصادر رسمية، فقد تم احتجاز أكثر من 90 ألف شخص وأُفرج عن نحو 8 آلاف آخرين بعد تبرئتهم.

سجناء داخل زنزانة في مركز احتجاز الإرهاب في السلفادور (أ.ف.ب)

ونجحت حملة بوكيلة ضد العصابات في خفض جرائم القتل إلى أدنى مستوياتها تاريخياً في السلفادور، لكن منظمات حقوق الإنسان تتهم قوات الأمن بارتكاب انتهاكات.

ووفقاً للحكومة السلفادورية، فإن عصابة «إم إس 1» وعصابة أخرى تحمل اسم «باريو 18» تتحملان مسؤولية مقتل نحو 200 ألف شخص على مدى ثلاثة عقود.

وسيطرت العصابتان في وقت ما على نحو 80 في المائة من مساحة السلفادور التي سجلت حينها أحد أعلى معدلات جرائم القتل في العالم.

وتصنف الولايات المتحدة عصابة «إم إس-13» وعصابات أخرى في أميركا الوسطى والجنوبية، منظمات إرهابية أجنبية.