إعلان الفائزين بجائزة «كتارا» للرواية العربية 2025

السليطي: إطلاق جائزة دولية للرواية باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية

الدكتور خالد السليطي مدير عام مؤسسة الحي الثقافي في قطر يتوسط الفائزين بجوائز «كتارا» للرواية العربية (الشرق الأوسط)
الدكتور خالد السليطي مدير عام مؤسسة الحي الثقافي في قطر يتوسط الفائزين بجوائز «كتارا» للرواية العربية (الشرق الأوسط)
TT

إعلان الفائزين بجائزة «كتارا» للرواية العربية 2025

الدكتور خالد السليطي مدير عام مؤسسة الحي الثقافي في قطر يتوسط الفائزين بجوائز «كتارا» للرواية العربية (الشرق الأوسط)
الدكتور خالد السليطي مدير عام مؤسسة الحي الثقافي في قطر يتوسط الفائزين بجوائز «كتارا» للرواية العربية (الشرق الأوسط)

أعلنت المؤسسة العامة للحي الثقافي في قطر «كتارا» عن الفائزين بجائزة «كتارا» للرواية العربية في دورتها الحادية عشرة 2025، وذلك في حفل أقيم بدار الأوبرا في الحي الثقافي بالدوحة، بحضور عدد من الأدباء والمثقفين والإعلاميين العرب.

ففي فئة (الروايات العربية المنشورة) أعلنت «كتارا» عن فوز الروائي اليمني حميد الرقيمي عن روايته «عمى الذاكرة»، والروائيين الفلسطينيين؛ رولا خالد محمد غانم، عن روايتها «تنهيدة حرية»، ومحمد جبعيتي عن روايته «الطاهي الذي التهم قلبه»، وتبلغ قيمة كل جائزة 30 ألف دولار أميركي، إضافة إلى ترجمة الروايات الفائزة إلى اللغة الإنجليزية.

وفي فئة (الروايات غير المنشورة) فاز كل من: الروائي المصري أحمد صابر حسين عن روايته «يافي»، والروائي العراقي سعد محمد، عن روايته «ظل الدائرة»، والروائية الفلسطينية مريم قوش، عن روايتها «حلمٌ على هدب الجليل»، وتبلغ قيمة كل جائزة 30 ألف دولار، وستتم طباعة الأعمال الفائزة وترجمتها إلى اللغة الإنجليزية.

وفي فئة (الدراسات التي تُعنى بالبحث والنقد الروائي)، فاز ثلاثة نقاد، هم: الدكتور سامي محمد أمين أحمد القضاة، (من الأردن) عن دراسته «التقنيات السردية لرواية ما بعد الحداثة (الرواية الخليجية نموذجاً)»، والدكتور عبد الرزاق المصباحي (من المغرب)، عن دراسته «الردٌّ بالرِّواية: دِراسَةٌ في استراتيجيات السَّرْدِ الثَّقافيّ»، والدكتور محمد مشرف خضر، (من مصر) عن دراسته «استراتيجيات السرد في الرواية العربية: جدلية الجمالي والثقافي في روايات ما بعد الربيع العربي»، وتبلغ قيمة كل جائزة 30 ألف دولار، كما تتولى لجنة الجائزة طبع الدراسات ونشرها وتسويقها.

أما في فئة (رواية الفتيان) ففاز كل من: ربيع فريد مرشد، (من سوريا)، عن روايته «جيمة وجوما في عواصمنا المعلومة»، وسميرة بن عيسى (من الجزائر) عن روايتها «سيفار»، ونعيمة فنو (من المغرب) عن روايتها «أجنحة من خشب»، وتبلغ قيمة كل جائزة 15 ألف دولار لكل فائز، وستتم طباعتها ونشرها.

وفي فئة (الرواية التاريخية غير المنشورة) فاز عمر الجملي (من تونس) عن روايته «ديان بيان فو تاريخ من أهملهم التاريخ»، وفي فئة (الرواية القطرية المنشورة)، فازت الدكتورة هدى النعيمي، عن روايتها «زعفرانة».

السليطي: مبادرات جديدة

وفي كلمته، قال الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي مدير عام المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا»، إن الجائزة رسخت مكانتها بوصفها أهم منصة عربية تحتفي بفن الرواية وتُعزز حضوره على المستويين الإقليمي والدولي. مشيراً إلى أن الجائزة شهدت إقبالاً متزايداً من الكتّاب والمبدعين، حيث وصل تعدادهم خلال أحد عشر عاماً نحو 17 ألفاً و110 أشخاص، تم تتويج 183 فائزاً منهم بجائزة كتارا للرواية العربية بفئاتها الست، منهم 142 من الذكور و41 من الإناث.

وقال إن «الجائزة أسهمت في إيصال الصوت السردي العربي إلى العالمية من خلال اعتماد اليونيسكو للأسبوع العالمي للرواية خلال الفترة من 13 إلى 19 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، بناءً على اقتراح من المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، دعمته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، ووزراء الثقافة العرب».

وأعرب عن ثقته في أن الرواية العربية وجدت مكانتها على المستوى العالمي من خلال مشروع ترجمة الروايات الفائزة بجائزة «كتارا» للرواية العربية، حيث وصل عدد الإصدارات حتى الآن إلى 253 إصداراً، منها 143 إصداراً باللغة العربية، و77 إصداراً باللغة الإنجليزية، و33 إصداراً باللغة الفرنسية.

وأشار السليطي إلى أن لجنة الجائزة اعتمدت مبادرات ومشاريع جديدة، بمناسبة دخول الجائزة عقدها الثاني، ومن بين هذه المبادرات الاحتفاء بضيف شرف للرواية العربية في كل موسم، وتم اختيار الرواية السعودية لتكون ضيف شرف هذه الدورة، نظراً لتميزها خلال مسيرتها التي تقترب من مائة عام. ومبادرة «ضيف الشرف» تهدف إلى تسليط الضوء على مراحل تطور الرواية في البلد العربي المختار في كل دورة من خلال الندوات والمعارض التشخيصية.

كما أعلن السليطي عن مجموعة من المشاريع الجديدة ستواكب الجائزة في عقدها الثاني، ومن بينها مشروع «الرواية تجمعنا» وهو عبارة عن مشاركة روائي قطري مع روائي من إحدى الدول العربية (التي يقع عليها الاختيار لتكون رواياتها ضيف شرف مهرجان كتارا للرواية العربية في ذلك العام)، لإقامة توأمة بين روائي قطري وروائي عربي.

وكذلك مشروع تحويل الروايات غير المنشورة والرواية التاريخية غير المنشورة إلى أفلام ذكاء اصطناعي بشروط محددة سيتم الإعلان عنها في حينه.

إلى جانب إطلاق مسابقة «كتارا» للرواية الشبابية، وهي خاصة بطلاب الجامعات على امتداد الوطن العربي. وتهدف إلى إتاحة الفرصة لهؤلاء الشباب للتعبير عن آمالهم وطموحاتهم ورؤيتهم للعالم من خلال السرد.

كما أعلن السليطي إطلاق جائزة «كتارا» الدولية، وهي خاصة بالروايات المكتوبة باللغات: الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، وذلك لإفساح المجال أمام روائيين غير عرب للمشاركة، بهدف إحداث تقارب بين الثقافات.


مقالات ذات صلة

مصر تشيد بـ«التعاون المتطور» مع قطر خلال السنوات الأخيرة

العالم العربي نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)

مصر تشيد بـ«التعاون المتطور» مع قطر خلال السنوات الأخيرة

أشاد نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار بـ«التعاون المتطور» بين بلاده وقطر خلال السنوات الأخيرة التي شهدت تطورات لافتة على مستوى العلاقات السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر شركة «قطر للطاقة» بالدوحة (إكس)

«قطر للطاقة» توقع اتفاقية طويلة الأمد لتوريد غاز الهيليوم لشركة «يونيبر»

وقَّعت «قطر للطاقة» اتفاقية بيع وشراء طويلة الأمد لمدة تصل إلى 15 عاماً مع شركة «يونيبر غلوبال كوموديتيز إس إي» لتوريد 70 مليون قدم مكعبة سنوياً من الهيليوم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد مقر شركة قطر للطاقة في الدوحة (قطر للطاقة)

«قطر للطاقة» توقع اتفاقية طويلة الأمد لتوريد الهيليوم إلى «مصانع بوزوير للغازات الصناعية»

وقّعت «قطر للطاقة» اتفاقية بيع وشراء طويلة الأمد لمدة تصل إلى 15 عاماً مع شركة مصانع بوزوير للغازات الصناعية، لتوريد 20 مليون قدم مكعبة سنوياً من الهيليوم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
شمال افريقيا فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)

مصر لـ«تعاون اقتصادي أعمق» مع قطر

سعياً لتعميق التعاون الاقتصادي بين القاهرة والدوحة، أعلنت الحكومة المصرية عن «تسهيلات استثمارية» جديدة خلال منتدى «الأعمال المصري - القطري» في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية إقامة حفل جوائز «ذا بيست» لعام 2025 في العاصمة القطرية الدوحة (فيفا)

إقامة حفل «ذا بيست» في قطر للعام الثاني على التوالي

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الأحد، إقامة حفل جوائز «ذا بيست» لعام 2025، في العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء 16 ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

هل تعيد الثقافة الرقمية تشكيل الجغرافيا السياسية؟

هل تعيد الثقافة الرقمية تشكيل الجغرافيا السياسية؟
TT

هل تعيد الثقافة الرقمية تشكيل الجغرافيا السياسية؟

هل تعيد الثقافة الرقمية تشكيل الجغرافيا السياسية؟

شكل سقوط الحكومة البلغارية قبل أيام، عقب استقالة رئيس الوزراء روزين جيليازكوف، نقطة ارتكاز إضافية في فهم شكل مستجد من التحولات الاجتماعية العالمية. فالحدث في الخاصرة الأوروبيّة جاء تتويجاً لسلسلة مترابطة من الهزات السياسية التي ضربت خلال عامنا الحالي جنوب آسيا وعمق القارة الأفريقية ليصل تالياً إلى البر الأوروبي، مشكّلاً ما يمكن الزعم بأنه ظاهرة عالمية موحدة يقودها «الجيل زد»، خلافاً للنظريات الاجتماعية التقليدية التي وصفت هذا الجيل (مواليد 1997 - 2012) بالهشاشة النفسية وقصر مدى الانتباه بسبب إدمان «تيك توك» ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.

العالم على بوابة الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين أمام مشهد يُعيد فيه هؤلاء الشبان - الذين نشأوا في ظل أزمات اقتصادية طاحنة وانهيار للعقود الاجتماعية، ولم يعد لديهم وهم الإصلاح التدريجي الذي آمن به آباؤهم - تعريف مفاهيم السلطة والشرعية والعدالة، مستخدمين البنية التحتية الرقمية ساحةً رئيسية للفعل العام، ونسق تحرك سياسي وثقافي جديد؛ ما دفع دولاً قلقة مثل إسرائيل إلى تدشين ما أسمته «الجبهة الثامنة» لمحاولة هندسة عقول هذا الجيل تقنياً بعد أن عجزت عن إقناعه سردياً.

الحراك الشبابي في جنوب وجنوب شرق آسيا جاء ليملأ الفراغ الذي خلفته القوى التقليدية. في دول مثل بنغلاديش، سريلانكا، نيبال وإندونيسيا، غابت التيارات اليسارية والتقدمية المنظمة عن المشهد، سواء بسبب التصفية التاريخية كما حدث في إندونيسيا، أو الانغماس في الفساد كما في نيبال، أو التآكل بسبب النزعات القومية في سريلانكا. في ظل هذا الغياب للقنوات السياسية المعتادة تحولت منصات التواصل الاجتماعي مثل «تيك توك» و«إنستغرام» في هذه المجتمعات «نظام تشغيل» بديلاً للحياة السياسية، وتجاوز الشبان بواسطتها مرحلة التنسيق الميداني إلى مرحلة فرض سردية بصرية على الحدث. فبدلاً من الصور الصحافية التقليدية، تناقلت وكالات الأنباء لقطات ومقاطع فيديو منقولة عن وسائل التواصل الاجتماعي لمتظاهرين يحتلون غرف نوم الرؤساء أو يقتحمون المقار الحكومية؛ ما أسس لقواعد اشتباك بصرية جديدة. هذه المشاهد قرئت بوصفها تحذيراً في الكثير من العواصم عن سقوط آت لهيبة السلطات التقليدية أمام غضب الجوع والبطالة عند الأجيال الجديدة، وتهديداً وجودياً للأنظمة السياسية القائمة.

في القارة الأفريقية، بدا أن هذه التحولات اكتسبت زخماً إضافياً بفضل العامل الديموغرافي، حيث بمتوسط عمر يبلغ 19 عاماً تمتلك القارة كتلة حرجة من الشباب الجاهز للانفجار السياسي. وكشفت الأحداث الأخيرة في كينيا، مدغشقر والمغرب عن ديناميكيات جديدة للاقتصاد السياسي لغضب الجيل الطالع هناك. إذ يعمل أغلب هؤلاء الشباب في قطاعات غير رسمية؛ ما يحررهم من سطوة الدولة البيروقراطية وقدرتها على الابتزاز الوظيفي. وتميزت هذه التحركات بـلا مركزية مطلقة، حيث غياب القيادة الهرمية جعل من المستحيل على الأجهزة الأمنية إجهاض الحراك عبر اعتقال الرؤوس؛ لأن الجميع قادة ميدانيون يمتلكون أدوات البث والتوثيق. وعززت هذه الحالة شعوراً معولماً بـالتضامن الرقمي، حيث يستلهم الشبان عبر الحدود تكتيكاتهم وشجاعتهم من نجاحات أقرانهم في الدول الأخرى.

لم تقتصر الحراكات على دول الجنوب في العالم الثالث، بل قدمت بلغاريا - أفقر دول الاتحاد الأوروبي - دليلاً آخر على فاعلية نهج السياسة الشبكية. فرغم أن «الجيل زد» يشكل نسبة محدودة من السكان، نجح الشباب البلغاري في كسر حالة مديدة من الجمود السياسي التي فرضت 7 انتخابات في 4 سنوات، وانتقل عبر تحويل منصات الترفيه قنواتٍ للتثقيف والتعبئة السياسية من خانة اللامبالاة إلى خانة الفاعل المرجح. لقد أثبتت الحالة البلغارية بشكل حاسم أن القدرة على الحشد الرقمي المكثف يمكنها إسقاط حكومات حتى في قلب أوروبا، متجاوزة بذلك القنوات الحزبية والبرلمانية التقليدية التي أصابها التكلس والشلل.

ثمة قوى كثيرة استشعرت الخطر من هذا النموذج الجديد، وتحديداً إسرائيل، التي قررت، في مواجهة انهيار التأييد العالمي لها بسبب حرب الإبادة في غزة، الانتقال من نموذج البروباغاندا التقليدية إلى هندسة البنية التحتية للمعلومات، وهو ما توّج بإعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فتح «الجبهة الثامنة» التي تركز كلياً على الفضاء الرقمي.

ولإسرائيل أن تقلق بالفعل، فقد كشفت البيانات عن أن المحتوى المؤيد لفلسطين على منصة «تيك توك» وحدها يتفوق بفارق هائل (17 ضعفاً) عن المحتوى المؤيد لإسرائيل؛ ما انعكس تحولات جذرية في نظرة الجيل الجديد لمشروع الدولة العبرية مقارنة بجيل آبائهم.

ولمواجهة هذا «الطوفان الرقمي»، اعتمدت تل أبيب حزمة استراتيجيات تقنية ومالية مكثفة لاستعادة زمام المبادرة الافتراضية، بما في ذلك التعاقد مع شركات متخصصة لضخ محتوى مصمم خصيصاً لاختراق وعي «الجيل زد»، ودفع مبالغ طائلة للمؤثرين لتبني الرواية الرسمية الإسرائيلية، وإنشاء محتوى يهدف إلى التأثير على مخرجات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ولعل الأخطر في هذا السياق هو التوجه نحو السيطرة على المنصة ذاتها. يُعدّ الدفع باتجاه استحواذ تحالف يقوده لاري إليسون (مؤسس عملاق التكنولوجيا «أوراكل» المزود الرئيسي لخدمات البيانات والمراقبة للأجهزة الأمنية وأحد كبار المانحين للجيش الإسرائيلي) على عمليات «تيك توك» في الولايات المتحدة، خطوة استراتيجية تهدف إلى امتلاك مفاتيح الخوارزمية. تمثل رؤية إليسون القائمة على المراقبة الشاملة وتحليل البيانات لضمان «حسن السلوك» تحولاً نحو عسكرة الفضاء الرقمي على نحو يتيح تحويل المنصات من ساحات للتعبير الحر إلى أدوات للضبط والمراقبة، بما يكفل وأد الروايات المعارضة قبل انتشارها.

هذه التطورات تضعنا أمام مفترق طرق تاريخي. إذ ثبت أن «الجيل زد»، من آسيا إلى أوروبا مروراً بأفريقيا، يمتلك القدرة على تفكيك الأنظمة القديمة وتجاوز الحدود الجغرافية لبناء تضامن عالمي. في المقابل، تسعى التحالفات بين الحكومات وشركات التكنولوجيا الكبرى إلى إعادة هندسة الإنترنت ليصبح أداةً للسيطرة والتحكم في تدفق المعلومات، وتفريغ وسائل التواصل الاجتماعي من إمكاناتها في دحض السرديات الاستعمارية وتعرية «الحقائق» المصنعة.

ولذلك؛ فإن التحدي الجوهري القادم للحراكات الشبابية لم يعد مقتصراً على قدرتها في تحويل «ثورة الغضب» الرقمية إلى مؤسسات سياسية مستدامة تملأ الفراغ بعد سقوط الحكومات، وتمنع انزلاق بلادها نحو الفوضى أو عودة الديكتاتوريات بأقنعة جديدة، بل تعداه إلى الفضاء السيبيري، حيث سيحتدم الصراع بين من يملك الحق في رواية القصة، ومن يملك القدرة على حجبها.

إنها لحظة فاصلة: فإما أن ينجح شبان الجيل الجديد في ابتكار نظام سياسي جديد لا مركزي يتناسب مع ثقافتهم الرقمية، أو تنجح استراتيجية «الجبهة الثامنة» في تحويل هواتفهم الذكية من أدوات للتحرر والفعل السياسي إلى أجهزة تعقب وتوجيه، ليعيشوا في ديكتاتورية خوارزمية ناعمة، يختارون فيها ما يشاهدون، لكنهم لا يختارون ما يُعرض عليهم.


إطلاق معجم الدوحة التاريخي للغة العربية

إطلاق  معجم الدوحة التاريخي للغة العربية
TT

إطلاق معجم الدوحة التاريخي للغة العربية

إطلاق  معجم الدوحة التاريخي للغة العربية

تزامناً مع اليوم العالمي للغة العربية، أُقيم أمس في قاعة كتارا بمدينة لوسيل القطرية حفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، برعاية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتنظيم المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.

والمعجم يوثق جميع ألفاظ اللغة العربية توثيقاً تاريخيًّا، ويرصد معانيها منذ أول استعمال لها في النصوص المكتوبة، أو النقوش المكتشفة، ويتتبع تطوّر هذه المعاني في سياقاتها التاريخية، اللغوية، والمصطلحية. وشمل أكثر من 300 مدخل معجمي، وعشرة آلاف جذر لغوي، ومدونة نصية تتجاوز مليار كلمة.

وانقسم العمل في المعجم إلى ثلاث مراحل رئيسة. في المرحلة الأولى تم تناول ألفاظ اللغة العربية من أقدم نص مكتشف إلى العام 200 للهجرة، وقد استغرق العمل فيها خمس سنوات، منذ انطلاق المشروع في 2013 وحتى العام 2018.

وشملت المرحلة الثانية ألفاظ اللغة العربية من 201 للهجرة إلى العام 500، وقد بدأ العمل فيها منذ العام 2019، واستمر حتى العام 2022.

وتم في المرحلة الثالثة تناول الألفاظ من 501 هجرية حتى آخر استعمال حديث لها.

في 10 ديسمبر (كانون الأول) 2018، أعلن عن انتهاء المرحلة الأولى من المشروع، وإطلاق البوابة الإلكترونية، وإتاحتها لكافة المستخدمين، وتضمنت معلومات إضافية عن المعجم، وخصائصه، ومصادره، ومادته، ومنهجية بنائه، والتجارب، والمحاولات التي سبقت معجم الدوحة التاريخي للغة العربية. بالإضافة إلى قرارات المجلس العلمي مرتبة ترتيباً موضوعياً، والدليل المعياري للمعالجة المعجمية، والتحرير الذي يتضمن الضوابط العلمية والمنهجية المرعيّة في بناء المعجم. كما تتضمن أسماء جميع الذين شاركوا في إنجاز المعجم من أعضاء المجلس العلمي، وأعضاء الهيئة التنفيذية، ومنسقي الفرق المعجمية، والمحررين، والمراجعين، وخبراء النقوش والنظائر السامية، والتأثيل، وأعضاء الفريق التقني، والمستشارين. وتتضمن البوابة دليلاً مفصلاً للاستعمال يحتوي على شرح مفصل مصور لكيفية التسجيل في البوابة، والاستفادة من الخدمات التي تقدمها.

وتتيح البوابة الإلكترونية للمستخدمين البحث داخل المعجم إما بالجذر للحصول على المادة المعجمية بأكملها، بمبانيها، ومعانيها، ومصطلحاتها، مرتبة تاريخياً، مع ألفاظها المستخلصة من النقوش، ونظائرها السامية، وإما بالبحث بالكلمة الواحدة.

وكذلك البحث في مصادر العربية الممتدة من القرن الخامس قبل الهجرة إلى نهاية القرن الرابع للهجرة، وتوفر خيار البحث البسيط، والبحث المتقدم.

وتشكّل المجلس العلمي لمعجم الدّوحة التاريخي للغة العربية من مجموعة من كبار المختصين اللغويين، والمعجميين من مختلف الدول العربية.


حين حذر العقاد من الأدب المصنوع

حين حذر العقاد من الأدب المصنوع
TT

حين حذر العقاد من الأدب المصنوع

حين حذر العقاد من الأدب المصنوع

يركز عباس محمود العقاد (1889 - 1964) في كتابه «مطالعات في الكتب والحياة»، الذي أصدرت الهيئة المصرية لقصور الثقافة طبعة جديدة منه، على أهمية النظرة الجماعية للأدب بين التسلية والعمق والدلالات الخطيرة التي تكمن وراء طبيعة نظرة شعب من الشعوب له، وفق هذا المنظور أو ذاك.

ويؤكد العقاد أن اعتبار الأدب أداة لهو وتسلية هو الذي يصرفه عن رسالته العظيمة في فهم النفس البشرية والتعبير الصادق عن الحياة، وغيرهما من عظائم الأمور، ويسقطه في هوة البطالة والفراغ، فينشر حالة من اللامبالاة تجاه الذات والآخرين: «فماذا يُرجى من الفراغ غير السخف والسطحية في النظر للأشياء، فضلاً عن لهو الحديث وافتقاد المعنى؟ وبالتالي يصغي إليه الناس حين يصغون كأنما يستمعون إلى طفل ينطق الكلمات بخطأ مضحك، ويلثغ بالألفاظ المحببة إلى أهله، فلا يحاسبونه على كذب، ولا يطالبونه بطائل في معانيه، ولا يعولون على شيء مما يقوله».

ويذكر العقاد أنه إذا بالغ الأديب في مدح أو هجاء، أو جاوز الحد في صفة من الصفات؛ فمسح الحقائق، ونطق بالهراء، وهذر في تصوير جلائل أسرار الحياة، وخلط بين الصواب والخطأ... غفروا له خطأه وقالوا: لا عليه من بأس، أليس الرجل شاعراً؟ ولو أنصفوا لقالوا: أليس الرجل هازلاً؟ وإنهم ليقولونها لو اقترحتها عليهم، ولا يرون بينها وبين الأولى فرقاً؛ لأن الهزل والشعر هما في عرف هؤلاء الناس شيئان بمعنى واحد، ما دام الأدب أداة لهو وتسلية!

ومن شاء التحقق والتثبت من ذلك في تواريخ الآداب، بحسب العقاد، فليرجع إلى تاريخ الأدب في لغتنا العربية، ولينظر في أي عهد هبط بقوة. إنه لم يهبط ولا كثرت عيوبه في عهد الجاهلية، ولا في عهد الدولة الأموية، ولكنه هبط وتطرق إليه كثير من عيوب اللفظ والمعنى في أواسط الدولة العباسية؛ أي في العهد الذي صار فيه الأدب هدية تُحمل إلى الملوك والأمراء لإرضائهم وتسليتهم ومنادمتهم في أوقات فراغهم، وكان أول ما ظهر من عيوبه الشطط والمبالغة والطي والنشر والتوشيع وسائر ما تجمعه كلمة «التصنّع». وهذه العيوب التي تجتمع في هذه الكلمة هي في الإجمال الحد الفارق بين الأدب المصنوع والأدب المطبوع، وما نشأ شيء منها إلا حين تحول إلى أداة تستهدف إرضاء فئة خاصة.

ويتابع العقاد: «هكذا كان الشأن في اللغات كافة، فإن انحطاط الآداب في جميع اللغات إنما كان يبدأ في عصور متشابهة هي في الغالب العصور التي يعتمد فيها الأدب على إرضاء طائفة محدودة، يعكف على تملقها والتماس مواقع أهوائها العارضة وشهوات فراغها المتقلبة، فتكثر فيه الصنعة والافتعال وتقل الموهبة، فيضعف وينحدر إلى حضيض الابتذال، ثم يجمد على الضعف والإسفاف حتى تبعثه يقظة قومية عامة، فتُخرجه من ذلك النطاق الضيق إلى أفق واسع منه وأعلى لاتصاله بشعور الأمم على العموم»، لافتاً إلى أن «هذا ما حدث في الأدب الفرنسي في أعقاب عهد لويس الرابع عشر حين شاعت فيه الحذلقة وغلبت التورية والجناس والكناية وغيرها من عيوب الصنعة، ثم بقي على هذه الحال من الضعف والسقوط حتى أدركته بوادر الثورة الفرنسية، فانتشلته من سقوطه بعد اتصاله بشعور الأمة مباشرة دون وساطة الطوائف المتطرفة. وبالتالي يجب أن يفهم أبناء هذا الجيل والأجيال أن الأمم التي تصلح للحياة وللحرية لا يجوز أن يكون لها غير أدب واحد، وهو الأدب الذي ينمي في النفس الشعور بالحرية والحياة».