عرض «أنيما» الأسطوري بالأهرامات يثير ردوداً متباينة في مصر

مخاوف من تأثير الموسيقى الإلكترونية الصاخبة على الآثار

جانب من الحفل متداول على مواقع التواصل (إكس)
جانب من الحفل متداول على مواقع التواصل (إكس)
TT

عرض «أنيما» الأسطوري بالأهرامات يثير ردوداً متباينة في مصر

جانب من الحفل متداول على مواقع التواصل (إكس)
جانب من الحفل متداول على مواقع التواصل (إكس)

أثار عرض الفنان العالمي «أنيما» وفرقته بمنطقة أهرامات الجيزة، ردود فعل متباينة في مصر، ما بين اعتباره «ترويجاً مجانياً» للسياحة، وسط مخاوف وتحذيرات الآثاريين من تأثير الموسيقى الإلكترونية الصاخبة على الآثار.

وشهدت مصر في الآونة الأخيرة مطالبات بإلغاء إقامة الحفلات الغنائية بالمناطق الأثرية ومنطقة أهرامات الجيزة، لكن عرض «أنيما» الذي أقيم، الجمعة الماضي، حقق رواجاً واسعاً وفق منظمه ربيع مقبل، الذي قال في تصريحات تلفزيونية، مساء الأحد، إن «الحفل جذب أكثر من 10 آلاف سائح»، موضحاً أن «التحضيرات استغرقت نحو ستة أشهر، وهي المرة الأولى التي ينظم فيها حفل في مصر بهذا الحجم»، وأشار ربيع إلى أن «فكرة إقامة الحفل أمام الأهرامات كانت في البداية محفوفة بالقلق، لكننا فوجئنا بترحيب من وزارة السياحة والآثار».

وتصاعدت على مدى اليومين الماضيين انتقادات موجهة إلى منظمي الحفلات الفنية في منطقة الأهرامات بمصر، وحذر آثاريون من تأثيرها الضار على الآثار بسبب «مكبرات الصوت» ذات الترددات المرتفعة، وأجهزة الليزر، فضلاً عن انتهاك قدسية الأثر، وترك مخلفات الحفلات حتى الصباح.

وأقام «المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» (مؤسسة مدنية) دعوى قضائية، الأربعاء الماضي، أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري، طالب فيها بإلغاء إقامة الحفلات الغنائية بمنطقة أهرامات الجيزة لما تشكله من خطورة على البناء الحجري للأهرامات.

وحذر عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الخبير الآثاري الدكتور عبد الرحيم ريحان، من تأثير «الموسيقى الإلكترونية» على أحجار الأهرامات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاهتزازات الناتجة عن الحفلات الصاخبة ضارة بالأثر، وقد أثبتت الدراسات الفيزيائية الحديثة أن الأصوات التي تتجاوز 85 ديسبل تُحدث اهتزازات دقيقة تؤثر على تركيب الأحجار مما يؤدي إلى تآكل غير مرئي قد يتفاقم مع الزمن، وأن بعض المعدات الصوتية تُنتج ذبذبات بترددات منخفضة تصل إلى 30-60 هرتز، وهي أخطر أنواع الترددات التي قد تُحدث خلخلة في البناء الحجري القديم».

وحسب ريحان فإن «أجهزة الليزر ذات قدرة تفوق 5 واط قادرة على التأثير حرارياً على الأسطح الحجرية، خصوصاً تلك التي تحتوي على معادن، والإضاءة القوية تُسهم في تلاشي الألوان الأصلية للنقوش كما أن بعض أنواع الإضاءة تنتج أشعة فوق بنفسجية تؤثر على المكونات الكيميائية للأحجار».

وأثار حفل «أنيما» ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين انتقادات، وترحيب باعتباره ترويجاً مجانياً للسياحة المصرية، فيما أثار مستخدمون لـ«السوشيال ميديا» علامات استفهام حول الحفل.

ويؤكد ريحان أن «بعض هذه الحفلات تمثل تشويهاً للقيمة الرمزية التي قد لا تُقدَّم بشكل لا يليق بحرمة المكان وتاريخه»، داعياً إلى ضرورة «الالتزام بالضوابط العالمية لحماية الآثار من الضوضاء والأضواء والتشويه والازدحام بالكتل البشرية والنفايات الناتجة من إعداد مسرح الحفل والمأكولات والمشروبات وغيرها، فالأثر هو الأهم والعائد المادي الذي سيأتي من الأثر مع المحافظة عليه أكبر من عائد الحفلات الوقتي الذي يدمر الأثر ولا يحافظ على التنمية المستدامة».

إحدى الحفلات تحت سفح الهرم (الشرق الأوسط)

وبدأت مصر في أبريل (نيسان) الماضي التشغيل التجريبي لمشروع تطوير منطقة الخدمات بالأهرامات، الذي تنفذه إحدى الشركات الخاصة، ويهدف لتحويلها إلى منطقة صديقة للبيئة، بتوفير حافلات كهربائية لنقل السياح من البوابة الجديدة على طريق الفيوم إلى محطات الزيارة المختلفة بالمجان.

ويواجه السماح بإقامة الحفلات ومراسم الزواج في المناطق الأثرية والمتاحف في مصر انتقادات متتالية على الرغم من التأكيدات الرسمية بأن الأمر يتم وفق ضوابط. وفي مايو (أيار) 2016، حدد المجلس الأعلى للآثار عدداً من الضوابط لإقامة الاحتفالات والأنشطة بالمتاحف والمواقع الأثرية، منها: «ألا يترتب على هذه الأنشطة أي تعديلات أو إضافات على المبنى الأثري، وألا تكون التجهيزات الخاصة بالنشاط مشوِّهة للمبنى الأثري وعناصره الفنية، ولا يترتب على إدخالها أي أخطار محتملة».

ويرى الخبير السياحي الدكتور زين الشيخ أن «السماح بإقامة الحفلات الصاخبة بمنطقة الأهرامات بدعوى الأرباح المادية والترويج السياحي تزييف للأسس العلمية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الحفلات تعبير عن سطوة المال دون النظر للاعتبارات الثقافية والحضارية، فالحفاظ على الأثر أهم من الربح المادي، كما أن استمرار وجود الأثر يعني ربحاً مستداماً للأجيال المقبلة»، وحسب الشيخ، فإن «أحد أهم محددات الترويج السياحي هو احترام الأثر وقدسيته والحفاظ عليه».


مقالات ذات صلة

أشعة الليزر تعيد الحياة لعمود ماركوس أوريليوس في روما

يوميات الشرق النقوش البارزة التي تصور مشاهد من معركة على عمود ماركوس أوريليوس (أ.ب)

أشعة الليزر تعيد الحياة لعمود ماركوس أوريليوس في روما

ظل عمود ماركوس أوريليوس في وسط روما القديمة قائماً متحدياً الزمن منذ تشييده منذ 1840 عاماً، غير أن العمر الطويل كانت له آثار سلبية على العمود المصنوع من الرخام.

«الشرق الأوسط» (روما)
ثقافة وفنون كؤوس فخارية من موقع مليحة في الشارقة

كؤوس فخارية من موقع مليحة في الشارقة

كشفت أعمال المسح والتنقيب المتواصلة منذ بضعة عقود في دولة الإمارات العربية المتحدة عن سلسلة من المواقع الأثرية، من أبرزها مستوطنة مليحة.

محمود الزيباوي
يوميات الشرق اكتشافات أثرية جديدة في دادان تسدّ الفجوة الزمنية بين الفترتين النبطية والإسلامية في وادي القرى بالعُلا (واس)

اكتشافات أثرية جديدة في وادي القرى بالعُلا

وثق بحث علمي محكّم جديد نشره فريق مشترك من الهيئة الملكية لمحافظة العُلا والمركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية اكتشافات أثرية في وادي القرى بـالعلا.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)

آثاريون مصريون يطالبون بإعادة النظر في ترميم تماثيل بالأقصر

جددت أعمال الترميم الأحدث في معبد «ملايين السنين» بالأقصر، وما حظيت به من إشادات من الأوساط الآثارية، الحديث عن أعمال ترميم قديمة لتمثال رمسيس الثاني.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تُعيد تركيب تمثالين ضخمين بمعبد «ملايين السنين» بالأقصر

بعد مرور نحو عقدين على بدء العمل بالمشروع، أزاحت مصر الستار، الأحد، عن تمثالين ضخمين من الألبستر للملك أمنحتب الثالث، بموقعهما الأصلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«غوغل» تُحذِّر موظفيها حاملي التأشيرات الأميركية من السفر الدولي

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

«غوغل» تُحذِّر موظفيها حاملي التأشيرات الأميركية من السفر الدولي

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أفاد موقع «بيزنس إنسايدر» نقلاً عن رسالة بريد إلكتروني داخلية، ​بأن شركة «غوغل» التابعة لمجموعة «ألفابت» نصحت بعض الموظفين الذين يحملون تأشيرات أميركية بتجنب السفر الدولي، بسبب تأخير في السفارات.

وجاء في التقرير الذي نقلته «رويترز»، أن البريد الإلكتروني الذي أرسله مسؤول ‌في الشركة يوم ‌الخميس، حذَّر ​الموظفين ‌الذين سيحتاجون لختم التأشيرة لدخول الولايات المتحدة مجدداً من مغادرة الدولة؛ لأن أوقات التعامل مع التأشيرات صارت مطولة.

ووفقاً ⁠للتقرير، جاء في المذكرة أن بعض ‌السفارات والقنصليات الأميركية تشهد ‍تأخيرات في ‍مواعيد التأشيرات تصل إلى 12 ‍شهراً، محذرة من أن السفر الدولي «ينطوي على خطر البقاء لفترة طويلة خارج الولايات المتحدة».

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي ​دونالد ترمب هذا الشهر عن زيادة التدقيق مع المتقدمين للحصول ⁠على تأشيرات «إتش-1بي» للعمالة من ذوي المهارات العالية، بما في ذلك فحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي سبتمبر (أيلول)، نصحت شركة «ألفابت» المالكة لـ«غوغل» موظفيها بشدة بتجنب السفر الدولي، وحثت حاملي تأشيرة «إتش-1بي» على البقاء في الولايات المتحدة، ‌وفقاً لرسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها «رويترز».


وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
TT

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية

توفيت الفنانة المصرية سمية الألفي صباح اليوم (السبت)، عن عمر يناهز 72 عاماً بعد صراع مع المرض.

ونعت نقابة المهن التمثيلية المصرية، في حسابها الرسمي عبر «فيسبوك»، الألفي، مقدمة التعازي لأسرتها.

وكانت الألفي أعلنت في مايو (أيار) 2023 تعافيها من مرض السرطان.

وكان آخر ظهور للألفي في أكتوبر (تشرين الأول) في كواليس فيلم «سفاح التجمع» من بطولة نجلها أحمد الفيشاوي، حسبما نشر مؤلف ومخرج الفيلم محمد صلاح العزب.

سمية الألفي كما ظهرت في كواليس فيلم «سفاح التجمع» (صفحة المؤلف محمد صلاح العزب)

وكانت سمية الألفي قد أعلنت إصابتها بمرض السرطان في عام 2017، وسافرت للعلاج في ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأميركية.

الألفي كما ظهرت في فيديو من تصوير نجلها أحمد بعد الإعلان عن تعافيها من السرطان منذ عامين

وُلدت سمية الألفي في 23 يوليو (تموز) 1953 بمحافظة الشرقية، وحصلت على ليسانس الآداب (قسم اجتماع) قبل أن تدخل عالم الفن من خلال مسلسل «أفواه وأرانب» (1978).

وتزوجت الألفي بالفنان فاروق الفيشاوي من عام 1979 حتى 1992، وأنجبا ابنيهما أحمد وعمر. وتزوجت الألفي بعد ذلك بالملحن مودي الإمام، والمخرج جمال عبد الحميد، والمطرب مدحت صالح.

سمية الألفي مع فاروق الفيشاوي (الصفحة الرسمية للفنان أحمد الفيشاوي بـ«إنستغرام»)

وبدأت الألفي مشوارها الفني في أواخر السبعينات، لكن نجوميتها التي حظيت بها جاءت في الثمانينات والتسعينات، بعد أن قدمت أدواراً مهمة في «ليالي الحلمية» و«بوابة الحلواني» و«الراية البيضا».

سمية الألفي لها صورة واحدة على حسابها في «إنستغرام»

ونعت الألفي الفنانة شريهان في تغريدة عبر موقع «إكس».

وقدمت الألفي أكثر من 100 عمل بين السينما والمسرح والتلفزيون؛ إذ شاركت الألفي في عدد من الأعمال الدرامية مثل «العطار والسبع بنات» أمام نور الشريف، و«كناريا وشركاه» أمام فاروق الفيشاوي، وآخر ظهور لها كان ضيفة شرف في فيلم «تلك الأيام» الذي قام ببطولته نجلها الفنان أحمد الفيشاوي في عام 2010.


«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
TT

«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)

​دار برنامج «طعم السعودية» دورةً كاملة حول المملكة، وعاد بحكاياتِ أطباقٍ دخلت تاريخ البلاد وأضحت رمزاً للتراث المحلّي. بعفويّته وأسلوب تقديمه البسيط، استطاع الشيف هشام باعشن نقل الصورة والفكرة وحتى الرائحة الزكيّة عبر الشاشة، إلى كل منزلٍ سعودي وعربي من خلال منصة «شاهد»، التي تعرض البرنامج ذات الحلقات الـ15 والإيقاع السريع والسلس.

في كل حلقة، يزور المُشاهدون إحدى مناطق المملكة ويتعرّفون على طريقة إعداد أشهر أطباقها التقليدية؛ من الكبيبة، والرقش، والصياديّة، مروراً بالمليحية والمرقوق، وليس انتهاءً بالجريش والكليجة.

يخرج «طعم السعودية» عن النمط السائد في برامج الطهي، إذ ينضمّ إلى الشيف هشام زميلة أو زميلٌ له من المنطقة المقصودة ليُشرف على إعداد الطبق ويمنحَ تقييمه في ختام الحلقة. ولا تقتصر خصوصية البرنامج على هذه الثنائية في التقديم؛ بل تنسحب على هويته العامة التي تدمج ما بين المطبخ التقليدي، والسياحة المناطقية، والثقافة التراثية والمجتمعية.

لا يتحدّث الشيف هشام باعشن عن مجرّد برنامجٍ قدّمه؛ بل عن حلمٍ حققه، ففي حوار مع «الشرق الأوسط»، يقرّ الطاهي المعروف والمدوّن السعودي بأنّ «طعم السعودية» شكّل «نقلة نوعيّة ومحطة محوريّة» في مسيرته المهنية.

يتحدّث الشيف هشام باعشن عن نقلة نوعية في مسيرته (شركة الإنتاج)

هو الذي استقلّ السيارة وتنقّل بين شمال المملكة وجنوبها مروراً بوسطِها، استمتع بتلك الرحلة لأنه تعرّف من خلالها على مناطق في بلده لم يكن قد زارها سابقاً. «اكتشفت نكهاتٍ جديدة مع طهاةٍ هم الأفضل في مجالهم ومناطقهم»، يقول باعشن.

أما الطبيعة والتضاريس المتنوّعة ما بين صحراء، وبحر، وأشجار، وجبال، وصخور شاهقة، ومساحات خضراء، فلم تشكّل مفاجأةً ومتعة بصريّة للشيف فحسب؛ بل كذلك لمشاهديه.

لا يقتصر البرنامج على مطبخ السعودية بل يشكّل لمحة سياحية وثقافية (شركة الإنتاج)

أتاح «طعم السعودية» فرصة التعرّف على الخصائص الجغرافية لكل منطقة، بعيداً عن التنميط والأفكار السائدة. «لن أنسى تبوك وطبيعتها الجميلة، ولا الجوّ البارد والاخضرار في الباحة»، يعلّق باعشن. ولحائل حصة كذلك من انبهاره، «أما أبها فجمال لا يُضاهى، ومواسم الورد والمطر فيها لا مثيل لها في العالم».

يضيء الرئيس التنفيذي لشركة «Full Stop» المنتجة لـ«طعم السعودية» فهد الأحمد، على الأبعاد الإنسانية التي ركّز عليها البرنامج. «ليس الأمر مجرّد وصفة طبق أو جولة سياحية، فنحن بحثنا عن القصة والبشر والحس الإنساني المحيط بذاك الطبق»، يشرح الأحمد لـ«الشرق الأوسط». أما إنتاجياً، فكانت الأولوية للجودة العالية ولصورة تليق بـ«شاهد»، وفق ما يوضح الأحمد. «لكن في الوقت ذاته، أخذنا في الاعتبار بساطة التنفيذ وعدم البهرجة والتلميع»، وهذا خيارٌ يُحاكي المحتوى الواقعي للبرنامج، وما اعتادت أن تراه عين المُشاهد مؤخراً من خلال الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.

العفويّة في التقديم أحد مفاتيح نجاح البرنامج (شركة الإنتاج)

لم يأتِ اختيار الشيف هشام باعشن صدفةً، فإضافةً إلى كونه عالماً في مجاله وصانع محتوى محترفاً، فهو يتقن لعبة الكاميرا ويعرف كيف يتعامل معها، وفق تعبير الأحمد. كما أنه يملك شبكة علاقات واسعة في مجال الطهي، ما أتاح له اختيار أفضل الطهاة على امتداد الخريطة السعودية.

نراه يقود سيارته ويتحدّث عبر كاميرا الهاتف إلى متابعيه، واصفاً ما يشاهد من مناظر خلّابة، ثم يصل إلى محطته، حيث يبحث عن الشيف الزميل ويتفقان على الوصفة التي سيعدّها باعشن. بعد ذلك، يتوجّه إلى السوق، حيث يبتاع مكوّنات الطبق، لينتقل لاحقاً إلى التحضير، يليه التذوّق والتقييم.

في كل منطقة سعودية يعدّ الشيف هشام الطبق التقليدي الخاص بها (شركة الإنتاج)

يحصل كل ذلك من دون تدريبٍ ولا نصوصٍ مُعدّة مسبقاً، ويؤكد الشيف هشام في هذا السياق، أن «الارتجال كان سيد الموقف، ما حصّنني بالراحة لإظهار شخصيتي العفوية كما هي». يضيف: «الأمر الوحيد المتفق عليه مسبقاً، كان أن ننسى أنّ أمامنا كاميرا، وأن نتصرف بطبيعية».

تلك البنية البسيطة حرص فريق عمل البرنامج على أن تتّسم بخصوصية عربية، فلا تكون مقتبسة عن برامج الطهي الغربية. ولا مانع بالتالي من إعادة تطبيق تلك الرؤية على مطابخ عربية أخرى في مواسم جديدة، وفق ما يشير الأحمد.

لكن قبل النُّسَخ العربية، من المحتمل كذلك أن يعود «طعم السعودية» بموسمٍ ثانٍ. بما أنّ أرض المملكة شاسعة، ومطبخها متنوّع كثيراً، فبالتأكيد لا تكفي 15 حلقة لتغطيته (المطبخ) كاملاً.

يخضع الطبق الذي يعدّه الشيف هشام لتقييم أبرز طهاة المنطقة (شركة الإنتاج)

انتقى البرنامج أبرز الأكلات التقليدية التي تمثّل المناطق، تماشياً مع إعلان «هيئة فنون الطهي السعودية» عن الأطباق التي ترمز إلى كل منطقة. وافتتاحية «طعم السعودية» كانت مع طبق المرقوق «إرث المطبخ النجدي» وأشهر أطباق الرياض. أما في القصيم، فكانت المحطة مع حلوى الكليجة التقليدية تحت إشراف الشيف «أم صالح»، وقد شكّل الأمر تحدياً بالنسبة للشيف بما أنه يحترف طبخ الأطباق المالحة، وليس الحلويات.

أما التحدّي الأكبر فكان في منطقة الباحة مع خبز المقنّاة الذي يُعدّ من بين أثمن خبز في العالم. يعلّق باعشن قائلاً إن «تحضير هذا الخبز كان أشبه بالعمل على لوحة فنية، وهي تجربة زادت فخري بالمطبخ السعودي».

طبق الجريش السعودي التقليدي رمز مطبخ الرياض (شركة الإنتاج)

لا يتردد الشيف بالقول إن «طعم السعودية» أضاف إلى خبرته ومعارفه المطبخية، ونقلَه إلى مستوى آخر. والأهم، وفق ما يقول، أنه أتاح له «ردّ بعض الجميل للأرض التي ربّتني وأطعمتني من خيراتها». وإذ يبدي استعداده لدورةٍ مطبخيّة جديدة حول السعودية، يختم الشيف هشام باعشن بالإفصاح: «وقعت في حب بلدنا من أول وجديد. ممنون جداً لهذه الرحلة».