صواريخ «توماهوك»... هل ستهدد العمق الاستراتيجي الروسي؟

صورة أرشيفية لإطلاق البحرية الأميركية صاروخ «توماهوك» من سفينة «كيب سانت جورج» في 23 مارس 2003 (رويترز)
صورة أرشيفية لإطلاق البحرية الأميركية صاروخ «توماهوك» من سفينة «كيب سانت جورج» في 23 مارس 2003 (رويترز)
TT

صواريخ «توماهوك»... هل ستهدد العمق الاستراتيجي الروسي؟

صورة أرشيفية لإطلاق البحرية الأميركية صاروخ «توماهوك» من سفينة «كيب سانت جورج» في 23 مارس 2003 (رويترز)
صورة أرشيفية لإطلاق البحرية الأميركية صاروخ «توماهوك» من سفينة «كيب سانت جورج» في 23 مارس 2003 (رويترز)

كيف تتصرّف دولة تعتبر نفسها قوّة عظمى تجاه المخاطر التي تهدّد أمنها القومي؟ كيف تتصرّف روسيا التي هُدّدت من كل الجبهات عبر تاريخها؟ فقد قاتلت المغول من الشرق أكثر من 400 عام، وصدّت الهجمات البولنديّة، السويديّة، الفرنسية عبر نابوليون، وكذلك هتلر من الغرب. وفي كل هذه الحروب المصيريّة، اعتمدت روسيا على سياسة الأرض المحروقة، واستغلّت العمق الجغرافي لتذويب قدرات العدو على المساحة الشاسعة، وذلك حسب المفكّر الجيوسياسي الفرنسي بيار كونيزا.

في القرن الـ21، غيّرت التكنولوجيا مفهوم العمق الجغرافيّ. ولكن هذا الأمر لا يعني أن قيمته الاستراتيجيّة أصبحت معدومة. إلا أنه في الحد الأدنى، لم يعد آمناً كما كان من قبل. وإذا كانت الغزوات القديمة على روسيا تهدف إلى احتلال الأرض، فهذا الأمر ليس في حسابات أوكرانيا والغرب حالياً، هذا عدا استحالة الأمر من كل النواحي، العسكريّة كما السياسية، وفي كل الأبعاد.

وبعد أن كانت أوكرانيا تُعتبر في الحسابات الجيوسياسيّة الروسيّة على أنها منطقة عازلة ذات أهمية كبرى مع الغرب- «الناتو»، وبعد أن صنّفها مستشار الأمن القومي الراحل زبيغنيو بريجينسكي على أنها الخاصرة الطريّة لروسيا، ومن دونها لا يمكن لروسيا أن تكون قوّة عظمى، تحوّلت أوكرانيا إلى عدو لدود في الحسابات الروسيّة، وصُنّفت على أنها ألعوبة بيد الغرب، يستعملها -وبالواسطة- لمنع روسيا من تحقيق أحلام الدولة العظمى.

وتستهدف أوكرانيا في الحرب الدائرة حالياً العمق الروسي، وعن بُعد، ودون الحاجة إلى الاجتياح البرّي، إلا لأهداف تكتيكية، كما حصل في إقليم كورسك الروسي. وهي تتجنّب حتى الآن قصف المدنيين، وذلك بعكس السلوك الروسيّ.

تجسّدت الأهداف الأوكرانيّة في داخل روسيا بضرب مراكز الثقل، والمتمثّلة بالقواعد الجويّة، وقواعد الإنتاج الحربي، كذلك كل ما يتعلّق بالبنى التحتيّة والتي تُعنى بمصادر الطاقة؛ حيث المدخول الأهم للرئيس بوتين.

في المقابل، أصبحت روسيا قادرة على ردع وضرب عمق العدو المُفترض، إن كان بالمُسيَّرات، أو الصواريخ الباليستيّة التقليديّة، أو النوويّة. وتكون بذلك قد نقلت سياسة الأرض المحروقة، والتي كانت تستعملها ضد الاجتياحات المتعدّدة، من الداخل الروسي إلى أرض أعدائها.

وتعتمد روسيا حالياً معادلة استراتيجيّة تجاه «الناتو»، تقوم على الأسس التالية: استغلال القدرة والردع النوويّ، بهدف حماية الحرب التقليديّة في أوكرانيا، وكذلك حماية الحرب الهجينة التي تخوضها روسيا مؤخّراً ضد مراكز ثقل القوى في حلف «الناتو»، بولندا وألمانيا مثلاً. بكلام آخر: تختبر روسيا الصبر الأميركي على دُفعات (Test & Wait)، ولكنها تختبر الصبر الأوروبي، وردوده بصورة مستمرّة (Test & Test again).

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتن في أنكوريج بألاسكا يوم 15 أغسطس 2025 (رويترز)

التأثير العسكري لصواريخ «توماهوك»

بعد فشل «قمة ألاسكا» بين الرئيس ترمب والرئيس بوتين، صرّح نائب الرئيس الأميركي بأن الولايات المتحدة تفكّر بتزويد أوكرانيا بصواريخ «كروز» من نوع «توماهوك». في الإطار نفسه، سُرِّب خبر عن احتمال تزويد أميركا لأوكرانيا بالاستخبارات اللازمة لضرب قطاع الطاقة في العمق الروسيّ.

واعتبر بوتين -من جهته- أن هذا القرار -في حال تنفيذه- سيُشكِّل مرحلة تصعيد خطيرة. فماذا عن التحليل العسكري لتأثير «توماهوك»؟

• هناك نوعان مختلفان من صواريخ «توماهوك»، حسب المدى الأقصى للإطلاق. يقول معهد دراسات الحرب (IWS)، إنه في حال تزويد أميركا لأوكرانيا بهذه النوعين من الصواريخ (1600 كلم، و2500 كلم)، فإن الجيش الأوكراني سيصبح قادراً على ضرب العمق الروسي، وحتى جبال الأورال وما بعدها، والتي تعتبر الفاصل بين روسيا الأوروبية وروسيا الآسيويّة.

• في حال حصول أوكرانيا على «توماهوك- 2500 كلم»، ستصبح أوكرانيا قادرة على ضرب نحو 1945 هدفاً روسياً، منها 76 قاعدة جويّة. أما في حال حصولها على «توماهوك» الأقصر مدى، (1600 كلم)، فستصبح قادرة على ضرب 1655 هدفاً عسكريّاً، منها 67 قاعدة جويّة. وفي الحالتين، سيكون الصاروخ قادراً على ضرب معمل التصنيع الأساسي لمُسيَّرات الشاهد في تتارستان (Yelabuga).

• يتميّز الصاروخ بدقّته (توجيه جي بي إس)، كما أنه مُجهّز بما يُسمّى نظام مطابقة التضاريس، كونه يُحلّق على ارتفاع عشرات الأمتار عن الأرض، الأمر الذي يُصعّب عملية رصده من الرادارات.

يملك المستخدم للصاروخ القدرة على التدخّل في جهازيّته خلال مساره إلى الهدف، لتحديث المعلومات عن الهدف. وزن الرأس الحربي التقليدي 450 كلغ. وهو قادر على حمل رؤوس نوويّة.

جنود أوكرانيون يطلقون صاروخاً من نوع «HIMARS» باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك يوم 9 أكتوبر 2025 (رويترز)

خريطة العمق الروسي بعد «توماهوك»

لا يمكن النظر إلى صاروخ «توماهوك» دون التطرّق إلى منظومة الصواريخ الأوروبيّة التي زُوّدت بها أوكرانيا. فماذا عنها؟

• زوّدت أميركا أوكرانيا بصاروخين مهمّين، هما: «هايمارس» (HIMARS)، مدى 90 كلم، وصاروخ «أتاكمز» (ATACMS)، مدى 300 كلم. ولكن أميركا لم تسمح حتى الآن باستعمال هذه الصواريخ لضرب أهداف في الداخل الروسيّ.

• زوّدت كل من فرنسا وبريطانيا أوكرانيا بصاروخ ستورم شادو (Storm Shadow)، مدى 550 كلم.

• حتى الآن لم تزوّد ألمانيا أوكرانيا بصاروخ «تورس» (Taurus)، مدى 500 كلم وأكثر.

• وإذا أضفنا النوعين من صواريخ «توماهوك» (1600كلم و2500 كلم) إلى منظومة الصواريخ أعلاه، فقد يمكن القول إن الداخل الروسي سيكون مستهدفاً وعلى مستويات عدة (Layers) من العمق داخل روسيا، وعلى الشكل التالي: 90 كلم، و300 كلم، و500 كلم، و1600 كلم، و2500 كلم. وفي هذا الإطار، قد يمكن إضافة الصاروخ من صنع أوكراني من نوع «فلامينغو» (Flamingo)، الذي يبلغ مداه 3000 كلم، ويزن رأسه الحربي نحو 1000 كلغ. فهل ستقبل روسيا؟ وهل تتيح العقيدة الروسية النووية الرد بطرق غير تقليديّة؟

في الختام، يجب طرح الأسئلة التالية: هل يستعمل الرئيس ترمب هذه المقاربة وسيلة ضغط تفاوضيّة على الرئيس بوتين؟ وهل سيوافق «البنتاغون» على التخلّي عن صواريخ «توماهوك»، وهي قليلة نسبيّاً في المخزون (3800 صاروخ)، وهو الذي يستعد لحرب محتملة في منطقة الباسفيك؛ خصوصاً أن هذه الحرب ستكون بأغلبها بحريّة، بحيث يعتبر «توماهوك» السلاح المثالي لهذه الحرب؟


مقالات ذات صلة

مسؤولون غربيون: روسيا تحاول إغراق أوروبا بحملة تخريب واسعة

أوروبا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (الثاني من اليمين) يزور خط السكة الحديد الذي تعرض للتخريب بالقرب من ميكا - بولندا 17 نوفمبر 2025 (أ.ب) play-circle

مسؤولون غربيون: روسيا تحاول إغراق أوروبا بحملة تخريب واسعة

يقول مسؤولون غربيون إن روسيا تحاول إغراق أوروبا بحملة تخريب واسعة النطاق تشمل عدداً من الدول الأوروبية، أبرزها دول مجاورة لروسيا ودول داعمة لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى سكرتير المجلس العام لحزب «روسيا الموحدة» فلاديمير ياكوشيف خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب) play-circle

بوتين: روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا «بكل تأكيد»

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، على أن موسكو ستحقق أهدافها من عملية أوكرانيا العسكرية «بكل تأكيد».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (يسار) ورئيس ليتوانيا جيتاناس ناوسيدا (وسط) ورئيس الوزراء الفنلندي بيتري أوربو (يمين) خلال المؤتمر الصحافي لقمة الجبهة الشرقية في «الناتو» في هلسنكي... فنلندا 16 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

بولندا: الدفاع المضاد للطائرات المسيّرة بات أولوية للاتحاد الأوروبي

قال رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، إن تطوير الدفاعات ضد الطائرات المسيّرة أصبح أولوية ستستثمر فيها دول الاتحاد الأوروبي بكثافة.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
شؤون إقليمية طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

أعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مسيّرة «خارج السيطرة»، الاثنين، بعدما اقتربت من المجال الجوي التركي من جهة البحر الأسود.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
العالم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
play-circle

زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن مسألة الأراضي لا تزال قضية شائكة في محادثات السلام لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
TT

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)

في ضربة هي الأولى من نوعها، نقلت كييف معركة المسيرات إلى «المياه المحايدة» في البحر الأبيض المتوسط. وأفاد مصدر أوكراني أن «جهاز الأمن استخدم طائرات مسيرة لاستهداف ناقلة نفط تابعة لما يُسمى الأسطول الشبح الروسي، هي الناقلة قنديل». وأكد أن «روسيا كانت تستخدم هذه الناقلة للالتفاف على العقوبات» وتمويل «حربها ضد أوكرانيا».

وأعلن المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«فرانس برس»، أن «عملية جديدة خاصة لا سابق لها» نفّذت على مسافة نحو ألفي كيلومتر من أوكرانيا. ولم يقدّم أيّ تفاصيل إضافية بشأن الموقع الذي نفّذت منه العملية والبلدان التي حلّقت فوقها المسيرات.

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غربي تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)

وانطلقت هذه السفينة، التي ترفع علم سلطنة عمان، من سيكا في الهند باتّجاه أوست - لوغا في روسيا، بحسب بيانات «بلومبرغ». ويشير مسارها الذي يتطابق وصور الأقمار الاصطناعية التي اطلعت عليها وكالة «فرانس برس» إلى أنها التفت لتعود أدراجها، ليل الخميس - الجمعة، عندما كانت على مسافة أكثر من 250 كيلومتراً من السواحل اليونانية والليبية. وصباح الجمعة، بدا أن السفينة كانت تتّجه شرقاً. وكانت السفينة فارغة وقت الضربة، التي لم تشكّل أيّ تهديد للبيئة، بحسب المصدر الذي أشار إلى تعرّضها «لأضرار جسيمة» حالت دون «مواصلتها أهدافها».

النيران تتصاعد من ناقلة نفط بعد أن هزت انفجارات سفينتين من أسطول الظل الروسي في البحر الأسود بالقرب من مضيق البوسفور التركي (رويترز)

وقال المصدر: «ينبغي للعدوّ أن يفهم أن أوكرانيا لن تتوقّف، وستوجّه إليه الضربات أينما كان في العالم». وأضاف مسؤول في ‌جهاز الأمن ‌الأوكراني، ⁠الجمعة، ​إن ‌طائرات مسيرة وجّهت ضربة أخرى لمنصة نفط روسية ⁠مملوكة ‌لشركة «لوك أويل» في بحر قزوين. وقال إن هذه ​ثالث منصة نفطية ⁠تهاجمها أوكرانيا في بحر قزوين خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وكانت تركيا قد حذّرت روسيا وأوكرانيا بضرورة توخي مزيد من الحذر بشأن أمن البحر الأسود، بعدما أسقطت قواتها الجوية مسيرة دخلت المجال الجوي التركي، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع التركية، الخميس. ودفعت هذه الهجمات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى التحذير الأسبوع الماضي، من تحول البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة».

وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات التركية فتحت تحقيقاً الجمعة بشأن طائرة غير مأهولة تحطمت شمال غربي تركيا بعد أيام من إسقاط البلاد لمسيرة أخرى دخلت المجال الجوي من البحر الأسود. وأوضحت قناة «إن تي في» الإخبارية أن سكان ولاية قوجه إيلي اكتشفوا طائرة غير مأهولة في أحد الحقول، ما دفع إلى فتح تحقيق رسمي بشأن الحطام. وما زال مصدر المسيرة غير واضح إلا أن بعض التقارير الإعلامية أشارت إلى أنها روسية الصنع.

وأكدت وزارة الداخلية التركية، الجمعة، أنها ‌عثرت ‌على ‌طائرة مسيرة ⁠روسية ​المنشأ ‌من طراز «أورلان-10» في ولاية قوجه ⁠إيلي، بشمال غربي ‌البلاد. وذكرت الوزارة أن التقييمات ‍الأولية تشير إلى أن الطائرة المسيرة ​كانت تستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، ⁠مضيفة أن التحقيق في الواقعة لا يزال جارياً.

وجاء هذا الإسقاط عقب سلسلة من الضربات الأوكرانية ضد ناقلات «أسطول الظل» الروسي قبالة الساحل التركي، ما زاد من المخاوف في تركيا بشأن خطر امتداد الحرب في أوكرانيا إلى المنطقة.

ناقلة نفط روسية تابعة لشركة «روسنفت» تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول (أرشيفية - رويترز)

وتم إرسال طائرات مقاتلة من طراز «إف-16»، يوم الاثنين الماضي، بعدما اقتربت مسيرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود، من المجال الجوي التركي. وأفاد مسؤولون بإسقاط المسيرة في منطقة آمنة لحماية المدنيين وحركة الطيران. وحضّت الحكومة التركية بعد ذلك روسيا وأوكرانيا على الالتزام بأكبر قدر من الحذر فوق البحر الأسود.

ويأتي الحادث في أعقاب غارات شنّتها أوكرانيا مؤخراً على ناقلات تابعة لـ«أسطول الظل» الروسي قبالة السواحل التركية، إلى جانب تحذيرات من مسؤولين أتراك بشأن خطر وصول حرب أوكرانيا إلى المنطقة. وقالت وزارة الدفاع التركية: «نظراً للحرب القائمة بين أوكرانيا وروسيا، تم تحذير نظرائنا بضرورة توخي مزيد من الحذر من الجانبين، بشأن الوقائع التي قد تؤثر سلباً على أمن البحر الأسود». ولم تكشف السلطات التركية عن مصدر المسيرة.

وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت أوكرانيا مسؤوليتها عن هجمات بمسيّرات بحرية ضد ناقلات نفط مرتبطة بروسيا في البحر الأسود. كما هاجمت مواني روسية، بما فيها نوفوروسييسك، ما أجبر محطة نفطية رئيسية تقع قربه على تعليق عملياتها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). من جهتها، تقصف روسيا بانتظام ميناء أوديسا الأوكراني حيث تضررت سفن نقل تركية في الأيام الأخيرة.


أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
TT

أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)

أعلن مسؤول في جهاز الأمن الأوكراني، اليوم الجمعة، أن أوكرانيا قصفت بالطائرات المُسيرة ناقلة نفط ضِمن ما يسمى ​أسطول الظل الروسي في البحر المتوسط، وذلك في أول هجوم من نوعه، مما يعكس ازدياد حدة هجمات كييف على شحنات النفط الروسية.

وقال المسؤول، في بيان، إن الناقلة (قنديل) لم تكن محملة بالنفط عندما أصابتها طائرات مُسيرة في المياه المحايدة على بُعد أكثر من 2000 ‌كيلومتر من أوكرانيا، ‌وأن الهجوم ألحق بها ‌أضراراً جسيمة.

وأظهرت ⁠بيانات ​موقع ‌«مارين ترافيك» رصد ناقلة النفط قبالة الساحل الليبي، الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش. ولم يفصح المسؤول الأوكراني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، عن الموقع الدقيق للناقلة عند الهجوم أو توقيته.

وأظهرت لقطات من أعلى قدَّمها المصدر انفجاراً صغيراً على سطح الناقلة. وتحققت «رويترز» ⁠من أن السفينة التي ظهرت في المقطع المصوَّر هي الناقلة ‌قنديل، لكن لم يتسنّ بعدُ التحقق من توقيت أو موقع الهجوم.

ودأبت أوكرانيا على مهاجمة مصافي النفط الروسية على مدى عاميْ 2024 و2025، لكنها وسّعت حملتها، بشكل واضح، في الأسابيع القليلة الماضية، إذ قصفت منصات نفط في بحر قزوين، وأعلنت مسؤوليتها عن هجمات بطائرات ​مُسيرة على ثلاث ناقلات نفط في البحر الأسود.

وتلك الناقلات، بالإضافة إلى الناقلة قنديل ⁠التي ترفع عَلم سلطنة عمان، من بين ما يسمى أسطول الظل الروسي، وهي سفن غير خاضعة للرقابة تقول كييف إنها تساعد موسكو على تصدير كميات كبيرة من النفط وتمويل حربها في أوكرانيا رغم العقوبات الغربية.

وشهدت موانٍ روسية سلسلة من الانفجارات الغامضة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ولم تؤكد أوكرانيا أو تنفِ تورطها في هذه الانفجارات، لكن مصادر أمنية بحرية تشتبه في وقوف كييف وراءها. وجرى تنفيذ بعض ‌الهجمات باستخدام ألغام لاصقة على متن سفن في البحر المتوسط.


الجيش الألماني يفتح تحقيقاً في تشغيل مقطع محظور من نص النشيد الوطني

جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الألماني يفتح تحقيقاً في تشغيل مقطع محظور من نص النشيد الوطني

جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)

أطلق الجيش الألماني تحقيقاً بعد قيام منسق أغانٍ (دي جيه) بعزف المقطع الأول من النشيد الوطني لألمانيا والمعروف بـ«أغنية ألمانيا» خلال حفلة عيد الميلاد في ثكنة بمدينة دليتسيش.

وقال متحدث باسم الجيش لوكالة الأنباء الألمانية إن «تحقيقات تأديبية شاملة» بدأت وستشمل مقدم الخدمة المدني. وأوضح أن «تشغيل نص المقطع الأول من النشيد الألماني لا يتوافق بأي شكل من الأشكال مع قيمنا».

وكان الشاعر أوغوست هاينريش هوفمان فون فالرسليبن (1798 - 1874) قد كتب نص «أنشودة الألمان» في عام 1841، واستخدم النازيون في القرن العشرين المقطع الأول من النشيد «ألمانيا، ألمانيا فوق كل شيء».

ويقتصر النشيد الوطني المعتمد اليوم على المقطع الثالث الذي يتضمن كلمات «الوحدة والعدل والحرية». ومع ذلك، فإن المقاطع الأخرى ليست محظورة قانونياً.

وأضاف المتحدث باسم القوات البرية: «في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2025، وخلال حفلة عيد الميلاد في ثكنة مدرسة صف الضباط التابعة للقوات البرية في دليتسيش، خالف منسق موسيقي مدني التكليف وشغّل المقطع الأول من (أنشودة الألمان)».

وأوضح أن قائد مدرسة صف الضباط أمر فور وقوع الحادث بتشغيل النشيد الوطني، كما أنه أوضح على نحو لا لبس فيه الخطأ في تشغيل المقطع الأول، وأنه أبلغ رؤساءه بالواقعة في المساء نفسه.

وحضر الاحتفال الذي أقيم في المدينة الواقعة في ولاية سكسونيا بشرق ألمانيا أكثر من ألف ضيف.