حصر الدمار يتواصل... وأمن «حماس» يوسّع انتشاره في قطاع غزة

بدأت الحركة بملاحقة مجموعات مسلحة وعشائر ساعدت إسرائيل

فلسطينيون حول شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لدى وصولها إلى خان يونس بجنوب قطاع غزة السبت (إ.ب.أ)
فلسطينيون حول شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لدى وصولها إلى خان يونس بجنوب قطاع غزة السبت (إ.ب.أ)
TT

حصر الدمار يتواصل... وأمن «حماس» يوسّع انتشاره في قطاع غزة

فلسطينيون حول شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لدى وصولها إلى خان يونس بجنوب قطاع غزة السبت (إ.ب.أ)
فلسطينيون حول شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لدى وصولها إلى خان يونس بجنوب قطاع غزة السبت (إ.ب.أ)

تواصل الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة «حماس» في قطاع غزة، انتشارها في مناطق جديدة داخل القطاع؛ بهدف بسط سيطرتها الأمنية ومحاولة استعادة الأمن وحضورها، في أعقاب الملاحقة الإسرائيلية التي طاولت عناصرها عند محاولاتهم ضبط الأمن خلال الحرب التي أُعلن توقفها بدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ظهر الجمعة.

 

انتشار أمني

 

ومنذ اللحظات الأولى لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، انتشرت عناصر محدودة من الأجهزة الأمنية في الشوارع، قبل أن تتسع هذه الظاهرة، خصوصاً صباح السبت، الأمر الذي كان ظاهراً للعيان سواء في مدينة غزة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منها، أو مناطق أخرى من وسط وجنوب القطاع.

عناصر من شرطة «حماس» في أحد شوارع مدينة غزة السبت (رويترز)

 

 

ولوحظ، صباح السبت، انتشار تلك العناصر في مفترقات وشوارع رئيسية، والقيام بتفتيش بعض المركبات، خصوصاً في المناطق الشرقية من مدينة غزة، التي توجد في أجزاء منها قوات إسرائيلية، وكذلك مجموعات مسلحة.

 

ملاحقة المسلحين

 

ووفقاً لمصادر ميدانية، فإن عناصر أمنية من مختلف الأجهزة التابعة لحكومة «حماس»، خصوصاً الأمن الداخلي، وبعض عناصر استخبارات جهاز «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، انتشروا بشكل ملحوظ في منطقة شمال قطاع غزة، وتحديداً جباليا البلد، وبعض مناطق مخيم جباليا.

 

 

وأشارت المصادر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تلك العناصر بدأت بملاحقة عناصر مسلحة من المجموعات التي تشكَّلت في الأشهر الأخيرة، على غرار مجموعات «ياسر أبو شباب» أو ما يُطلق عليها «القوات الشعبية»، ونجحت في قتل بعضهم، كما اعتقلت آخرين بعد ملاحقتهم في مناطق مختلفة من جباليا وبعض أطراف بيت لاهيا شمال القطاع.

دبابات في جنوب إسرائيل متمركزة عند الحدود مع قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

كما هاجم مسلحون من «حماس» مجموعةً مسلحةً بالقرب من حي الزيتون جنوب مدينة غزة، بينما تم إطلاق النار على مجموعة مسلحة أخرى في جنوب خان يونس جنوب قطاع غزة.

 

 

ومساء الجمعة، هاجم عناصر من «حماس» أفراداً مسلحين من عشيرة معروفة في جنوب مدينة غزة، وقتلوا وأصابوا عدداً منها، وذلك بعد أن قام أولئك بقتل نجل قيادي كبير في «كتائب القسام» بإعدامه عمداً في محيط أماكن سكنهم بعد أن اختطفوه لدى مروره بالقرب من المنطقة.

 

 

وكانت «حماس» توعّدت تلك المجموعات المسلحة بمحاسبتها وملاحقتها بعد توقف الحرب، كما أنها وجَّهت لها كثيراً من الضربات خلال الحرب نفسها، كما أنها هاجمت عشائر حاولت التمرد عليها، أو تعاونت مع إسرائيل في قضايا تشكيل عصابات أو إدارة هيئات محلية.

 

 

وفعلياً لم تنجح إسرائيل في تشكيل أي خلايا خطيرة أو حتى مجموعات مسلحة من العشائر وغيرها، ولم تُشكِّل هذه المجموعات تحدياً كبيراً لـ«حماس» طوال الحرب، رغم أنها في بعض الأحيان نفَّذت أعمالاً خطيرة، لكنها لم تتوسَّع، ونجحت الحركة في قتل وأسر بعض أفرادها من خلال هجمات نفَّذتها أو كمائن نصبتها لهذه المجموعات بطرق مختلفة.

جنود إسرائيليون فوق دباباتهم في موقع على الحدود مع قطاع غزة السبت (أ.ب)

إزالة الركام

 

تأتي هذه التطورات الميدانية بعد توقف الحرب، مع استئناف البلديات في قطاع غزة عملها الميداني، رغم تدمير الاحتلال الإسرائيلي معداتها الثقيلة.

 

 

وشوهدت جرافات تتبع البلديات وجهات حكومية أخرى مثل وزارة الأشغال، وكذلك لما تُعرف بـ«الجبهة الداخلية»، وهي جهاز يتبع لحركة «حماس»، تقوم بإزالة الركام من الشوارع الرئيسية؛ بهدف محاولة فتحها أمام حركة المواطنين رغم الدمار الكبير.

 

 

وبدأت الجرافات أعمالها بشكل أساسي في محافظتَي غزة وخان يونس، بينما عملت البلديات على إزالة البسطات؛ بهدف تحسين حركة الأسواق في بعض مناطق وسط قطاع غزة.

 

 

ويأتي ذلك في وقت تستمر فيه موجة عودة سكان مدينة غزة وشمالها إلى المدينة، رغم الدمار الكبير الذي لحق بمنازلهم، إلا أنهم يحاولون استعادة حياتهم من خلال وضع خيام بالقرب من منازلهم المُدمَّرة والعيش فيها.

نازحون فلسطينيون يتفقدون منطقة وسط مبانٍ مُدمَّرة في خان يونس بحنوب قطاع غزة السبت (أ.ب)

وبدأت الجهات الحكومية والمحلية تجهيز آبار المياه لتزويد السكان بها، كما بدأت اتصالات مع كثير من أصحاب محطات تحلية المياه لتشغيلها مجدداً، ومحاولة إصلاح الضرر الذي لحق بها؛ نتيجة قصفها؛ بهدف تزويد السكان بمياه الشرب.

 

خان يونس

 

في خان يونس جنوب قطاع غزة، قال رئيس بلدية المحافظة علاء البطة، في مؤتمر صحافي، إن 85 في المائة من أرجاء المحافظة دُمِّر بفعل الحرب الإسرائيلية، وإن هناك 400 ألف طن من الركام في شوارعها الرئيسية والفرعية بفعل عملية التدمير التي نفَّذتها القوات الإسرائيلية.

 

 

وأشار إلى أن هناك 300 كيلومتر من شبكات المياه في المدينة مُدمَّر، بجانب دمار هائل طال 75 في المائة من شبكة الصرف الصحي، لافتاً إلى أن هناك حاجة للتعامل مع أكثر من 350 ألف طن من النفايات في المدينة.

 

خروق إسرائيلية

 

ورغم وقف إطلاق النار، فإن الخروق الإسرائيلية استمرّت، وقتلت طائرة مسيّرة صغيرة «كواد كابتر» مسناً بعدما أطلقت النار عليه لدى محاولته الوصول لمنزله في بلدة القرارة، شمال خان يونس في جنوب قطاع غزة.

 

 

في حين أُصيب 4 غزيين إثر إطلاق قذيفة مدفعية في اتجاههم بمنطقة شارع العجارمة شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وأُصيب آخرون؛ نتيجة إلقاء مسيّرة قنبلةً على مدرسة في أثناء تفقدهم إياها في بلدة جباليا البلد.

 

 

بينما أعلنت وزارة الصحة بغزة، أنه وصل إلى مستشفيات القطاع 151 قتيلاً (منهم 116 انتشالاً)، و72 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرةً إلى ارتفاع الحصيلة الإجمالية للحرب إلى 67682 قتيلاً و170033 إصابة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

 

 


مقالات ذات صلة

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

المشرق العربي مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بنشر مقاطع فيديو وصور لأسلحة جديدة ظهرت في أيدي عناصر المجموعات المسلحة الموجودة في مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة - 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد لـ«الخروق» الإسرائيلية

قال قيادي في «حماس» إن المحادثات المقررة في ميامي، الجمعة، للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في غزة، يجب أن تفضي إلى وقف «خروق» إسرائيل للهدنة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون حاملين أكياس طحين على طول شارع الرشيد في غرب جباليا 17 يونيو 2025 بعد أن دخلت شاحنات مساعدات إنسانية شمال قطاع غزة عبر معبر زيكيم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائيل (أ.ف.ب)

تنديد بمنع إسرائيل منظمات إنسانية من دخول غزة

ندد كثير من المسؤولين في منظمات إنسانية دولية، الخميس، بسعي إسرائيل إلى فرض «سيطرة سياسية» على أنشطتها في غزة، بعد منع 14 منظمة من دخول القطاع.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى مبنى المستشارية في برلين (د.ب.أ)

ويتكوف يجتمع مع الوسطاء بشأن اتفاق غزة في ميامي

قال مسؤول في البيت الأبيض إن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيلتقي، غداً الجمعة، مسؤولين قَطريين ومصريين وأتراكاً في ميامي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

خاص وزير الخارجية المصري لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»

حاورت «الشرق الأوسط» وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، بمكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، حول عدد من الملفات التي تضطلع بها القاهرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
TT

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)

تجمّع عشرات الأشخاص، السبت، في مدينة غزة لتشييع 6 أشخاص قضوا بالأمس في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين، فيما عدته «حماس» «خرقاً واضحاً ومتجدداً لوقف إطلاق النار».

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال، مساء الجمعة، ردّاً على استفسارات بشأن هذه الضربة إنه «خلال نشاط عملياتي في منطقة الخط الأصفر شمال قطاع غزة، تم رصد عدد من الأفراد المشبوهين في مراكز قيادة غرب الخط الأصفر»، مشيراً إلى أن قواته أطلقت النار على المشتبه بهم «للقضاء على التهديد».

وهو أقرّ بأنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة»، معرباً عن أسفه «لأي ضرر لحق بالأفراد غير المتورطين»، وهو «يعمل على تخفيف الضرر قدر الإمكان».

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين في غزة (أ.ب)

أما حركة «حماس»، فوصفت القصف المدفعي على مدرسة تؤوي نازحين في حيّ التفاح شرق مدينة غزة «وما أسفر عنه من استشهاد عددٍ من المواطنين، معظمهم من الأطفال» بأنه «جريمة وحشية تُرتكب بحقّ المدنيين الأبرياء، وخرق فاضح ومتجدّد لاتفاق وقف إطلاق النار».

وأشارت في بيان أصدرته، السبت، إلى أن «الاحتلال لا يكتفي باستهداف المدنيين، بل يُمعن في تعميق الكارثة الإنسانية عبر منع سيارات الإسعاف والطواقم الطبية من الوصول إلى أماكن الاستهداف لإسعاف المصابين، وعرقلة عمليات الإنقاذ».

وطالبت «الوسطاء الضامنين للاتفاق والإدارة الأميركية بالاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هذه الانتهاكات».

السبت، أمام مشرحة مجمّع «الشفاء»، وقف رجل يحمل بين ذراعيه جثّة طفل ملفوفة بكفن أبيض، بحسب صور التقطتها كاميرا «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت 5 جثث أخرى مكفّنة مصفوفة على الأرض. وأقام رجال صلاة الجنازة قبل دفن الضحايا.

وكان الدفاع المدني في غزة قد أبلغ بدايةً «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، عن «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حيّ التفاح شرق مدينة غزة.

والسبت، قال الناطق باسمه محمود بصل إن الحصيلة ارتفعت إلى 6 قتلى، في حين ما زال هناك شخصان مفقودان تحت الأنقاض.

فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي أصاب مركز إيواء للنازحين بغزة (أ.ف.ب)

ومن بين الضحايا رضيع في شهره الرابع وفتاة في الرابعة عشرة من العمر وسيّدتان، وفق محمد أبو سلمية مدير مستشفى «الشفاء».

وقال نافذ النادر من أمام المستشفى: «هذه ليست هدنة، بل حمّام دماء نريده أن يتوقّف»، في إشارة إلى وقف إطلاق النار الساري منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في غزة بين إسرائيل و«حماس».

وصرّح عبد الله النادر الذي فقد أقرباء له في الغارة الإسرائيلية: «كانت منطقة آمنة، مدرسة آمنة وفجأة بدأوا بإطلاق مقذوفات من دون سابق إنذار، مستهدفين نساءً وأطفالاً ومدنيين».

لا يزال وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر، هشّاً مع تبادل الجانبين الاتهامات بانتهاكه.

مقاتلون من «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وبموجب الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل و«حماس» في غزة، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى مواقع شرق ما تسميه «الخط الأصفر»، وهو خط غير محدد، داخل القطاع.

والسبت، أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» في القطاع عن مقتل 401 فلسطيني على الأقلّ بنيران الجيش الإسرائيلي منذ سريان وقف إطلاق النار.

وقضى مذاك 3 جنود إسرائيليين في غزة.


رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

ذكرت مصادر أمنية تركية ​أن رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين التقى اليوم السبت مع رئيس حركة «حماس» في ‌قطاع غزة ‌وكبير ⁠مفاوضيها ​خليل ‌الحية، وناقشا الإجراءات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة.

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وأوضحت المصادر، التي ⁠طلبت عدم الكشف عن ‌هويتها، أن ‍كالين التقى ‍بوفد «حماس» في ‍إسطنبول في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ،وأن الجانبين ​ناقشا الخطوات اللازمة لمنع ما وصفوها ⁠بانتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار.

وأضافت، دون الخوض في التفاصيل، أنهما بحثا أيضاً الإجراءات اللازمة لحل القضايا العالقة تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة.


«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
TT

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» لمعرفة مدى استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدّتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، على أن يبدأ ذلك من شمال نهر الليطاني فور الانتهاء من تنفيذ عملية سحب السلاح في منطقة جنوب النهر، وبمواكبة من قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» ولجنة «الميكانيزم»، التي ستُعاود عقد اجتماعها في السابع من يناير (كانون الثاني) المقبل؛ حيث سيُدرج على جدول أعمالها تقويم مستوى الإنجاز الذي حققته الوحدات العسكرية عبر إحكام سيطرتها على جنوب النهر.

فـ«حزب الله» لا يزال يحتفظ بسلاحه، ولا يستخدمه التزاماً بوقف الأعمال العدائية، وحواره مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يراوح مكانه، وهذا ما ينسحب أيضاً على تواصله بفرنسا ومصر.

وأشار مصدر وزاري إلى أن «حزب الله» يمتنع عن كشف أوراقه، ويصر، عبر تصريح أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، على رفع سقوفه السياسية، متهماً حكومة الرئيس نواف سلّام بارتكاب خطيئة لموافقتها على حصرية السلاح، رغم تأييده بيانها الوزاري الذي نصّ على احتكار الدولة للسلاح، ومشاركته في الحكومة بوزيرين على هذا الأساس.

وكشف المصدر أن القيادة الإيرانية لم تستجب لوساطة فرنسا ومصر بالتدخل لدى «حزب الله» لإقناعه بإعادة النظر في موقفه بتسهيل استكمال حصرية السلاح.

وقال إنه ترتب على موقفها خفض منسوب التواصل، سواء معها أو مع الحزب، الذي لم يتجاوب مع الوساطة التي قام بها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، والذي اقترح عليه الموافقة على خطة قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح، بوصفها الممر الإلزامي لبسط سلطة الدولة على أراضيها تنفيذاً للقرار «1701».

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل يتفقّد موقع تفجير منشأة «حزب الله» في الجنوب (مديرية التوجيه)

ورأى المصدر أن هناك مبالغة في الحديث عن استمرار التواصل بين الحزب ومصر، مؤكداً أنه أقل من المطلوب في ضوء عدم تجاوب الحزب مع الأفكار التي طرحها اللواء رشاد خلال زيارته إلى بيروت.

وأوضح أن أحمد مهنا، العضو في الفريق الذي يرأسه رئيس كتلة الحزب النائب محمد رعد، والمكلّف بالحوار مع رئيس الجمهورية ميشال عون، التقى مسؤول الأمن في السفارة المصرية على هامش زيارة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إلى بيروت.

وأكد أن اللقاء لم يدم طويلاً؛ نظراً لأن الحزب لم يبدل موقفه تجاوباً مع إصرار الحكومة على حصرية السلاح وعدم العودة عن قرارها في هذا الخصوص.

وقال إن مهنا هو مَن يتواصل مع العميد رحال، الذي يلتقي عند الضرورة برعد، وإن كان الحوار بدا متقطعاً في الآونة الأخيرة، لأن الحزب يمتنع عن كشف أوراقه، وأن ما يُنقل إلى رحال يبقى محصوراً بمواقفه العلنية التي اعتاد قاسم طرحها، ما يعني، من وجهة نظر رسمية، أن الحزب يرفض التقاط الفرص للانخراط في مشروع الدولة بتخليه عن سلاحه.

الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى اجتماعه برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في قصر بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)

وكشف أن رشاد موجود حالياً، وبتكليف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في واشنطن لحث الإدارة الأميركية على الضغط على إسرائيل، ومنعها من توسعة الحرب وإلزامها بوقف الأعمال العدائية.

وأكد أن تواصل عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مستمر، ويكاد يكون تعويضاً عن المراوحة التي طغت على حواره بالحزب. علماً بأن العميد رحال مكلف بتكثيف تواصله مع بري، ليس لأنه يحمل تفويضاً من «حزب الله» الذي كان وراء التوصل، مع الموفدين الأميركيين، إلى اتفاق لوقف النار برعاية واشنطن وباريس فحسب، بل لأنه الأقدر على استيعاب موقف الحزب وضبط أدائه، وقيادة عملية احتضانه التسوية من أجل إعادة الاستقرار إلى الجنوب. كما أنه يلتقي الموفدين الدوليين والعرب إلى لبنان، على عكس الحزب الذي لم يعد له حليف سوى إيران، واضعاً كل أوراقه في سلتها.

وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي إن على قيادة «حزب الله» أن تُدرك جيداً أن هدر الوقت ليس لمصلحتها، ولم يعد أمامها أي خيار سوى الانخراط في مشروع الدولة، مشروطاً بتسليم السلاح، لأنها لا تملك، على الأقل في المدى المنظور، القدرة على استخدامه.

وتساءل المصدر: ما الجدوى من إيداع السلاح بعهدة طهران لاستخدامه لإعادة الاعتبار لمفاوضاتها مع واشنطن، كونها وحدها القادرة على تقديم الثمن لها، في مقابل تسليمها السلاح لأنها صاحبة الحق فيه وأمنت وصوله للحزب؟

وأكّد المصدر أن لدى أصدقاء لبنان قناعة راسخة بامتناع الحزب عن التجاوب مع الوساطات؛ لأنه ماضٍ في وضع سلاحه بخدمة إيران ليكون في وسعها تحسين شروطها في حال أبدت واشنطن استعدادها لمعاودة المفاوضات. وقال إن موقفها يؤدي حتماً إلى حشر الدولة، ويزيد من الإرباك الذي تتخبط فيه قيادة الحزب، ولا تأخذ بالنصائح لإنزالها من أعلى الشجرة.

ومع أن المصدر لم يستبعد مجيء وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى بيروت، فإنه يؤكد أن لقاءاته لن تُقدّم أو تؤخر، وأنه لا مجال أمامه للإمساك بالورقة اللبنانية لتسييلها، بالمفهوم السياسي للكلمة، لفتح ثغرة في الحائط المسدود الذي يقف عائقاً أمام استئناف مفاوضاتها مع واشنطن.

وعليه، يقف لبنان حالياً على مشارف حسم موقفه بإعداد جدول زمني لاستكمال حصرية السلاح، في ضوء فترة السماح التي أُعطيت له من قبل الدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري الذي رعته باريس لانعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش في فبراير (شباط) المقبل.

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان هذا الأسبوع (أ.ف.ب)