تحسين الوضع المعيشي في صدارة مطالب السوريين من مجلس الشعب الجديد

مطالبة نسائية بتشريعات تكفل حقوقهن في العمل والمشاركة السياسية

جانب من عمليات الاقتراع بأحد مراكز التصويت في دمشق الأحد الماضي (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الاقتراع بأحد مراكز التصويت في دمشق الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

تحسين الوضع المعيشي في صدارة مطالب السوريين من مجلس الشعب الجديد

جانب من عمليات الاقتراع بأحد مراكز التصويت في دمشق الأحد الماضي (أ.ف.ب)
جانب من عمليات الاقتراع بأحد مراكز التصويت في دمشق الأحد الماضي (أ.ف.ب)

تصدّرت مسألة تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين مطالب سوريين من مجلس الشعب الجديد، إضافة إلى تطلعهم لأن يكون صوتاً صادقاً يعبّر عما يريده الشعب. كما طالب مواطنون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، المجلس الجديد، بالتحلي بالشفافية والمساءلة، والعمل على تحديث القوانين، وسن تشريعات تكفل حقوق النساء في العمل والمشاركة السياسية.

في المقابل، حاولت مصادر محلية في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في جنوب البلاد، ومناطق «الإدارة الذاتية» في شمال وشمال شرقي البلاد، التركيز على عدم وجود تمثيل لأهالي هذه المناطق في مجلس الشعب الجديد، بعد استثناء حكومة دمشق مناطقهم من عملية الاقتراع.

الرئيس أحمد الشرع في أحد مراكز الاقتراع يوم الأحد الماضي (أ.ب)

إعادة بناء الثقة

ورأت رئيسة مجلس إدارة هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية الناشطة بالمجتمع المدني، هدى الأتاسي، أن المجلس الجديد أمامه مسؤولية وطنية كبيرة لإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. وطالبت الأتاسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مجلس الشعب بأن تكون قضايا الناس ومعيشتهم في صميم أولوياته، وأن يُفتح المجال الحقيقي أمام مشاركة المجتمع المدني والنساء بوصفهن شريكات أساسيات في صنع القرار، لا مجرد حضور رمزي.

وأعربت الأتاسي عن أملها في سنّ تشريعات تُعزّز العدالة الاجتماعية، وتكفل حقوق النساء في العمل والمشاركة السياسية، وتُسهم في تمكينهن اقتصادياً واجتماعياً، وأن يتحلى المجلس بالشفافية والمساءلة، وأن يكون صوتاً صادقاً يعبّر عن تطلعات السوريين نحو دولة عادلة وقادرة على النهوض.

وتُعدُّ انتخابات مجلس الشعب السوري التي جرت، الأحد الماضي، الأولى من نوعها منذ إسقاط نظام بشار الأسد، أواخر العام الماضي، وتنافس فيها 1578 مرشحاً على 140 مقعداً. وسيعيّن رئيس الجمهورية، أحمد الشرع، الثلث المتبقي من أصل 210 مقاعد، وفق ما نص عليه الإعلان الدستوري.

وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات، الاثنين، النتائج النهائية للاقتراع، وبيّن المتحدث باسمها، نوار نجمة، أن نسبة الذكور الفائزين بلغت نحو 96 في المائة مقابل 4 في المائة نساء، واصفاً ضعف التمثيل النسائي بأنه «أهم سلبية واجهت العملية الانتخابية».

ومن وجهة نظر الأتاسي، هناك أسباب متشابكة سياسية واجتماعية وثقافية وراء غياب المرأة عن قوائم الفائزين في عدد كبير من المحافظات، رغم مشاركتها الكثيفة في العملية الانتخابية.

ورأت أن من تلك الأسباب وجود جزء من المجتمع؛ خصوصاً في المناطق الريفية أو التقليدية، لا يزال يتردد في التصويت لامرأة، لأن الثقافة الذكورية المتجذّرة، وفق الأتاسي، تجعل الناخبين يربطون القيادة والتمثيل السياسي بالرجل أكثر من المرأة.

رئيسة مجلس إدارة هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية والناشطة بالمجتمع المدني هدى الأتاسي (الشرق الأوسط)

كما أن القوائم الانتخابية التي تضم نساء، كثيراً ما يكون وجودهن فيها رمزياً أو استكمالاً للشكل التمثيلي المطلوب، دون أن يحظين بدعم فعلي أو حملات انتخابية مؤثرة تضمن لهن الفوز، بحسب الأتاسي التي أضافت: «من المفارقات أن نسبة كبيرة من النساء يصوتن لرجال، إما بتأثير العائلة أو بدافع (الضمان الاجتماعي) أو (الواقعية السياسية)، مما يُضعف فرص المرشحات اللواتي كنّ يعوّلن على الصوت النسائي».

ورأت الأتاسي أن الحضور النسائي في اللجان الانتخابية يعكس وعياً بالمواطنة والمشاركة العامة، لكنه لا يزال غير مترجم إلى ثقة سياسية وتمكين فعلي في صناديق الاقتراع.

تحسين المعيشة والخدمات

من جانبه، أعرب إبراهيم الفياض، من أهالي دمشق، عن تطلعه إلى أن يعمل المجلس على تحديث القوانين بحيث تخدم المواطنين وتمكّن الحكومة من مساعدتهم، وتحسين أوضاعهم المعيشية المتردية، إضافة إلى تحسين واقع خدمات الكهرباء والماء والاتصالات.

المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات، نوار نجمة، يعلن النتائج النهائية للاقتراع يوم الاثنين (إ.ب.أ)

جاءت الانتخابات في وقت عادت فيه عموم الأسعار إلى الارتفاع، بعد انخفاضها نحو 50 في المائة، منذ إسقاط النظام السابق، وسط جهود تبذلها الحكومة لتحسين الوضع المعيشي؛ حيث زادت رواتب موظفيها بنسبة 200 في المائة، وأصبح الراتب الشهري لموظف الدرجة الأولى نحو 150 دولاراً أميركياً، في حين تقدّر دراسات حاجة أصغر عائلة سوريا بـ500 دولار شهرياً.

بدوره، يأمل مهندس المعلوماتية، محمد أبو سويد، أن يعمل مجلس الشعب الجديد على تطبيق الأتمتة والحوكمة الإلكترونية في القطاعين العام والخاص، لأن ذلك، برأيه، يختصر الوقت والجهد والتكلفة، ويوفر على الدولة نفقات كبيرة.

حضور لقضية الجولان

وسجلت قضية هضبة الجولان المحتلة منذ عام 1967، من قبل إسرائيل، حضوراً ضمن مطالب السوريين؛ إذ يتوقع الطيب محمود أحمد رهبان، وهو أحد أبناء المنطقة، من مجلس الشعب «ألا يفرّط بذرة واحدة من تراب سوريا، وأن يرفض المصادقة على أي معاهدة تنتقص أو تفرّط بحقوقنا كسوريين أولاً وكأبناء جولان ثانياً». كما يأمل رهبان من المجلس أن يكون «ممثلاً حقيقياً لملايين السوريين الذين عانوا على مدار السنوات السابقة من الموت والتهجير والاعتقالات».

الطيب محمود أحمد رهبان وهو أحد أبناء هضبة الجولان المحتلة (الشرق الأوسط)

بينما طالب محمد عبد الرحمن من محافظة درعا (جنوب سوريا) المجلس بدعم الاقتصاد والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وسنّ تشريعات تحفّز نشوء بنية استثمارية آمنة تشجع رؤوس الأموال السورية على العودة، إضافة إلى فتح آفاق نحو مستقبل أفضل للشباب، وصون الحقوق.

أسف درزي

من محافظة السويداء، التي تم استثناؤها من عملية الانتخابات بسبب التوتر السائد بين دمشق وفصائل مسلحة محلية مؤيدة لمواقف الشيخ الدرزي حكمت الهجري المناهضة للحكم الجديد في سوريا، أعرب مصدر درزي رفيع عن أسفه لعدم مشاركتهم بالانتخابات، وعدم تمكُّن سكان المحافظة من التعبير عن حقهم القانوني بانتخاب من يمثّلهم ويكون مشاركاً في القرار والرأي بمجلس الشعب الجديد. لكن المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه قال لـ«الشرق الأوسط» إنه من الطبيعي ألا يكون هناك مشاركة من المحافظة بالانتخابات، بسبب أحداث يوليو (تموز) الدامية التي تسببت بـ«فقدان الثقة بالسلطة الحالية»، وفق تعبيره. وكان يشير إلى المواجهات المسلحة الدامية بين فصائل درزية من جهة، وفصائل بدوية وعشائرية ومن القوات الحكومية من جهة أخرى.

من جهتها، قالت الناشطة السياسية الدرزية، ميساء العبد الله، رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأهالي لديهم هموم أكبر من موضوع المشاركة في المجلس، منها كيفية تأمين النازحين وأزمات توافر الخبز والكهرباء».

عماد مجول وهو مواطن سوري كردي من سكان مدينة عمودا بريف محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

يوم عادي لدى الأكراد

أما في مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية» الكردية التي تشهد علاقاتها بالسلطة السورية أيضاً توترات سياسية وأمنية، فقد «مر يوم الانتخابات كأي يوم عادي، وسمع بها الأهالي من وسائل التواصل الاجتماعي»، وفق عماد مجول، وهو مواطن كردي من سكان ريف محافظة الحسكة. وقال مجول لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يشعر بحصول تغيير في الحالة السياسية في سوريا»، معرباً عن أسفه لما سمّاه «استنساخ المرحلة السابقة، ولكن بشكل جديد ومصطلحات جديدة». وهو يشير بذلك إلى ما يعتبره الأكراد تهميشاً لهم لم ينتهِ، رغم رحيل نظام الأسد.

واستثنت حكومة دمشق مناطق سيطرة الأكراد من انتخابات مجلس الشعب، على غرار ما حصل في السويداء التي يسيطر عليها الدروز.


مقالات ذات صلة

قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

شؤون إقليمية عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

خاص نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

يلتقي الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الـ5 منذ بدء ولايته الثانية، علماً بأن ترمب هو خامس الرؤساء الأميركيين ممن يلتقون نتنياهو.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)

سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

لقي خمسة أشخاص من عائلة واحدة سورية حتفهم مساء الجمعة داخل منزلهم في ظروف غامضة بحي البياض في مدينة حماة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

القوات الإسرائيلية تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا

 توغلت القوات الإسرائيلية صباح اليوم الخميس في قرى عدة بريف القنيطرة الجنوبي في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نقطة تفتيش تابعة لقوى الأمن الداخلي السوري في السويداء (رويترز) play-circle

مقتل 3 أشخاص في الساحل السوري خلال اشتباكات مع قوات الأمن

قُتل ثلاثة أشخاص، الأربعاء، خلال اشتباكات مع قوات الأمن في محافظة اللاذقية، معقل الأقلية العلوية في غرب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية، العاملة في جنوب لبنان، (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين، في حين نفّذ الجيش اللبناني تفتيشاً لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني، بناءً على طلب لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار «الميكانيزم»، وتبيّن أنها خالية من الأسلحة.

وقالت وسائل إعلام محلية إن توتراً شهدته بلدة الأحمدية في البقاع الغربي (جنوب شرقي لبنان)، أثناء قيام دورية تابعة لـ«اليونيفيل» بجولة ميدانية مؤلّلة داخل أحياء البلدة، من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني أو مع أهالي المنطقة.

جنود نيباليون تابعون لقوات «اليونيفيل» المرابطة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في صورة تعود إلى 8 ديسمبر الحالي في مقرهم بقرية ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وحين دخلت الدورية اعترض السكان الدورية وطلبوا من عناصرها التوقف عن متابعة جولتهم حتى حضور الجيش اللبناني. وخلال الاحتكاك، أقدم عناصر من «اليونيفيل» على رمي قنابل دخانية باتجاه السكان. وعلى الفور حضرت وحدات من الجيش اللبناني إلى المكان؛ حيث عملت على تطويق الإشكال وتهدئة الوضع.

إطلاق نار إسرائيلي

وكان هذا التوتر الحادثة الثانية التي تتعرض لها قوات «اليونيفيل» في الجنوب خلال 24 ساعة، بعدما أُصيب أحد عناصرها بجروح طفيفة جراء إطلاق نار إسرائيلي. وقالت البعثة الدولية، في بيان، إن «نيران رشاشات ثقيلة أُطلقت صباح الجمعة من مواقع الجيش الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق، بالقرب من دورية تابعة لقوات (اليونيفيل) كانت تتفقد عائقاً على الطريق في قرية بسطرة». وجاء إطلاق النار عقب انفجار قنبلة يدوية في مكان قريب.

وأوضح البيان أنه «بينما لم تلحق أي أضرار بممتلكات (اليونيفيل)، تسبب صوت إطلاق النار والانفجار في إصابة أحد جنود حفظ السلام بإصابة طفيفة بارتجاج في الأذن».

وفي حادثة منفصلة يوم الجمعة في بلدة كفرشوبا، أبلغت دورية حفظ سلام أخرى، كانت تقوم بمهمة عملياتية روتينية، عن إطلاق نار من الجانب الإسرائيلي على مقربة من موقعها.

وأكد البيان أن «(اليونيفيل) كانت قد أبلغت الجيش الإسرائيلي مسبقاً بالأنشطة في تلك المناطق، وفقاً للإجراءات المعتادة للدوريات في المناطق الحساسة قرب الخط الأزرق».

وجاء ذلك بالتزامن مع عملية تمشيط قامت بها القوات الإسرائيلية انطلاقاً من موقع «روبية السماقة» باتجاه الأطراف الجنوبية لبلدة كفرشوبا.

ووفق بيان «اليونيفيل»، «تُعدّ الهجمات على جنود حفظ السلام أو بالقرب منهم انتهاكات خطيرة لقرار مجلس الأمن الدولي (1701)». وجددت البعثة دعوة الجيش الإسرائيلي «بالكف عن السلوك العدواني والهجمات على جنود حفظ السلام العاملين من أجل السلام والاستقرار على طول الخط الأزرق أو بالقرب منهم».

تفتيش المنازل

وغالباً ما تقوم «اليونيفيل» بمهام مشتركة مع الجيش اللبناني في منطقة عملياتها، خصوصاً حين تكون في مواقع مأهولة بالسكان. ورافقت دوريات من «اليونيفيل»، الجيش اللبناني السبت، في مهام تفتيش لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني بجنوب لبنان، بناءً على طلب لجنة «الميكانيزم».

وطلبت «الميكانيزم»، من الجيش اللبناني بالتعاون مع «اليونيفيل»، الكشف عن أحد المنازل في بلدة بيت ياحون قضاء بنت جبيل، بعد موافقة صاحبه.

عناصر من الجيش اللبناني بالقرب من الحدود مع إسرائيل في 28 نوفمبر 2025 (رويترز)

وأوضح صاحب المنزل، علي كمال بزي، أنّه «تلقى اتصالاً من مخابرات الجيش بعد منتصف ليل الجمعة-السبت يسأله عن عودته من فنزويلا، فأكد أنّه موجود في لبنان، ويقطن في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، فطلب منه إرسال مفتاح المنزل لتفتيشه بناءً على طلب (الميكانيزم)، مشيراً إلى أنّ المنزل خالٍ وغير مسكون، وهو ما تم بالفعل».

وتزامن ذلك مع مهمتين إضافيتين؛ حيث كشف الجيش أيضاً عن منزلين آخرين، «أحدهما في بلدة كونين، والثاني في قرية بيت ليف»، حسبما أفادت وكالة «الأنباء المركزية»، التي أشارت إلى أن «جميع المنازل تبين أنها خالية من أي عتاد عسكري».

وفي بيانٍ أصدرته بلدية بيت ياحون، أكدت أنّ الجيش تواصل معها بشأن الموضوع، وأنها «لبّت النداء للكشف عن هذا المنزل»، مشددةً على «التأكيد أمام الرأي العام أنّ هذا البيت خالٍ من الأسلحة».

وفي الإطار نفسه، انتشر مقطع مصوّر لرئيس بلدية بيت ياحون مصطفى مكي، أوضح فيه أنّ طلب التفتيش ورد إلى الجيش اللبناني عبر لجنة «الميكانيزم»، وأن الإجراء أُنجز وفق الأصول الرسمية، وبحضور الجهات المحلية المختصة، لافتاً إلى أن البلدية تتابع هذه الخطوات «حرصاً على الشفافية، ومنع أي التباس لدى الأهالي».


مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

تتجَّه حركة «حماس»، خلال الأيام المقبلة، إلى انتخاب رئيس عام لمكتبها السياسي؛ بهدف سد المركز الشاغر منذ مقتل رئيس المكتب السابق يحيى السنوار بشكل مفاجئ، خلال اشتباكات خاضها إلى جانب مقاتليه في مدينة رفح بشهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بعدما كان قد اختير خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتيل نهاية يوليو (تموز) من العام نفسه، في العاصمة الإيرانية طهران.

وكشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، مرجحةً أن يتم انتخاب نائب له إما خلال الفترة نفسها أو لاحقاً بعد إجراء بعض الترتيبات الداخلية، بما يمكن أيضاً اختياره، وليس انتخابه، كما ستكون الحال بالنسبة لرئيس «حماس».

من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (أرشيفية - إعلام تابع لحماس)

وقالت المصادر إن هناك أكثر من مرشح لقيادة حركة «حماس»، من بينهم خالد مشعل، وكذلك خليل الحية، وشخصيات أخرى، مبينةً أن عملية الانتخاب ستتم ضمن قوانين الحركة الداخلية والمتبعة منذ سنوات، وأن هناك أجواء أخوية تسود استعداداً لهذه الانتخابات.

وأشارت المصادر إلى أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي العام هدفه تحقيق مزيد من الاستقرار والطمأنينة داخل الحركة، وحتى لنقل رسالة واضحة للعالم الخارجي بأن الحركة ما زالت متماسكة، ولديها الكادر القيادي الذي يستطيع أن يكون مسؤولاً عن كل شيء، ولديه القدرة على اتخاذ قرارات ضمن إجماع كامل داخل المكتب السياسي، كما هي الحال قبل الاغتيالات التي جرت خلال الحرب.

وبيَّنت المصادر، أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي، لن ينهي دور المجلس القيادي الحالي الذي تمَّ تشكيله لقيادة الحركة بعد الاغتيالات التي طالت هنية والسنوار، مبينةً أنه سيتم اعتباره مجلساً استشارياً يتابع كل قضايا «حماس» داخلياً وخارجياً، ويتم التشاور فيما بينه بشأن مصير تلك القضايا، وذلك حتى انتهاء ولايته في عام 2026.

وأشارت المصادر إلى أنه «لن تقام انتخابات كاملة للمكتب السياسي حالياً، ويتوقع أن هذه الانتخابات ستحصل بعد عام».

فلسطينيون يتظاهرون في الخليل بالضفة الغربية يوليو 2024 تندّيداً باغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)

ولن تشمل الانتخابات، أي أطر أخرى، وستكون فقط لرئيس المكتب السياسي العام حالياً. كما توضِّح المصادر.

وبشأن رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، بعد اغتيال السنوار، وعدم تعيين خليفة له، قالت المصادر، إن خليل الحية حالياً هو رئيس المكتب في القطاع، وفي حال أصبح رئيساً للمكتب السياسي العام، فسيتم تكليف شخص آخر وفق آليات معينة ليكون بديلاً له، وقد يكون من داخل القطاع نفسه، لافتةً إلى أن حالياً يوجد أعضاء مكتب سياسي بغزة تم تكليفهم لإدارة ملفات عدة.

وقالت المصادر، إن أعضاء المكتب السياسي الذين اغتالتهم إسرائيل داخل قطاع غزة، تم بشكل مؤقت تكليف آخرين للقيام بمهامهم التي كانت موكلة إليهم، ومن بين ذلك أسرى محررون كانوا مقربين جداً من السنوار.

وعانت «حماس» من سلسلة اغتيالات طالت قياداتها خلال الحرب التي استمرَّت عامين، ومن بينهم قيادات داخل وخارج قطاع غزة، ومن أبرزهم في الخارج، هنية، ونائبه السابق صالح العاروري الذي اغتيل في لبنان، خلال شهر يناير 2024.

ويشهد قطاع غزة، سلسلةً من الترتيبات الإدارية التنظيمية على المستويين القياديَّين الأول والثاني، وحتى على مستويات سياسية وأمنية واجتماعية وعسكرية مختلفة؛ بهدف سد الشواغر التي خلفتها عمليات الاغتيال الإسرائيلية.


حمص تشيّع ضحايا «مسجد وادي الذهب»... و«أنصار السنة» تتوعد بتفجيرات أخرى

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)
تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)
TT

حمص تشيّع ضحايا «مسجد وادي الذهب»... و«أنصار السنة» تتوعد بتفجيرات أخرى

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)
تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

شُيّع بمدينة حمص السورية، السبت، جثامين ضحايا التفجير الذي وقع داخل مسجد بحي ذي غالبية علوية، بمشاركة شعبية ورسمية، وسط إجراءات أمنية مشددة وحالة من الحزن سادت أوساط الأهالي، في حين جددت مجموعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة، وهي جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش»، تبنّيها التفجير، وتوعدت بالقيام بتفجيرات مماثلة.

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

وانطلقت مراسم التشييع من أمام مسجد الإمام علي بن أبي طالب بحي وادي الذهب بمدينة حمص، والذي وقع التفجير في داخله أثناء صلاة الجمعة. وأظهرت مقاطع فيديو بثتها وسائل إعلام محلية مشاركة حشود شعبية، بدا عليها الحزن، ومسؤولين حكوميين في المراسم.

وشارك في مراسم التشييع عدد من المسؤولين السوريين، منهم نائب محافظ حمص حمزة قبلان، ومدير مديرية الشؤون السياسية عبيدة الأرنؤوط، وطاقم المديرية، ومدير العلاقات السياسية جمعان العميّر، وقائد عمليات حمص حسن محمد الفريج، وقائد شرطة حمص بلال الأسود.

وأظهرت مقاطع الفيديو التي بثتها وسائل الإعلام المحلية انتشاراً أمنياً كثيفاً لعناصر قوى الأمن الداخلي في محيط المسجد لتأمين عملية التشييع، وذلك بالترافق مع اتخاذ إجراءات أمنية مشددة في الحي والمدينة، بحسب ما أفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط».

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «شيعت محافظة حمص ضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص، حيث وُوري خمسة من الضحايا الثرى في (مقبرة الفردوس) بمدينة حمص، فيما نُقلت جثامين الضحايا الآخرين إلى مساقط رأسهم في مناطق أخرى».

واعتبرت أن «مراسم التشييع التي شارك فيها المئات من أهالي حمص، وممثلون رسميون وشعبيون، جسّدت تصميمهم على الوقوف صفاً واحداً في مواجهة محاولات الفوضى والإرهاب، مؤكدين في الوقت نفسه دعمهم الكامل للأجهزة الأمنية في جهودها لحماية المدنيين والحفاظ على أمن واستقرار المدينة».

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

وأكد إمام وخطيب مسجد علي بن أبي طالب، الشيخ محي الدين سلوم، في كلمة ألقاها خلال مراسم التشييع، أن التفجير يشكّل محاولة يائسة من أعداء سوريا للنيل من وحدة الشعب السوري وزعزعة استقراره، مشدداً على أن مثل هذه الأعمال لن تُضعف إيمان السوريين بقوة السلم الأهلي، وأن الوحدة الوطنية تبقى السلاح الأهم في مواجهة هذه الهجمات.

بدوره، أعرب المحامي منير عودة، أحد سكان حي وادي الذهب، عن إدانته الشديدة للعمل الإرهابي، لافتاً إلى أن التفجير يهدف إلى بثّ الفتنة بين أبناء المدينة المعروفة بتنوعها الديني والاجتماعي، ومؤكداً أن هذا الاعتداء يعبّر عن محاولات متواصلة من جهات معادية لسوريا لتقويض أي جهود تهدف إلى إعادة بناء الدولة السورية.

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

في حين أكد عدد من سكان حي وادي الذهب، من بينهم نور الدين عمار وعلي ياسين نيصافي، استنكارهم الشديد للعمل الإرهابي، معتبرين أن استهداف دور العبادة يُعد جريمة تتنافى مع القيم الدينية والإنسانية كافة.

الناشط المدني في مجال السلم الأهلي، علاء إبراهيم، وهو من سكان مدينة حمص، رافق خروج جثامين الضحايا من المسجد، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هتاف «لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله» صدحت به أصوات أغلبية المشاركين منذ بدء مراسم التشييع.

وقد توجّه موكب التشييع بعد ذلك باتجاه «شارع الأهرام» الرئيسي، مروراً بحي كرم اللوز، ومن ثم إلى أوتوستراد حي باب الدريب، وصولاً إلى «شارع الستين»، ومن هناك تابع باتجاه «مقبرة الفردوس» التي تعد المدفن الرسمي للطائفة العلوية في مدينة حمص حيث تمت مراسم دفن خمسة جثامين.

ووفق إبراهيم، فإن «الأمور سارت على ما يرام، وفق ما علمه عبر اتصالات هاتفية مع عدد من المشاركين في التشييع».

وقُتل الجمعة ثمانية أشخاص على الأقل وأصيب 18 آخرون بجروح، في أثناء صلاة الجمعة، جراء انفجار داخل مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بمدينة حمص ذي الأغلبية العلوية، وقد تبنّته مجموعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة.

تهديد جديد

وأوردت المجموعة على تطبيق «تلغرام» أنه «فجّر مجاهدو (سرايا أنصار السنة)، بالتعاون مع مجاهدين من جماعة أخرى، عدداً من العبوات داخل (معبد) علي بن أبي طالب التابع للنصيرية».

وأوضحت المجموعة التي تأسست بُعيد إطاحة حكم بشار الأسد أواخر عام 2024، أن «هجماتنا سوف تستمر في تزايد، وتطال جميع الكفار والمرتدين».

وبالتزامن مع مراسم التشييع، أصدرت «سرايا أنصار السنة» السبت بياناً آخر نشرته في قناتها على منصة «تلغرام»، جددت فيه تبنّيها التفجير، وتوعدت بالقيام بتفجيرات مماثلة.

وتعهّد وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، يوم الجمعة، بأن تصل يد العدالة إلى الجهة التي تقف وراء تفجير حمص «أياً كانت»، مؤكداً أن التفجير يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا. ووصف الوزير استهداف دور العبادة بأنه «عمل دنيء وجبان».

ويعد هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الانتقالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران) أسفر عن مقتل 25 شخصاً، تبنّته في حينه كذلك مجموعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة.

ونددت عواصم عدة بالتفجير، بينها الرياض وبيروت وعمّان. ويفاقم الاعتداء مخاوف الأقليات في سوريا، بعد أعمال عنف متفرقة طالتها خلال الأشهر الماضية.

وتضمّ مدينة حمص، ذات الغالبية السنية، والتي شهدت معارك شرسة خلال الأعوام الأولى للنزاع السوري الذي اندلع في 2011، أحياء ذات غالبية علوية.