كيف سيبدو قطاع غزة في حال رحيل «حماس»؟

غرافيتي لوقف الحرب في غزة وسط روما (رويترز)
غرافيتي لوقف الحرب في غزة وسط روما (رويترز)
TT

كيف سيبدو قطاع غزة في حال رحيل «حماس»؟

غرافيتي لوقف الحرب في غزة وسط روما (رويترز)
غرافيتي لوقف الحرب في غزة وسط روما (رويترز)

يفرض الواقع الجديد الذي ينتظر قطاع غزة في ظل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، كثيراً من التساؤلات حول مستقبل القطاع من دون حكم الحركة، خصوصاً أن الخطة تؤكد أن لا دور لها بعد تنفيذها.

فخطة ترمب، فرضت على «حماس» والفصائل الفلسطينية، خيارات صعبة، ولربما رأى البعض فيها بأنها «مجحفة» لحركة كانت تتطلع أن تحصل على واقع أفضل لها ولسكان قطاع غزة بعد هجومها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبينما ردت حركة «حماس» بتعديلات على بعض بنود الخطة، وستجري مفاوضات بشأنها، أصبح سكان قطاع غزة أكبر عامل ضغط على الحركة التي تحكمهم منذ سيطرتها عسكرياً على القطاع في يونيو (حزيران) عام 2007، بعد خلافات مع حركة «فتح» على الحكم في أعقاب فوز الأولى بالانتخابات التشريعية وفشلها في تشكيل حكومة وحدة وطنية.

أمل الغزيين

ولا يعرف السكان في غزة ما ستؤول إليهم أوضاعهم، لكنهم يأملون في أن يكون الحكم فلسطيني خالصاً، بعيداً عن أي تدخلات دولية بشكل خاص؛ ما قد يعقد ظروفهم خشيةً من مواجهة بين هذه القوات وعناصر من الفصائل الفلسطينية لسبب ما.

ويقول الخريج الجامعي نادر أحمد (28 عاماً)، إنه يأمل في تحسن الوضع بغزة، وأن تكون هناك فرصة عمل للخريجين ولغيرهم. لكنه لا يزال حذراً بشأن مستقبل قطاع غزة في ظل الحديث عن الخطة الحالية وإمكانية نشر قوات عربية ودولية، الأمر الذي قد يدفع بغزة إلى شكل جديد من «الاحتلال» الأمر الذي سيشكل خطراً على الكثيرين خصوصاً من نشطاء الفصائل.

مستقبل أفضل

ويرحب أحمد، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، بأي شكل يمكن أن يتيح الفرصة أمام تغيير واقع غزة للأفضل، معتبراً رحيل «حماس» أمراً مهماً من الحكم لإتاحة الفرصة للسكان بالشعور بوضع جديد ومغاير، ومستقبل أفضل مما كانوا يعيشونه.

غزيون يمرون أمام مقر للأمم المتحدة دمرته إسرائيل في خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

ويرى أحمد، كما معظم الغزيين، أن «حماس» مسؤولة بشكل واضح عن تدمير قطاع غزة بفعل الحرب التي خاضوها من دون أن يفكروا في نتائج هذا الفعل غير المسؤول.

مواجهة الحقيقة

وهذا ما تؤكده مصادر، من مؤسسات حقوقية وأهلية وغيرها، وكتَّاب ومثقفين، ويقولون إن على «(حماس) أن تواجه حقيقة أنه لم يعد لديها أي مستقبل في غزة».

ويرى المحلل السياسي مصطفى إبراهيم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن قطاع غزة أمام مستقبل جديد في حال نجحت خطة ترمب. ورغم أنه سيحمل العديد من المخاطر المتعلقة بمستقبل القضية الفلسطينية برمتها، فإن هناك ترحيباً شعبياً بخروج «حماس» من كل المشهد السياسي، خصوصاً الحكم في القطاع.

غزيون يشاهدون دخان غارات إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ب)

ولفت إبراهيم إلى أن الشارع الغزي كثيراً ما كان ينادي في هذه الحرب، وحتى في أوساط مؤيدي «حماس» بضرورة أن تعلن الحركة على موافقتها ترك الحكم في القطاع، من أجل وقف هذه الحرب المدمرة.

ويرى إبراهيم أن البديل يجب أن يكون في السلطة الفلسطينية أو هيئة انتقالية فلسطينية من التكنوقراط من دون تدخل أجنبي، خصوصاً من الولايات المتحدة وإسرائيل أو غيرها من الشخصيات التي تطرح على الطاولة لتولي الحكم، مؤكداً ترحيب الشارع في قطاع غزة بالتدخل العربي بما يهدف إلى أن تكون هناك عملية مساندة لأي جهة فلسطينية تتولى الحكم.

أزمة «حماس»

في المقابل، تقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن انسحاب الحركة من مشهد الحكم في قطاع غزة، بعد هذه السنوات الطويلة، لا يعني أنها ستندثر كحركة حتى لو فرض عليها تسليم سلاحها أو خروج من تبقى من قياداتها.

لكن المصادر لا تخفي أن «الحركة باتت تواجه واقعاً اقتصادياً أكثر صعوبة، صاحبته ظروف انعكست على شعبية الحركة وتأييدها من جانب، ومن جانب آخر بسبب سياساتها ونتائج الحرب».

طفل عائد بطعام ودواء من مركز مساعدات في غزة (أ.ف.ب)

وخلال الحرب المستمرة منذ عامين، بدا أن الحركة أظهرت قدرتها على البقاء في الحكم، وكذلك قوتها الميدانية رغم تراجعها في بعض الأحيان، وقوتها في أحيان أخرى.

وكذلك نجحت قيادة الحركة في البقاء على تواصل مع دوائرها الحكومية، والإشراف عليها، واستمرت في صرف رواتب عناصرها وموظفيها، بالنسب والآليات نفسها المتبعة قبيل الحرب، إلا أن الواقع تغير بشكل أكبر في الآونة الأخيرة، بعدما استهدفت إسرائيل أماكن تخزين أموال الحركة والعديد من نشطائها، رجالاً ونساءً، الذين يقومون بمهمة توزيع تلك الأموال، الأمر الذي زاد معاناتها في توفير الأموال، وحتى صرفها أو وضعها في أماكن أخرى وغير ذلك.

وبينت المصادر أن الحركة اضطرت، في الأيام الأخيرة، لدفع رواتب موظفيها بعملة الدولار والدينار الأردني، والذي يصرف بمبالغ متدينة لعدم توفر الشيقل في السوق، وفي حال وفرته فإنه يباع بمبالغ باهظة بسبب العمولة المرتفعة عليه لعدم عمل البنوك.

غزيون ينزحون من مدينة غزة فيما دخان الاستهدافات الإسرائيلية يتصاعد منها (أ.ف.ب)

وأشارت إلى أن رواتب الموظفين تراوحت ما بين 200 و400 دينار أردني، أو ما يعادلها بالدولار، بما يصل فعلياً إلى نحو 1000 شيقل.

نتائج الحرب

ولا ترى المصادر أن ذلك يمثل ضعفاً أو انهياراً كاملاً للحركة، مؤكدةً أن هذا نتاج طبيعي لحرب مدمرة طالت كل شيء في قطاع غزة، سواء مصادر المال أم القوة أم غيره، مؤكدةً أن حركة «حماس» لا تزال لديها القدرة على البقاء ومواجهات التحديات، رغم أن هناك اعترافاً داخلياً بحاجتها إلى وقف الحرب، واستعادة قوتها، وإعادة ترتيب صفوفها.

وتوضح المصادر أن للحركة وجوداً شعبياً كبيراً في صفوف نشطائها، وتمتلك القدرة على البقاء، في حين أن السلاح وغيره يمكن للحركة أن تبني قوتها من جديد بعد سنوات أو عقد أو عقدين من الزمن، كما تقول.

الخروج من الحكم

وأضافت المصادر أن أمر الخروج من مشهد الحكم في قطاع غزة، كان مطروحاً قبل الحرب في عدة اجتماعات واتصالات سواء مع مصر أم «فتح» وفصائل فلسطينية أخرى، في إطار محاولات إعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية، والحركة لم تكن تمانع ذلك في خضم قوتها، وكانت تستعد لمثل هذا اليوم، ولذلك لا مشكلة لديها في أن يكون الحكم لغيرها.

وتقول المصادر إن تحميلها المسؤولية عن تدمير قطاع غزة، فيه ظلم كبير للحركة التي كانت لديها معلومات مؤكدة أن إسرائيل تستعد لحرب استباقية وكبيرة ضد غزة، مشيرةً إلى أن إسرائيل تعمدت سياسة التدمير لجعل سكان غزة يفكرون في أن الحركة هي المسؤولة عما لحق بهم من دون أن يفهم كثيرون أن المسبب الأول هو الاحتلال.


مقالات ذات صلة

زامير: الجيش الإسرائيلي «يدرس بشجاعة» إخفاقات 7 أكتوبر

شؤون إقليمية زامير: الجيش الإسرائيلي «يدرس بشجاعة» إخفاقات 7 أكتوبر play-circle

زامير: الجيش الإسرائيلي «يدرس بشجاعة» إخفاقات 7 أكتوبر

قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إن الجيش "يستفيد من تحقيقاته في إخفاقاته" المتعلقة بهجوم "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

قيادي بـ «حماس»: انفجار رفح وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل

قال محمود مرداوي القيادي في حركة «حماس» إن الانفجار الذي وقع في منطقة رفح في جنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء كان في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle

نتنياهو يسعى لتحميل «حماس» انفجار رفح قبل زيارته لأميركا

سعى ​رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط من «لواء غولاني» بالجيش ⁠الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي سيدة تجلس بجوار خيمتها داخل زقاق بمخيم مؤقت للنازحين الفلسطينيين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ب)

«حماس» تبلغ أنقرة استيفاءها متطلبات الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

قال مصدر في وزارة الخارجية التركية، إن الوزير هاكان فيدان التقى اليوم مع مسؤولين من المكتب ‌السياسي لحركة «حماس» ‌في أنقرة، لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا أرشيفية من داخل محكمة العدل الدولية (رويترز)

بلجيكا تنضم إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية

أعلنت محكمة العدل الدولية، الثلاثاء، انضمام بلجيكا إلى الدعوى المرفوعة من جانب جنوب إفريقيا، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)

شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، المخطوف منذ أيام، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن المخابرات الإسرائيلية اختطفته على خلفية صلات مشبوهة باختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد في جنوب لبنان عام 1986.

ويقول شقيقه عبد السلام شكر، إن قصة أحمد بدأت بعدما تواصل معه المغترب اللبناني في كينشاسا (ع. م.)، طالباً منه استئجار شقته في منطقة الشويفات (جنوب بيروت)، وبالفعل اتفقا قبل أشهر، ودفع 500 دولار إيجار الشقة. تكررت زيارات المغترب إلى لبنان، والتقى في إحداها بشكر في منزله، ولاحقاً، اتصل بالنقيب المتقاعد أحمد شكر ليبلغه بأن هناك متمولاً كبيراً في أفريقيا يُدعى سليم كساب (تبين لاحقاً أنه اسم وهمي) يبحث عن قطعة أرض لشرائها في زحلة، طالباً مساعدتهما.

يضيف عبد السلام: «نزل المغترب وعاين قطعة الأرض، وبعد أسبوعين على مغادرته، اتصل ليبلغ بأن المتمول كساب وافق على شراء الأرض، وهو سيزور لبنان، وعليه أن يلاقيه فيها في الساعة 4 والنصف من بعد ظهر يوم اختفاء أحمد»، مشيراً إلى أن المغترب «أصرّ على أن يكون هذا الموعد؛ لأنه يناسب الشاري، رغم تأكيد أحمد أن هذا الوقت تكون العتمة قد حلّت في المنطقة، ولن تظهر طبيعة الأرض». وقال إن المغترب «اعتذر عن عدم الحضور، متذرعاً بأن قدمه قد كُسِرت، وأن المتمول سيزور المكان وحده، برفقة أحمد».

في تلك الساعة من اللقاء، اختفى شكر. يقول عبد السلام: «لا نعلم عنه أي شيء سوى من التسريبات الأمنية والقضائية»، مضيفاً: «ما علمناه أن الخاطفين كانوا استأجروا منزلاً في زحلة، وأزالوا كل بصماتهم منه بعد اختطاف أحمد»، وأن «كاميرات المراقبة رصدت تحرك السيارة باتجاه بلدية الصويرة في البقاع الغربي حيث اختفت الأدلة بعدها»، علماً بأن الصويرة كانت تُستخدم كخط تهريب من جنوب دمشق الغربي، باتجاه لبنان.

ولاء للدولة

ويضيف عبد السلام: «أخي قضى أربعين عاماً في السلك العسكري، لم يكن ولاؤه إلا للدولة والمؤسسات، ولم يرتبط طوال حياته بأي من الأحزاب... نحن عائلة لا تتعاطى السياسة».

وشكر، تعرّض قبل أسبوع لعملية استدراج محكمة انطلقت من مسقط رأسه في بلدة النبي شيت (البقاع الشمالي بشرق لبنان)، قبل أن يُفقد أثره في نقطة قريبة جداً من مدينة زحلة.

الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

في دارة مختار بلدة النبي شيت عباس شكر، يتوافد أبناء البلدة والأصدقاء الذين أعربوا عن احتجاجهم واستنكارهم لعملية الخطف والاختفاء.

تقول العائلة إن أحمد شكر تقاعد قبل 9 سنوات، بعد أربعين عاماً من الخدمة في الأمن العام، وتنقل خلالها بأكثر من موقع، بينها نقطة المصنع الحدودية مع سوريا، ونقطة القاع الحدودية مع سوريا أيضاً في شمال شرقي لبنان.

ويقول شقيقه عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»: «شقيقي دخل الخدمة العسكرية في 1979، ما يعني أنه كان (ابن دولة) حين اختفى آراد في عام 1986... ومن المعروف أن ابن الدولة، لا يتعاطى الأحزاب».

ويردّ على محاولات ربط العائلة بنسب إلى فؤاد شكر، القيادي في «حزب الله» الذي اغتالته إسرائيل في يوليو (تموز) 2024 في الضاحية الجنوبية، بالقول: «لم يكن أحد من أبناء البلدة يعرف فؤاد شكر أصلاً... منذ مطلع الثمانينات خرج من البلدة ولم يعد إليها، وكان بعيداً عن أقربائه»، مشدداً على أن شقيقه، ومنذ تقاعده من الخدمة العسكرية، «لم يخرج خارج البقاع. التزم بيته، ويلعب الورق مع أصدقائه ليلاً».

عبد السلام شكر شقيق المخطوف أحمد شكر يتحدث لـ«الشرق الأوسط» من بلدة النبي شيت (الشرق الأوسط)

ويخيم الذهول على العائلة وزائري المنزل. هو مشهد متواصل منذ اختفائه في الأسبوع الماضي، ولم يتسارع الملف بمنحى رسمي، إلا حين اتصل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، بالرئيس اللبناني جوزيف عون، وبوزير الداخلية أحمد الحجار، حسبما يقول عبد السلام، مضيفاً أن عون «تعهّد بطلب من الأجهزة الأمنية والقضائية التوسع في التحقيقات وكشف الملابسات». وقال إن المسؤولين في «حركة أمل» كانوا على اتصال دائم مع رئيس البرلمان نبيه بري، لمتابعة الملف.

لغز الاختفاء

وقال عبد السلام: «نطالب القضاء والأجهزة الأمنية بتأكيد أو نفي التسريب حول صلة مزعومة باختفاء رون آراد، هذا التسريب الذي حصل لا يعنينا، ما يعنينا هو ما تقوله الأجهزة الأمنية والأمن العام الذي ينتمي له شكر، وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي تتولى التحقيق».

وأكد عبد السلام شكر أن «لغز الاختفاء موجود لدى (ع. م) ابن بلدة قانا الجنوبية الذي يقيم في كينشاسا ويتهرب من اتصالاتنا، وعلى الدولة اللبنانية أن تطلب عبر الإنتربول توقيفه وإحضاره إلى لبنان للتحقيق معه»، لافتاً إلى أن أرقام هواتفه «لم يعد يرد عليها»، وأن جميع المعلومات المتوفرة عنه، بما فيها مقاطع فيديو له، باتت بحوزة الأجهزة الأمنية.

ويعرب شكر عن اعتقاده بأن المغترب (ع. م.) «هو من رتب القصة مع الموساد، وأوصلهم إلى هذه المرحلة، ونفذوا العملية بطريقة دقيقة واحترافية»، لافتاً إلى أن ما فهمته العائلة من الأجهزة الأمنية اللبنانية، أن الخاطفين لم يتركوا أي بصمات، لا في شقة ضهور زحلة، ولا في الشويفات، ولم يتم العثور على أي دليل، كما أن سيارة الخاطفين ما زالت مجهولة».


عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
TT

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)

شهد المشهد الرسمي اللبناني عشية الأعياد حركة سياسية ودبلوماسية لافتة، تمحورت حول ملف عودة الجنوبيين إلى قراهم وبلداتهم، واستمرار الدعم العربي لإعادة الإعمار، إلى جانب متابعة الملفات التشريعية والاقتصادية.

وفي هذا الإطار، أكّد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن عودة الجنوبيين تمثل أولوية وطنية، فيما ثمّن رئيس مجلس النواب نبيه برّي وقوف العراق إلى جانب لبنان واستعداده للمساهمة في إعادة إعمار ما خلّفته الاعتداءات الإسرائيلية.

وأكّد عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

ورأى عون، خلال استقباله الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والوفد المرافق، أن المبادرة التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي خلال القمة العربية التي انعقدت في بغداد في مايو (أيار) الماضي، بتخصيص مبلغ 20 مليون دولار لإعادة الإعمار في لبنان، «شكّلت منطلقاً لمساعدات عربية ودولية لإعمار ما هدمته الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية على لبنان».

وشدّد على متانة العلاقات اللبنانية - العراقية، معتبراً أن «قواسم مشتركة عدة تجمع بين الشعبين اللبناني والعراقي»، شاكراً ما قدّمه العراق من دعم للبنان وللشعب اللبناني منذ سنوات، ولا يزال.

وكان الموفد الشخصي لرئيس الوزراء العراقي، السيد حسان العوادي، قد نقل إلى الرئيس عون تحيات رئيس الوزراء العراقي، مؤكداً «استمرار الدعم العراقي للبنان وتأمين ما يحتاج إليه من مساعدات».

وقال إن زيارة الوفد «تهدف إلى إطلاع المسؤولين اللبنانيين على أن الحكومة العراقية ماضية في تنفيذ التزاماتها تجاه لبنان، ولا سيما تلك التي أعلن عنها في قمة بغداد، ًوأنه تقرر فتح مكتب في السفارة العراقية في بيروت لمتابعة تنفيذ هذه المساعدة، وتنظيم العلاقة مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وتحديد الأولويات».

بري

من جهته، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وفداً عراقياً برئاسة الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي، وتناول اللقاء تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية، حيث حمّل الرئيس بري الوفد العراقي «شكر وتقدير الشعب اللبناني للعراق حكومة وشعباً على وقوفهم ودعمهم للبنان في مختلف الظروف، ولا سيما استعداد العراق للمساهمة في إعادة إعمار ما خلّفه العدوان الإسرائيلي».


إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز في منطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني عن الانتهاء من المرحلة الأولى لتنفيذ «حصرية السلاح» في منطقة جنوب الليطاني، وسط تهديد إسرائيلي بمواصلة العمل لإلزام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح «حزب الله».

وشن الطيران الحربي الإسرائيلي، الأربعاء، سلسلة غارات استهدفت وديان تقع بين قضائي الزهراني والنبطية في جنوب لبنان، كما استهدفت إحدى الغارات ساحل الزهراني في منطقة تبنا، حسبما أفادت مصادر محلية في الجنوب.

ووفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، الرسمية اللبنانية، «نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي صباح الأربعاء عدواناً جوياً مستهدفاً وادي النميرية في منطقة النبطية بسلسلة غارات، ملقياً خلالها عدداً من صواريخ جو - أرض أحدث انفجارها دوياً تردد في أرجاء المنطقة».

وأشارت إلى أن «الطيران الحربي المعادي شن بعدها بدقائق غارة جوية مستهدفاً وادي حومين»، لافتة إلى أن «العدوان الجوي تزامن مع تحليق مكثف للطيران المسير في أجواء بلدات الدوير، الشرقية، النميرية، تول، النبطية، زبدين وجبشيت وعلى علو متوسط».

بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي مهاجمة مواقع إطلاق تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان. وقال إن الغارات استهدفت مواقع لـ«حزب الله»، وأنه «تم تدمير مبانٍ عسكرية وبنى تحتية إرهابية إضافية عمل منها عناصره في الفترة الأخيرة»، لافتاً إلى أن «وجود مواقع الإطلاق التي تم استهدافها يشكل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

شمال الليطاني

وتقع جميع المناطق التي تعرضت للغارات، شمال نهر الليطاني، وهي من المرات النادرة التي تكون الغارات محصورة في منطقة شمال النهر، بعدما تركزت الغارات في الأشهر الماضية في نطقة جنوب النهر أو على ضفافه والمناطق الممتدة له. وتركزت غارات الأربعاء على مجرى نهر الزهراني الواقع إلى العمق في جنوب لبنان، ويبعد عن الحدود مسافات تصل إلى 40 كيلومتراً.

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

وجاءت هذه الغارات والتهديدات قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني عن الانتهاء من مرحلة تنفيذ «حصرية السلاح» في جنوب الليطاني، وهي المرحلة الأولى من خمس مراحل تتضمنها خطة الجيش اللبناني، ووافقت عليها الحكومة اللبنانية في 5 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس في تصريح، الأربعاء: «نواصل العمل لتنفيذ التزام حكومة لبنان بنزع سلاح (حزب الله) وإبعاده عن الحدود».

كما نقلت «القناة 13» الإسرائيلية عن مصادر قولها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «سيطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب (خلال لقائهما المتوقع بعد أيام) ضوءاً أخضر لشن عملية واسعة النطاق ضد (حزب الله)».

تقرير قائد الجيش

ومن المتوقع أن يقدم قائد الجيش العماد اللبناني رودولف هيكل، التقرير الرابع والنهائي لمرحلة تنفيذ السلاح جنوب الليطاني، في أولى جلسات الحكومية اللبنانية في العام الجديد، ويطلع مجلس الوزراء على الإنجازات التي تحققت لجهة مصادرة الأسلحة، وتفكيك الأنفاق والبنية التحتية العسكرية لـ«حزب الله» في المنطقة، ويقدم أرقاماً على هذا الصعيد.

وكان رئيس الحكومة نواف سلام أبلغ «الشرق الأوسط» في الأسبوع الماضي، أن المرحلة الثانية من تنفيذ «حصرية السلاح»، ستكون في المنطقة الواقعة بين شمال نهر الليطاني وجنوب نهر الأولي.

انتقادات «حزب الله»

وتتعرض خطة الحكومة، لانتقادات من قِبل «حزب الله» الذي أعلنت كتلته النيابية (الوفاء للمقاومة)، الأربعاء، أن لبنان «يستصرخ همم أبنائه ‏واهتمامات مسؤوليه ليسلكوا المسار الوطني الصحيح الذي يفضي ‏إلى وقف العدو لأعماله العدائيّة وانسحابه الكامل ‏وغير المشروط من بقية أرض وطننا المحتل، ‏وقطع الطريق أمام ألوان المطالب التي يستدرج عبرها السلطة لتقديم ‏التنازل تلو الآخر دون أي التزامٍ ‏منه لا بوقف إطلاق النار والاعتداء، ولا بالانسحاب وإنهاء احتلاله الغاشم».‏

وقالت، في بيان بعد اجتماعها الأسبوعي، إن «الأولويّة الوطنيّة اليوم هي إنهاء الاحتلال الصهيوني للمناطق والمساحات التي لم ينسحب ‏منها العدو ‏الصهيوني حتى الآن، رغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أي منذ ما يزيد على عامٍ بأكمله».

أضافت: «ليعلم العدو وحُماته الدوليون أن حق اللبنانيين بمقاومة الاحتلال إذا ما استمرَّ لأرضهم هو ‏حقٌّ مشروع بكل المعايير ‏والاعتبارات والمواثيق الدوليّة ولا يحتاج إلى شرعنة من المتخاذلين ‏أو المتواطئين».‏

وقالت الكتلة: «على الحكومة، بدل أن تتبرع مسبقاً ‏للمسارعة إلى استئناف ما يرتاح له العدو من خطوات، أن تقوم ‏بإجراءٍ حازمٍ يدفعه لتنفيذ ما ‏عليه، دون مراوغةٍ أو ابتزاز».