أي مستقبل يتوقعه مؤيدو «حماس» بعد خطة ترمب؟

مقاتلون من «حماس» خلال تشييع قيادي بالحركة في غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من «حماس» خلال تشييع قيادي بالحركة في غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

أي مستقبل يتوقعه مؤيدو «حماس» بعد خطة ترمب؟

مقاتلون من «حماس» خلال تشييع قيادي بالحركة في غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من «حماس» خلال تشييع قيادي بالحركة في غزة (أرشيفية - رويترز)

تضع خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين، عناصر حركة «حماس» والمؤيدين لها، والعاملين في أطرها الحكومية المختلفة، أمام الكثير من التساؤلات حول الخطة ومآلات مستقبلهم وحركتهم التي أيدوا لسنوات سياساتها المختلفة.

لعقود ظل كثيرون ممن يعتبرون أنفسهم خبراء في شؤون الفصائل الفلسطينية، يرون في «حماس» أنها الفصيل الأكثر تنظيماً على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي والديني الدعوي، الأمر الذي زاد من شعبيتها لدى الفلسطينيين لفترات طويلة، لكن في إطار حكمها للقطاع أظهرت في الكثير من المرات سوء قدرتها على العمل كجهة تمثل كل الفلسطينيين، وكانت في الكثير من القضايا تسيطر الفكرة الحزبية على إدارة حكمها، في المقابل يبدو أن الحرب الأخيرة، وعدم حسبان الحركة نتائجها العكسية، فرضت واقعاً جديداً على السكان ومؤيدي الحركة، للنفور أكثر من قرارها الذي أودى بها إلى نهاية غير متوقعة، كما يرى البعض.

نازحون فلسطينيون يحاولون الاحتماء بعدما أطلقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة دخانية في مدينة غزة الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

 

القيادة في الحرب

 

خلال هذه الحرب المتواصلة نجحت «حماس» كتنظيم سياسي وعسكري وحتى اجتماعي، وكذلك حكومي، في الحفاظ على عمل هيكليتها بسلاسة، ولكن بعد 18 مارس (آذار) الماضي في أعقاب استئناف إسرائيل للحرب، ومع زيادة الاغتيالات المركزة وضرب أهداف أكثر تركيزاً، باتت الحركة تفقد هذه الميزة بسبب تصعيد عمليات الملاحقة للقيادات والنشطاء الذين توكل إليهم مهام مختلفة.

تكشف مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، أن بعض المسؤولين الذين كان من المفترض أن يديروا بعض المهام، لأول مرة تخلوا عن مسؤولياتهم بسبب أمنهم الشخصي، لكنهم عدد محدود مقارنةً بالعدد الذي استمر في مهامه، ولكن صعوبات الملاحقة الأمنية فرضت على من استمروا في هذه المهام أن يختفوا عن الأنظار، الأمر الذي ترك الأمور أكثر صعوبة في إدارة العمل الحكومي والتنظيمي والعسكري في بعض مفاصله.

ويبدو أن ذلك يعود بشكل أساسي للفراغ الذي تركته القيادة العليا المعروفة، التي اغتيلت على فترات وفي ظروف مختلفة، وشعور أولئك بعدم الإحساس بالأمن مع إصرار إسرائيل على المضي قدماً في الحرب.

دخان جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة الخميس (إ.ب.أ)

 

كيف يفكرون؟

 

ومنذ استئناف إسرائيل للحرب في مارس الماضي، بات نشطاء «حماس» والمؤيدون لها، والعاملون في حكومتها، يشعرون بالضعف أكثر من شهر إلى آخر، وذلك من خلال فهمهم لآلية صرف رواتبهم وتراجع نسب صرفها، والتي لوحظ أنها أصبحت أقل من السابق، ووصلت لأقل من 40 في المائة، وبصرف أموال نقدية قديمة وتالفة.

وتزامن هذا مع فشل التوصل إلى اتفاق كاد ينهي الحرب، أو تتواصل من خلاله التهدئة السابقة، الأمر الذي أشار إلى تعقد المشهد السياسي والأمني والاقتصادي، وكذلك قدرة الحركة على الحكم بشكل كامل داخل القطاع، مع انتشار الفلتان وظهور عصابات مسلحة تخدم إسرائيل، وكذلك عمليات السرقة والنهب للمساعدات من عصابات منظمة وأخرى غير منظمة.

ومع الخطة الأميركية الجديدة، بات مؤيدو «حماس» وعناصرها، وكذلك العاملون في حكومتها، يفهمون أن مستقبل الحركة للبقاء في الحكم، أو حتى البقاء كجهة قادرة على أن تكون قوة كبيرة، يتراجع، لكن هذه الآراء مختلطة عليهم.

يقول «ج.ع»، وهو موظف حكومي في وزارة الاقتصاد التابعة لـ«حماس»، ويعتبر من العاملين في المجال الاجتماعي للحركة في أحد أحياء مدينة غزة، إن الخطة الأميركية خطيرة، وهناك مخاوف حقيقية لدى الكثير من نشطاء الحركة وموظفيها من أن تقوم القوات التي ستدير أمن القطاع مستقبلاً باعتقالهم والتحقيق معهم لانتمائهم للحركة.

مقاتلون من «حماس» قبيل تبادل الأسرى في 1 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

يضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المخاوف لا ترتبط به وحده، بل إن هذه المخاوف يشاركه فيها الكثير من عناصر ونشطاء الحركة الذين يرغبون في وقف الحرب، ولكنهم لا يريدون أن يكونوا لاحقاً لقمة سائغة لأي قوات سواء كانت عربية أو دولية تعمل على ملاحقتهم.

ووفقاً له (رفض الإفصاح عن اسمه لظروف أمنية)، فإن هذا الأمر يدفع الكثيرين للتفكير في مستقبلهم، بما في ذلك إمكانية إتاحة الفرصة أمامهم للسفر إلى الخارج، مشيراً إلى أن بعض الناشطين في العمل العسكري الميداني يرفضون مثل هذا المبدأ، ويبدون آراء تتعلق بالتمسك بسلاحهم خشيةً على حياتهم لاحقاً.

في حين يشير أحد قادة الجهاز الدعوي في «حماس» بمنطقة غرب غزة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الوضع الجديد بالنسبة للكثير من عناصر الحركة ومؤيديها يذكّرهم بما جرى من اتفاقيات أمنية تهدف لحماية إسرائيل بشكل أساسي في فترة التسعينيات، مبيناً أن هناك خشية حقيقية لديه ولدى الكثيرين من المسؤولين في جهاز الدعوة وغيره، من أن يتعرضوا لحملة اعتقالات شرسة كتلك التي تعرضت لها الحركة بين عامَي 1996 - 1997، من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.

ويعد جهاز الدعوة في «حماس» من أهم الأجهزة داخل الحركة، وتعتبره الأنظمة الداخلية من أهم هيكلياتها التي تنظم عمل الأفراد ودورهم في تولي المناصب المختلفة، حتى إنه في فترة من الفترات تدخل في تولي المناصب الحكومية العليا، وكذلك العناصر العادية وتوظيفها في الحكومة التي كانت تقودها الحركة بالقطاع.

فتى فلسطيني في مخيم للنازحين قرب الشاطئ بخان يونس الخميس (أ.ف.ب)

ويقول القيادي في الجهاز، إن خطة ترمب لم تُعرض حتى الآن على المستوى القيادي المنخفض، على عكس العديد من المرات التي كان يتم فيها وضع القيادات من مختلف المستويات في صورة أي مقترح يقدم، مرجحاً أن ذلك يعود إلى أن القيادة العليا بغزة سمحت لقيادة الخارج باتخاذ القرارات المناسبة من أجل التوصل لأي اتفاق يسمح بوقف الحرب بشكل نهائي.

 

مستقبل مجهول

 

ويجمع العديد من موظفي حكومة «حماس» والناشطين في صفوفها بالجناح السياسي والعسكري والدعوي وغيرها، أن المستقبل سيكون مجهولاً ولا يمكن التنبؤ به، في حين أن البعض يرون أن أخطر ما في الخطة وفق ما يُنشر، هو ما يتعلق بمصيرهم وإمكانية منحهم «العفو» مقابل تسليم سلاحهم، وهناك آخرون يرون أن ما هو أخطر قضية القوة العربية والدولية ومهامها المجهولة حتى اللحظة، وكذلك القوة الشرطية التابعة للسلطة الفلسطينية، والتي يتم تجهيزها لتولي مهامها الحكومية.

ويقول أحد نشطاء جهاز العمل الجماهيري في «حماس» (الجهاز المسؤول عن المهرجانات والاحتفالات والمؤتمرات)، إنه يمكن وصف الوضع بأنه غير مستقر، مشيراً إلى أن هناك الكثير من التساؤلات تفرض نفسها حول مستقبلهم كنشطاء، مؤكداً في الوقت ذاته أنه بالرغم من هذه الحرب الطاحنة، فإن الحركة ما زالت متماسكة إدارياً وهيكلياً وتنظيمياً على مختلف المستويات.

ورأى أنه بالرغم من كل هذا الدمار في قطاع غزة، والظروف التي يعيشها السكان، ونقمتهم على ما يعيشونه، فإن هناك من لا يزال يتمسك بسلاح المقاومة حتى من أولئك السكان، ولا يمكن أن يوصف ما يجري بأنه بمثابة هزيمة أو تفكيك للحركة سواء داخل الحركة أو خارجها، وفق قوله.

ويقول الناشط: «حركة (حماس) ما زالت متماسكة وقوية، وتستطيع مواجهة ما يجري حالياً، ونحن كنشطاء منذ سنوات طويلة في هذه الحركة ما زال لدينا انتماء إليها، ولا يمكن أن نفرط في ما قدمناه من تضحيات، وهذا واقع أثبتته مدة عامين من الحرب، وأظهر الحركة متماسكة، ولم تنجح إسرائيل في تفكيكها كما تدّعي».

ويبدو أن ذلك لا يعكس آراء الكثيرين من عناصر ومؤيدي الحركة تقريباً. وقال محمد حمدان أحد المؤيدين للحركة من سكان مدينة غزة، ونزح مؤخراً إلى وسط قطاع غزة، إنه يتوقع من قيادة «حماس» أن تشعر بوضع السكان المنهكين نتيجة هذه الحرب التي يدفعون ثمنها من أجل حياة 20 مختطفاً إسرائيلياً في المقابل.

ورأى حمدان أن هذا هو الوقت المناسب لتغادر الحركة مشهد الحكم في غزة، وأن تسلمه لجهة فلسطينية أخرى، مشيراً إلى أنه كما العديد من مؤيدي الحركة، وربما عناصرها الناشطون فيها، يمكن أن يتم تسليمهم للسلطة الفلسطينية، مع ضمان حماية أمنهم وألا يتم التعرض إليهم بالاعتقال أو غيره، وأن يتم فتح صفحة فلسطينية جديدة.


مقالات ذات صلة

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري عناصر من «حماس» وأعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسط الأنقاض في مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري نزع سلاح «الخط الأصفر»... ورقة ضغط تهدد المرحلة الثانية من «اتفاق غزة»

ترقب جديد لتطورات مشاورات ستمتد لـ«أسابيع مقبلة» بين وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حسب مخرجات لقاء رباعي بمدينة ميامي الأميركية.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل بمدينة غزة في غضون 10 أيام؛ ما تسبب بوفاة ما لا يقل عن 15 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة «حماس» في الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قصف عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله» في صيدا بجنوب لبنان.

وتُواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان تقول إنها تهدف إلى منع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته، بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب الدامية بين الطرفين، التي استغرقت أكثر من عام قبل وقف هشّ لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قبل أكثر من عام، قُتل قرابة 340 شخصاً بغارات إسرائيلية في لبنان، وفق حصيلةٍ أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى بيانات وزارة الصحة.

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية، وانسحاب «حزب الله» إلى شمال الليطاني، وصولاً إلى نزع سلاحه في كل لبنان، وعلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدّم إليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل تُبقي على خمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، بينما يرفض «حزب الله» نزع سلاحه مشيراً إلى أن الاتفاق يلحظ فقط منطقة شمال الليطاني الحدودية. وأقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح «حزب الله»، تطبيقاً للاتفاق، بدأ الجيش تنفيذها، على أن تنتهي المرحلة الأولى التي تشمل المنطقة الحدودية مع إسرائيل (جنوب الليطاني) بحلول نهاية العام. لكنّ إسرائيل صعّدت غاراتها الجوية، في الأِسابيع الأخيرة، متهمة «حزب الله» بإعادة بناء قدراته ومشككة في فاعلية الجيش اللبناني.


إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
TT

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

شرعت آليات تابعة للسلطات الإسرائيلية، الاثنين، في هدم مبنى من أربعة طوابق في القدس الشرقية يقطنه أكثر من 100 فلسطيني بحجة البناء دون ترخيص، في خطوة اعتبرها سكان «مأساة»، وأكدت منظمات حقوقية أنها الأكبر من نوعها خلال عام 2025.

ونددت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية بالهدم، ووضعته في إطار «سياسة ممنهجة من التهجير القسري».

ووصل ثلاث آليات إلى الحي الواقع في بلدة سلوان قرب البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، وسط طوق أمني من الشرطة الإسرائيلية، وشرعت بهدم المبنى الذي كانت تقطنه أكثر من عشر عائلات، بينهم نساء وأطفال ومسنّون.

وقال عيد شاور الذي كان يقطن في شقة بالمبنى مع زوجته وخمسة أطفال، إن الهدم «مأساة لجميع السكان».

الآليات الإسرائيلية تهدم المبنى السكني الواقع في بلدة سلوان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كسروا الباب ونحن نيام. طلبوا أن نغيّر ملابسنا ونأخذ الأوراق والوثائق الضرورية فقط. لم يسمحوا لنا بإخراج الأثاث». وأكد أنه «لا مكان لديّ لأذهب إليه»، وأن العائلة المؤلفة من سبعة أفراد ستضطر للبقاء في مركبته.

ورصدت الوكالة الفرنسية ثلاث حفارات تعمل على هدم المبنى أمام أعين الأهالي. وقالت سيدة بحسرة وألم أثناء متابعتها العملية: «هذه غرفة نومي».

ويعاني الفلسطينيون في القدس الشرقية من أزمة سكن، ولا تمنحهم البلدية الإسرائيلية إذن بناء إلا بأعداد نادرة لا تتوافق مع الزيادة السكانية.

ويقول الفلسطينيون ونشطاء حقوق الإنسان إن هذا المنع لا يراعي النمو الديمغرافي، ويسبّب نقصاً في المساكن.

جرافات إسرائيلية تشارك في عملية الهدم (إ.ب.أ)

وتنفذ السلطات الإسرائيلية بانتظام عمليات هدم لما تعتبره أبنية غير قانونية بناها فلسطينيون في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين.

ويطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية، في حين تعتبر إسرائيل المدينة بأكملها عاصمتها «الموحدة».

ويعيش أكثر من 360 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، بالإضافة إلى نحو 230 ألف إسرائيلي.

ووصفت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله الهدم بأنه «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تأتي في سياق سياسة ممنهجة تستهدف تهجير المواطنين الفلسطينيين قسراً، وتفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين».

الآليات الإسرائيلية تقوم بهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

وفي بيان مشترك، قالت منظمتا «عير عميم» و«بمكوم» الحقوقيتان الإسرائيليتان إن هدم المبنى بدأ «دون إنذار مسبق»، وقبل ساعات من اجتماع كان مقرراً بين محامي العائلات ومسؤول في بلدية القدس لـ«مناقشة إجراءات ممكنة لتسوية أوضاع المبنى».

وبحسب المنظمتين، فإن العملية تمثل «أكبر عملية هدم نُفذت في القدس خلال عام 2025»، مشيرتين إلى أن «نحو 100 عائلة من القدس الشرقية فقدت منازلها هذا العام».

ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت بلدية القدس الإسرائيلية إن المبنى «بُني دون ترخيص»، وإن «أمر هدم قضائياً سارٍ ضد المبنى منذ عام 2014». وأشارت إلى أن الأرض المقام عليها المبنى «مصنفة لأغراض الترفيه والرياضة»، وليست للسكن.

إخلاءات في بيت لحم

إلى ذلك، أخطرت القوات الإسرائيلية اليوم عائلات فلسطينية بوقف بناء وإخلاء خمسة منازل في شرق بيت لحم ومخيم جنين بالضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر أمنية قولها إن «قوات الاحتلال الإسرائيلي أخطرت ، اليوم ، بوقف بناء أربعة منازل في قرية العساكرة شرق بيت لحم بحجة عدم الترخيص».

بدورها، قالت مصادر محلية إن «قوات الاحتلال دفعت بآليات عسكرية ومعدات ثقيلة ومعدات هندسية وآليات تعبيد شوارع إلى مخيم جنين ، كما أخطرت
عائلات في عمارة الزهراء في محيط المخيم بإخلاء منازلهم تمهيدا لبدء أعمال تعبيد شوارع في المكان».

وأشارت الوكالة إلى أن عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها متواصل منذ 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث تفيد تصريحات رسمية لبلدية
جنين بأن «الاحتلال هدم قرابة 40 % من مخيم جنين، فيما يواصل فتح شوارع جديدة في المخيم وهدم بنايات وتغيير جغرافيته».


مقتل فلسطيني بقصف لمسيرة إسرائيلية شرق غزة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
TT

مقتل فلسطيني بقصف لمسيرة إسرائيلية شرق غزة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

قُتل مواطن فلسطيني، اليوم الاثنين، برصاص القوات الإسرائيلية، على أثر استهدافه في شرق مدينة غزة.

وأعلن الدفاع المدني في غزة، في بيان صحافي، اليوم، «استشهاد مواطن على أثر استهدافه بنيران طائرة مُسيرة إسرائيلية في منطقة الخط الأصفر بحي الشجاعية شرق مدينة غزة».

ووفق المركز الفلسطيني للإعلام، «واصل جيش الاحتلال هجماته المدفعية والجوية على مناطق متفرقة من قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «الطيران الإسرائيلي شنّ سلسلة غارات على مدينة رفح والمناطق الشرقية من مدينة خان يونس جنوب القطاع، بالتوازي مع تجدد عمليات نسف المنازل في مناطق مختلفة، بالإضافة إلى توغل القوات الإسرائيلية نحو مخيم جباليا».

ولفت إلى أن «هذه الهجمات في وقتٍ تستمر فيه المعاناة الإنسانية في قطاع غزة المحاصَر، مع نقص حاد في المستلزمات الأساسية، ومخاوف من انهيار الأبنية المتضررة على ساكنيها».

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية تدهور الأرصدة الدوائية في المستشفيات، حيث بلغت نسب العجز 52 في المائة في الأدوية، و71 في المائة في المستهلكات الطبية.

وحذَّر المدير العام لـ«منظمة الصحة العالمية»، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من أن أكثر من 100 ألف طفل و37 ألف حامل ومُرضع قد يعانون سوء تغذية حاداً، بحلول أبريل (نيسان) 2026، مشيراً إلى أن جهود مكافحة المجاعة في القطاع لا تزال «هشة للغاية».

من جانبه، أعلن رئيس بلدية خان يونس أن البلدية فوجئت بتقليص كبير في إمدادات الوقود، ما يمنعها من رفع الركام من المناطق المتضررة.

وأضاف أن المساعدات التي تتلقاها من بعض الجمعيات المحلية، والتي تُزودها بالآليات، غير كافية لتغطية الاحتياجات، مما يزيد صعوبة معالجة الأضرار في المدينة.

ودعت حركة «حماس»، في ظل استمرار التصعيد، الوسطاء إلى التحرك العاجل لوقف الخروقات الإسرائيلية، والضغط على تل أبيب لبدء عملية إعمار حقيقية لإنقاذ حياة الفلسطينيين.