تتوالى الأحاديث بشأن الحاجة لإجراء تعديلات وتقديم تفسيرات لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وسط ترقب لانتهاء مهلة واشنطن لحركة «حماس» للرد على المبادرة التي لم يمر عليها نحو أسبوع.
تلك المطالب التي جاءت على ألسنة مسؤولين في مصر وقطر ومصادر في حركة «حماس»، يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنها تنقسم إلى شقين، الأول في إطار رسمي يسعى إلى توضيحات للتنفيذ والتعجيل بالخطة، والثاني بالنسبة للحركة الفلسطينية... وسط توقع عدم قبول واشنطن بأي تغيرات جوهرية في مضامينها.
وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إن في خطة ترمب «كثيراً من العناصر الإيجابية، وعلى رأسها إنهاء الحرب بشكل فوري، والرفض الكامل لضم الضفة الغربية، وتوحيدها مع قطاع غزة، كذلك الرفض الكامل لتهجير الفلسطينيين».
وأكد في تصريحات متلفزة نقلتها وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، الأربعاء «ضرورة البناء على هذه العناصر الإيجابية»، موضحاً أن «هناك عناصر تحتاج لنقاش موسع، يتعين مناقشتها بشكل معمّق حتى يتم التوافق بشأنها، خصوصاً فيما يتعلق بالتنفيذ على الأرض».
وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مقابلة مع قناة «الجزيرة»، مساء الثلاثاء، إن«ما طُرح بخطة ترمب مجموعة من المبادئ، وتحتاج لمناقشة تفاصيلها، وكيفية العمل من خلالها، وهناك قضايا تحتاج إلى توضيح وتفاوض».
ويرى أن «وقف الحرب بند واضح في الخطة، ومسألة الانسحاب الإسرائيلي من غزة تحتاج إلى توضيحات، وهذا يجب مناقشته، ويجب أن يكون هناك إطار واضح بهذا الشيء».
ورغم إصدار دول عربية وإسلامية، بينها مصر، وقطر، والسعودية، وتركيا، وباكستان، والأردن وفلسطين، بيانات رحبت فيها بمبادرة ترمب عقب طرحها، فإن موقع «أكسيوس» الأميركي، الأربعاء، نقلاً عن دبلوماسيين، أفاد بأن «تفاصيل الخطة ما زالت قيد التفاوض، وأن الاتفاق لم يُحسم بعد». وأبلغ مسؤول أميركي «أكسيوس» أن بعض «التعديلات الطفيفة» قد تُضاف «لكن ترمب لا ينوي إعادة التفاوض على الخطة بأكملها».
الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»،الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن المطالب التي تزداد بالتعديلات والتفسيرات، «تحاول الحصول على توضيحات تنفيذية فقط وليست جوهرية»، مستبعداً أن يقبل الأميركيون بتغيرات جوهرية في مسار الخطة التي تعد «حماس» جزءاً صغيراً فيها سينتهي بتسليم الرهائن.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، «أن التعامل الأول مع الخطة هو الموافقة وهذا تم من جانب الدول العربية، وينتظر حالياً فقط، موقف (حماس)»، موضحاً أن الحديث عن تفسيرات وتوضيحات «مرتبط بالتفاصيل التنفيذية، مثل تواريخ الانسحاب الإسرائيلي، وكيفية إتمامه وهي ليست جوهرية مثل إعلان الموافقات».
وعُقد اجتماعٌ مطولٌ بين قيادة «حماس» ومسؤولين قطريين ومصريين وأتراك في العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء الماضي، لبحث الخطة المطروحة وإمكانية إدخال تعديلات عليها.
ووفقاً لمصادر مطلعة من «حماس» تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن وفد الحركة اعترض على بعض النقاط الواردة في الخطة، خصوصاً ما يتعلق منها بالانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وعدم وجود ضمانات واضحة على تنفيذه أو مواعيد زمنية محددة له، إلى جانب مواعيد تسليم الرهائن الإسرائيليين - أحياءً وأمواتاً - والمحددة بـ72 ساعة، كما طالب الوفد بتفاصيل واضحة تتعلق بقضية السلاح والحكم.
وبحسب المصادر، أشار ممثلو الدول الثلاث، إلى أن الخطة المطروحة «قابلة للتعديل في كثير من جزئياتها، لكنها مهمة للتقدم نحو إنهاء الحرب»، وأن هناك ضمانات واضحة من الولايات المتحدة قُدمت للدول العربية والإسلامية المشاركة في مناقشات الخطة، لتأكيد إنهاء الحرب والتزام إسرائيل بما جاء فيها، بما في ذلك قضية الانسحاب.
ودفع هذا قيادة «حماس» للتأكيد، على أنها ستدرس الخطة «بكل جدية ومسؤولية وإيجابية» من أجل التوصل إلى نقاط مشتركة يُبنى عليها أي اتفاق في هذا الصدد، وفقاً للمصادر.

وفيما لم تحدد الحركة موعداً للرد، قال ترمب، في تصريحات الثلاثاء، إن أمام «حماس» «نحو ثلاثة أو أربعة أيام» لاتخاذ قرار، مضيفاً: «ما نريده بسيط للغاية، وهو عودة الرهائن فوراً، ونريد بعض التصرفات الجيدة. إما أن تقوم (حماس) بذلك وأما لا، وإذا لم تفعل فسوف تكون النهاية حزينة للغاية».
عكاشة يعتقد أن قبول «حماس» بـ«خطة ترمب»، بمثابة «هزيمة كبيرة لها، وبالتالي ليس أمامها، إلا طلب تفسيرات، والمناورة أكثر بطلب تعديلات، لكن مهلة الرئيس الأميركي حاسمة، وسيكون حريصاً على إنجازها بـ(حماس) أو بغيرها، وستكون الحركة أكثر الخاسرين وقبلها القضية الفلسطينية».
ويرى مطاوع أيضاً أن «(حماس) تم تخطيها وستصبح من الماضي، ولا مكان لها باليوم التالي وليس أمامها سوى الرد على خطة ترمب بنعم أو لا، وعدم المناورة أكثر»، موضحاً أنه «أيا كان موقفها، سيمضي الرئيس الأميركي في خطته كما هو مقرر، لكن الخسائر ستكون استراتيجية للشعب الفلسطيني لا سيما في ملف التهجير».
