مدينة غزة... الجيش الإسرائيلي يدمر أحياء كاملة واحداً تلو الآخر

الهجوم البري يُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار من منازلهم

الدخان يتصاعد اليوم الخميس جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة المدمرة (رويترز)
الدخان يتصاعد اليوم الخميس جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة المدمرة (رويترز)
TT

مدينة غزة... الجيش الإسرائيلي يدمر أحياء كاملة واحداً تلو الآخر

الدخان يتصاعد اليوم الخميس جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة المدمرة (رويترز)
الدخان يتصاعد اليوم الخميس جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة المدمرة (رويترز)

لقد دمّر الجيش الإسرائيلي أحياء كاملة في مدينة غزّة، واحداً تلو الآخر، في إطار هجومٍ بري جديد على ما كان يوماً أكبر مركزٍ حضري في القطاع.

فحرب إسرائيل ضدّ حركة «حماس»، التي بدأت قبل عامين، سوّت مساحاتٍ واسعة من قطاع غزّة بالأرض، بما في ذلك مدينة رفح في الجنوب وبلدة بيت حانون في الشمال. غير أنّ الجيش لم ينفّذ في عمليّاته السابقة داخل مدينة غزّة مثل هذا الدمار الواسع النطاق.

فعلى الرغم من أنّ جزءاً كبيراً من المدينة ما زال قائماً، تُظهر صور الأقمار الاصطناعية أنّ القوات الإسرائيلية تدمر مناطق بأكملها خلال توغّلها في المدينة، بما في ذلك حيّ الزيتون ومنطقة قرب الشيخ رضوان، حيث هدمت عشرات المباني خلال سبتمبر (أيلول).

في السابق، كانت القوات الإسرائيلية تتقدّم داخل مدينة غزّة ثم تنسحب، لتعود لاحقاً للقتال ضد ما وصفته بـ«تمرّدٍ متجدّد» لـ «حماس». غير أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إنّ الأمر مختلف هذه المرّة، لأنّ الجيش سيُبقي على سيطرته في المناطق التي يستولي عليها.

وقال في مقابلة الشهر الماضي مع القناة «14»، وهي قناة تلفزيونية إسرائيلية يمينية: «نستولي على الأراضي ونُبقي عليها. نُطهّرها ثم نتقدّم».

ويؤكد نتنياهو أنّ الهدف من هذه العملية هو توجيه ضربة حاسمة لـ «حماس» في واحدٍ من آخر معاقلها داخل قطاع غزّة. ومع ذلك، يشكّك كثير من الإسرائيليين في نجاح هذه الاستراتيجية الآن، إذ أظهرت «حماس» قدرةً على الصمود رغم حربٍ مدمّرة دامت قرابة عامين.

وقد أجبر الهجوم البري الإسرائيلي مئات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار من منازلهم في مدينة غزّة، والتكدّس في مخيماتٍ من الخيام المتزايدة في وسط وجنوب القطاع.

وقد فاقم ذلك ما كان بالفعل كارثةً إنسانية في غزّة، حيث ينتشر الجوع على نطاق واسع، وتتواصل موجات النزوح الجماعي، وتنهار خدمات الرعاية الصحية والمدارس والبنية التحتية. ويقول كثير من سكان المدينة المنهكين من الحرب إنهم لا يستطيعون، أو لا يرغبون، في النزوح مجدداً، وكثير منهم لا يملكون منازل يعودون إليها.

وأثناء تقدّمها نحو مدينة غزّة، استخدمت القوات الإسرائيلية مباني قائمة قواعدٍ عسكرية، ثم دمّرتها لاحقاً بالمتفجّرات قبل التقدّم إلى الأمام، وفقاً لصور الأقمار الاصطناعية ومقاطع الفيديو التي تحقّقت منها صحيفة «نيويورك تايمز».

ويُظهر أحد المقاطع قيام الجيش بتدمير مدرسة الفرقان في المدينة، التي كان قد استخدمها سابقاً موقعاً عسكرياً.

وبالإضافة إلى عمليات الهدم، واصلت القوات الإسرائيلية شنّ غارات جوية في أنحاء مدينة غزّة، مستهدفةً مئات الأهداف منذ منتصف سبتمبر (أيلول).

5 صور بالأقمار الاصطناعية تُظهر حجم الدمار في غزة (نيويورك تايمز)

وفي صورةٍ التُقطت بالأقمار الاصطناعية بتاريخ 18 سبتمبر، وهي أحدث صورة عالية الدقّة متاحة من شركة «بلانِت لابز» للأقمار الاصطناعية التجارية، ظهر عددٌ أقل من الخيام مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل إعلان إسرائيل عن بدء هجومها البري على مدينة غزّة بيومين. ومع ذلك، ظلّت مئات الخيام مرئية، كثير منها على بُعد نحو ميل واحد فقط من المركبات العسكرية الإسرائيلية.

وقال مصطفى صيام (44 عاماً) إنّه فرّ أخيراً من حيّ الشاطئ شمال المدينة في 24 سبتمبر، مع اقتراب القوات الإسرائيلية واشتداد دويّ الانفجارات. وقد سار جنوباً لساعاتٍ على قدميه مع زوجته وأطفاله الثلاثة حتى وصل وسط غزّة.

وكان منزل صيام لا يزال قائماً قبل العملية الإسرائيلية الحالية، لكن ذلك قد لا يكون الحال عند عودته.

وقال: «يبدو أنّ الحرب بلا هدفٍ أو معنى، سوى تدمير أكبر قدرٍ ممكن من أسس الحياة في غزّة».

ويقول مسؤولون عسكريون إسرائيليون للصحافيين إنّه لا توجد سياسة لهدم الأحياء المدنية بالجملة، وإنهم يهاجمون مواقع تستخدمها «حماس» ويفجّرون الأنفاق تحت الأرض وغيرها من الأهداف العسكرية.

لكنّ بعض القادة الإسرائيليين ألمحوا إلى إمكان المضيّ أبعد من ذلك.

فقد هدّد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في أغسطس (آب) بأنّ مدينة غزّة ستصبح «مثل رفح وبيت حانون»، وهما مدينتان دمّرتا بالكامل تقريباً في الحرب، ما لم تُلقِ «حماس» سلاحها وتُفرج عن الرهائن المتبقّين.

وردّد إيلي كوهين، وزير آخر في المجلس الوزاري الأمني المصغّر، التهديد نفسه في مقابلة تلفزيونية مع القناة «14»، قائلاً إنّ «مدينة غزّة نفسها يجب أن تكون تماماً مثل رفح، التي حوّلناها إلى مدينةٍ من الخراب».

* خدمة «نيويورك تايمز»

«نستولي على الأراضي ونُبقي عليها. نُطهّرها ثم نتقدّم»

بنيامين نتنياهو


مقالات ذات صلة

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

شؤون إقليمية 
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
العالم العربي احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلّة بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجدداً، اليوم (الخميس)، أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يتم تنفيذه في وقته.

ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية عن عون قوله إنه ورئيس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها.

وشدد الرئيس اللبناني على أن الاتصالات الدبلوماسية لم تتوقف من أجل إبعاد شبح الحرب عن لبنان، مشيراً إلى أن «الأمور ستتجه نحو الإيجابية».

وكانت الوكالة قد نقلت عن بري تأكيده على إجراء الانتخابات في موعدها و«لا تأجيل ولا تمديد».

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية اللبنانية في مايو (أيار) من العام المقبل.


القوات الإسرائيلية تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

القوات الإسرائيلية تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

توغلت القوات الإسرائيلية صباح اليوم (الخميس) في قرى عدة بريف القنيطرة الجنوبي في جنوب سوريا.

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن «قوة للاحتلال مؤلفة من سيارتي (همر) توغلت في عدد من قرى ريف القنيطرة الجنوبي، انطلاقاً من تل أحمر غربي، وسلكت الطريق المؤدي إلى قرية كودنة وصولاً إلى قرية عين زيوان، ومنها إلى قرية سويسة وانتشرت داخل القرية، وقامت بتفتيش المارة وعرقلت الحركة».

وأشارت إلى أن «قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلت مساء أمس في قرى عدة بريف القنيطرة الشمالي، وفي بلدة الجلمة بريف درعا الغربي، واعتقلت شابين».

ووفق الوكالة، «تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية وخرقها اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، عبر التوغل في الجنوب السوري، والاعتداء على المواطنين».

وتطالب سوريا باستمرار بخروج القوات الإسرائيلية من أراضيها، مؤكدة أن جميع الإجراءات التي تتخذها في الجنوب السوري باطلة ولاغية، ولا ترتب أي أثر قانوني وفقاً للقانون الدولي، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع ممارسات إسرائيل وإلزامها بالانسحاب الكامل من الجنوب السوري والعودة إلى اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.


إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز)
مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز)
TT

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز)
مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز)

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن «الحكومات الأجنبية لن تقيّد حق اليهود في العيش في أرض إسرائيل، وإن أي دعوة من هذا القبيل خاطئة أخلاقياً وتمييز بحق اليهود»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

ووافق المجلس الأمني في إسرائيل، الأحد، على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة قال وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إنها تهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية».

ووفق بيان صادر عن مكتب سموتريتش، فإنه وبموجب هذا الإعلان يرتفع عدد المستوطنات التي تمت الموافقة عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة.

وتأتي الموافقة الإسرائيلية بعد أيام على إعلان الأمم المتحدة تسارع وتيرة الاستيطان بالضفة الغربية بحيث بلغت أعلى مستوياتها منذ عام 2017 على الأقل، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأدانت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، موافقة إسرائيل الأخيرة على إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وآيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تؤجّج أيضاً انعدام الاستقرار».

ويعيش في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل وضمتها منذ عام 1967، نحو ثلاثة ملايين فلسطيني إلى جانب نحو 500 ألف إسرائيلي يقطنون في مستوطنات تعتبرها الأمم المتحدة غير قانونية بموجب القانون الدولي.

وتواصل الاستيطان في الضفة الغربية في ظل مختلف حكومات إسرائيل سواء يمينية أو يسارية.

واشتد هذا الاستيطان بشكل ملحوظ خلال فترة تولي الحكومة الحالية السلطة، لا سيما منذ اندلاع الحرب في غزة عقب هجوم غير مسبوق شنته حركة «حماس» في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.