تبدأ حكومة الصومال في تنفيذ خطة لتوحيد «خطبة الجمعة» في عموم البلاد التي تشهد منذ نحو 15 عاماً خطاباً متطرفاً لحركة «الشباب» الإرهابية.
ورأت وزارة الأوقاف الصومالية تلك الخطوة، «تعزيزاً لرسالتها الدينية والتوعوية». وعدّها خبير في الشأن الأفريقي، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، خطوة مهمة «ستسهم في تفكيك الفكر المتطرف للحركة»، مشدداً على أن «مواجهة حركة الشباب عسكرياً ليست الحل الأمثل، ولكن يجب التحرك في جوانب فكرية ودينية كما يتم حالياً عبر توحيد الخطبة»، الذي توقع أن يلقى «قبولاً شعبياً».
وأعلن المدير العام لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إبراهيم آدم إبراهيم، الأربعاء، أن الوزارة بدأت «بتنفيذ خطة شاملة لتسجيل المساجد في إقليم بنادر، وتوحيد أوقات الصلاة، على أن يتم تعميمها تدريجياً في جميع أنحاء البلاد»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الصومالية.
وأوضح أن «الخطة تشمل أيضاً توحيد خطبة الجمعة وتطوير مهارات ومعارف الأئمة والخطباء في مختلف المساجد، بما يعزز رسالتها الدينية والتوعوية»، لافتاً إلى أن الوزارة أنشأت مركزاً خاصاً بها لأول مرة، وتعمل حالياً على تأسيس منتدى مركزي لعلماء الصومال، ليكون مرجعاً علمياً ودينياً موحداً.
وتعد المساجد أحد المنابر الرئيسية التي تسعى حركة «الشباب» إلى أن تسيطر عليها منذ وجودها قبل نحو 15 عاماً، وذلك بخطاب يغلبه التطرف وتكفير المجتمع والدولة... وعانى الصومال منذ سنوات من ذلك الخطاب.
وتوحيد الخطبة يعد إجراءً معروفاً عربياً، وطُبّق في عدة دول منها مصر؛ حيث تعدها الجهات المختصة مثل وزارة الأوقاف، وتهدف إلى «مواجهة الفكر المنحرف عن صحيح الدين والذي تمثله حركة (الشباب)»، وفق رأي الخبير في الشؤون الأفريقية مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم.
ونبه إبراهيم إلى أنه «كان لا بد أن يكون هناك برنامج توحيد للخطبة منذ وقت مبكر، وتعميمه على مستوى البلاد، إلى جانب بدء مشروع أفكار وآيديولوجيات مضادة لتفكيك أفكار حركة الشباب» المتطرفة.
وتوقع أن تلقى هذه الخطوة «قبولاً شعبياً»، مؤكداً أن «الشعب تعب من الخلافات ويحتاج إلى التوافق، لهزيمة التصعيد العسكري لتلك الحركة الإرهابية».
وتخوض الحكومة الصومالية معارك ضد تلك الجماعة المتطرفة، منذ بدايات الألفية، ومرَّت بفترات شهدت فيها انتصارات وانتكاسات. واعتمدت على ميليشيات محلية تعرف باسم «ماكويسلي» في حملتها الناجحة في 2022 – 2023، إذ انتزعت نحو 200 بلدة وقرية من حركة «الشباب».
لكن هجوم الحركة المضاد هذا العام أدى إلى استعادة نحو 90 في المائة من المناطق التي خسرتها، وسقطت في أيدي الحركة بلدات كان يفترض أنها نماذج للاستقرار، على غرار عالي غادود وأدان يابال. كما تم تدمير 3 جسور على نهر شبيلي تعدّ حيوية بالنسبة إلى خطوط الإمداد العسكري، بحسب تقديرات نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» أواخر يوليو (تموز) الماضي.
وتدور حالياً معارك بين الجيش الصومالي وحركة «الشباب» في أكثر من منطقة بالبلاد، وكانت أبرز هجمات هذا العام محاولة اغتيال الحركة رئيس الصومال حسن شيخ محمود في 18 مارس (آذار) الماضي، وأعلنت الحركة المتطرفة مسؤوليتها عنها، كما أطلقت عدة قذائف قرب مطار العاصمة مطلع أبريل (نيسان) الماضي، واستهدفت بتفجير انتحاري أكاديمية عسكرية جنوب مقديشو في يوليو الماضي.
وبحسب مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، فإن «حركة الشباب مبنية على فكرة وآيديولوجيا، ومحاربتها عسكرياً فقط لا ينهي وجودها، بل أيضاً أن تحارب بالفكرة، وبرنامج توحيد الخطبة أحد السبل».
