«خطة ترمب» بشأن غزة... دور مصري «محوري» يسعى لتوافقات

القاهرة تؤكد وجود عناصر «إيجابية» وأخرى في حاجة إلى نقاش موسع

وزير الخارجية المصري يلتقي على هامش اجتماع قادة ميونيخ بمدينة العُلا السفيرة هيلجا ماريا شميد نائبة رئيس مؤسسة مؤتمر ميونخ للأمن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي على هامش اجتماع قادة ميونيخ بمدينة العُلا السفيرة هيلجا ماريا شميد نائبة رئيس مؤسسة مؤتمر ميونخ للأمن (الخارجية المصرية)
TT

«خطة ترمب» بشأن غزة... دور مصري «محوري» يسعى لتوافقات

وزير الخارجية المصري يلتقي على هامش اجتماع قادة ميونيخ بمدينة العُلا السفيرة هيلجا ماريا شميد نائبة رئيس مؤسسة مؤتمر ميونخ للأمن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي على هامش اجتماع قادة ميونيخ بمدينة العُلا السفيرة هيلجا ماريا شميد نائبة رئيس مؤسسة مؤتمر ميونخ للأمن (الخارجية المصرية)

يتسع دور مصر شيئاً فشيئاً في حل أزمة الحرب في غزة التي تقترب من عامها الثالث، فبعد وساطة قاربت العامين، ينتظر أن تلعب القاهرة دوراً في توافقات، بشأن إدارة المشهد في القطاع.

ذلك الدور الذي يتسع تدريجياً، يضاف إليه، تدريب قوات فلسطينية، والإسهام في التوافق على لجنة فلسطينية لإدارة غزة، وقيادة مصر جهود إعمار غزة، واستضافتها مؤتمراً دولياً عقب وقف إطلاق النار، كما يؤكد وزير خارجيتها بدر عبد العاطي مراراً.

الأدوار المتزايدة لمصر، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأكيداً على محورية مصر وأهميتها، مؤكدين، أن «أي مسار ستذهب إليه مصر بكل تأكيد يحقق أمنها القومي، ويضمن عدم تصفية القضية الفلسطينية ويحفظ حقوق الفلسطينيين».

فلسطينيون يحملون مساعدات غذائية جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

واستمراراً لدور القاهرة في الوساطة مع الدوحة وواشنطن منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أفادت وكالة «بلومبرغ»، الأربعاء، نقلاً عن مصدر مطّلع، بأن وفداً من حركة «حماس» اجتمع، في الدوحة مع مسؤولين من قطر ومصر وتركيا، في إطار مداولات الحركة بشأن خطة ترمب.

وعلى مدار يومي الاثنين والثلاثاء، كانت مصر حاضرة، بوفد برئاسة رئيس المخابرات حسن رشاد في اجتماعات مع الفريق التفاوضي لـ«حماس» بالدوحة، بحضور قطري - تركي؛ لبحث الخطة الأميركية، وفق ما ذكره متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي دوري الثلاثاء.

وبخلاف الوساطة، أعاد وزير خارجية مصر، في اجتماع قادة ميونيخ بمدينة العُلا السعودية، الأربعاء، الإشارة إلى قيام مصر بتدريب عناصر من القوات الأمنية الفلسطينية؛ لتمكينها من بسط سيطرتها الأمنية على قطاع غزة، وفق بيان للخارجية المصرية.

كما أعاد عبد العاطي الحديث عن «اعتماد القمة العربية التي عقدت بالقاهرة في مارس (آذار) الماضي للجنة إدارية فلسطينية غير فصائلية قادرة على إدارة قطاع غزة مؤقتاً، لحين عودة السلطة الفلسطينية»، والتي تعدّ من مخرجات وساطة مصرية بين الفصائل الفلسطينية، لا سيما بين حركتي «فتح» و«حماس» على مدار أشهر.

عبد العاطي يلتقي المفوض العام لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) (الخارجية المصرية)

وفي لقاء مع فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالعلا، ناقش وزير خارجية مصر «مستجدات المؤتمر الدولي الذي تعتزم مصر استضافته بالتنسيق مع فلسطين والأمم المتحدة والشركاء الدوليين، بعد العودة إلى وقف إطلاق النار؛ لتوفير الدعم اللازم لمتطلبات التعافي المبكر كأولوية في المرحلة الحالية».

وبشأن مستقبل مبادرة ترمب، قال وزير الخارجية المصري، في تصريحات تلفزيونية، الأربعاء، إن الخطة تتضمن عناصر إيجابية وعناصر في حاجة إلى نقاش موسع، معقباً: «كما يُقال، الشيطان في التفاصيل، وبالتالي تتعين مناقشة هذه القضايا بشكل متعمق لتحقيق توافق بشأنها، خاصة فيما يتعلق بعملية التنفيذ على الأرض».

وأوضح، أن إدارة غزة «ستكون من مسؤولية الفلسطينيين، دون تدخل خارجي مباشر، وأن دور القاهرة سيكون داعماً للجنة الانتقالية ثم للسلطة الفلسطينية».

وبخلاف تلك الأدوار المؤكدة لمصر في المشهد الغزي المستقبلي والحالي، هناك أدوار محتملة تناقلتها «الغارديان» البريطانية و«هآرتس» الإسرائيلية، تشير إلى أن مدينة العريش المصرية، ستكون مقراً مؤقتاً محتملاً لهيئة انتقالية ستدير غزة، والملياردير المصري نجيب ساويرس أحد أعضاء لجنة الهيئة التي ستكون بقيادة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.

وكان ترمب قال في تصريحات عقب طرحه مبادرته إن «مجلس السلام» الذي سيترأسه، سيكون مسؤولاً عن تشكيل حكومة في غزة بمشاركة فلسطينيين وغيرهم، موضحاً أن أسماء أعضاء المجلس سيتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة.

فلسطينيون يحملون مساعدات غذائية جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويؤكد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، «أن الدور المصري منذ اندلاع الحرب محوري، سواء عبر الوساطة، أو طرح خطة إعمار غزة التي تم تبنيها عربياً وإسلامياً، بخلاف التوافق على لجنة المتابعة المجتمعية الفلسطينية وتدريب الشرطة الفلسطينية».

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سمير فرج، «أن مصر ساعية للسلام والاستقرار بالمنطقة، وأدوارها منذ حرب غزة التي تتزايد حالياً، سواء في تدريب قوات، أو وساطة بين الفصائل أو بين (حماس) وإسرائيل، نابعة من ذلك، ولا يمكن أن تفرط مصر في أمنها على حدودها الشرقية أو تسمح بتصفية القضية الفلسطينية».

وبرأي فرج، فإن أي أدوار مصرية محتملة ستكون محل نقاش، «ومصر لن تعترض على أي شيء ما دام لا يمس أمنها ولا يمس حقوق الفلسطينيين».

ولم تحسم «حماس» موقفها من خطة ترمب بعد، بعد الاجتماعات مع الوسطاء يومي الاثنين والثلاثاء، ونقلت وكالة «بلومبرغ»، الأربعاء عن مصدر مطلع أن وفد «حماس» أبلغ الوسطاء بأنه يراجع بعنايةٍ الخطة المؤلَّفة من 20 بنداً، التي أعلنها ترمب، يوم الاثنين، وأنه يسعى لاستيضاح بعض الجوانب الفنية، مضيفاً أن الحركة ستتشاور مع الفصائل الفلسطينية الأخرى قبل تقديم ردّها.

وقال ترمب، في تصريحات، الثلاثاء، إن أمام «حماس» «نحو ثلاثة أو أربعة أيام» لاتخاذ قرار، مضيفاً: «ما نريده بسيط للغاية، وهو عودة الرهائن فوراً، ونريد بعض التصرفات الجيدة. إما أن تقوم (حماس) بذلك أو لا، وإذا لم تفعل فستكون النهاية حزينة للغاية».

وعلى الرغم من إصدار دول عربية وإسلامية، بينها مصر، وقطر، والسعودية، وتركيا، وباكستان، والأردن وفلسطين، بيانات رحبت فيها بمبادرة ترمب عقب طرحها، أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، الأربعاء، نقلاً عن دبلوماسيين، بأن «تفاصيل الخطة ما زالت قيد التفاوض، وأن الاتفاق لم يُحسم بعد».

وأبلغ مسؤول أميركي «أكسيوس»، أن بعض «التعديلات الطفيفة» قد تُضاف، «لكن ترمب لا ينوي إعادة التفاوض على الخطة بأكملها».

ويرى حجازي، أن المرحلة المقبلة «ستشهد التفاوض في التفاصيل، بما يكفل لكل طرف حقوقه ويسهم في مشهد إقليمي في قطاع غزة يقود لتسوية وأفق تظهر فيه بوضوح السلطة الفلسطينية بعد إجرائها الإصلاحات المطلوبة».

وأكد فرج، «أن هناك رهاناً كبيراً على الذهاب لاتفاق»، متوقعاً «أن تمضي (حماس) في الخطة مع طلب تفسيرات أو توضيحات من الوسطاء».


مقالات ذات صلة

الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

المشرق العربي عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)

الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

ندد الأردن بإقرار الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يستهدف عمل ووجود وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ويقوض قدرتها.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون يقفون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة في ظل ظروف شتوية باردة تشهدها المنطقة في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وفاة 25 فلسطينياً في غزة جراء سوء الأحوال الجوية منذ بداية ديسمبر

قال تلفزيون «فلسطين»، الاثنين، إن 25 مواطناً في قطاع غزة لقوا حتفهم جراء سوء الأحوال الجوية منذ بداية ديسمبر الجاري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)

الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

وصلت إلى مطار العريش الدولي بمصر، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية الـ77، حاملة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية، تمهيداً لنقلها إلى المتضررين في غزة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي أفراد عائلة فلسطينية نازحة يتدفأون حول نار خارج مأواهم في مدينة خان يونس أمس (إ.ب.أ)

غزة: نازحون يبيتون في العراء وسط البرد القارس بعد غرق خيامهم

توفيت شابة فلسطينية إثر سقوط جدار منزل قصفه الجيش الإسرائيلي، فيما تسببت رياح قوية وأمطار غزيرة، بغرق عدد من خيام النازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

كشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير المقبل.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.