يتسع دور مصر شيئاً فشيئاً في حل أزمة الحرب في غزة التي تقترب من عامها الثالث، فبعد وساطة قاربت العامين، ينتظر أن تلعب القاهرة دوراً في توافقات، بشأن إدارة المشهد في القطاع.
ذلك الدور الذي يتسع تدريجياً، يضاف إليه، تدريب قوات فلسطينية، والإسهام في التوافق على لجنة فلسطينية لإدارة غزة، وقيادة مصر جهود إعمار غزة، واستضافتها مؤتمراً دولياً عقب وقف إطلاق النار، كما يؤكد وزير خارجيتها بدر عبد العاطي مراراً.
الأدوار المتزايدة لمصر، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأكيداً على محورية مصر وأهميتها، مؤكدين، أن «أي مسار ستذهب إليه مصر بكل تأكيد يحقق أمنها القومي، ويضمن عدم تصفية القضية الفلسطينية ويحفظ حقوق الفلسطينيين».

واستمراراً لدور القاهرة في الوساطة مع الدوحة وواشنطن منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أفادت وكالة «بلومبرغ»، الأربعاء، نقلاً عن مصدر مطّلع، بأن وفداً من حركة «حماس» اجتمع، في الدوحة مع مسؤولين من قطر ومصر وتركيا، في إطار مداولات الحركة بشأن خطة ترمب.
وعلى مدار يومي الاثنين والثلاثاء، كانت مصر حاضرة، بوفد برئاسة رئيس المخابرات حسن رشاد في اجتماعات مع الفريق التفاوضي لـ«حماس» بالدوحة، بحضور قطري - تركي؛ لبحث الخطة الأميركية، وفق ما ذكره متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي دوري الثلاثاء.
وبخلاف الوساطة، أعاد وزير خارجية مصر، في اجتماع قادة ميونيخ بمدينة العُلا السعودية، الأربعاء، الإشارة إلى قيام مصر بتدريب عناصر من القوات الأمنية الفلسطينية؛ لتمكينها من بسط سيطرتها الأمنية على قطاع غزة، وفق بيان للخارجية المصرية.
كما أعاد عبد العاطي الحديث عن «اعتماد القمة العربية التي عقدت بالقاهرة في مارس (آذار) الماضي للجنة إدارية فلسطينية غير فصائلية قادرة على إدارة قطاع غزة مؤقتاً، لحين عودة السلطة الفلسطينية»، والتي تعدّ من مخرجات وساطة مصرية بين الفصائل الفلسطينية، لا سيما بين حركتي «فتح» و«حماس» على مدار أشهر.

وفي لقاء مع فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالعلا، ناقش وزير خارجية مصر «مستجدات المؤتمر الدولي الذي تعتزم مصر استضافته بالتنسيق مع فلسطين والأمم المتحدة والشركاء الدوليين، بعد العودة إلى وقف إطلاق النار؛ لتوفير الدعم اللازم لمتطلبات التعافي المبكر كأولوية في المرحلة الحالية».
وبشأن مستقبل مبادرة ترمب، قال وزير الخارجية المصري، في تصريحات تلفزيونية، الأربعاء، إن الخطة تتضمن عناصر إيجابية وعناصر في حاجة إلى نقاش موسع، معقباً: «كما يُقال، الشيطان في التفاصيل، وبالتالي تتعين مناقشة هذه القضايا بشكل متعمق لتحقيق توافق بشأنها، خاصة فيما يتعلق بعملية التنفيذ على الأرض».
وأوضح، أن إدارة غزة «ستكون من مسؤولية الفلسطينيين، دون تدخل خارجي مباشر، وأن دور القاهرة سيكون داعماً للجنة الانتقالية ثم للسلطة الفلسطينية».
وبخلاف تلك الأدوار المؤكدة لمصر في المشهد الغزي المستقبلي والحالي، هناك أدوار محتملة تناقلتها «الغارديان» البريطانية و«هآرتس» الإسرائيلية، تشير إلى أن مدينة العريش المصرية، ستكون مقراً مؤقتاً محتملاً لهيئة انتقالية ستدير غزة، والملياردير المصري نجيب ساويرس أحد أعضاء لجنة الهيئة التي ستكون بقيادة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وكان ترمب قال في تصريحات عقب طرحه مبادرته إن «مجلس السلام» الذي سيترأسه، سيكون مسؤولاً عن تشكيل حكومة في غزة بمشاركة فلسطينيين وغيرهم، موضحاً أن أسماء أعضاء المجلس سيتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة.

ويؤكد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، «أن الدور المصري منذ اندلاع الحرب محوري، سواء عبر الوساطة، أو طرح خطة إعمار غزة التي تم تبنيها عربياً وإسلامياً، بخلاف التوافق على لجنة المتابعة المجتمعية الفلسطينية وتدريب الشرطة الفلسطينية».
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سمير فرج، «أن مصر ساعية للسلام والاستقرار بالمنطقة، وأدوارها منذ حرب غزة التي تتزايد حالياً، سواء في تدريب قوات، أو وساطة بين الفصائل أو بين (حماس) وإسرائيل، نابعة من ذلك، ولا يمكن أن تفرط مصر في أمنها على حدودها الشرقية أو تسمح بتصفية القضية الفلسطينية».
وبرأي فرج، فإن أي أدوار مصرية محتملة ستكون محل نقاش، «ومصر لن تعترض على أي شيء ما دام لا يمس أمنها ولا يمس حقوق الفلسطينيين».
ولم تحسم «حماس» موقفها من خطة ترمب بعد، بعد الاجتماعات مع الوسطاء يومي الاثنين والثلاثاء، ونقلت وكالة «بلومبرغ»، الأربعاء عن مصدر مطلع أن وفد «حماس» أبلغ الوسطاء بأنه يراجع بعنايةٍ الخطة المؤلَّفة من 20 بنداً، التي أعلنها ترمب، يوم الاثنين، وأنه يسعى لاستيضاح بعض الجوانب الفنية، مضيفاً أن الحركة ستتشاور مع الفصائل الفلسطينية الأخرى قبل تقديم ردّها.
وقال ترمب، في تصريحات، الثلاثاء، إن أمام «حماس» «نحو ثلاثة أو أربعة أيام» لاتخاذ قرار، مضيفاً: «ما نريده بسيط للغاية، وهو عودة الرهائن فوراً، ونريد بعض التصرفات الجيدة. إما أن تقوم (حماس) بذلك أو لا، وإذا لم تفعل فستكون النهاية حزينة للغاية».
وعلى الرغم من إصدار دول عربية وإسلامية، بينها مصر، وقطر، والسعودية، وتركيا، وباكستان، والأردن وفلسطين، بيانات رحبت فيها بمبادرة ترمب عقب طرحها، أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، الأربعاء، نقلاً عن دبلوماسيين، بأن «تفاصيل الخطة ما زالت قيد التفاوض، وأن الاتفاق لم يُحسم بعد».
وأبلغ مسؤول أميركي «أكسيوس»، أن بعض «التعديلات الطفيفة» قد تُضاف، «لكن ترمب لا ينوي إعادة التفاوض على الخطة بأكملها».
ويرى حجازي، أن المرحلة المقبلة «ستشهد التفاوض في التفاصيل، بما يكفل لكل طرف حقوقه ويسهم في مشهد إقليمي في قطاع غزة يقود لتسوية وأفق تظهر فيه بوضوح السلطة الفلسطينية بعد إجرائها الإصلاحات المطلوبة».
وأكد فرج، «أن هناك رهاناً كبيراً على الذهاب لاتفاق»، متوقعاً «أن تمضي (حماس) في الخطة مع طلب تفسيرات أو توضيحات من الوسطاء».









