مواجهة صامتة بين ترمب وقادة البنتاغون بشأن مستقبل الجيش الأميركي

اجتماع دُعي إليه مئات الجنرالات والأدميرالات من مواقع عملياتية حول العالم... ووُصف بأنه «غير مسبوق»

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)
TT

مواجهة صامتة بين ترمب وقادة البنتاغون بشأن مستقبل الجيش الأميركي

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)

«لقد أعدت بناء الجيش الأميركي»، هكذا بدأ الرئيس دونالد ترمب كلمته أمام مئات القادة العسكريين الذين اجتمعوا الثلاثاء في قاعدة كوانتيكو بولاية فرجينيا، في حدث غير مسبوق من حيث الحجم والطبيعة. وأضاف ترمب، بابتسامة واثقة، أن الولايات المتحدة تتفوق على جميع البلدان في المجالات العسكرية، مشيراً إلى تقدم بلاده على روسيا والصين في قدرات الغواصات، وكاشفاً عن خطط لإنتاج طائرة مقاتلة جديدة من الجيل السادس. وتحدث عن إنهائه لثماني حروب خلال فترة رئاسته، واصفاً إنجازاته بأنها «سلام حقيقي»، على الرغم من أن جائزة نوبل للسلام لم تُمنح له، بحسب قوله، بل «لأي شخص ألف كتاباً ضده».

في كلمته، لم يخف ترمب امتعاضه من استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن الصراع ما زال محتدماً رغم وساطة إدارته. ودعا إلى تعاون مباشر بين بوتين وزيلينسكي لتسوية الأزمة، مؤكداً: «سنواجه بوتين بقوة لإنهاء حرب أوكرانيا». وفي ما يتعلق بالصراعات الأخرى، أعرب عن تفاؤله بشأن إنهاء الحرب في غزة وإرساء السلام في الشرق الأوسط، مؤكداً أن سياساته أنهت فوضى السنوات الأربع الماضية.

وزير الدفاع بيت هيغسيث أكد من جهته أن الجيش الأميركي يحتاج إلى إنهاء حالة «التدهور» المستمرة منذ عقود. وقال إن المؤسسة العسكرية كانت منشغلة بما سماه «هراء آيديولوجياً»، من التغير المناخي إلى الترقيات على أساس العرق أو الجنس. وأضاف: «لقد أُجبر الجيش، بسبب سياسيين متهورين ويفتقرون إلى الحكمة، على التركيز على أمور خاطئة. لقد أصبحنا بمثابة وزارة اليقظة، لكن هذا انتهى الآن»، متعهداً أيضاً بتخفيف القواعد التأديبية. ووعد بإعادة تركيز الجيش على التهديدات المباشرة للأراضي الأميركية، بما في ذلك مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة، مع تعزيز الجاهزية لأي مواجهة محتملة مع الصين في تايوان.

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث متحدّثاً خلال مناسبة في البنتاغون يوم 19 سبتمبر 2025 (رويترز)

وكشفت مصادر متعددة، من مسؤولين حاليين وسابقين في البنتاغون، عن تصاعد قلق كبار القادة العسكريين حيال هذه الاستراتيجية، التي صاغها فريق من «المعيّنين السياسيين» المقربين من ترمب. ويَعدّ هؤلاء أن «وثيقة الاستراتيجية» تحمل تحولات جذرية في أولويات وزارة الدفاع، أبرزها التركيز على «حماية الوطن» على حساب الالتزامات التقليدية للولايات المتحدة في أوروبا وأفريقيا، وتضييق نطاق المواجهة الاستراتيجية مع الصين.

الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، كان من بين أبرز المنتقدين؛ إذ نقل عنه مقربون أنه قدم «ملاحظات صريحة للغاية» إلى الوزير هيغسيث، محذراً بأن تقليص الحضور الأميركي في الساحات الدولية قد يقوض الردع الذي شكّل لعقود حجر الأساس للأمن القومي الأميركي.

في المقابل، يدافع هيغسيث وفريقه عن خطتهم بوصفها امتداداً لشعار ترمب «أميركا أولاً»، و«السلام من خلال القوة»، مؤكدين أن الهدف هو إعادة تركيز الجيش على التهديدات المباشرة للأراضي الأميركية، بما في ذلك مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتهريب المخدرات، والجريمة المنظمة، إضافة إلى تعزيز الجاهزية لأي مواجهة محتملة مع الصين في تايوان.

لكن الطابع السياسي الصريح الذي يطبع الوثيقة يثير مخاوف أخرى داخل البنتاغون، فوفق مطلعين، لا تخفي «مسودة الاستراتيجية» انتقادات حادة لإدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، وهو أمر غير مألوف في الوثائق الاستراتيجية التي درجت تاريخياً على اعتماد لغة مؤسساتية بعيدة عن الاصطفافات الحزبية. ويشير هؤلاء إلى أن هذا النهج قد يعمّق القلق من تسييس دور الجيش وإضعاف استقلالية القيادة العسكرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسيدة الأولى خلال مشاركتهما في الاحتفال بذكرى «هجمات 11 سبتمبر»... (أ.ب)

الجدل لم يتوقف عند مضمون الاستراتيجية فقط، بل امتد إلى طريقة عرضها. فالاجتماع في «كوانتيكو»، الذي جرى تسريب خبر انعقاده قبل أيام عبر صحيفة «واشنطن بوست»، استُدعي إليه مئات الجنرالات والأدميرالات من مواقع عملياتية حول العالم. مسؤولون عسكريون ومؤرخون وصفوا هذا الحدث بأنه «غير مسبوق» من حيث الحجم والطبيعة، وسط تساؤلات عن الدوافع الحقيقية وراء جمع هذا العدد من القيادات في مكان واحد، وما يحمله من أخطار أمنية في حال استهدافه.

النقد الأشدّ جاء من جانب الكونغرس، حيث عدّت عضوان ديمقراطيتان في لجنة القوات المسلحة الاجتماع «باهظ التكاليف» ويشكل «مخاطرة أمنية غير مبررة»، خصوصاً في وقت ترفع فيه الإدارة شعار محاربة الهدر المالي.

الرئيس دونالد ترمب والسيدة الأولى ميلانيا يصلان إلى حفل إحياء الذكرى الـ24 لـ«هجمات 11 سبتمبر 2001» في البنتاغون الخميس (أ.ب)

في خلفية هذه التطورات، تتجلى ملامح انقسام متصاعد بين القيادتين السياسية والعسكرية للبنتاغون. فبينما يسعى هيغسيث إلى إعادة رسم خطوط القيادة المقاتلة وخفض أعداد الجنرالات بنسبة تصل إلى 20 في المائة، يخشى الضباط من أن تؤدي هذه التغييرات إلى شلل مؤسسي وإضعاف فاعلية القيادة العسكرية. وقد جرى بالفعل إعفاء عدد من كبار الضباط، بينهم شخصيات بارزة تولت مناصب رفيعة في عهد بايدن، مثل رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز براون، ورئيسة العمليات البحرية الأدميرال ليزا فرنشيتي، فضلاً عن إعفاء عدد غير متناسب من النساء خلال عمليات الإقالة. وهو ما غذّى الانطباع بأن عمليات الإقالة تحمل بُعداً سياسياً.

«دق جرس» تكريماً للضحايا خلال احتفال في البنتاغون بذكرى مرور 24 عاماً على «هجمات 11 سبتمبر 2001» ضد الولايات المتحدة (رويترز)

ومع أن التاريخ العسكري الأميركي يوفّر بعض السوابق لمحاولات إعادة هيكلة مشابهة، لكن حجم الاعتراضات الحالية يشير إلى خصوصية اللحظة؛ فبالنسبة إلى كثيرين في البنتاغون، تمثل الاستراتيجية الجديدة اختباراً لمعادلة لطالما اعتمدتها واشنطن: «الدفاع عن المصالح الأميركية عبر بناء تحالفات قوية في الخارج». والتخلي عن هذه القاعدة، في نظر منتقدي الخطة، يفتح الباب أمام تمدد خصوم مثل روسيا والصين، ويضعف شبكة الردع التي استثمرت فيها الولايات المتحدة عقوداً من الموارد والنفوذ.

مع ذلك، يراهن البيت الأبيض على أن هذه الاستراتيجية ستلقى صدى لدى قاعدة ترمب السياسية؛ إذ تترجم توجهاته في استخدام الجيش لدعم سياسات مكافحة الهجرة، والأمن الداخلي، حتى وإن كان ذلك على حساب الدور الدولي التقليدي للقوات المسلحة. وقد برز هذا التوجه خلال العام الحالي مع نشر قوات على الحدود الجنوبية، واستخدام الحرس الوطني في المدن الأميركية، في خطوات واجهت اعتراضات قانونية متصاعدة.

الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال حفل في البنتاغون بواشنطن لإحياء الذكرى الـ24 لـ«هجمات 11 سبتمبر 2001»... (أ.ب)

الأسئلة المطروحة الآن تتجاوز تفاصيل الوثيقة لتلامس جوهر العلاقة بين الرئيس والجيش: هل يتجه البنتاغون إلى أن يصبح أداة مباشرة في خدمة أجندة سياسية داخلية، أو أن المؤسسة العسكرية ستنجح في الحفاظ على دورها بوصفها ركيزة مستقلة للأمن القومي؟ اجتماع «كوانتيكو» قد لا يقدّم الإجابة النهائية، لكنه يعكس بوضوح حجم الرهانات والشكوك المحيطة بمستقبل السياسة الدفاعية الأميركية.

ويظل الانقسام بين القيادات العسكرية والسياسية قائماً، ليضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى علاقة متوترة أصلاً بين البيت الأبيض والبنتاغون في ظل التحديات المتسارعة التي تواجهها الولايات المتحدة داخلياً وخارجياً.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

شؤون إقليمية تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

عادت القيادات السياسية والعسكرية تتحدث عن قلق شديد وشعور بالخطر الوجودي من النشاط الإيراني المتجدد لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز) play-circle

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

نفذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديداتها واحتجزت ناقلة نفط ثانية قبالة سواحل فنزويلا في ضربة جديدة لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لدفعه للتنحي.

هبة القدسي
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يستعد لتوسيع حملته على الهجرة في 2026

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوسيع حملته على المهاجرين في عام 2026، بإضافة تمويلات جديدة تصل إلى مليارات الدولارات، وتتضمن مداهمة مزيد من مواقع العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته (إ.ب.أ)

أمين عام «الناتو»: ترمب الوحيد القادر على إجبار بوتين على إبرام اتفاق سلام

أشارت تقديرات مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى أن الحلف بمقدوره الاعتماد على الولايات المتحدة في حال الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي القبض على أحد عناصر «خلية داعش» في داريا بريف دمشق (سانا)

عملية أمنية تستهدف وكراً لتنظيم «داعش» في داريا بريف دمشق

فكَّك الأمن الداخلي السوري خلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش»، وألقى القبض على أفرادها، وذلك خلال عملية أمنية محكمة في منطقة داريا بريف دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)

نفذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديداتها بفرض حصار شامل على ناقلات النفط المبحرة من فنزويلا وإليها، واحتجزت يوم السبت ناقلة نفط ثانية قبالة سواحل فنزويلا في ضربة جديدة لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تستهدف مضاعفة الضغوط لدفعه للتخلي عن السلطة.

وأثارت التحركات الأميركية العسكرية والتهديدات المتكررة واحتجاز ناقلات النفط تساؤلات حول الهدف الحقيقي لإدارة ترمب؛ ما بين مكافحة المخدرات وأطماع السيطرة على النفط والمعادن النادرة وهدف الإطاحة بنظام مادورو، وتساؤلات حول مدى نجاح هذه الاستراتيجية في تغيير السلطة في فنزويلا، وتساؤلات أخرى تجادل بأن مصادرة ناقلات النفط هي أعمال حرب تتطلب تفويضاً من الكونغرس.

مبررات واشنطن

تعتمد استراتيجية واشنطن في فرض هذه الضغوط ضد فنزويلا على المخاوف الأمنية المتعلقة بتهريب المخدرات مثل الكوكايين والفنتانيل والاتجار بالبشر، إضافة إلى الرغبة في تقوية النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية التي تعد «الفناء الخلفي» للولايات المتحدة.

وتتماشى هذه الاستراتيجية مع استراتيجية الأمن القومي لإدارة ترمب التي أعلنتها قبل أسبوعين، والتي تركز على أميركا اللاتينية، معتبرة فنزويلا «نقطة البداية» للقضاء على العديد من المشاكل المثيرة للقلق في نصف الكرة الغربي، على أن يتوسع نطاق الضغط ليشمل كوبا أيضاً.

وأشارت سوزي ويلز رئيسة موظفي البيت الأبيض في مقابلتها مع مجلة «فانيتي فير» إلى أن «الولايات المتحدة تسعى للإطاحة بالرئيس الفنزويلي»، وقالت إن «ترمب يريد مواصلة تدمير القوارب حتى يستسلم مادورو».

وخلال الأسابيع الماضية ضاعفت إدارة ترمب إرسال مجموعات ضاربة من عشرات السفن الحربية والطائرات، ونشرت 15 ألف جندي أميركي قبالة سواحل فنزويلا، وصفها ترمب بأنها أكبر أسطول بحري تم إرساله في تاريخ أميركا الجنوبية. وأسفرت عمليات مكافحة تهريب المخدرات عن تدمير 28 قارباً ومقتل ما لا يقل عن 104 أشخاص، كما أعلن ترمب أن «حكومة فنزويلا هي منظمة إرهابية أجنبية». ودعمت إدارة ترمب المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو الحائزة جائزة «نوبل للسلام»، والمرحبة بتدخل ترمب في منطقة البحر الكاريبي.

شبح الحرب

غموض حول أهداف إدارة ترمب في فنزويلا ما بين مكافحة المخدرات وأطماع النفط وإسقاط النظام في كاراكاس (رويترز)

وعلى خلاف ترويج الرئيس ترمب لنفسه بأنه «صانع سلام»، فقد أعلن في مقابلة يوم الجمعة أنه لا يستبعد إمكانية شن حرب على فنزويلا. وطالبها عبر تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي بإعادة جميع النفط والأراضي والأصول الأخرى التي يقول إن فنزويلا «سرقتها» من الولايات المتحدة، وقال: «لقد استولوا على حقوقنا النفطية. كان لدينا الكثير من النفط هناك. لقد طردوا شركاتنا، ونريد استعادتها»، وهي إشارة لقيام فنزويلا بتأميم قطاعها النفطي في عام 1976، ما أثر على الشركات الأميركية. لكن تصريحات ترمب بعدم استبعاد شن حرب ضد فنزويلا تقابلها انتقادات واعتراضات من المشرعين بالكونغرس؛ إذ ينص الدستور الأميركي على ضرورة موافقة الكونغرس على أي أعمال حربية في البر أو البحر. كما يكشف استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيياك أن 53 في المائة من الأميركيين يعارضون هجمات ترمب على السفن في المياه الإقليمية لفنزويلا، ويعارض 63 في المائة أي عمل عسكري ضد فنزويلا.

ولم يطالب ترمب علناً بتنحي مادورو عن السلطة، لكنه قال مراراً وتكراراً إن أيام الزعيم الفنزويلي أصبحت معدودة. وأفادت بعض التقارير بأن ترمب أعطى الضوء الأخضر لعمليات سرية ضد نظام مادورو الذي يسيطر على فنزويلا منذ عام 2013.

وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن هناك ما يصل إلى 11 مليون برميل من النفط الخام الفنزويلي عالقة على متن 39 ناقلة ترسو قبالة الساحل الفنزويلي. ويمثل النفط أكثر من 80 في المائة من الصادرات لفنزويلا، ونحو 90 في المائة من إيرادات الحكومة، مما يفاقم الوضع الاقتصادي الداخلي الذي يعاني منذ سنوات من الانهيار الاقتصادي نتيجة للسياسات الاشتراكية في فنزويلا. ويعاني 80 في المائة من سكان فنزويلا من مستويات عالية من الفقر.

هل ينجو مادورو؟

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحمل سيفاً كان ملكاً لإيزيكيل زامورا وهو جندي فنزويلي وقائد الفيدراليين في الحرب الفيدرالية في حين يخاطب أنصاره خلال مسيرة لإحياء ذكرى معركة سانتا إينيس في نفس اليوم الذي مُنحت فيه زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو جائزة «نوبل للسلام» لعام 2025 في النرويج... وذلك في كاراكاس بفنزويلا يوم 10 ديسمبر 2025 (رويترز)

وأشارت ميليسا فورد مالدونادو مديرة مبادرة نصف الكرة الجنوبي بمعهد «سياسة أميركا أولاً» إلى أن «الديكتاتور الفنزويلي تحدى لسنوات التوقعات بانهيار نظامه، إلا أن التصعيد المتواصل من قبل إدارة ترمب لمصادرة ناقلات النفط وفرض حصار على السفن، يضرب النظام الفنزويلي في أضعف نقاطه، وهي تجارة النفط الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد، مما يعرض نظام مادورو لخطر شديد؛ لأنه لا يستطيع البقاء دون عائدات النفط». وأضافت: «يحتاج مادورو لأموال النفط لشراء الولاء ودفع رواتب الجنرالات والكارتلات للبقاء في السلطة».

من جانبه، أشار جورج جرايساتي رئيس مجموعة «الإدماج الاقتصادي» إلى أن الضغط النفطي وحده لن يؤدي إلى إسقاط نظام مادورو، بل «مزيج من العقوبات والمصادرات لناقلات النفط، إضافة إلى العزلة الدولية». وقال: «الضغط النفطي وحده لا يكفي، والضغط الدبلوماسي وحده لا يكفي، لكن حينما تجتمع كل هذه العوامل فهناك فرصة أكبر بكثير لسقوط مادورو فعلياً».

ويختلف معه كالي براون رئيس شركة «بولاريس» للأمن القومي الذي أشار إلى أن «الأنظمة الاستبدادية غالباً ما تتغلب على العقوبات من خلال التحول إلى مصادر إيرادات غير مشروعة، ولا يظهر نظام مادورو اهتماماً كبيراً بتأثير العقوبات الأميركية على شعبه».

ويرى محللون أن استراتيجية «الخنق الاقتصادي» التي تمارسها إدارة ترمب قد تؤدي إلى نتائج عكسية تعزز موقف مادورو الذي يروج لرواية «سرقة النفط في ممارسة استعمارية جديدة»، وتجتذب هذه الرواية جمهوراً من الفنزويليين غير المؤيدين له، وتعاطفاً من شرائح اجتماعية معارضة ومترددة، لكنها حساسة لانتهاكات السيادة.

ويرى مسؤولون سابقون أن هذه الاستراتيجية الأميركية إذا لم تنجح في إقناع مادورو بالفرار، فلن يتبقى أمام الولايات المتحدة سوى خيارين؛ الانسحاب أو تغيير النظام بالقوة. ويقول إليوت أبرامز المبعوث الخاص لترمب في ولايته الأولى إلى فنزويلا، إنه «من الممكن أن يعلن الرئيس في غضون شهر أو شهرين النصر، على أساس أن تهريب المخدرات بحراً قد انخفض بشكل كبير، لكن إذا نجا مادورو وانسحب ترمب فهذه هزيمة».

وحذر المحللون من التحديات التي ستنجم من الإطاحة المفاجئة للنظام في كاراكاس، ونصحوا إدارة ترمب بالنظر في عروض الوساطة المقدمة من المكسيك والبرازيل اللتين تحرصان على تجنب التصعيد المسلح في أميركا اللاتينية.


غراهام بعد لقائه نتنياهو: «حماس» و«حزب الله» يعيدان التسلّح

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

غراهام بعد لقائه نتنياهو: «حماس» و«حزب الله» يعيدان التسلّح

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام خلال زيارته إسرائيل، الأحد، حركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني بإعادة تسليح نفسيهما، ملاحظاً أن الحركة الفلسطينية تعمل أيضاً على تعزيز نفوذها في قطاع غزة.

وكان اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» قد دخل حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد عامين من حرب مدمرة على قطاع غزة. ورغم الاتفاق، يواصل الطرفان تبادل الاتهامات بخرقه.

وفيما يتعلّق بالنزاع الإسرائيلي مع «حزب الله»، دخل اتفاق آخر لوقف إطلاق النار بين الجانبين حيّز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بعد نحو عام من مواجهة مفتوحة، لكن إسرائيل تواصل شنّ غارات على الأراضي اللبنانية.

وتصر إسرائيل على أن نزع سلاح «حماس» و«حزب الله»، حليفي إيران العدو اللدود للدولة العبرية، شرط أساسي لأي سلام دائم.

وفي بيان متلفز صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال غراهام: «لديّ انطباع بأن (حماس) لا تعمل على نزع سلاحها، بل تُعيد تسليح نفسها»، وأضاف: «أعتقد أنها تُحاول تعزيز حكمها ولن تتخلّى عنه في غزة».

وحسب عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية كارولاينا الجنوبية، وهو حليف للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أسهم في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فإن «حزب الله» يسعى بدوره إلى إعادة تسليح نفسه.

وقال: «أرى أن (حزب الله) يُحاول صنع مزيد من الأسلحة... وهذا أمر غير مقبول».

من جانبه، علق نتنياهو قائلاً: «أنت على حق في الحالتين»، مشيداً بغراهام الذي وصفه بأنه «صديق عظيم لإسرائيل».

وجاءت تصريحات غراهام غداة دعوة الوسطاء، المتمثلين في كل من الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، إسرائيل و«حماس» إلى الالتزام بوقف إطلاق النار.

ويضغط الوسطاء من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الهدنة التي تشمل انسحاباً إسرائيلياً من غزة، وإنشاء سلطة موقتة لإدارة القطاع بدلاً من «حماس»، ونشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

كما تتضمن المرحلة الثانية نزع السلاح من غزة، بما في ذلك سلاح حركة «حماس».

ومن جانبها، دعت حركة «حماس» الوسطاء وواشنطن إلى وقف ما تصفه بـ«الانتهاكات» الإسرائيلية لوقف إطلاق النار.

ومنذ إعلان وقف إطلاق النار، قٌتل 401 شخص في قطاع غزة بنيران إسرائيلية، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

والجمعة، قُتل 6 أشخاص، بينهم طفلان، جرّاء قصف إسرائيلي استهدف مدرسة كانت تُستخدم مأوى للنازحين، وفقاً لجهاز الدفاع المدني في غزة.

وفي لبنان، تعهدت الحكومة اللبنانية بنزع سلاح «حزب الله»، بدءاً من جنوب البلاد. إلا أن إسرائيل تُشكك في فاعلية الجيش اللبناني لإنجاز هذا الأمر، فيما رفض «حزب الله» تكراراً التخلي عن سلاحه.


ترمب يستعد لتوسيع حملته على الهجرة في 2026

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يستعد لتوسيع حملته على الهجرة في 2026

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوسيع حملته على المهاجرين في عام 2026، بإضافة تمويلات جديدة تصل إلى مليارات الدولارات، وتتضمن مداهمة مزيد من مواقع العمل، حتى مع تعالي الأصوات المعارضة قبيل انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.

ونشر ترمب بالفعل موظفين ​في مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى مدن أميركية كبرى؛ حيث اجتاحوا أحياء واشتبكوا مع السكان.

ووفقاً لـ«رويترز»، نفّذ الموظفون هذا العام بعض المداهمات البارزة على الشركات، لكنهم تجنبوا إلى حد كبير مداهمة المزارع والمصانع وغيرهما من الشركات المهمة اقتصادياً، والمعروفة بتوظيف مهاجرين لا يمتلكون وضعاً قانونياً.

وستحصل «وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك» ودوريات الحدود على تمويل إضافي قدره 170 مليار دولار حتى سبتمبر (أيلول) 2029، وهي زيادة هائلة في التمويل على ميزانياتها السنوية الحالية التي تبلغ نحو 19 مليار دولار، وذلك بعدما أقرّ الكونغرس الذي يُسيطر عليه الجمهوريون حزمة ‌إنفاق ضخمة في ‌يوليو (تموز).

ويقول مسؤولو الإدارة الأميركية إنهم يُخططون لتوظيف ‌آلاف الموظفين ⁠الإضافيين، ​وفتح مراكز ‌احتجاز جديدة وحجز مزيد من المهاجرين في سجون محلية، وإقامة شراكات مع شركات خارجية لتعقب الأشخاص الموجودين بالبلاد على نحو غير قانوني.

وانتخبت ميامي، إحدى أكثر المدن تضرراً من حملة ترمب بسبب عدد سكانها الكبير من المهاجرين، أول رئيس بلدية ديمقراطي منذ ما يقرب من 3 عقود الأسبوع الماضي.

وأشارت انتخابات محلية أخرى واستطلاعات رأي إلى تزايد القلق بين الناخبين المتحفظين على الآليات العنيفة لمكافحة الهجرة.

وقال مايك مدريد، وهو خبير استراتيجي سياسي جمهوري معتدل: «بدأ الناس يرون ⁠أن الأمر لم يعد مسألة هجرة بقدر ما هو انتهاك للحقوق وانتهاك للإجراءات القانونية وعسكرة الأحياء خارج نطاق ‌الدستور... لا شك في أن هذه مشكلة بالنسبة للرئيس والجمهوريين».

وتراجعت ‍نسبة التأييد العام لترمب في سياسة ‍الهجرة من 50 في المائة خلال مارس (آذار)، قبل أن يشن حملات في عدة ‍مدن أميركية كبرى، إلى 41 في المائة منتصف ديسمبر (كانون الأول)، بسبب القضية الأهم التي يواجهها منذ عودته للبيت الأبيض في بداية هذا العام.

وتركز القلق العام المتزايد على الموظفين الاتحاديين المقنعين الذين ينتهجون أساليب تتسم بالعنف، منها إطلاق الغاز المسيل للدموع داخل الأحياء واحتجاز مواطنين أميركيين.

وعاد ترمب، الذي ​ينتمي للحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض بعد وعود بمستويات قياسية من عمليات الترحيل، قائلاً إن هناك حاجة إلى ذلك بعد سنوات من ارتفاع مستويات ⁠الهجرة غير الشرعية في عهد سلفه الديمقراطي جو بايدن.

وأغلقت بعض الشركات أبوابها لتجنب المداهمات أو بسبب نقص الزبائن، وأبعد آباء وأمهات عرضة للاعتقال أطفالهم عن المدارس، أو لجأوا إلى جيرانهم لاصطحابهم إلى الدراسة. وبدأ بعض المواطنين الأميركيين حمل جوازات سفر.

وتظهر أرقام «وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك» أن نحو 41 في المائة من نحو 54 ألف شخص اعتقلتهم واحتجزتهم حتى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) لم تكن لديهم سجلات جنائية بخلاف الاشتباه في ارتكابهم مخالفات تتعلق بالهجرة.

وفي الأسابيع القليلة الأولى من يناير (كانون الثاني)، أي قبل تولي ترمب منصبه، كان 6 في المائة فقط من الذين اعتقلتهم واحتجزتهم «وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك» لا يواجهون اتهامات بجرائم أخرى أو سبق أن أدينوا. واستهدفت إدارة ترمب المهاجرين الشرعيين أيضاً.

فقد اعتقل الموظفون أزواج مواطنين ‌أميركيين أثناء مقابلاتهم للحصول على الإقامة الدائمة، واحتجزوا أشخاصاً من بعض البلدان خلال إجراءات تجنيسهم، قبل لحظات من حصولهم على الجنسية الأميركية وألغوا آلاف التأشيرات الطلابية.