الجزائر: تغيُّر مسارات الهجرة السرّية يثير قلق السلطات

إحالة 20 شخصاً من بينهم 6 نساء على القضاء بعد ضبطهم في رحلة إلى جزر إسبانية

خريطة بطرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)
خريطة بطرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)
TT

 الجزائر: تغيُّر مسارات الهجرة السرّية يثير قلق السلطات

خريطة بطرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)
خريطة بطرق الهجرة نحو إسبانيا انطلاقاً من السواحل الجزائرية (منظمات إسبانية غير حكومية)

منذ اكتشاف هروب 7 فتيان إلى إسبانيا في قارب نزهة مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، باتت السلطات الجزائرية قلقة من تغيُّر مسارات الهجرة غير النظامية عبر البحر، بانتقالها من سواحل غرب البلاد القريبة من الجزر الإسبانية في البحر المتوسط، إلى شواطئ مدن وسط البلاد.

وأعلنت مصادر إعلامية، الأحد، عن إحباط محاولة هجرة سرية قام بها 20 شخصاً، من بينهم 6 نساء، انطلاقاً من أحد شواطئ ولاية تيزي وزو، وهي منطقة تقع وسط البلاد، على بُعد نحو 100 كلم شرق العاصمة. وكان هؤلاء يخططون للوصول إلى جزر البليار الإسبانية، التي تُعدّ أقرب نقطة من التراب الإسباني إلى سواحل الجزائر الغربية.

وأكدت المصادر ذاتها أن خفر السواحل ضبطهم السبت، وهم في قارب تقليدي كان قد غادر الشاطئ، حيث أبلغ قوات الأمن بمدينة تيقزرت التي قدمتهم بدورها إلى النيابة في خطوة تسبق إحالتهم إلى القضاء. علماً بأن قوانين البلاد تُجرّم الهجرة السرّية، خصوصاً منظميها، وقد تصل العقوبة إلى السجن 10 سنوات مع التنفيذ.

قارب للهجرة السرية في البحر المتوسط (متداولة)

ولم تذكر المصادر الإعلامية أي شيء عن الأسباب التي دفعت هؤلاء الأشخاص إلى خوض هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر، فيما رجحت تنظيمات محلية تنتمي إلى المجتمع المدني، أن يكونوا من عائلة واحدة أو تجمع بينهم صلة قرابة.

وعاشت مدينة تيقزرت حادثة مشابهة عام 2022، حينما فككت قوات الأمن «شبكة للهجرة السرية»، وفق تعبير بيان صدر عنها، تتكون من 9 أشخاص ينظمون رحلات هجرة غير نظامية عبر البحر، مقابل مبالغ كبيرة وعتاد لوجيستي وجوالات تم استعمالها لتسيير عمليات الهجرة.

وأودع القضاء الأشخاص التسعة الحبس الاحتياطي، بتهمة «تكوين جمعية أشرار بغرض إعداد وتنظيم رحلات هجرة غير شرعية عبر البحر، لفائدة عدة أشخاص مقابل منفعة مالية، وتعريض حياة هؤلاء الأشخاص للخطر».

مهاجرون في عرض البحر الأبيض المتوسط بعد إنقاذهم من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ف.ب)

واللافت، أن منحى الهجرة غير النظامي تغيّر في الفترة الأخيرة، بعد أن كان لفترة طويلة مركزاً في سواحل غرب البلاد، خصوصاً في وهران ومستغانم، وهما أقرب مدينتين إلى سواحل أوروبا الجنوبية. وفي صيف السنة الحالية وبداية الخريف، لاحظ خفر السواحل حركة مكثفة للمهاجرين من مدن ساحلية بالوسط، مثل عين طاية وعين البنيان، وبومرداس ودلس وتمنتفوست، في مؤشر مقلق على تطور طرق الهجرة.

ويُفسَّر هذا التوجه بازدياد أعداد المهاجرين نحو إسبانيا، حيث بات الجزائريون يتصدرون الإحصاءات في مجمل الأراضي الإسبانية. فبين شهري يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) 2025، وصل 4099 جزائرياً إلى السواحل الإسبانية، حسب وسائل إعلام إسبانية.

ويعدّ أرخبيل البليار اليوم مركزاً رئيسياً لهذا الاندفاع نحو الهجرة. ووفقاً لأحدث الأرقام، فقد وصل إلى هذه الجزر 5503 مهاجرين، معظمهم جزائريون، على متن 296 قارباً منذ بداية السنة، ما يمثّل زيادة بنسبة 70 في المائة مقارنة بسنة 2024.

القُصّر السبعة برفقة قاصر آخر في مركز رعاية بعد وصولهم إلى إسبانيا (صورة من الفايسبوك)

وعاشت البلاد مطلع الشهر الحالي صدمة شديدة، إثر تداول خبر هجرة 7 قاصرين إلى جزيرة إيبيزا بجزر البليار، حيث سرقوا قارب نزهة من ميناء تمنتفوست ليلاً، وقطعوا به مسافة 300 كلم في رحلة مغامرة أذهلت عامة الجزائريين، وأخرجت وزارة الدفاع عن صمتها، حينما هاجمت «مجلة الجيش» في افتتاحيتها التي خصصتها لهذه الحادثة، «وسائل إعلام معادية تحاول استغلال حادثة هجرة 7 قُصَّر، لتقديم صورة مغلوطة عن الجزائر ومؤسساتها».

ونشر «المغامرون السبعة» مقاطع فيديو على شبكات التواصل، تصوّر رحلتهم، وتروي كيف تعطل بهم محرك القارب مرتين، وكيف تدبروا أمرهم بإصلاحه إلى أن وصلوا. وأكد أكبرهم سناً في فيديو أنهم خططوا للرحلة وهم على دراية بأن القوانين الإسبانية توفر الحماية للأجانب القاصرين، مبرزاً أنه سيلتحق بالمدرسة في الموسم الدراسي الجديد في إسبانيا، ولكنه سيبقى مقيماً في مركز للمهاجرين القُصر حتى يبلغ سن الرشد.

القارب الذي استعمله القاصرون في رحلة عبور البحر المتوسط (متداولة)

وقد أربكت هذه الحادثة السلطات، ودفعتها إلى تشديد الحراسة بالمرافئ، خصوصاً في مواني الترفيه والصيد، وهدّدت بفرض عقوبات رادعة ضد أصحاب القوارب إذا لم يسهموا في المسعى، وذلك باتخاذ إجراءات صارمة لتأمينها من السرقة. كما منعتهم من تأجيرها للشباب.


مقالات ذات صلة

الجزائر تُفعّل «التسوية المشروطة» بديلاً لملاحقة المتورطين في قضايا فساد

شمال افريقيا وزير العدل الجزائري لطفي بوجمعة (الوزارة)

الجزائر تُفعّل «التسوية المشروطة» بديلاً لملاحقة المتورطين في قضايا فساد

اعتمدت الجزائر آلية قانونية تتيح تأجيل ملاحقة الشركات المتورطة في ملفات فساد، قضائياً، مقابل استرجاع الأموال المحوَّلة إلى الخارج بطرق غيرمشروعة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا نجل زعيم التنظيم الانفصالي (التلفزيون الجزائري)

الجزائر تضيّق الخناق على «ماك» بعد إعلان «دولة القبائل المستقلة»

خطت السلطات الجزائرية خطوة جديدة في صراعها مع التنظيم الانفصالي «حركة تقرير مصير القبائل»، من خلال تنظيم ظهور إعلامي في التلفزيون الحكومي لنجل فرحات مهني.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تصفيق في البرلمان الجزائري عقب التصويت على قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

الجزائر: تساؤلات تلف «ملف الذاكرة» مع فرنسا بعد اعتماد قانون تجريم الاستعمار

أعلن الطيف السياسي في الجزائر دعمه القويّ لتصديق البرلمان، الأربعاء، على «قانون تجريم الاستعمار» الفرنسي للجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء البرلمان الجزائري خلال تصويتهم بالإجماع على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي للجزائر (أ.ب)

البرلمان الجزائري يصادق بالإجماع على قانون يُجرّم الاستعمار الفرنسي

صادق البرلمان الجزائري بالإجماع، الأربعاء، على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830 - 1962)، ويصفه بأنه «جريمة دولة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

أول بعثة أممية إلى الفاشر في السودان تتحدث عن مدنيين في حالة «صدمة» وظروف عيش «مُهينة»

فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

أول بعثة أممية إلى الفاشر في السودان تتحدث عن مدنيين في حالة «صدمة» وظروف عيش «مُهينة»

فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
فتاة سودانية نازحة في مخيم بمدينة القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

حذّرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان دينيس براون، الاثنين، عقب عودتها من الفاشر في غرب السودان، عن حالة «صدمة» يعيشها السكان في «ظروف مهينة وغير آمنة».

تمكنت بعثة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» من دخول الفاشر، الجمعة، للمرة الأولى بعد شهرين من سيطرة قوات الدعم السريع عليها، عقب «مفاوضات شاقة»، وفق ما ذكرت براون، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» عبر الفيديو.

وقالت براون: «هؤلاء الأشخاص يعيشون في ظروف هشة للغاية... بعضهم يعيش في مبانٍ مهجورة. وآخرون... في ظروف بدائية، مع أغطية بلاستيكية ودون وسائل نظافة، ولا ماء. هذه طروف مُهينة وغير آمنة للناس».

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخِر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخلّلته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.


مصر تطالب بجلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لبحث تطورات الصومال

سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)
سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)
TT

مصر تطالب بجلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لبحث تطورات الصومال

سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)
سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب)

طالب وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي اليوم (الاثنين) بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتناول «الاعتراف الإسرائيلي بما يسمى أرض الصومال».

وأكد الوزير عبد العاطي، في كلمة اليوم خلال مشاركته في الجلسة الوزارية لمجلس السلم والأمن الأفريقي، التي عُقدت افتراضياً لمتابعة تطورات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، «رفض مصر التام للاعتراف الإسرائيلي بما يسمى بأرض الصومال باعتباره انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ويقوض أسس السلم والأمن الإقليمي والدولي، وبصفة خاصة في منطقة القرن الأفريقي».

وطالب عبد العاطي بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتناول هذا التطور الخطير، وللتأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الصومالية، ورفض الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

وأشار إلى أن المرحلة المفصلية التي تشهدها المنطقة تفرض مسؤولية جماعية لدعم المسارات السياسية والأمنية والتنموية الهادفة إلى إنهاء معاناة الشعب الكونغولي وترسيخ السلام المستدام، مرحباً بتوقيع رئيسَي الكونغو الديمقراطية ورواندا على اتفاق السلام النهائي والاتفاق الإطاري للتكامل الاقتصادي الإقليمي في واشنطن في الرابع من الشهر الحالي، باعتباره خطوة مهمة للتهدئة وتخفيف التوتر وبناء الثقة بين البلدين، مشدداً على أهمية المضي قدماً في تنفيذ تلك الاتفاقيات.

وأكد عبد العاطي استعداد مصر الكامل للدعم والمشاركة في أي ترتيبات لبناء الثقة استناداً إلى الخبرات المصرية المتراكمة في مجال حفظ السلام، ولا سيما في ظل المشاركة المصرية النوعية والممتدة لسنوات طويلة في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية. كما أكد أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني، بما يخلق بيئة مواتية لمواجهة التحديات الأمنية والإنسانية في شرق الكونغو، وتهيئة المجال لحوار البناء واستعادة الاستقرار المنشود، وتشجيع جهود وقف الأعمال العدائية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، بما يمنع تفاقم الأزمة الإنسانية وما تفرضه من أعباء جسيمة على المدنيين.


«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

رفضت الجامعة العربية اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم الشمال الغربي بالصومال، ما يسمى «إقليم أرض الصومال»، مشددة على الوقوف ضد «أي إجراءات تترتب على هذا الاعتراف الباطل بغية تسهيل مخططات التهجير القسري للشعب الفلسطيني أو استباحة موانئ شمال الصومال لإنشاء قواعد عسكرية فيها».

وعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، أمس (الأحد)، دورةً غير عادية، أكد فيها «الموقف العربي الثابت والواضح بشأن عدّ إقليم الشمال الغربي بالصومال جزءاً لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي محاولة للاعتراف بانفصاله بشكل مباشر أو غير مباشر».

وطالب البيان الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بـ«وضع خطة عمل عربية - أفريقية مشتركة تحُول دون إحداث أي تغيير في الوضع الأمني والجيوسياسي القائم، ومنع أي تهديد لمصالح الدول العربية والأفريقية في هذه المنطقة الحيوية».