تبون يدعو الجزائريين إلى الاستعداد لـ«مواجهة أم المعارك»

حذّر من تفشي الفساد و«محاولات التخريب في الداخل»

الرئيس تبون أكد أن حملة «استرجاع الأموال المنهوبة» «مكّنت من كسب عدة معارك تخص الفساد (الرئاسة)
الرئيس تبون أكد أن حملة «استرجاع الأموال المنهوبة» «مكّنت من كسب عدة معارك تخص الفساد (الرئاسة)
TT

تبون يدعو الجزائريين إلى الاستعداد لـ«مواجهة أم المعارك»

الرئيس تبون أكد أن حملة «استرجاع الأموال المنهوبة» «مكّنت من كسب عدة معارك تخص الفساد (الرئاسة)
الرئيس تبون أكد أن حملة «استرجاع الأموال المنهوبة» «مكّنت من كسب عدة معارك تخص الفساد (الرئاسة)

أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن «مبالغ ضخمة كانت مخزّنة داخل منازل»، وقد تم اكتشافها خلال الحملات التي شنّها الجهازان الأمني والقضائي ضد الفساد، عقب رحيل الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم (1999–2019)، والتي أسفرت عن اعتقال وإدانة عشرات المسؤولين المدنيين والعسكريين بأحكام ثقيلة بالسجن.

وكان تبون يتحدث خلال مقابلة بثها التلفزيون العمومي، ليل الجمعة، عندما خاض في موضوع الفساد، وما سماه هو في بداية حكمه «استرجاع الأموال المنهوبة»، مؤكداً أن هذا المسعى «مكّن من كسب عدة معارك (تخص الفساد)، واليوم نتجه نحو أم المعارك»، في إشارة إلى أن حجم الفساد الذي خلفه التسيير في المرحلة السابقة كبير. كما يفهم من كلامه أن أشواطاً أخرى، تتعلق بمحاربة الفساد، سيخوضها قبل انتهاء ولايته الثانية (2024 - 2029).

بعد استقالة بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط الشارع وقيادة الجيش، اعتقلت السلطة التي خلفته مسؤولين بارزين وسجنتهم بتهمة الفساد، من بينهم 3 رؤساء حكومات هم أحمد أويحي، وعبد المالك سلال (12 سنة سجناً مع التنفيذ لكل منهما)، ونور الدين بدوي (4 سنوات سجناً مع التنفيذ)، زيادة على سجن عشرات الوزراء ورجال الأعمال.

حرب ضد الفساد

صرح تبون في 23 من ديسمبر (كانون الأول) 2023، خلال مقابلة بثها نفس التلفزيون العمومي، بأن قيمة الأملاك التي صادرها القضاء بأحكام تخص ملفات فساد، تفوق 20 مليار دولار. وأكد يومها أن القضاء الجزائري يترقب نتائج إنابات قضائية أرسلها إلى عدة دول غربية، يعتقد أن بنوكها تحتضن أموالاً لوجهاء من النظام، محل شبهة فساد.

وفي 2023 تحفّظ بنك سويسري على مبلغ 1.5 مليون يورو لوزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوراب، المقيم بفرنسا، والذي دانته محكمة جزائرية غيابياً بالسجن 20 سنة مع التنفيذ، وصادرت مصنعاً له في الجزائر وحجزت أمواله. وتم إطلاق مذكرة توقيف دولية بحقه، لكن محكمة باريس رفضت تسليمه، بحجة أنه «قد لا يستفيد من محاكمة عادلة في بلاده».

الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (الشرق الأوسط)

وفي موضوع آخر، سئل الرئيس عن «المتاعب التي واجهتها الجزائر بسبب مواقفها من قضايا عادلة»، منها الأحداث في غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 2023، فقال إنه «توجد جهات تضمر الشر للجزائر»، ودعا إلى «التعبئة ضدها وضد محاولات التخريب التي تنبع من الداخل»، دون توضيح من يقصد.

ويتضمن الخطاب الرسمي، منذ وصول تبون إلى الحكم نهاية 2019، تحذيرات من «المؤامرات الخارجية والمتواطئين معها في الداخل» بشكل مكثف.

وتصاعد هذا الخطاب إثر قطع العلاقات مع المغرب في 24 أغسطس (آب) 2021، وبشكل خاص منذ اندلاع التوترات مع فرنسا في نهاية يوليو (تموز) 2024 بسبب انحيازها للرباط في نزاع الصحراء. كما انتعش بعدما ساءت العلاقة مع باماكو، إثر حادثة إسقاط الطائرة المسيَّرة المالية مطلع أبريل 2025، من طرف سلاح الجو الجزائري.

«استيقظت الجزائر»!

أوضح تبون في المقابلة الصحافية، بهذا الخصوص، أن الجزائر «باتت مخيفة للبعض... فقد استيقظت الجزائر وهذا ما يخيفهم»، دون تفصيل فيما يريد قوله، لكن يفهم من كلامه أن بلاده تتمتع بالسيادة في سياساتها الاقتصادية، واستقلال قرارها فيما يخص قضايا دولية، ما يثير انزعاج قوى أجنبية في تقدير تبون. ويعاد إنتاج هذه السردية في خطاب قيادة الجيش. وفي وقت سابق، أيد البرلمان «قانوناً للتعبئة» بمبادرة من الحكومة، يمنح الجيش صلاحيات واسعة، ويضع قدراته اللوجيستية والبشرية في حالة تأهب لمواجهة هجوم من الخارج، أوحت السلطات أنه وشيك.

رجال أعمال في السجن بتهمة الفساد (متداولة)

داخلياً، أثنى تبون على وزيره الأول غريب سيفي، الذي عينَه في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، عادّاً أنه «رجل ميدان»، وأن الاختيار وقع عليه لـ«تعزيز التكامل وتفعيل القرارات»، وفهم من كلامه، ضمناً، أن الوزير الأول السابق نذير العرباوي لم يؤد المهمة التي كلفه بها على صعيد تدبير الشأن الاقتصادي والسياسي، وهو ما كان سبباً في عزله.

وأضاف تبون بشأن حكومته التي أدخل عليها تعديلات: «مررنا بفترة كان المواطن يقول فيها إن الرئيس يعمل لكن لا يوجد تنفيذ. اليوم لدينا وزير أول رجل ميدان، وقد نفّذ لحد الآن زيارتين أو ثلاثاً إلى الميدان، وفي وجوده أشعر بتكامل حكومي فعلي»، مؤكّداً أنه يعرف غريَب سيفي جيداً، وأن «تجارب مواجهة العصابة صقلته»، في إشارة إلى أنه مسؤول اختبرته مرحلة السلطة السابقة، حيث استشرى الفساد في العديد من القطاعات، علماً بأن سيفي غريب اشتغل في مجالات عدّة، من بينها قطاعا المعادن والصيدلة، وهما من القطاعات التي طالها سوء التسيير واستفحلت فيهما الرشوة، وفق ما كشفت عنه محاكمات من يُعرفون بـ«رموز العصابة»، من مسؤولي عهد الرئيس السابق.

الوزير الأول السابق أحمد أويحي المسجون بتهمة الفساد (الشرق الأوسط)

من جهة أخرى، أعلن الرئيس عن مراجعة مرتقبة لقانون الانتخابات، تشمل بعض أحكامه ذات الطابع التقني، في خطوة تهدف إلى تحسين تنظيم العمليات الانتخابية، وفق تعبيره. ويشمل المشروع نقل جزء من صلاحيات «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» إلى وزارة الداخلية.

ومن بين الصلاحيات، التي ستُحال إلى وزارة الداخلية، أشار تبون إلى التحضير المادي للانتخابات، بما في ذلك توفير صناديق الاقتراع ونقل محاضر الفرز، وهي مهام كانت في السابق منوطة بالكامل بـ«السلطة».

ويُتوقع أن يثير هذا التعديل جدلاً في الأوساط السياسية، خاصة بين الأحزاب التي ظلت تطالب بـإبعاد وزارة الداخلية عن العملية الانتخابية لضمان شفافيتها واستقلاليتها.

الوزير الأول في أول خروج ميداني له بشرق البلاد (الوزارة الأولى)

وفي معرض تبريره لهذا التوجه، قال رئيس الجمهورية إن معظم أعضاء «سلطة الانتخابات»، من محامين وكفاءات إدارية، «يفتقرون إلى الخبرة في التسيير اللوجيستي»، وهو ما انعكس، حسبه، على الصعوبات التي عرفتها الانتخابات السابقة من الناحية التنظيمية.


مقالات ذات صلة

البرلمان الجزائري يرفع وتيرة التشريع ضد فرنسا والمعارضين

شمال افريقيا رئيس البرلمان في اجتماع مع أصحاب مقترحَي تجريم الاستعمار وتعديل قانون الجنسية (البرلمان)

البرلمان الجزائري يرفع وتيرة التشريع ضد فرنسا والمعارضين

عرض البرلمان الجزائري، السبت، نصَّين مهمّين للنقاش العام؛ الأول يخصّ مقترح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي (1830-1962)، والثاني يتعلق بتعديل قانون الجنسية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا اجتماع لقيادات «حمس» الإسلامية (إعلام حزبي)

الجزائر: المعارضة الإسلامية تدعو لـ «مصالحة شجاعة» وتحذر من «الانتقام»

دعا حزب «حركة مجتمع السلم» الإسلامي الجزائري المعارض الرئيس عبد المجيد تبون إلى إطلاق «حوار شامل يفضي إلى مصالحة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا البرلمان الجزائري (متداولة)

الجزائر: سلاح تشريعي جديد لمواجهة الانفصاليين و«عملاء» الخارج

عرض نائب جزائري من «الأغلبية الرئاسية»، اليوم الأربعاء، مقترحاً على لجنة برلمانية خاصة، يتمثل في تعديل قانون الجنسية.

شمال افريقيا الوزير الأول الجزائري مع رئيسة الحكومة التونسية 12 ديسمبر الحالي (الوزارة الأولى الجزائرية)

الجزائر تتحرك لمواجهة استنزاف عملتها الصعبة

تواجه الجزائر نزيفاً ملحوظاً في العملة الصعبة نتيجة الاستغلال غير المشروع لمنحة السفر السياحية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الفرنسي والجزائري على هامش قمة مجموعة السبع في إيطاليا يوم 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر تعيد ملف الاستعمار الفرنسي إلى الواجهة عبر قانون جديد

يرتكز مشروع القانون المقترح على حق الشعوب في العدالة التاريخية وعدم الإفلات من العقاب، ويهدف إلى «حماية الذاكرة الوطنية ومواجهة محاولات تزييف التاريخ».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.


ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

تستعد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية التي أُجريت مؤخراً في مدن شرق البلاد وجنوبها.

وأعلنت المفوضية في بيان، الأحد، أن مركزها للعدّ والإحصاء استكمل إدخال جميع بيانات استمارات النتائج الواردة من المكاتب الانتخابية، في إطار الإجراءات الفنية المعتمدة و«وفق أعلى معايير الدقة والمراجعة»، مشيرة إلى أن «العمل حالياً متوقف عند انتظار أحكام القضاء المختص بشأن الطعون المقدمة؛ التزاماً بمبدأ سيادة القانون، وضماناً لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية».

ونفت المفوضية ما جرى تداوله بشأن صدور النتائج الأولية لهذه الانتخابات، مؤكدة أن الإعلان عن أي نتائج سيتم فقط عبر القنوات الرسمية للمفوضية، وبعد استكمال جميع المراحل القانونية والإجرائية، مجددة «التزامها بإطلاع الجميع على أي مستجدات في حينها وبكل شفافية».

وتنتظر المفوضية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

من جهة أخرى، أدانت لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب بشرق ليبيا، الهجوم الذي استهدف مقر «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في مدينة جنزور بالعاصمة طرابلس، وعدّته «اعتداءً خطيراً على مؤسسات الدولة، ومحاولة لإفشال جهود مكافحة الفساد وتقويض ثقة المواطنين».

وطالبت اللجنة، في بيان مساء السبت، بفتح تحقيق عاجل وشفاف لملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، مع اتخاذ إجراءات لحماية المؤسسات الرقابية، مؤكدة تضامنها الكامل مع العاملين بالهيئة، واستمرار دعمها لمسار الإصلاح وبناء دولة القانون.

وكان مقر هيئة مكافحة الفساد في جنزور بغرب ليبيا، تعرض لهجوم الأسبوع الماضي، أدى إلى أضرار مادية دون إصابات بشرية، وسط تعهدات بتحقيق سريع وإدانات رسمية؛ باعتباره استهدافاً مباشراً لمؤسسة رقابية معنية بحماية المال العام.

وفي شأن يتعلق بالأرصدة الليبية المجمدة في الخارج، قال رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمّدة بالخارج بمجلس النواب، يوسف العقوري، إنه «يتابع باهتمام بالغ، إحاطة مجلس الأمن الدولي التي عُقدت الجمعة، وذلك في إطار متابعة ملف الأموال الليبية المجمّدة في الخارج، وما يحيط به من تجاوزات خطيرة».

ونقل العقوري مساء السبت، عن السفير عمار بن جمعة، المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، قوله إن «الأرصدة المالية الليبية المجمّدة تتعرض للتآكل وسوء الاستخدام من قبل بعض المؤسسات المالية الأجنبية المودعة لديها، في خرق واضح للقانون الدولي وللقرارات الأممية ذات الصلة».

وقال العقوري إن السفير الجزائري، طالب باسم بلاده وباسم المجموعة الأفريقية، «بضرورة إجراء عملية محاسبة شاملة وشفافة، ومساءلة الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، مع إلزامها بتعويض الدولة الليبية عن أي خسائر لحقت بهذه الأرصدة».

ورحب العقوري بـ«الدعم الدولي لموقف ليبيا الذي يطالب بتدقيق مالي لجميع الأرصدة، وتعويضها عن أي مخالفات بشأنها»، وأضاف أن «أي تلاعب أو سوء إدارة لهذه الأرصدة، يُعدّ اعتداءً مباشراً على السيادة الليبية وحقوق الأجيال القادمة».

وانتهى إلى أن اللجنة «لن تتهاون في هذا الملف، وستتخذ كل الإجراءات البرلمانية والقانونية والدولية اللازمة لملاحقة المتسببين، وضمان حماية الأموال الليبية واسترداد حقوق الدولة كاملة بالتنسيق الكامل مع الدول الصديقة الأعضاء في مجلس الأمن».