فجّر حريق «مصنع المحلة» بمصر انتقادات بشأن «عوامل الأمان» المطبقة في المصانع الصغيرة، ومدى الالتزام بأكواد الحماية المدنية التي يفترض تطبيقها عند تشغيل أي منشأة صناعية.
وأدى الحريق الذي نشب صباح الجمعة، بمصبغة غزل في مدينة المحلة التابعة لمحافظة الغربية بدلتا مصر، إلى سقوط 11 قتيلاً و33 مصاباً، خرج منهم 26 بعد تحسن حالتهم الصحية، فيما بقيت 7 حالات تحت الرعاية الطبية، وفق بيان رسمي صادر عن المحافظة.
وبحسب البيانات الأولية، فإن الحادث وقع نتيجة «ماس كهربائي» تسبب في اندلاع النيران وانفجار غلاية بالدور الأول العلوي، مما أدى إلى انهيار جزء من المبنى، قبل أن يتم فصل جميع المرافق عن المنطقة المحيطة لضمان سلامة الأهالي.
ووفقاً لأحدث تقريرين عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، فقد بلـغ عـدد حوادث الحريق على مستـوى الجمهورية 45435 حادثة عام 2023، مقابل 49341 حادثة في 2022، بنسبة انخفاض قدرها 7.9 في المائة، فيما بلـغ عـدد حوادث الحريق عـلى مستـوى الجمهورية 46925 حادثة عام 2024، مقابل 45435 حادثة عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 3.2 في المائة.
ويأتي الحريق العارض في المرتبة الأولى للحوادث بنسبة 20.9 في المائة، يليه الحريق بسبب الإهمال بنسبـة 10.4 في المائة خلال عام 2024، ومن أهم مسببات الحريق النيران الصناعية (أعقاب السجائر، وأعواد الكبريت، ومادة مشتعلة، وشماريخ) بنسبة 31.6 في المائة، والماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي بنسبة 18 في المائة.
وقام محافظ الغربية، أشرف الجندي، بتفقد موقع الحريق وزيارة المصابين والاستماع منهم إلى ما حدث، مؤكداً في بيان رسمي، الجمعة، توجيه فرق التضامن الاجتماعي والإغاثة بسرعة تقديم الدعم اللازم للأسر المتضررة.

وأرجع المساعد السابق لوزير الداخلية المصري للحماية المدنية، اللواء علاء عبد الظاهر، زيادة عدد الوفيات إلى الانهيار الذي حدث بالمبنى نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بعد اشتعال النيران ومحاولة إطفاء الحريق، لافتاً إلى أن «أي مصنع أو منشأة تجارية أو صناعية يكون لها كود تشغيل يجب الالتزام به فيما يتعلق بعوامل الأمان».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن الغلايات كبيرة الحجم يكون لها كود خاص ليس فقط بالمكان الذي توضع فيه وطريقة تشغيلها؛ لكن أيضاً فيما يتعلق بمواصفات بناء المكان وتجهيزه وقوة الخرسانة المنفذ بها المبنى، ليكون قادراً على تحمل درجات حرارة مرتفعة تمنع انهياره، فضلاً عن ضرورة وجودها بعيداً عن مواقع تخزين المواد القابلة للاشتعال.

ويرى وكيل إدارة الحماية المدنية الأسبق بوزارة الداخلية، اللواء أيمن سيد الأهل، أن «الغلايات الصناعية» تعد بمثابة «قنابل موقوتة» يجب التعامل معها وفق اعتبارات محددة وتجهيزات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها؛ في مقدمتها تشغيلها بمناطق صناعية، وليس وسط مناطق سكنية على غرار ما حدث في المحلة.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اشتراطات تشغيل الغلايات في المصانع تصدر وفق اعتبارات عدة، وبالتوافق بين عدة هيئات وليس الحماية المدنية فحسب، فضلاً عن ضرورة مراجعة إجراءات الصيانة الدورية لها والتراخيص التي تجدد سنوياً»، مشيراً إلى أن «المباني التي توضع فيها الغلايات تبنى وفق معايير تجعلها قادرة على تحمل احتمالية انفجار الغلاية، وبالتالي تكون لكل غلاية اشتراطات بحسب طاقتها الاستيعابية، كأحد أهم عوامل الأمان الصناعي».
وأكد محافظ الغربية السيطرة الكاملة على الحريق، ورفع آثار الانهيار مع تكليف لجنة المنشآت بالحي الذي تقع في نطاقه المصبغة لمعاينة المبنى والمباني المجاورة والتأكد من سلامتها الإنشائية.
بينما تحدث عبد الظاهر عن «ضرورة نقل النشاط الصناعي من وسط التكتلات السكنية في أقرب وقت، ووضع خطط قابلة للتنفيذ، بحيث يكون الوجود للأنشطة الصناعية بالمناطق التي تلائم طبيعة كل نشاط، مع أهمية توفير عمالة مؤهلة للتعامل مع حالات الطوارئ والتدريب المستمر للعمال، بما يحد من الخسائر البشرية والمادية عند حدوث أي حريق طارئ».
