صندوق النقد يطالب لبنان باستكمال استراتيجية توزيع الخسائر وحماية صغار المودعين

أشاد بـ«مرونة الاقتصاد» ودعا إلى «إصلاحات طموحة»

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام ملتقياً رئيس بعثة صندوق النقد الدولي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام ملتقياً رئيس بعثة صندوق النقد الدولي (الوكالة الوطنية)
TT

صندوق النقد يطالب لبنان باستكمال استراتيجية توزيع الخسائر وحماية صغار المودعين

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام ملتقياً رئيس بعثة صندوق النقد الدولي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام ملتقياً رئيس بعثة صندوق النقد الدولي (الوكالة الوطنية)

أشاد صندوق النقد الدولي بـ«مرونة الاقتصاد اللبناني»، رغم التداعيات الكبيرة للنزاع الإقليمي، مشدداً في الوقت ذاته على الحاجة الملحّة لتبني «إصلاحات شاملة وأكثر طموحاً» لتحقيق تعافٍ مستدام وجذب الدعم الدولي. كما شدد على الضرورة القصوى لاستكمال إصلاح القطاع المصرفي، وقال إن إقرار قانون حل المصارف خطوة إيجابية تحتاج إلى تعديلات فورية ليتوافق مع المعايير الدولية، وإلى وضع استراتيجية واضحة للاعتراف بالخسائر وتوزيعها وحماية صغار المودعين، محذراً في الوقت ذاته من مقاربة أقل طموحاً في مشروع موازنة 2026، ومن خطورة التراجع عن الرسوم على المحروقات.

هذا ما جاء في بيان صادر عن صندوق النقد الدولي في ختام زيارة قامت بها بعثة من الصندوق برئاسة إرنستو راميريز ريغو، إلى بيروت دامت أربعة أيام بين 22 سبتمبر (أيلول) و25 منه، ركّزت على مناقشة المستجدات الاقتصادية في البلاد والتقدم المحرز في خطة الإصلاحات الحكومية، ولا سيما ما يتعلق بقطاع المصارف ومشروع موازنة عام 2026.

وزير الاقتصاد عامر البساط أثناء اجتماعه بوفد بعثة صندوق النقد الدولي (إكس)

وقال راميريز ريغو، في البيان، إن الاقتصاد اللبناني أظهر «صموداً» ويشهد مؤخراً «انتعاشاً اقتصادياً جزئياً مدفوعاً بقوة سياحة المغتربين». ونوّه بأن السلطات اللبنانية حافظت على «انضباط مالي ونقدي محكم»، مما أدى إلى تراكم بعض الاحتياطيات الدولية الإضافية وتحقيق فائض مالي صغير.

كما رحب الفريق بخطوات إجرائية مهمة، منها إتمام تشكيل الهيئات التنظيمية في قطاعي الكهرباء والاتصالات، وتعزيز القدرات الإحصائية على المستوى المالي، وتطوير العمليات الرقمية للامتثال الضريبي.

ومع ذلك، أكد البيان أن استعادة النمو القوي والمستدام تتطلب تطبيق «إصلاحات طموحة وشاملة» لمعالجة «نقاط الضعف الهيكلية» التي تعيق إمكانات لبنان منذ سنوات، مشيراً إلى أن هذه الإصلاحات ضرورية أيضاً لجذب الدعم الدولي اللازم لمساعدة البلاد في إعادة بناء اقتصادها وإعمار المناطق المتضررة من الحرب.

وزير المالية ياسين جابر يلتقي وفد بعثة صندوق النقد الدولي (إكس)

الملف المصرفي: تقدم في القانون وحاجة إلى التقييم

في سياق مناقشة جهود إعادة تأهيل القطاع المصرفي، أشار فريق الصندوق إلى أن السلطات أحرزت تقدماً في وضع استراتيجية لمعالجة التحديات الحادة التي يواجهها القطاع. وقال: «أحرزت السلطات تقدماً في وضع استراتيجية لمواجهة التحديات الجسيمة التي يواجهها القطاع المصرفي. تعكس الموافقة الأخيرة على قانون تسوية أوضاع البنوك الجهود الحثيثة لجميع الجهات المعنية، وإن كان التشريع بحاجة إلى مزيد من الصقل. وقد اقترح فريق صندوق النقد الدولي تعديلات لمواءمته التامة مع المعايير الدولية، وضمان فاعلية عمليات إعادة هيكلة البنوك. وينبغي على السلطات مواصلة العمل على تطوير استراتيجية لتحديد الخسائر وتوزيعها، واستعادة قدرة القطاع المصرفي على الاستمرار بما يتوافق مع المعايير الدولية، وحماية صغار المودعين، واستدامة الدين العام».

ودعا الصندوق السلطات إلى مواصلة العمل على تطوير استراتيجية واضحة للاعتراف بالخسائر وتوزيعها، واستعادة جدوى القطاع المصرفي، مع التشديد على ضرورة أن تكون هذه الاستراتيجية متسقة مع «المعايير الدولية»، وتضمن «حماية صغار المودعين»، وتحافظ على «استدامة الدين العام».

موازنة 2026: دعوة لمقاربة أكثر طموحاً

وفيما يخص مشروع موازنة عام 2026 الذي أقرّه مجلس الوزراء، أعرب فريق الصندوق عن توقعه «مقاربة أكثر طموحاً» من تلك الواردة في المسودة المعتمدة.

- على صعيد الإيرادات: أقرّ الصندوق بصحة توجه الحكومة نحو توسيع القاعدة الضريبية وتحسين الامتثال، لكنه دعا إلى النظر في إصلاحات للسياسات الضريبية لخلق حيز مالي للإنفاق ذي الأولوية، وخاصة على إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية. وفي المقابل، أعرب الصندوق عن «قلق جدي» إزاء التراجع عن فرض الضرائب الانتقائية على المحروقات (الرسوم الجمركية)، مما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على تمويل نفقاتها.

- على صعيد النفقات والإطار المالي: طالب الصندوق بضرورة تسجيل جميع بنود الإنفاق المتوقعة، بما في ذلك النفقات الممولة خارجياً، بشفافية كاملة، مؤكداً أن قرارات الإنفاق يجب أن تتوافق مع التمويل المتاح. كما دعت البعثة إلى تسريع الجهود لاعتماد «إطار مالي متوسط المدى طموح»، وهو ما يعد ركيزة أساسية لاستعادة الاستدامة المالية واستدامة الدين.

استمرار الحوار والالتزام بالدعم

أكد الصندوق تطلعه إلى استمرار المناقشات مع السلطات اللبنانية بشأن هذه القضايا، لا سيما خلال الاجتماعات السنوية للصندوق المقرر عقدها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025. واختتم البيان بتجديد التزام صندوق النقد الدولي بدعم لبنان في مساعيه لتطوير وتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل، بما يتفق مع سياسات الصندوق وولايته.


مقالات ذات صلة

نائب مدير صندوق النقد الدولي في زيارة إلى الصين

الاقتصاد رجل ينسق واجهة أحد المتاجر في مدينة شنغهاي الصينية بمناسبة أعياد رأس السنة (إ.ب.أ)

نائب مدير صندوق النقد الدولي في زيارة إلى الصين

يقوم دان كاتز، المسؤول الثاني في صندوق النقد الدولي، بأول زيارة له للصين منذ مغادرته منصبه رئيساً لمكتب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد شعار الروبية الهندية يظهر داخل مقر بنك الاحتياطي الهندي في مومباي (رويترز)

الهند تراجع قيود مشتقات العملات لوقف نزوح التداول إلى الخارج

تجري هيئات الرقابة الهندية محادثات لمراجعة القيود الصارمة المفروضة على عقود مشتقات العملات المتداولة في البورصات، في محاولة لإنعاش السوق.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد تمشي امرأة أمام المدخل الرئيسي للبنك المركزي السريلانكي في كولومبو (أرشيفية - رويترز)

سيرلانكا تُثبت الفائدة قبل اعتماد الموازنة ومراجعة صندوق النقد الدولي

أبقى البنك المركزي السريلانكي، الأربعاء، على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، في انتظار صدور موافقة الموازنة الوطنية وإجراء المراجعة الأخيرة لقروض صندوق النقد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو )
الاقتصاد عمانية تلوّح بالعلم الوطني أثناء عرض عسكري للقوات البحرية خلال احتفالات اليوم الوطني على شاطئ القرم في مسقط (رويترز)

صندوق النقد: اقتصاد عُمان «صامد بقوة» رغم التوترات الجيوسياسية وتقلبات النفط

أكد صندوق النقد الدولي أن سلطنة عمان أبدت قدرة قوية على الصمود في مواجهة تصاعد أجواء عدم اليقين العالمي وتجدد التوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من منطقة الخليج التجارية في العاصمة البحرينية المنامة (الشرق الأوسط)

صندوق النقد يتوقع تسارع نمو اقتصاد البحرين إلى 3.3% في 2026

أكد صندوق النقد الدولي بقاء النمو الاقتصادي في البحرين مرناً، وارتفاع التضخم بشكل متواضع في عام 2024، مع مواصلة ارتفاع الدين الحكومي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.