طفلتان صغيرتان تظهران معاً في بداية التحضير لاحتفال عيد الميلاد، لدقائق قصيرة تعتقد أنهما شقيقتان، لكن الحوار بينهما وتوسعه يكشفان أن «توحة» هي طفلة صغيرة تعمل خادمة في منزل عائلة «نيللي» التي تستعد للاحتفال بعيد ميلادها في المساء، لتبدأ رحلة نقد اجتماعي وإظهار الفوارق الطبقية بين عالمين مختلفين عبر رحلة فيلم «هابي بيرث داي» أو «عيد ميلاد سعيد» الذي اختارته مصر رسمياً لتمثيلها في مسابقة «الأوسكار».
ويذكر أن الفيلم الذي يمثّل أولى التجارب الإخراجية لسارة جوهر عُرض للمرة الأولى في مهرجان «تريبيكا السينمائي» بالولايات المتحدة الأميركية، وحصد 3 جوائز، هي: «أفضل فيلم روائي دولي»، و«أفضل سيناريو دولي»، و«جائزة نورا إيفرون» لأفضل مخرجة، من بطولة نيللي كريم، وحنان مطاوع، وشريف سلامة، والطفلة ضحى رمضان، وهو تأليف مشترك بين سارة جوهر وزوجها المخرج محمد دياب، ومن إنتاج أحمد الدسوقي، وأحمد عباس، وأحمد بدوي، وداتاري تيرنر، وبمشاركة إنتاجية من الممثل والمنتج الأميركي جيمي فوكس.

وعلى مدى أكثر من 90 دقيقة، نتتبع رحلة «توحة» الفتاة التي لم تتعلم وتعمل في المنزل لمساعدة عائلتها بالمال، بينما تظل تتبع الترتيبات الخاصة بعيد الميلاد على مدار اليوم، بما فيها تجهيز الهدايا لأصدقاء «نيللي» وتعليق الزينة، بينما تحلم بالشمعة التي ستطفئها في المساء خلال الاحتفال.
لكن ما لا تدركه «توحة» أن وجودها غير مرغوب فيه، وأن عليها الرحيل قبل موعد الحفل، ورغم محاولات عائلة «نيللي» في أن يجري الأمر من دون شعورها، فإن الأمور لا تسير كما هو مخطط لها، لنتابع عبر الأحداث الفجوة بين العائلتين، ومعاناة «توحة» الطفلة الصغيرة وأحلامها البسيطة.

وعبر العديد من المواقع يبرز الفيلم الفارق الطبقي الذي تتعرض له «توحة» بسبب خلفيتها الاجتماعية، من تمييز سلبي ضدها في المحلات وعلى مدخل ومخرج «الكمبوند» الذي تعمل فيه، عبر مشاهد متعددة تتسم بالواقعية بما فيها مشاهدها بالمواصلات العامة ومحاولات التنقل.
وتبرز أحداث الفيلم التي تدور في أقل من 24 ساعة، كيفية سلب «توحة» طفولتها لتعبر عن واقع كثير من الأطفال الذين يتعرضن لنفس التجارب، فتبرز محدودية ما تعلمته، فلا هي تعرف يوم ميلادها ولا تدرك معنى الأمنية بينما يتلخص طموحها في شمعة تطفئها.

ووصف الناقد طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط» بأنه «الأفضل» من بين ما قدمته السينما المصرية خلال العام الحالي حتى الآن، مع قدرة مخرجته سارة جوهر في توجيه موهبة الطفلة ضحى التي قدمت دور البطولة في الأحداث، مشيراً إلى أن الفيلم يحمل العديد من الرسائل الاجتماعية والسياسية.
وأضاف أن الفيلم جدير بتمثيل السينما المصرية في جوائز «الأوسكار» بعدما استوفى كل الشروط بما فيها العرض التجاري المحدود لمدة أسبوع، مشيراً إلى أن الكثير من الأفلام حول العالم تعرض تجارياً بشكل محدود للترشح للأوسكار كما حدث في «هابي بيرث داي».

وعدّ الناقد السينمائي خالد محمود، الفيلم أحد أفضل الأفلام المصرية في السنوات الأخيرة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «اتسام الفيلم بالواقعية في الصورة، والاتزان مع طرح أفكار متعددة بشكل سلس عكست فكرة العمل بأهمية التمسك بالحلم».
وأضاف محمود أن الفيلم طرح قضايا العدالة الاجتماعية والمساواة، والكفاح الذي تقوم به المرأة في حياتها، مشيراً إلى أن مزج الفيلم بين عالمين متناقضين بعيون الأطفال نجحت مخرجته سارة جوهر في التعبير عنه بشكل جيد، سواء من خلال اختيار مواقع التصوير أو فريق العمل الذين أجادوا تقديم أدوارهم بشكل شديد الاحترافية.



