سيف نبيل يُطلق «المجموعة» من بيروت: ولادة جديدة واستماع غير مسبوق

الفنان العراقي لـ«الشرق الأوسط»: أصعب المعارك أخوضها مع نفسي

سيف نبيل يُطلّ من بيروت بـ«المجموعة»... ولادة فنّية جديدة (تشانل إم إي)
سيف نبيل يُطلّ من بيروت بـ«المجموعة»... ولادة فنّية جديدة (تشانل إم إي)
TT

سيف نبيل يُطلق «المجموعة» من بيروت: ولادة جديدة واستماع غير مسبوق

سيف نبيل يُطلّ من بيروت بـ«المجموعة»... ولادة فنّية جديدة (تشانل إم إي)
سيف نبيل يُطلّ من بيروت بـ«المجموعة»... ولادة فنّية جديدة (تشانل إم إي)

كان هواء الخريف قد بدأ يهبُّ خفيفاً على ليل الشاطئ اللبناني، يحمل معه شيئاً من الهدوء الذي يسبق المفاجآت. في منطقة زوق مكايل، اجتمع الفنّ بالعاطفة في أمسية أرادها الفنان العراقي سيف نبيل مختلفة، فوجد نفسه مُحاطاً بوجوه مُحبّة، من فنانين وإعلاميين وأصدقاء يشاركونه حفل إطلاق ألبومه الجديد «ذا كولكشن». تحوّل المكان المُضاء بالشموع والمُزيَّن بالورود البيضاء إلى بيت يفتح أبوابه على موسيقى جديدة تُخاطب الحاضر وتؤسِّس لمرحلة أخرى من مسيرة فنان يواصل البحث عن نفسه.

الأمسية تحوَّلت إلى بيت مفتوح للجميع (تشانل إم إي)

خصوصية الأمسية في تفاصيلها الجمالية، وفي الفكرة غير المألوفة التي اعتمدتها: جلسة استماع مباشرة للأغنيات، تُقام بهذا الشكل للمرة الأولى في الشرق الأوسط. عَرَض سيف نبيل جميع أغنيات الألبوم أمام الحضور قبل أن تُطرَح رسمياً، كأنه أراد أن يُشاركهم لحظة الولادة ويضعهم في موقع الشهود والمشاركين في آن. كان المشهد أشبه بمسرح للتفاعل الفنّي. تعلو الآراء والانطباعات على وَقْع الموسيقى، فيشعر الفنان أنّ صوته يعود إليه مُضاعَفاً بما يحمله الآخرون من تفاعل.

راح الشريكان موريس متّى وإيلي الحلو يتنقّلان بين الضيوف بحرص واهتمام، يُراقبان التفاصيل الصغيرة التي تجعل الأمسية مُتماسكة، فشركة «تشانل إم إي» التي أسَّساها، وضعت لنفسها معياراً خاصاً في التنظيم، وبدت في تلك الأمسية كأنها تمتحن قدرتها على الجَمْع بين التميُّز والمهنية. حين تولّى إيلي الحلو إدارة الحوار مع سيف نبيل، بدا واضحاً أنّ الهدف إتاحة فرصة لأسئلة حقيقية تمنع ضوضاء العبارات الفارغة وتُفسح مجالاً لنقاش يُظهر عمق التجربة. كان التنظيم «صارماً» من دون أن يفقد لمسته الإنسانية، والحوار سلساً من دون أن يتخلّى عن الجدّية، فخرجت الأمسية مثل لوحة تجمع الودّ بالرصانة.

في تلك اللحظة التي فاجأته تفاصيل لم يكُن على عِلْم بها، قال سيف نبيل بعفوية: «قلبي كِبِر كتير كتير كتير». كلمات بسيطة مُحمّلة بحقيقة الشعور، تعكس حجم الامتنان والبهجة. ظهر بوضوح أنه كان فرداً من عائلة كبيرة التفَّت حوله لتُشاركه انطلاقة يراها منعطفاً في مساره. العروض الحصرية لمقاطع الألبوم، والإطلاق الرسمي لفيديو كليب «أخذ الروح» الذي حصد إعجاب الحاضرين، منحت الأمسية معنى أعمق في نظره. استُقبلت الأغنية مثل إضافة بصرية وفكرية تفتح نافذة جديدة في مسيرة فنان يتوق دائماً إلى التجريب.

لكنّ قيمة «المجموعة» تُقاس أيضاً بما حمله من روح متجدِّدة. 10 أغنيات مختلفة يجمعها خيط بحث عن التنوّع. تراءى سيف نبيل في وضعية إعادة تعريف نفسه عبر كلّ أغنية؛ يُجرّب صورة جديدة ويكتشف نغمة أخرى، من دون أن يتخلَّى عن جذوره. يُقدّم عملاً متعدّد الطبقات، يتنقّل فيه بين اللهجات العربية، لكنه يظلّ محتفظاً بالروح العراقية التي يعرفها جمهوره ويُقدّرها.

في حواره مع «الشرق الأوسط»، يتحدَّث عن هذا التحدّي: كيف يُحافظ الفنان على هويته الأصلية وهو يُجرّب ألواناً جديدة؟ يقول: «أنا ابن العراق أولاً وأخيراً، هويتي حاضرة في كلّ كلمة وكلّ لحن. لكنَّ الفنّ لغة إنسانية عالمية لا تعرف الحدود. اللهجات العربية ثراء وليست تفرقة، وقد استطعتُ أن أوحِّد هذا التنوّع لأني غنّيتُ بصدق وحافظتُ على الروح العراقية التي يُحبّها الناس، فيما أضافت اللهجات الأخرى ألواناً جديدة إلى الصورة نفسها».

أغنيات متجدّدة تُعيد رسم صورة سيف نبيل خارج القوالب (تشانل إم إي)

نسأله عن منعطف التغيير، فيُجيب من موقع التجربة: «يصل كلّ فنان إلى مرحلة يشعر فيها أنّ صوته والجمهور يحتاجان إلى ولادة جديدة. لم يكن الهدف أن أُبدّل هويتي، وإنما أن أضيف نَفَساً جديداً. اللحظة جاءت حين أدركتُ أنّ الجمهور يتوقَّع مني شيئاً أبعد ممّا اعتاد عليه، وهناك قرّرتُ أن أُقدّم سيف نبيل المختلف». في كلماته ما يُشبه الاعتراف بأنّ التكرار فخّ يُهدّد الفنان إن لم يُجدّد ذاته، والمغامرة في الفنّ مطلوبة.

لم يُخفِ أنّ العراق هو الجذر الذي يمنحه هويته، لكنه يرى في الانتشار العربي جناحاً يُتيح له التحليق أبعد. يردُّ على إشكالية التوازن بين الانتماء والانتشار: «لا أراهما في صراع، فهما متكاملان. الانتماء يمنحني الصدق، والانتشار يمنحني المساحة لأطير بجناحي». في تلك العبارة خلاصة تجربته؛ فيكون حاضراً بجذوره، ومنفتحاً في الوقت نفسه على فضاء أوسع يضمّ الجميع.

يتحدَّث عن النقلة النوعية، ويربطها بمعركة داخلية لا يفلت منها أي فنان: «أصعب معركة يخوضها الفنان هي مع نفسه، كيف يُطوّرها ويُقدّم ما يرضيها قبل إرضاء الآخرين. لكنها أيضاً رسالة للساحة الفنّية بأنّ ثمة دائماً مساحة للتجديد والخروج من القوالب».

وفي لحظة تأمُّل، نسأل سيف نبيل عمّا لو عاد إلى نفسه الأولى؛ تلك التي بدأت المشوار قبل سنوات، فماذا كان ليقول لها؟ يجيب وصورٌ من الماضي تعبُر أمامه: «كنتُ سأقول: ابقَ كما أنتَ. آمن بحلمك وامشِ بخطوات ثابتة. لكلّ نجاح وقته، ولكلّ أغنية عمرها. اجعل قلبكَ دليلك، ولا تخف من التحدّيات. فكلّ تجربة ستمنحك قوة وخبرة».


مقالات ذات صلة

حفلات رأس السنة في بيروت... راغب علامة يتصدر والبعض يُفضلها منزلية

يوميات الشرق الموسيقي غي مانوكيان (فيسبوك)

حفلات رأس السنة في بيروت... راغب علامة يتصدر والبعض يُفضلها منزلية

في نهاية كل عام، ينشغل اللبنانيون بالبحث عن سهرات تناسب ميزانياتهم وأذواقهم لقضاء سهرة رأس السنة. وعادةً ما تتوزّع هذه الحفلات بين العاصمة بيروت ومناطق ساحلية…

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس  مي كساب تعوض ظهورها في الحفلات بالغناء في السينما (الشرق الأوسط)

مي كساب: أعوّض غيابي عن الحفلات بالغناء في السينما

عن وجهة نظري قالت المطربة المصرية مي كساب إنها ترفع القبعة لكل مطرب يواصل نجاحه اعتماداً على نفسه، في ظل غياب بعض المؤسسات وشركات الإنتاج الكبرى

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

فجر فيلم «الست» زخما واسعاً في مصر حول كواليس حياة أم كلثوم، بمراحلها المختلفة وعلاقاتها الشخصية بمن حولها من عائلتها وزملائها، بالإضافة إلى قصص حبها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)

نسمة محجوب: تجربتي في «الست» التحدي الأصعب بمشواري

أعربت المطربة المصرية نسمة محجوب عن فخرها بمشاركتها في فيلم «الست» بالأداء الصوتي للأغنيات، والذي اعتبرته أصعب تحدٍّ خلال مشوارها الفني.

مصطفى ياسين (القاهرة)
يوميات الشرق شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»

شيرين تهدد بمقاضاة مُروجي إشاعات «إفلاسها»

عاد اسم الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب للواجهة مجدداً، بعد إشاعات شخصية عدة طاردتها خلال الساعات الماضية.

داليا ماهر (القاهرة)

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».