مصادر من «حماس» تؤكد أن الحركة ستتعامل بـ«إيجابية كبيرة» مع مقترحات وقف الحرب

الحركة تقول لا مشكلة لديها في التنازل عن الحكم بالقطاع لوقف «المقتلة»

نازحون في خيام ببلدة الزوايدة وسط قطاع غزة يوم الخميس (رويترز)
نازحون في خيام ببلدة الزوايدة وسط قطاع غزة يوم الخميس (رويترز)
TT

مصادر من «حماس» تؤكد أن الحركة ستتعامل بـ«إيجابية كبيرة» مع مقترحات وقف الحرب

نازحون في خيام ببلدة الزوايدة وسط قطاع غزة يوم الخميس (رويترز)
نازحون في خيام ببلدة الزوايدة وسط قطاع غزة يوم الخميس (رويترز)

أكدت مصادر قيادية من «حماس» أن الحركة ستتعامل بقدر كبير من الإيجابية مع المقترحات التي ستعرض عليها في إطار التواصل الجاري لمحاولة الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وكذلك بشأن مستقبل قطاع غزة و«اليوم التالي» للحرب.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الأيام المقبلة قد تشهد انفراجة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار المؤقت في غزة، كأنها مرحلة تؤدي إلى وقف الحرب نهائياً، وذلك بضمانات أميركية وعربية وإسلامية ودولية.

وبينت المصادر أن الاتصالات لا تزال مستمرة مع قيادة «حماس» عبر الوسطاء الرئيسيين وجهات أخرى، من أجل التوصل إلى اتفاق شامل يضمن وقف الحرب، وإعادة الإعمار، وإنهاء الحصار وإدخال المساعدات، والاتفاق على مستقبل الحكم في قطاع غزة.

وأكدت المصادر أن الحركة منفتحة على كل الخيارات التي يمكن أن توقف «هذه المقتلة» في غزة، كما وصفتها، مبينةً أن الحركة «لا مشكلة لديها في التنازل عن الحكم بالقطاع»، وأنها أبدت سابقاً مرونة كبيرة في هذا الصدد، وستكون منفتحة على أي خيار يتعلق بإدارة القطاع ضمن توافق واضح على ذلك.

وأعربت المصادر عن أملها في أن تكون هناك جدية أميركية في التعامل مع ملف غزة «بعدما وفرت إدارة دونالد ترمب الحماية الكاملة والدعم اللامتناهي لإسرائيل في الحرب على القطاع، وشاركت بشكل واضح في خطط خدعت بها الحركة لاستهداف قياداتها كما جرى في الدوحة وغيرها»، على حد قولها.

حراك يتبلور

وقبل أيام كشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حراكاً جديداً بدأ يتبلور من أجل محاولة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع، وتوقعت أن تتضح الصورة بشأن هذه الجهود خلال 10 أيام.

وأشارت بعض المصادر حينها إلى أن «دولاً عربية عدة منخرطة في الاتصالات التي تهدف إلى إنهاء الحرب بشكل كامل، وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من داخل المناطق السكنية بشكل أساسي ومبدئي، على أن تُوضع خرائط كاملة بشأن الانسحاب من مناطق مختلفة».

نازحون من شمال قطاع غزة صوب الجنوب يوم الخميس (رويترز)

وأكد المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، الأربعاء، أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قدمت خطة سلام مكونة من 21 نقطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة لقادة دول عربية وإسلامية في لقاء بهم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وأبدى ويتكوف، في قمة كونكورديا التي تُعقد على هامش اجتماعات نيويورك، ثقته في تحقيق «نوع من الاختراق» في الأيام المقبلة، لكنه لم يخض في التفاصيل، بحسب شبكة (سي إن إن).

ووصف ويتكوف الجلسة التي عقدها ترمب مع قادة ومسؤولين بدول عربية وإسلامية بأنها «كانت مثمرة للغاية»، وأضاف: «قدمنا ما نسميه خطة ترمب للسلام في الشرق الأوسط من 21 نقطة».

وتابع: «أعتقد أنها تعالج المخاوف الإسرائيلية، وكذلك مخاوف جميع جيران المنطقة، ونحن متفائلون، بل واثقون، من أننا سنتمكن في الأيام المقبلة من الإعلان عن نوع من الاختراق».

وكان بيان مشترك لقادة الدول العربية والإسلامية المشاركة في القمة متعددة الأطراف مع ترمب قد أكد ضرورة إنهاء الحرب في قطاع غزة، بوصفها «الخطوة الأولى نحو السلام».

ونقل موقع صحيفة «بوليتيكو» الأميركية عن مصادر مطلعة على المحادثات الأميركية - العربية الإسلامية أن فريق ترمب قدّم ورقة تحدد خطة الإدارة لإنهاء الحرب، تتضمن الانسحاب من قطاع غزة، والوعد بعدم ضم الضفة الغربية، وتفاصيل أخرى مثل الحوكمة والأمن بعد الحرب.

ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري، الأربعاء، نقلاً عن مصادره أن المبادئ الأميركية التي عُرضت خلال الاجتماع شملت إطلاق سراح جميع المحتجزين، ووقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً إسرائيلياً تدريجياً من قطاع غزة بالكامل. كما أشار إلى أن الخطة تتضمن آلية لحكم غزة من دون حركة «حماس»، ونشر قوة أمنية تضم فلسطينيين وقوات من دول عربية وإسلامية.

وأوردت «القناة 12» العبرية حديثاً بالمضمون نفسه، وأضافت عليه أن خطة إنشاء قوة أمنية في القطاع ستضم دولاً عربية وستكون بتمويل عربي للإدارة الجديدة في غزة، مع دور معين للسلطة الفلسطينية.

عدم الضم

ونقلت مواقع عن مصادر مطلعة قولها إن القادة العرب طرحوا على ترمب شروطاً أبرزها عدم ضم إسرائيل أجزاءً من الضفة الغربية، وعدم احتلالها مناطق في القطاع أو إقامة مستوطنات فيها، وعدم المس بالوضع القائم في المسجد الأقصى، وضمان تدفق المساعدات للقطاع بشكل فوري.

بكاء ونحيب بعد مقتل فلسطينيين في هجمات إسرائيلية على غزة (د.ب.أ)

ونُقل عن أحد المسؤولين بعد الاجتماع: «خرجنا من اللقاء بآمال كبيرة، ولأول مرة نشعر بأن هناك خطة جدية على الطاولة، والرئيس ترمب يريد أن تنتهي الحرب والتقدم بما يخدم مصالح المنطقة».

وقال مصدران شاركا في الاجتماع إن ترمب أوضح للقادة العرب أنه لن يسمح لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية.

وفي ختام الاجتماع، أعرب القادة العرب والمسلمون عن دعمهم للمبادئ الأميركية، والتزموا بالمشاركة في خطة «اليوم التالي».

وذكرت «القناة 12» أن إسرائيل باتت تدرك أن ترمب يريد رسم خطة مبادئ واضحة «مع الدول العربية المعتدلة»، تتضمن إغلاق قضية «اليوم التالي»، وإقناعها بتجنيد قوة عربية في غزة تحت رعاية أميركية، لتتولى المسؤولية المدنية في القطاع، مع تنفيذ بعض الخطوات بالتنسيق مع إسرائيل.

نقاط الالتقاء مع خطة ماكرون

وتلتقي الخطة الأميركية في أهدافها مع ما طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقابلة مع قناتي «العربية» و«الحدث»، الأربعاء، إذ قال إنه جار العمل على إطلاق خطة تحمل اسم «الأمن والسلام للجميع»، لإنهاء الحرب في قطاع غزة.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم 23 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وقال ماكرون إن الخطة «تتضمن وقفاً لإطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، وتشكيل إدارة انتقالية في غزة، وتأهيل قوات الشرطة»، كما تتضمن نشر «قوة دولية» لحفظ الاستقرار في القطاع.

وأوضح الرئيس الفرنسي أن «القوة الدولية المخطط إرسالها لغزة ستحصل على تفويض أممي»، مضيفاً أن «دولاً من المنطقة وخارجها ستشارك في خطة الأمن والسلام بغزة».

وقال: «المفاوضات حول الأراضي إحدى مراحل إنشاء دولة فلسطينية»، وأضاف: «نريد إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل».

وشدّد على أنه يتوجب «على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف السباق الدموي المحموم»، عادّاً أن «السلام هو الطريق الأفضل لحماية إسرائيل واستعادة مصداقيتها».

وفيما يتعلق بتهديدات ترددت في إسرائيل عن ضم الضفة الغربية رداً على سلسلة الاعترافات بالدولة الفلسطينية قال: «يجب ألا يوافق أحد على ضم إسرائيل للضفة الغربية»، مضيفاً: «ضم إسرائيل للضفة لا علاقة له بحركة (حماس) ولا بهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».


مقالات ذات صلة

«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

العالم العربي منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

بدأ وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مناقشات دراسة أولية بشأن إعادة الإعمار في القطاع، في أعقاب تأخر عقد مؤتمر القاهرة بشأن التعافي المبكر.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري عناصر من «حماس» وأعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسط الأنقاض في مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري نزع سلاح «الخط الأصفر»... ورقة ضغط تهدد المرحلة الثانية من «اتفاق غزة»

ترقب جديد لتطورات مشاورات ستمتد لـ«أسابيع مقبلة» بين وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حسب مخرجات لقاء رباعي بمدينة ميامي الأميركية.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل بمدينة غزة في غضون 10 أيام؛ ما تسبب بوفاة ما لا يقل عن 15 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

وقالت المصادر إنه جرت دراسة واشنطن كمكان محتمل للمؤتمر الذي قد يُعقد مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير، وأن مصر من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة.

وأضاف مصدر أن المؤتمر لن يُعقد على الأرجح إلا بعد أن يُكمل المسؤولون تشكيل «مجلس السلام» بقيادة ترمب، والمقرر أن يشرف على الحكومة الانتقالية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس» في أكتوبر.

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق غزة في شرم الشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف التقى مسؤولين من مصر وتركيا وقطر في فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع لبحث تنفيذ وقف إطلاق النار.

وأضافت أن المؤتمر جزء من جهد أوسع نطاقاً للحفاظ على زخم خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي والمؤلفة من 20 بنداً، والتي قُسّمت إلى مرحلتين، تهدف الأولى إلى وقف القتال وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، أما المرحلة الثانية، والأكثر صعوبة، فتتمثل في الانتقال إلى إدارة طويلة الأمد لغزة، مع نزع سلاح «حماس» وتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

وذكرت «بلومبرغ» أن مسؤولين أميركيين أقروا بصعوبة المرحلة الثانية، إذ يواجه مجلس السلام العديد من التساؤلات، بدءاً من تحديد أعضائه، كما لم يتم بعد إنشاء قوة الاستقرار الدولية، في حين أن أصعب مهام المرحلة الثانية ربما تكون نزع سلاح «حماس».


واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.