اكتشاف مقبرتين جماعيتين خلال أقل من أسبوع في دمشق وريفها

الضحايا قُتلوا على يد نظام الأسد و«حزب الله» أثناء الفرار من القصف والمجاعة

انتشال رُفات مقبرة القدم قرب حي الميدان في دمشق (سانا)
انتشال رُفات مقبرة القدم قرب حي الميدان في دمشق (سانا)
TT

اكتشاف مقبرتين جماعيتين خلال أقل من أسبوع في دمشق وريفها

انتشال رُفات مقبرة القدم قرب حي الميدان في دمشق (سانا)
انتشال رُفات مقبرة القدم قرب حي الميدان في دمشق (سانا)

فوجئ عمال ورشة صيانة في حي القدم قرب حي الميدان، جنوب العاصمة دمشق، أثناء إصلاح خط للصرف الصحي، بوجود رفات بشرية تعود لخمسة أشخاص على الأقل في إحدى فتحات الخط.

وفور شيوع النبأ سارع عدد من أهالي أشخاص فُقدوا عند حواجز للنظام السابق كانت منتشرة في المنطقة، على أمل العثور على أثر لأبنائهم، وذلك في حين انتشلت الجهات المعنية نحو 170 رفات عُثر عليها الخميس في مقبرة جماعية في منطقة العتيبة بريف دمشق.

وتتابع محافظة دمشق مع الجهات المختصة وفرق الدفاع المدني وخبراء من«الهيئة الوطنية للمفقودين» التحقيق في قضية الرفات المكتشفة في حي القدم، بعد تنظيم مباحث الأمن الجنائي ضبطاً رسمياً بالواقعة وفق الأصول القانونية.

ووفق إفادة للمحافظة في بيان رسمي، «لا تزال عملية دراسة الرفات جارية ضمن إجراءات معقدة تهدف إلى تحديد هوية الضحايا وظروف دفنهم». وقال المحامي العام في دمشق، القاضي حسام خطاب، إنه تم توجيه مباحث الأمن الجنائي لإجراء تحقيق شامل في القضية. وكشفت التحقيقات الأولية عن وجود خمس جثث على الأقل، يُرجّح أن بينها طفلين.

خطاب أشار في تصريح لوكالة «سانا»، الثلاثاء، إلى أن عملية استخراج الرفات جرت وفقاً للبروتوكولات المعتمدة، وتحت إشراف مباشر من النيابة العامة. وأوضح أن وجود رفات بشرية في موقع صرف صحي «يثير مؤشرات جنائية تستوجب التوسع في التحقيقات»، خاصة في ظل إفادات تفيد بوقوع حالات خطف واعتقال عشوائي على يد النظام البائد، مؤكداً أن النيابة العامة ستواصل جمع الأدلة وسماع إفادات الشهود؛ بهدف التوصل إلى تحديد هويات الضحايا. وقال إن «هذه القضية تندرج ضمن سلسلة من الملفات التي تكشف حجم الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين من قِبل النظام البائد».

أحد سكان حي القدم، حيث عُثر على الرفات، قال إن السنوات الأولى من الثورة شهدت مقتل العشرات في الحي، وكان الأهالي يعثرون بشكل دائم على جثث مرمية غرب حي الميدان في منطقة يحيط بها نحو ستة حواجز عسكرية، أغلب الجثث تكون مشوهة ويصعب التعرف عليها. وأضاف أن السلطات آنذاك، لم تكن تستجيب لإعلان العثور على الجثث ولا توجه بدفنها؛ ما يجعلها تبقى لأيام في العراء. قلة من تلك الجثث تم التعرف عليها وكانت تعود لأبناء الحي نفسه.

وأضاف المتحدث، أنه يتوقع العثور على المزيد من الجثث في الحي ومناطق أخرى؛ لأن أعداد المفقودين بالآلاف.

سهام وعصام صيام يرفعان صورتين لابنهما وسام الذي قضى في مجزرة التضامن بدمشق عام 2013 (أ.ب)

تجدر الإشارة إلى أنه عُثر في فبراير (شباط) الماضي على عظام بشرية متناثرة في العراء في حي التضامن بدمشق، الذي كان قد شهد مجازر على أيدي عناصر ميليشيات تتبع للنظام السابق راح ضحيتها أكثر من 500 شخص، إحدى تلك المجازر تم توثيقها بمقطع فيديو انتشر عام 2022. يشار إلى أن السلطات السورية الجديدة قبضت على عدد من المتورطين بارتكاب تلك المجازر، واعترف أحدهم بأنه تم قتل أكثر من 500 مدني من رجال ونساء.

عمال صيانة يكتشفون رُفاتاً لـ3 جثث في حي القدم بدمشق (سانا)

وحسب الأرقام المتداولة، يُقدّر عدد المفقودين في سوريا خلال الأربع عشرة سنة الماضية، بنحو 150 ألف مفقود، إلا أن الهيئة الوطنية للمفقودين التي تشكلت في مايو (أيار) الماضي، أكدت عدم وجود رقم رسمي للمفقودين، ورجحت أن تكون الأعداد أعلى من ذلك؛ لأن الكثير من ذوي المفقودين لم يبلغوا عن اختفاء أبنائهم لمخاوف أمنية، علماً بأن الهيئة أعلنت عن توثيق 63 مقبرة جماعية.

مقبرة العتيبة الجماعية

وانتشلت السلطات السورية نحو 170 رفات من مقبرة جماعية عثر عليها الأهالي الخميس في منطقة البحيرة في العتيبة بريف دمشق، حيث قامت فرق وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية مع عدد من أهالي المفقودين والضحايا بعمليات البحث واستخراج الرفات.

ورجحت تقارير إعلام محلية، أن تكون الرفات التي عُثر عليها في العتيبة عائدة لمدنيين من أهالي الغوطة الشرقية قُتلوا في كمين لـ«حزب الله» والنظام السابق، وذلك أثناء نزوحهم من المنطقة، وكان عددهم يقدر بـ250 شخصاً، بينهم نساء وأطفال ومنشقون جرحى.

اكتشاف رُفات بشرية جنوب دمشق ضمن منطقة كانت تحت سيطرة نظام الأسد (سانا)

وقال المحامي العام في ريف دمشق، القاضي محمد عمر هاجر، إن مركز الاستعراف التابع لهيئة الطبابة الشرعية، هو الجهة المسؤولة عن التعرف على رفات ضحايا المقبرة الجماعية المكتشفة في منطقة البحيرة بالعتيبة، وتضم رفات نحو 170 مدنياً من أهالي الغوطة الشرقية والمناطق المجاورة قُتلوا على يد النظام السابق أثناء محاولتهم الفرار من الحصار والمجاعة قبل سنوات.

ويحتفظ المركز بالرفات المجهولة مع مقتنياتها الشخصية بشكل كامل؛ لتسهيل عملية التعرف عليها من قِبل الأهالي ويصار إلى دفنها وفق الأصول الشرعية والقانونية في حال التعرف عليها.

ومع كل اكتشاف جديد لمقبرة جماعية تتصاعد المطالبات المحلية والدولية بتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق، وكشف مصير المفقودين وجبر الضرر لذويهم.


مقالات ذات صلة

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

المشرق العربي جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا عن أن قوات المهام الخاصة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
المشرق العربي نقطة تفتيش تابعة لقوى الأمن الداخلي السوري في السويداء (رويترز) play-circle

مقتل 3 أشخاص في الساحل السوري خلال اشتباكات مع قوات الأمن

قُتل ثلاثة أشخاص، الأربعاء، خلال اشتباكات مع قوات الأمن في محافظة اللاذقية، معقل الأقلية العلوية في غرب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

قوات إسرائيلية تطلق قنابل دخانية على أطفال ونساء في جنوب سوريا

اعتدت قوة إسرائيلية على أطفال ونساء أثناء جمعهم للفطر في المنطقة الواقعة بين قريتي العدنانية ورويحينة في ريف القنيطرة الشمالي في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص صورة لاجتماع ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن بتاريخ 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

خاص كيف غيَّرت قرارات ترمب وجه سوريا؟

بعد سنوات من سياسات أميركية اتسمت بالتردد وتضارب الأجندات، تتجه واشنطن اليوم بخطى ثابتة نحو سياسة أكثر مباشرة و«براغماتية» عنوانها تحقيق النتائج على الأرض.

سلطان الكنج

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح اليوم الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».


14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ندّدت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلّة، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن، ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وإيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف البيان: «نؤكد مجدداً معارضتنا أي شكل من أشكال الضم، وأي توسيع لسياسة الاستيطان»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ودعت الدول إسرائيل إلى «العدول عن هذا القرار، بالإضافة إلى ⁠إلغاء التوسع في ‌المستوطنات».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات ⁠أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يؤجج أيضاً انعدام الاستقرار».