واقعة «شبرا الخيمة» تعيد الجدل بشأن «تشويه» تماثيل الميادين في مصر

نقابة التشكيليين انتقدت تغيير قاعدة عمل يجسد محمد علي باشا

التمثال الذي أعاد الجدل حول تجميل الميادين (نقابة الفنانين التشكيليين على «فيسبوك»)
التمثال الذي أعاد الجدل حول تجميل الميادين (نقابة الفنانين التشكيليين على «فيسبوك»)
TT

واقعة «شبرا الخيمة» تعيد الجدل بشأن «تشويه» تماثيل الميادين في مصر

التمثال الذي أعاد الجدل حول تجميل الميادين (نقابة الفنانين التشكيليين على «فيسبوك»)
التمثال الذي أعاد الجدل حول تجميل الميادين (نقابة الفنانين التشكيليين على «فيسبوك»)

أعادت واقعة تمثال محمد علي باشا في شبرا الخيمة بالقليوبية (شمال القاهرة) الجدل حول تشويه تماثيل الميادين العامة في مصر، بعد نقل التمثال من مكانه وتغيير قاعدته المناسبة لكتلته في الحجم والارتفاع، ووضعه على قاعدة أسطوانية مرتفعة، ما عدّه الفنان صاحب التمثال، الدكتور شمس القرنفيلي، أستاذ النحت الميداني والعميد السابق لكلية الفنون التطبيقية في جامعة بنها (دلتا مصر)، عدم مراعاة للنسبة والتناسب بين حجم التمثال والقاعدة، معترضاً على تحريك التمثال وتغيير قاعدته، ونشر صوراً للتمثال في مراحل متعددة وكتب: «للأسف محمد علي باشا أصبح بهذا الشكل في مخرج شبرا الخيمة بعدما كان بهذا الشكل في مدخل شبرا الخيمة، وطبعاً لا أعرف بفضل من في حي شمال شبرا أو أيٍّ من مهندسي التنسيق والتجميل بمحافظة القليوبية؟» وفق منشور على صفحته بـ«فيسبوك»، إلا أنه أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «يجري حالياً وضع حل مناسب للموقف»، وأشار إلى «وجود قرار لرئيس الوزراء تم تعميمه على المحافظين وجهاز التنسيق الحضاري بعدم التعدي على أي فراغات عامة داخلية أو خارجية إلا بعد الرجوع والتنسيق مع جهاز التنسيق الحضاري».

وتضامن مع الفنان عدد كبير من الفنانين المصريين وكتبوا على صفحاتهم «السوشيالية»، ما يفيد باستمرار سلسلة تشويه تماثيل الميادين، دون وضع رأي الفنانين أو الجهات المعنية بتنسيق الفراغ العام في الاعتبار.

التمثال في مراحل تحضيره وبعدها في الميدان (صفحة الفنان شمس القرنفيلي على «فيسبوك» )

وظهرت مطالبات بأن تخضع تماثيل الميادين والنحت في الميادين لسلطات رقابية من جهاز التنسيق الحضاري في وزارة الثقافة المصرية ونقابة الفنانين التشكيليين.

وأصدرت نقابة الفنانين التشكيليين بياناً أعربت خلاله عن رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لما سمته «الممارسات غير المسؤولة التي تقوم بها المحليات وبعض الجهات التي لا نعلم عنها شيئاً»، ورأت النقابة أن «ما حدث مع تمثال محمد علي للفنان شمس القرنفيلي أستاذ النحت الميداني والعميد السابق لكلية الفنون التطبيقية في جامعة بنها تصرف غير مسؤول، فالقاعدة جزء أصيل من العمل الفني وعدم إدراك ذلك يعدّ تعدياً صارخاً على حقوق الملكية الفكرية للفنان وتشويهاً متعمداً للذائقة البصرية والذوق العام»، مؤكدة أن «أي تغيير أو نقل تمثال ميداني من موقع لآخر يجب أن يتم وفق المعايير الفنية والمهنية التي تحفظ القيمة الجمالية للعمل، وبعد التشاور مع الفنانين أصحاب الأعمال والنقابة المختصة لضمان خروج الأعمال بشكل لائق».

وقال نقيب الفنانين التشكيليين، طارق الكومي، لـ«الشرق الأوسط»: «حين حدث تصرف من جهات غير متخصصة في التعامل مع الأعمال الميدانية التي تجمل الميادين، وهناك بعض الأعمال التي كانت توضع بارتجال من غير متخصصين، أصدر رئيس الوزراء قراراً للمحافظين بأن أي أعمال فنية في الميادين تؤول لكليات الفنون الجميلة أو التنسيق الحضاري أو نقابة الفنانين التشكيليين المتخصصين، وهي مسألة بسيطة للغاية، المفروض أن المحافظين والجهات المعنية على علم بهذا الأمر، ولكننا نتفاجأ دائماً بأمور تُنفَّذ ليس لها البعد الجمالي والحضاري الملائم».

وأضاف الكومي: «من المفروض أن يتم التنسيق مع الجهات المذكورة التي تضم متخصصين لضمان وضع الأعمال الفنية أو تجميل الميادين بطريقة تلائم العمارة والبيئة المحيطة، فهذا أمر مهم يساهم في الوجه الحضاري والصورة الحضارية للبلد، وهذا يتضح للزائر أو السائح ويعطي انطباعاً مريحاً بصرياً لزائري مصر من كل أنحاء العالم».

وأوضح أنه تم التواصل بالفعل بين المسؤولين والتنسيق الحضاري، وسيُعاد إقامة التمثال الخاص بمحمد علي باشا للدكتور شمس القرنفيلي في مكان مناسب بقاعدة مناسبة لحجم التمثال ولتسهيل رؤيته، لافتاً إلى أن «سبب نقل التمثال كان للمنفعة العامة حسب ما وصلني من المسؤولين، وسيُنقل في مكان مناسب وبالقاعدة المناسبة، لكن أتمنى مستقبلاً التنسيق مع النقابة ومع أصحاب الأعمال».

وجدد الكومي المطالبة بأن تكون النقابة مرجعاً لأي أعمال ميدانية بالتنسيق مع التنسيق الحضاري والجهات المعنية ليقوم متطوعون من النقابة بالأعمال المطلوبة لتجميل الميادين أو الشوارع في كل محافظات مصر. ووفق نقيب التشكيليين، فالنقابة بها 5 شعب متنوعة، بها متخصصون في كل مجالات الفنون يجب أن يقوموا بدورهم الذي يمليه عليهم ضميرهم المهني.

وكتب الدكتور محمد الصبان، أستاذ الفنون في جامعة القاهرة ووكيل نقابة التشكيليين يقول: «في مدخل شبرا الخيمة أبدع الفنان شمس القرنفلي عميد كلية الفنون التطبيقية في بنها، تمثالاً لمحمد علي باشا ونصب له قاعدة تتناسب وحجم التمثال ذات تصميم جيد وتناسق واضح يظهر قوة التمثال»، مضيفاً على صفحته في «فيسبوك»: «ونفاجأ بعد فترة زمنية بسيطة بتغيير القاعدة لتتحول قاعدة التمثال لتشبه ماسورة صرف صحي ويبدو أن موظفي الحي تتردد في أذهانهم كلمة أعلى مبنى وأعلى جسر وأعلى سارٍ، فالناس اجتهدت ليكون التمثال أعلى تمثال في منطقتهم».

وقال الصبان لـ«الشرق الأوسط»: «إن التشويه البصري الذي يحدث في الميادين لا يقتصر على التماثيل والأعمال الفنية، بل يشمل النسق الحضاري والواجهة الجمالية للبلد بشكل عام، مع احترامنا للمحليات وموظفيها، لكن لدي اقتراح يتمثل في الاستعانة بالفنانين القاطنين في كل حي ومنطقة يُراد تجميلها، وأن يتطوع الفنان بالتنسيق مع الجهة المسؤولة، لاستشارته في مثل هذه الأعمال».

وسبق أن أثار «تمثال حورس» في ميدان البارود بمدينة قفط في محافظة قنا (جنوب مصر) أزمة قبل عامين، وكان نموذجاً وصفه متخصصون بـ«المشوه»، وكذلك تماثيل في محافظات الإسماعيلية وأسيوط، كما تعرّضت بعض التماثيل المنصوبة في الميادين لانتقادات وأثارت جدلاً، مثل تمثال محمد عبد الوهاب في ميدان باب الشعرية، وتمثال أم كلثوم في الزمالك، اللذين تم طلاؤهما. وكان أحدث الأعمال المثيرة للجدل تمثالاً يعكس روح الفن المصري القديم على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوي المؤدي إلى المتحف الكبير، بالإضافة إلى ضجة سابقة بسبب تجميل سور حديقة الأسماك في حي الزمالك وطلاء واجهتها بألوان وصفها فنانون بأنها «نوع من العبث».


مقالات ذات صلة

حزن في الوسط الفني المصري لدراما رحيل بطلة «اللي بالي بالك»

يوميات الشرق الفنانة نيفين مندور (حسابها على «فيسبوك»)

حزن في الوسط الفني المصري لدراما رحيل بطلة «اللي بالي بالك»

خيَّم الحزن على الوسط الفني المصري عقب الإعلان عن وفاة الفنانة نيفين مندور بطلة فيلم «اللي بالي بالك»، التي رحلت صباح الأربعاء، إثر اختناقها في حريق بشقتها.

داليا ماهر (القاهرة )
شمال افريقيا وقائع «تحرش مدرسي» أثارت صدمةً في المجتمع المصري (وزارة التربية والتعليم)

مصر: ترحيب واسع بإحالة أوراق المتهم في قضية «تحرش الإسكندرية» إلى المفتي

سادت حالة من الارتياح في مصر، الأربعاء، بعد إحالة أوراق المتهم في «واقعة تحرش مدرسة الإسكندرية» إلى مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه.

أحمد جمال (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان الراحل سعيد المختار (حسابه على موقع فيسبوك)

«خلافات زوجية» تُنهي حياة ممثل مصري بعد مشاجرة في الشارع

تسببت «خلافات أسرية» في إنهاء حياة الممثل المصري سعيد المختار، خلال وجوده لرؤية نجله البالغ من العمر 9 سنوات في أحد النوادي الشهيرة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق دار الإفتاء المصرية تصدر بياناً يؤكد تحريم البشعة شرعاً (دار الإفتاء المصرية)

مصر: تجدد الجدل حول «طقس البشعة» ومدى شرعيته

جدّد مقطع فيديو تظهر فيه فتاة تقوم بما يُعرف بـ«طقس البشعة» الجدل حول هذه الممارسات الشعبية ومدى توافقها مع الشرع والقانون

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق سمير الإسكندرني قدم أعمالاً جديدة ومختلفة في الموسيقى العربية (صفحة محبي سمير الإسكندراني على فيسبوك)

قرار بإزالة مقبرة سمير الإسكندراني يعيد جدل هدم مدافن المشاهير

أدى إخطار وصل لأسرة الفنان سمير الإسكندراني «1938 - 2020» يدعوهم لنقل رفاته قبل إزالة مقبرته الموجودة في منطقة السيدة نفيسة، لتجديد أحزانهم.

حمدي عابدين (القاهرة )

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري، استضاف متحف محمود مختار بالجزيرة (وسط القاهرة)، معرضاً استعاديّاً للفنان الراحل وحيد البلقاسي، الملقب بـ«شيخ الحفارين»، تضمن رصداً لأعماله وجانباً كبيراً من مسيرته الفنية.

المعرض الذي انطلق 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويستمر حتى 28 من الشهر نفسه في قاعتي «نهضة مصر» و«إيزيس» رصد مراحل فنية متنوعة للفنان الراحل، وبرزت خلاله فكرة الأسطورة الشعبية من خلال رموز بعينها رسمها ضمن اللوحات، مثل: العين الحارسة، والأجواء الأسطورية، للحكايات التي تتضمنها القرية المصرية.

وبينما تضمنت إحدى القاعات الأعمال الملونة والغرافيك المميز الذي قدمه الفنان وحيد البلقاسي، والتي تعبر عن الأسرة المصرية بكل ما تمثله من دفء وحميمية، كذلك ما يبدو فيها من ملامح غرائبية مثل القصص والحكايات الأسطورية التي يتغذى عليها الخيال الشعبي.

البورتريه الملون من أعمال الفنان وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

ولد وحيد البلقاسي في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) عام 1962، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك عام 1986، واشتهر بأعماله في فن الغرافيك، وله عشرات المعارض الفردية والجماعية، كما أسس جماعة فنية باسم «بصمات»، وكان لها دور فاعل في الحياة الفنية عبر معارض وفعاليات متنوعة.

يقول عمار وحيد البلقاسي، منسق المعرض، نجل الفنان الراحل، إن المعرض يمثل تجربة مهمة لشيخ الحفارين وحيد البلقاسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار اسم المعرض للتأكيد على أن أعمال الفنان لا تموت وتظل خالدة للأبد، تحمل اسمه وتحيي أعماله الفنية»، وتابع: «قبل وفاة الفنان عام 2022 كان يتمنى أن يعرض هذه المجموعة المتنوعة من أعماله الفنية، بما فيها الحفر على الخشب في دار الأوبرا المصرية، واستطعنا أن نعرض من مجموعته 100 عمل فني تصوير، من بينها 30 عملاً فنياً بطول مترين وعرض 170 سنتمتراً، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الصغيرة».

وأشار إلى أن الأعمال في مجملها ترصد القرية والحياة الريفية بمصر، وتتضمن موتيفات ورموزاً شعبية كثيرة تدل على الأصالة وعشقه للقرية والحياة الشعبية بكل ما تتضمنه من سحر وجمال.

ويصف الإعلامي المصري والفنان طارق عبد الفتاح معرض «لون لا يموت» بأنه «يعبر عن مسيرة الفنان وحيد البلقاسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعدُّ الفنان الراحل فناناً عالمياً؛ لأنه جمع بين الإغراق في المحلية ومفردات التراث في لوحاته، واللوحات التي تنطق بالتعبيرية وتمثل الروح المصرية الأصيلة، واستخدم الأبيض والأسود في أغلب أعماله، لكن له مجموعة أعمال بالألوان مبهرة، ويظهر في أعماله مدى اهتمامه بالجمال والاحتفاء بالمرأة وبالمفردات الشعبية وتفاصيل القرية المصرية».

الفنان الراحل وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الفتاح: «لوحات المعرض سواء الكبيرة، التي يصل ارتفاعها إلى مترين، أو الصغيرة، فيها طاقة تعبيرية تبهر المتلقي الذي ينجذب فوراً للتفاصيل الموجودة بها».

وإلى جانب أعماله الفنية المتميزة، فقد شارك وحيد البلقاسي في الحركة التشكيلية عبر أنشطة عدّة، وأُنتج فيلم تسجيلي عن مسيرته الفنية بعنوان «شيخ الحفارين»، من تأليف علي عفيفي، وإخراج علاء منصور، سجل رحلته الفنية وعلاقته بالقرية والمفردات التي استقى منها فنه.


«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
TT

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد، تضمّنت معرضاً أثرياً مؤقتاً يستمر لمدة شهرَين بالتعاون مع المتحف القبطي في القاهرة.

ورأى الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يضطلع به المتحف، مشيراً في بيان للمتحف، الجمعة، إلى أن رسالة المتحف لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأكد أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية بوصفها حاضنة للتنوع الديني والثقافي، ومركزاً للتسامح والتعايش.

وافتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية عام 2021 بالتزامن مع احتفالية «موكب المومياوات»، حيث نُقلت «المومياوات الملكية» من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ويضم المتحف 1600 قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر العصور.

ويضم المعرض الأثري المؤقت مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض لأول مرة، تشمل أيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات فنية كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة لميلاد السيدة العذراء، ومنظر حجري يُجسّدها وهي تُرضع السيد المسيح، بما يعكس ثراء هذا التراث وقيمته الفنية والرمزية، وفق تصريحات للدكتورة نشوى جابر، نائبة الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية.

وقالت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض الأثري جاء بالتعاون مع المتحف القبطي، وهي المرة الثانية التي يتعاون فيها المتحف مع آخر، حيث تم التعاون من قبل مع المتحف الإسلامي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف».

جانب من معرض أثري مؤقت بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

وأكدت أن «القطع المعروضة فريدة من نوعها فلم تُعرض من قبل، ومن بينها 15 قطعة من المتحف القبطي، و8 قطع من متحف الحضارة، تعود إلى القرون الميلادية الأولى»، وأهم القطع التي تضمنها المعرض وفق نائب الرئيس التنفيذي للمتحف «أيقونة ميلاد السيدة العذراء نفسها، فالشائع والمنتشر هي أيقونات ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولكن من النادر وجود لوحة أيقونية تصور ميلاد السيدة العذراء. كما توجد قطعة حجرية منقوش عليها رسم للسيدة العذراء والسيد المسيح، وتُعدّ امتداداً للفن المصري القديم الذي كان يجسّد في لوحات مشابهة لإيزيس وهي تُرضع الطفل حورس».

من جانبه، أكد رئيس قطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية، الدكتور أحمد حميدة، أن «المعرض يُجسّد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية»، مشيراً إلى أن «اختيار السيدة العذراء مريم محوراً للمعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة».

بينما أشارت مديرة المتحف القبطي، جيهان عاطف، إلى أن المعرض يُبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر مختلف الحقب التاريخية.

وحسب بيان للمتحف القومي للحضارة، تضمّنت الفعاليات الاحتفالية الكثير من الأنشطة، من بينها معرض للتصوير الفوتوغرافي، تضمن 22 صورة فوتوغرافية لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مصر، وهو ما عدّته نائبة رئيس المتحف «ضمن خطة للربط بين الاحتفالات والأعياد الكبرى من جهة عرض القطع الأثرية التي تعبّر عنها، وكذلك توثيق مظاهرها الحديثة والمعاصرة وحضور هذه الأعياد ومظاهرها في الشارع المصري المعاصر للربط بين التاريخ والحاضر».

وشهدت الاحتفالية فعاليات فنية، مثل عروض لفرقة كورال «أغابي» التي قدمت مجموعة من الأغاني القبطية احتفاء بقيم المحبة والسلام، إلى جانب عروض لكورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وتضمنت الاحتفالية أيضاً أنشطة تفاعلية متنوعة لتنفيذ أعمال فنية ورسم حي لأيقونات المعرض، وممارسة ألعاب تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.


شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».