حديث عن زيارة وفد إسرائيلي للقاهرة لبحث ترتيبات بشأن الحدود مع قطاع غزة، في مشهد جديد يأتي بعد شهر من السجال بين مصر وإسرائيل، على خلفية توتر في ملفات عديدة كان أحدثها اتهامات متبادلة بمخالفة اتفاقية السلام الموقعة عام 1979.
تلك الزيارة التي لم تؤكدها القاهرة، يقدر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنها ربما تكون بوساطة أميركية، بهدف محاولة لتخفيف التوتر، بعد سجال حول الانتشار العسكري الحدودي على الجانبين.
وذكرت «هيئة البث الإسرائيلية»، الثلاثاء، أن وفداً إسرائيلياً يزور القاهرة لبحث الترتيبات الأمنية على الحدود مع الجانب المصري، دون تفاصيل أكثر.
وكان موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي نقل عن مسؤولين إسرائيليين، السبت، استنكارهم لـ«الحشد العسكري المصري في سيناء»، زاعمين أنه يأتي في مناطق «لا يُسمح فيها إلا بالأسلحة الخفيفة بموجب معاهدة السلام»، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على مصر لتقليص «التعزيزات العسكرية في سيناء».
كما زعمت «هيئة البث الإسرائيلية»، أنه قبل بدء عملية احتلال غزة في أغسطس (آب) الماضي، نشرت مصر 40 ألف جندي على الحدود مع إسرائيل، بالإضافة إلى دخول مدرعات إلى شمال سيناء.

وردت «هيئة الاستعلامات المصرية» على التقرير، نافية في بيان صحافي، أي خرق لـ«معاهدة السلام» مع إسرائيل، ومؤكدة أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب، وفي إطار التنسيق المسبق مع أطراف معاهدة السلام، التي تحرص مصر تماماً على استمرارها، في ظل أنها على مدار تاريخها لم تخرق معاهدة أو اتفاقاً».
وآنذاك، قال النائب والإعلامي المصري مصطفى بكري، عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو هو من يخالف اتفاقية السلام»، مؤكداً أن «القوات الإسرائيلية احتلت محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، بطول 14 كيلومتراً على الحدود المصرية مع غزة، بما يخالف البروتوكول الأمني الموقع عام 2005».
مباحثات تخفيف التوتر
الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، يتوقع أن تكون زيارة روتينية بهدف بحث أي خلافات أو خروقات بشأن اتفاقية معاهدة السلام، مشيراً إلى أنها هذه الزيارة الإسرائيلية أهميتها أنها تأتي بعد السجال الأخير بشأن خرق الحدود وقد تكون محاولة لتخفيف التوتر.
ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية الأكاديمي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن الزيارة غير مسبوقة في ظل السجالات الأخيرة التي تفتعلها إسرائيل ضد مصر وربما تكون بوساطة أميركية، مشيراً إلى أنها قد تكون فرصة لغلق القاهرة باب المزاعم الإسرائيلية وتخفيف حدة التوترات.
ومنذ مطلع شهر سبتمبر (أيلول) تصاعد السجال بين مصر وإسرائيل في أعقاب تسريبات بإعلام عبري تتحدث عن اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، «عدم تمديد اتفاق الغاز مع مصر»، وحديث رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر، ضياء رشوان، في تصريحات متلفزة، عن عدم قدرته على تحمل خسائر ذلك.
وتطرق رشوان في حديثه إلى حرب عام 1973 بين مصر وإسرائيل، ووصفها بأنها كانت «نزهة»، مضيفاً: «الآن الأسلحة تطورت والمسافات قصرت والقدرة على استخدام الأوراق العسكرية مختلفة، إذ حشدت تل أبيب 5 فرق لمحاولة السيطرة على قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 356 كم، فماذا ستفعل في مواجهة جيوش نظامية حقيقية في المنطقة؟».

ومنذ اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979 لم تشهد العلاقات بين البلدين توتراً مثل الحادث حالياً بسبب الحرب في غزة، خصوصاً بعد احتلال إسرائيل محور «فيلادلفيا» المحاذي للحدود المصرية بالمخالفة لمعاهدة السلام، ثم نقضها اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في يناير (كانون الثاني) الماضي بوساطة القاهرة، واستمرار إسرائيل في الحرب والتجويع لأهل غزة، ثم احتلالها محور «موراغ»، والترتيب لبناء مدينة خيام للغزيين قرب حدود مصر، فضلاً عن احتلال القوات الإسرائيلية معبر رفح من الجانب الفلسطيني وحصار القطاع.
وفي أغسطس (آب) الماضي، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لأول مرة، ما تقوم به إسرائيل في غزة من حرب تجويع بأنه «إبادة ممنهجة بغرض تصفية القضية الفلسطينية»، وهو الوصف الذي كرره وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أكثر من مرة لاحقا.
ويرى فرج، أن تلك السجالات لن تنتهي طالما لم تنته حرب غزة، ولكن قد نرى تخفيفا للتوتر فقط، مستبعدا أن يصل لقاء القاهرة لتفاهمات، في ضوء استمرار تلك الحرب ورفض مصر أي تهجير للفلسطينيين الذي تريد إسرائيل تنفيذه بقوة.
ويتوقع أنور أن يكون لقاء القاهرة بداية سلسلة تراجعات إسرائيلية، أمام الموقف المصري الصلب خاصة في ظل غليان داخلي بإسرائيل من أفعال نتنياهو، وتسونامي خارجي مرتبط باعترافات دولية تتواصل في نيويورك بدولة فلسطين.







