انقسام شيعي حاد حول «المقاطعة أو المشاركة» في الانتخابات العراقية العامة

الصدر يرى البديل في الإصلاح الشامل وتغيير «الرؤوس الكبيرة»

موظفو لجنة الانتخابات يفرزون بطاقات الاقتراع في مركز بـ«مدينة الصدر» شرق بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)
موظفو لجنة الانتخابات يفرزون بطاقات الاقتراع في مركز بـ«مدينة الصدر» شرق بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

انقسام شيعي حاد حول «المقاطعة أو المشاركة» في الانتخابات العراقية العامة

موظفو لجنة الانتخابات يفرزون بطاقات الاقتراع في مركز بـ«مدينة الصدر» شرق بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)
موظفو لجنة الانتخابات يفرزون بطاقات الاقتراع في مركز بـ«مدينة الصدر» شرق بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العامة بنسختها السادسة المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تواصل فجوة الانقسام الشيعي الاتساع بين الداعين إلى المشاركة فيها بقوة، والراغبين في مقاطعتها.

وخلافاً للهدوء النسبي على الساحتَيْن السنية والكردية بشأن الموقف من الانتخابات، يبدو الانقسام الشيعي آخذاً في التفاقم مع كمّ الانتقادات التي يوجّهها المتحمسون للانتخابات والمقاطعون لها، والتي تصل في أحيان كثيرة إلى «شتائم واتهامات» متبادلة.

هادي العامري (وكالة الأنباء العراقية)

وفي هذا السياق، يقول رئيس «منظمة بدر»، القيادي في تحالف «الإطار التنسيقي» هادي العامري، إن «من لا يشارك في الانتخابات كأنه يؤيّد (البعث)». وفي خطبة يوم الجمعة الماضي في بغداد، شنّ خطيبها ياسين الموسوي المقرب من قوى «الإطار التنسيقي»، هجوماً لاذعاً على الداعين إلى المقاطعة وشتمهم ووصفهم بـ«الحمقى».

وغالباً ما تشير معظم الانتقادات التي تمارسها القوى والشخصيات المقربة من «الإطار التنسيقي»، إلى زعيم «التيار الوطني الشيعي» مقتدى الصدر وأتباعه، بسبب إعلانهم عدم المشاركة في الانتخابات، ودعواتهم الصريحة إلى مقاطعتها.

ودعوات المقاطعة لا تقتصر على الصدريين وتشمل قطاعات شيعية أخرى، لكن الثقلَيْن الانتخابي والشعبي لتيار الصدر يجعلانه في مرمى انتقادات «الإطار التنسيقي».

مقتدى الصدر (إعلام التيار الصدري)

وعلى الرغم من أن «الإطاريين» -حسب كثير من المراقبين- «يحبذّون ضمناً» عدم مشاركة التيار الصدري المؤهل دائماً إلى الفوز بمعظم مقاعد الشيعة البرلمانية، كما حصل في الانتخابات الماضية؛ حيث فاز بـ73 مقعداً، قبل أن ينسحب لاحقاً، فإن لديهم مخاوف ناجمة من الاعتقاد أن «انحسار المشاركة الشعبية في الانتخابات قد يقوّض ويُضعف العملية الانتخابية، وأيضاً قد يُعرّض الشيعة إلى خسارة انتخابية كبيرة في العاصمة بغداد».

في المقابل، يدافع الصدريون عن خيار المقاطعة. وعدّ مقتدى الصدر، في بيان، الأحد، «بديل المقاطعة، هو الإصلاح الشامل وتغيير الوجوه، بل تغيير الصماخات (الرؤوس الكبيرة) لإنقاذ العراق، بطرق سياسية وقانونية بلا تدخلات خارجية».

ورداً على انتقادات المنتقدين للتيار، ردّ الصدر على ذلك بإجابات مطوّلة، ركزت في معظمها على الانتقادات التي يوجهها إليه وإلى تياره، خصومه في «الإطار التنسيقي».

وذكّرهم بانسحاب نوابه ومقاطعتهم للبرلمان، وكيف حرموه من فرصة تشكيل الحكومة، وأنهم «إن قالوا: إنكم لستم شيعة، قلنا: فلمِ تريدون أصواتنا».

تجنّب الصدر مصافحة المالكي في آخر لقاء جمعهما بمنزل هادي العامري يناير 2022 (إكس)

وقال: «جربنا الإصلاح من داخل العملية الانتخابية والسياسية، فلم نلقَ أُذناً واعية... بل التخوين كان عدونا، واليوم نجرب الإصلاح من خارج العملية السياسية».

وأضاف الصدر: «نحن جند الدين والمذهب والوطن أينما حللنا: داخل العملية السياسية أم خارجها... وكلنا على أُهبة الاستعداد التام أمام المخاطر الداخلية والخارجية على حدّ سواء».

ثم عاد ليتساءل: «كيف نعطي صوتنا إلى من يقول إننا أصحاب أجندات خارجية، وكيف نعطي أصواتنا إلى من تقول تسريباته إنه يريد قتلنا والهجوم علينا في النجف الأشرف». في إشارة إلى ما ورد على لسان زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي عام 2022 في تسريبات صوتية، من تهديدات ضد الصدريين.

وتساءل الصدر كذلك عن جدوى إعطاء أصوات أتباعه إلى من «فصّخ مصفاة بيجي»؛ في إشارة إلى «عصائب أهل الحق» المتهمة بتفكيك منشآت «مصفاة بيجي» النفطية خلال الحرب مع «داعش» عام 2016.

وأضاف، في معرض رده على المنتقدين لتيار المقاطعة: «إذا كنتم تقصدون من عدم جدوى المقاطعة، هو مقاطعتها بعدم وجود كتلة ونواب، فوجود التيار الشيعي الوطني يعني تعطيل تشكيل الحكومة واستمرار الخلافات وحرق المستشفيات وصناديق الاقتراع وقصـف إخوتنا في أربيل والأنبار»، في إشارة إلى الأعمال التي قام بها «الإطاريون» خلال محاولة الصدر تشكيل الحكومة التي أعقبت الانتخابات الماضية، وإصراره على تشكيل تحالف «وطني» مع الأكراد والسنة بعيداً عن قوى «الإطار» الشيعية.

الآلاف من أتباع الصدر في مظاهرة بساحة «التحرير» وسط بغداد (أرشيفية - د.ب.أ)

وتحدّث الصدر عن مطالبات مرجعية النجف بإصلاح العملية السياسية من دون أن تلقى آذانا مصغية من قِبل قوى «الإطار»، وذكر أنه «قد بحّ صوت المرجعية، ولا من مجيب، فسارعوا لإرضائها وسنكون معكم، وإرضاؤها قوة للمذهب، واعتزالكم لها ضعف ووهن للمذهب».

وخلص إلى القول، إن «البديل الحقيقي للمقاطعة، هو تبديل الوجوه الحالية (شلع قلع)، عسى أن تفتح أبواب الإصلاح ويغلق باب التبعية والانبطاح للسفيهة، ويأمن الشعب من السـلاح المنفلت، ومِن قمع الأصوات، ويتخلص الشعب من الماء الملوث، وإرجاع حصة العراق المائية، والكهرباء المفقودة، ومن الحدود المشرعة أمام الإرهاب والتهريب، وفرض الأجندات الخارجية التي أضعفت المذهب والوطن».


مقالات ذات صلة

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)
المشرق العربي قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)

سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

تتسابق القوى السياسية العراقية مع الوقت لحسم اختيار الرئاسات الثلاث، وسط انسداد سياسي وتعدد المرشحين.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)

جدل في العراق بعد كلمة لساكو تضمنت مصطلح «التطبيع»

أثارت كلمة لبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق لويس روفائيل ساكو، خلال قداس عيد الميلاد في بغداد، جدلاً سياسياً واسعاً، بعد استخدامه مفردة «التطبيع».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)

مواقف عراقية متضاربة حول مرشح تسوية لرئاسة الحكومة

قال قيادي في تحالف «الإطار التنسيقي» بالعراق إن القوى الشيعية قطعت مراحل مهمة في التوافق على اختيار رئيس الوزراء المقبل، مع اقتراب انعقاد جلسة البرلمان.

حمزة مصطفى (بغداد)

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
TT

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)

أغلقت القوات الإسرائيلية، صباح اليوم (السبت)، حاجز عطارة العسكري، شمال رام الله بالضفة الغربية.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن «الاحتلال أغلق الحاجز منذ ساعات الصباح الأولى، ما تسبب في عرقلة حركة المواطنين، خاصة القادمين والمغادرين من قرى وبلدات شمال غربي وغرب رام الله، ومن المحافظات الشمالية».

وفق تقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، فإن العدد الإجمالي للحواجز الدائمة والمؤقتة التي تقسم الأراضي الفلسطينية بلغت ما مجموعه 916 ما بين حاجز عسكري وبوابة.


سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)

لقي خمسة أشخاص من عائلة واحدة سورية حتفهم مساء الجمعة داخل منزلهم في ظروف غامضة بحي البياض في مدينة حماة.

وبحسب وزارة الداخلية، أظهرت نتائج التحقيقات الأولية أن الزوج أقدم على قتل زوجته وبناته الثلاث قبل أن يقتل نفسه.

والتحقيقات مستمرة لمعرفة الدوافع والملابسات الكاملة للجريمة، وفق ما أوردته قناة «الإخبارية» السورية اليوم السبت.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلاح المستخدم في جريمة القتل هو بندقية حربية نوع كلاشينكوف.


تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
TT

تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)

في حادث جديد يُسلّط الضوءَ على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية، قُتل ما لا يقلُّ عن 8 أشخاص، وجُرح آخرون في انفجار وقع داخل مسجد بمدينة حمص (وسط البلاد) وتبنّته جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش».

وأوضح مسؤول بوزارة الصحة السورية، في تصريح نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أنَّ حصيلة تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص بلغت 8 قتلى و18 مصاباً. وقالَ مدير مديرية الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، نجيب النعسان، إنَّ الحصيلة «غير نهائية».

وفيما أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة التابعة لـ«داعش» مسؤوليتَها عن التفجير، قائلة إنَّها استهدفت مسجداً علوياً، تعهد وزير الداخلية السوري أنس خطاب بأن تصلَ يدُ العدالة إلى الجهة التي تقف وراء التفجير «أياً كانت». ووصف استهدافَ دور العبادة بأنَّه «عمل دنيء وجبان».

ويعدّ هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الحالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران)، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وتبنّته أيضاً مجموعة «سرايا أنصار السنة».

ولقيَ تفجير حمص أمس إدانات عربية واسعة، فيما شدّدت وزارة الخارجية السعودية على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهودَ حكومتها لإرساء الأمن والاستقرار.