سكان غزة يودّعون منازلهم المهدمة... ومخاوف من تهجير دائم

تصاعد الدخان بعد انهيار برج مشتهى المكون من 15 طابقاً بعد تعرضه لغارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة - 5 سبتمبر (رويترز)
تصاعد الدخان بعد انهيار برج مشتهى المكون من 15 طابقاً بعد تعرضه لغارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة - 5 سبتمبر (رويترز)
TT

سكان غزة يودّعون منازلهم المهدمة... ومخاوف من تهجير دائم

تصاعد الدخان بعد انهيار برج مشتهى المكون من 15 طابقاً بعد تعرضه لغارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة - 5 سبتمبر (رويترز)
تصاعد الدخان بعد انهيار برج مشتهى المكون من 15 طابقاً بعد تعرضه لغارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة - 5 سبتمبر (رويترز)

على مدى عقد من الزمن، ظل الفلسطيني شادي سلامة الريس الموظف بأحد البنوك، يسدد قرضاً عقارياً بقيمة 93 ألف دولار لشقته في مبنى حديث شاهق الارتفاع بأحد الأحياء الراقية في مدينة غزة.

والآن، يعيش هو وأسرته في فقر مدقع بعد فرارهم من ضربة إسرائيلية هدمت المبنى في غمضة عين، ليتحول إلى كومة أنقاض وسط سحابة من الدخان والغبار.

ويمثل الهجوم الذي وقع في 5 سبتمبر (أيلول) على برج مشتهى المكون من 16 طابقاً، بداية حملة هدم مكثفة نفذها الجيش الإسرائيلي، مستهدفاً المباني الشاهقة قبل الهجوم البري على قلب المدينة المكتظة بالسكان، والذي بدأ الأسبوع الماضي.

الفلسطيني شادي سلامة الريس الذي فر من شقته في برج مشتهى المكون من 15 طابقاً بمدينة غزة قبل دقائق من قصف إسرائيلي للمبنى يحمل أمتعته في دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه هدم ما يصل إلى 20 برجاً سكنياً في مدينة غزة، قائلاً إن حركة «حماس» تستخدمها. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن 50 «برجاً للإرهابيين» جرى هدمها.

وتسببت هذه الحملة في تشريد المئات. وفي الإطار الزمني نفسه، سوّت القوات الإسرائيلية مناطق بالأرض في أحياء الزيتون والتفاح والشجاعية والشيخ الرضوان وغيرها، وفقاً لما ذكره 10 سكان لـ«رويترز». وتظهر صور الأقمار الاصطناعية التي راجعتها وكالة «رويترز» للأنباء، الدمار الذي لحق بعشرات المباني في الشيخ الرضوان منذ أغسطس (آب).

ويخشى الريس أن يكون التدمير هدفه تهجير سكان مدينة غزة بشكل دائم، وهو رأي تتفق معه مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. وقال المتحدث باسم المفوضية ثمين الخيطان في بيان، إن مثل هذه الحملة المتعمدة لنقل السكان يعدّ تطهيراً عرقياً.

وقال الريس يوم الأربعاء الماضي: «بعمري ما تخيلت إني أترك مدينة غزة لكن الانفجارات ما بتتوقف... ما بقدر أخاطر بأطفالي، ولذلك أنا بجهز أغراضي وراح أطلع على الجنوب». وتعهد بالبقاء في القطاع قائلاً: «لو خيروني بأي بلد في العالم ما راح أختار إلا غزة».

وتوعد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في مايو (أيار) الماضي، بأن معظم قطاع غزة سوف «يدمر بالكامل» قريباً، وسيتكدس سكانه في شريط ضيق من الأرض بالقرب من الحدود مع مصر.

وأنذرت إسرائيل جميع السكان المدنيين في مدينة غزة، مطالبة إياهم بالإخلاء في أثناء الهجوم. وفي الأسبوع الماضي، أغلقت معبراً إلى شمال غزة، وهو ما حد من الإمدادات الغذائية الضئيلة للمنطقة.

ورداً على أسئلة من أجل هذه القصة، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل نداف شوشاني: «لا توجد استراتيجية لتدمير غزة». وأضاف أن هدف الجيش هو تدمير «حماس»، واستعادة الرهائن. وقال إن «حماس» استخدمت المباني الشاهقة لمراقبة القوات الإسرائيلية ومهاجمتها، مضيفاً أن الحركة استخدمت المدنيين دروعاً بشرية وزرعت ألغاماً في المباني. وكثيراً ما يلقى جنود إسرائيليون حتفهم بعبوات ناسفة في غزة. ونفت حركة «حماس» استخدام الأبراج السكنية لمهاجمة القوات الإسرائيلية.

وقال مصدران أمنيان إسرائيليان لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أهداف الجيش والسياسيين في إسرائيل ليست متوافقة دائماً، وأشار أحدهما إلى أن أفكاراً مثل إخلاء مناطق في غزة من الفلسطينيين لإعادة إعمارها مستقبلاً، تتعارض مع الأهداف العسكرية. ويُمثل هذا الهجوم أحدث مرحلة في حرب إسرائيل على غزة، التي قتلت أكثر من 65 ألف فلسطيني، وتسببت في مجاعة وشردت معظم السكان، وأجبرتهم على النزوح عدة مرات في كثير من الحالات.

فتاة فلسطينية نازحة فرت من شمال غزة بسبب عملية عسكرية إسرائيلية تجلس بجوار أمتعتها بينما يتحرك الناس جنوباً بعد أن أمرت القوات الإسرائيلية سكان مدينة غزة بالإخلاء إلى الجنوب في وسط قطاع غزة (رويترز)

واندلعت أحدث حرب في القطاع بعد هجوم شنته «حماس» على بلدات جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهو ما أدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة، وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية. ولا يزال 48 من الرهائن في غزة، ويُعتقد أن نحو 20 منهم على قيد الحياة.

وفي الأسبوع الماضي، خلص تحقيق للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. ووصفت إسرائيل هذا الاستنتاج بأنه منحاز و«مشين». ويقول خبراء الأمم المتحدة إن تدمير المساكن والبنية التحتية المدنية يعد جريمة حرب.

وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي شوشاني، إن المباني كانت أهدافاً عسكرية مشروعة وافق عليها ضابط مخابرات وضابط قانوني.

«رعب وخوف» بعد أمر إخلاء

وقبل الحرب، اشتهر برج مشتهى بين طبقة المؤهلات المهنية والطلاب في مدينة غزة، بإطلالته على البحر وموقعه الملائم القريب من حديقة عامة وجامعتين.

وقال الريس إن البرج كان يؤوي في الأصل نحو 50 عائلة، لكن هذا العدد ارتفع لثلاثة أمثال خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد أن استقبل سكانه أقاربهم النازحين من أجزاء أخرى من غزة.

وانتشرت عشرات الخيام التي تؤوي مزيداً من العائلات النازحة حول قاعدة البرج. ولحقت أضرار بالطوابق العليا من المبنى جراء غارات سابقة.

وقال الريس إنه في صباح 5 سبتمبر، تلقى أحد الجيران اتصالاً من ضابط في الجيش الإسرائيلي يطلب منه نشر الأمر بإخلاء المبنى في غضون دقائق، وإلا فإنهم «راح ينزلوا البرج فوق روسنا»، فيما قال شوشاني إن الجيش منح السكان وقتاً للإخلاء، وتأكد من مغادرة المدنيين قبل قصف المباني.

وقال الريس، الذي كان يأمل في سداد قرضه العقاري بحلول هذا العام: «مشاعر رعب، وخوف وضياع ويأس وحيرة وألم سيطرت علينا كلنا، أنا شفت ناس بتجري حافية القدمين، وناس نسيت جوالاتها (تليفوناتها المحمولة)، ووثائقها، أنا ما أخدت لا جوازات سفر ولا بطاقات الهوية». وأضاف أنهم لم يحملوا معهم شيئاً، وأن زوجته وطفليه آدم (تسع سنوات) وشهد (11 سنة) نزلوا الدرج وهربوا.

صورة مركبة تظهر صورة قمر اصطناعي لبرج مشتهى المكون من 15 طابقاً قبل يوم من تدميره في غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة - 4 سبتمبر 2025... وبقايا برج مشتهى المكون من 15 طابقاً بعد تدميره في غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة - 6 سبتمبر 2025 (رويترز)

ويُظهر مقطع فيديو صورته «رويترز» ما حدث بعد ذلك. سقطت قذيفتان من الجو وانفجرتا في وقت واحد تقريباً بقاعدة البرج لينهار في نحو ست ثوان. وتصاعد الغبار والدخان وتناثر الحطام في الشوارع وفوق خيام النازحين، الذين تفرقوا وهم يركضون ويصرخون.

ورداً على سؤال من وكالة «رويترز» للأنباء، قال الجيش الإسرائيلي إنه كانت لدى «حماس»؛ «بنية تحتية تحت الأرض» أسفل برج مشتهى، استخدمتها لمهاجمة القوات الإسرائيلية.

صورة من القمر الاصطناعي تُظهر مناطق مُتضررة في الشيخ رضوان بمدينة غزة (رويترز)

وفي رد على وكالة «رويترز» للأنباء يوم الأربعاء، قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن الجيش الإسرائيلي لم يقدم أيضاً أدلة تثبت أن الأبنية الأخرى التي وصفها بأنها بنية تحتية إرهابية كانت أهدافا عسكرية مشروعة.

وقال الريس، الذي كان رئيس اتحاد سكان المبنى، إن أسلوب الهدم ليس منطقياً، حتى إن كان هناك وجود لـ«حماس»، وهو ما نفاه. وأضاف: «كان بإمكانهم يتعاملوا مع الموضوع بطريقة ما تسبب أذى ولا خدش لأي حدا مش يدمروا برج 16 طابقاً».

وبعد أسبوعين قضاها مع عائلته في حي الصبرة، غادر الريس، مثل مئات الآلاف من سكان المدينة الذين رحلوا منذ أغسطس، ونصب خيمة في دير البلح وسط قطاع غزة يوم الخميس.

الجيش الإسرائيلي يهدم منازل بضواحي مدينة غزة

ذكر سكان تحدثت إليهم «رويترز» أنه استعداداً للهجوم البري، دمر الجيش ما يصل إلى 12 منزلاً يومياً في أحياء الزيتون والتفاح والشجاعية خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وقدر أمجد الشوا رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة، أن أكثر من 65 في المائة من المباني والمنازل في مدينة غزة، دمرت أو تضررت بشدة خلال الحرب. وتظهر صور الأقمار الاصطناعية لعدة أحياء، أضراراً جسيمة لحقت بضواحي المدينة في الأسابيع القليلة الماضية.

صورة من القمر الاصطناعي تُظهر مناطق مُتضررة في الشيخ رضوان بمدينة غزة (رويترز)

ووثقت منظمة بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة (إيه سي إل إي دي)، وهي منظمة غير ربحية تجمع بيانات عن الصراعات حول العالم، أكثر من 170 واقعة هدم نفذها الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة منذ أوائل أغسطس، معظمها من خلال تفجيرات محكومة في المناطق الشرقية، بالإضافة إلى حيي الزيتون والصبرة.

وفي سياق متصل، قالت أمينة مهفار كبيرة محللي شؤون الشرق الأوسط في «إيه سي إل إي دي»: «يبدو أن وتيرة ومدى عمليات الهدم أوسع نطاقاً مما كانت عليه في الفترات السابقة». وأضافت أنه في المقابل، تم تسجيل أقل من 160 عملية هدم من هذا القبيل في مدينة غزة خلال 15 شهراً الأولى من الحرب.

وأفاد سكان تحدثوا إلى وكالة «رويترز» للأنباء أيضاً، بأن القوات الإسرائيلية فجرت مركبات مسيرة عن بعد محملة بالمتفجرات في حيي الشيخ رضوان وتل الهوى، مما أدى إلى تدمير العديد من المنازل خلال الأسبوعين الماضيين.

وأكد شوشاني المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، استخدام متفجرات أرضية ضد مبانٍ جرى تصنيفها أهدافاً عسكرية. وقال إنه لا يملك معلومات عن مركبات محملة بالمتفجرات تحديداً.

وذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أنها وثقت عمليات هدم محكومة لبنية تحتية سكنية، وقالت إن بعض الأحياء دمرت بالكامل.

ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية، فإنه حتى قبل الهجوم الحالي على مدينة غزة، تضرر أو دمر ما يقرب من 80 في المائة من المباني في غزة، أي نحو 247195 مبنى، منذ بدء الحرب. وشمل ذلك 213 مستشفى و1029 مدرسة. وجرى جمع البيانات في يوليو (تموز).

وقالت بشرى الخالدي مسؤولة السياسات المتعلقة بغزة في منظمة «أوكسفام»، إن الأبراج السكنية هي أحد آخر أشكال الملاذات المتاحة، وحذرت من أن إجبار الناس على النزوح سيؤدي إلى تفاقم الاكتظاظ السكاني في الجنوب «بشكل مطرد».

وكان طارق عبد العال (23 عاماً)، وهو طالب دراسات مالية من حي الصبرة، متردداً في مغادرة منزله مع عائلته رغم قصف المنطقة على مدى أسابيع، قائلاً إنه منهك من أوامر الإخلاء المتكررة خلال الحرب. ولكنهم غادروا صباح 19 أغسطس فقط بعد هدم المنازل المجاورة لمنزلهم المكون من 3 طوابق، وقال إنه بعد 12 ساعة فقط دمرت غارة إسرائيلية منزل العائلة.

وذكر عبد العال لوكالة «رويترز» للأنباء عبر الهاتف من مخيم النصيرات وسط غزة، واصفاً الأضرار الجسيمة التي لحقت بالشارع بأكمله: «يمكن لو ضلينا هاديك الليلة في البيت كان تم قتلنا... دمروا أملنا في إننا نرجع».


مقالات ذات صلة

مقتل فلسطيني بقصف لمسيرة إسرائيلية شرق غزة

المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

مقتل فلسطيني بقصف لمسيرة إسرائيلية شرق غزة

قُتل مواطن فلسطيني، اليوم الاثنين، برصاص القوات الإسرائيلية على أثر استهدافه في شرق مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
شؤون إقليمية عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

للمرة العاشرة على التوالي، تقدَّمت الحكومة الإسرائيلية بطلب للمحكمة العليا لتمديد مهلة الرد على التماس «رابطة الصحافيين الأجانب»؛ للسماح بالدخول الحر لقطاع غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تقرير: إسرائيل تسمح للآلاف من جنود الاحتياط بالاحتفاظ ببنادق في منازلهم

يستعدّ الجيش الإسرائيلي لتسليح نحو 10 آلاف جندي احتياطي من الفرقة 96 ببنادق طويلة تُحفظ في منازلهم على مدار العام

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قصف عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله» في صيدا بجنوب لبنان.

وتُواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان تقول إنها تهدف إلى منع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته، بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب الدامية بين الطرفين، التي استغرقت أكثر من عام قبل وقف هشّ لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قبل أكثر من عام، قُتل قرابة 340 شخصاً بغارات إسرائيلية في لبنان، وفق حصيلةٍ أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى بيانات وزارة الصحة.

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية، وانسحاب «حزب الله» إلى شمال الليطاني، وصولاً إلى نزع سلاحه في كل لبنان، وعلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدّم إليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل تُبقي على خمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، بينما يرفض «حزب الله» نزع سلاحه مشيراً إلى أن الاتفاق يلحظ فقط منطقة شمال الليطاني الحدودية. وأقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح «حزب الله»، تطبيقاً للاتفاق، بدأ الجيش تنفيذها، على أن تنتهي المرحلة الأولى التي تشمل المنطقة الحدودية مع إسرائيل (جنوب الليطاني) بحلول نهاية العام. لكنّ إسرائيل صعّدت غاراتها الجوية، في الأِسابيع الأخيرة، متهمة «حزب الله» بإعادة بناء قدراته ومشككة في فاعلية الجيش اللبناني.


إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
TT

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

شرعت آليات تابعة للسلطات الإسرائيلية، الاثنين، في هدم مبنى من أربعة طوابق في القدس الشرقية يقطنه أكثر من 100 فلسطيني بحجة البناء دون ترخيص، في خطوة اعتبرها سكان «مأساة»، وأكدت منظمات حقوقية أنها الأكبر من نوعها خلال عام 2025.

ونددت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية بالهدم، ووضعته في إطار «سياسة ممنهجة من التهجير القسري».

ووصل ثلاث آليات إلى الحي الواقع في بلدة سلوان قرب البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، وسط طوق أمني من الشرطة الإسرائيلية، وشرعت بهدم المبنى الذي كانت تقطنه أكثر من عشر عائلات، بينهم نساء وأطفال ومسنّون.

وقال عيد شاور الذي كان يقطن في شقة بالمبنى مع زوجته وخمسة أطفال، إن الهدم «مأساة لجميع السكان».

الآليات الإسرائيلية تهدم المبنى السكني الواقع في بلدة سلوان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كسروا الباب ونحن نيام. طلبوا أن نغيّر ملابسنا ونأخذ الأوراق والوثائق الضرورية فقط. لم يسمحوا لنا بإخراج الأثاث». وأكد أنه «لا مكان لديّ لأذهب إليه»، وأن العائلة المؤلفة من سبعة أفراد ستضطر للبقاء في مركبته.

ورصدت الوكالة الفرنسية ثلاث حفارات تعمل على هدم المبنى أمام أعين الأهالي. وقالت سيدة بحسرة وألم أثناء متابعتها العملية: «هذه غرفة نومي».

ويعاني الفلسطينيون في القدس الشرقية من أزمة سكن، ولا تمنحهم البلدية الإسرائيلية إذن بناء إلا بأعداد نادرة لا تتوافق مع الزيادة السكانية.

ويقول الفلسطينيون ونشطاء حقوق الإنسان إن هذا المنع لا يراعي النمو الديمغرافي، ويسبّب نقصاً في المساكن.

جرافات إسرائيلية تشارك في عملية الهدم (إ.ب.أ)

وتنفذ السلطات الإسرائيلية بانتظام عمليات هدم لما تعتبره أبنية غير قانونية بناها فلسطينيون في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين.

ويطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية، في حين تعتبر إسرائيل المدينة بأكملها عاصمتها «الموحدة».

ويعيش أكثر من 360 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، بالإضافة إلى نحو 230 ألف إسرائيلي.

ووصفت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله الهدم بأنه «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تأتي في سياق سياسة ممنهجة تستهدف تهجير المواطنين الفلسطينيين قسراً، وتفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين».

الآليات الإسرائيلية تقوم بهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

وفي بيان مشترك، قالت منظمتا «عير عميم» و«بمكوم» الحقوقيتان الإسرائيليتان إن هدم المبنى بدأ «دون إنذار مسبق»، وقبل ساعات من اجتماع كان مقرراً بين محامي العائلات ومسؤول في بلدية القدس لـ«مناقشة إجراءات ممكنة لتسوية أوضاع المبنى».

وبحسب المنظمتين، فإن العملية تمثل «أكبر عملية هدم نُفذت في القدس خلال عام 2025»، مشيرتين إلى أن «نحو 100 عائلة من القدس الشرقية فقدت منازلها هذا العام».

ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت بلدية القدس الإسرائيلية إن المبنى «بُني دون ترخيص»، وإن «أمر هدم قضائياً سارٍ ضد المبنى منذ عام 2014». وأشارت إلى أن الأرض المقام عليها المبنى «مصنفة لأغراض الترفيه والرياضة»، وليست للسكن.

إخلاءات في بيت لحم

إلى ذلك، أخطرت القوات الإسرائيلية اليوم عائلات فلسطينية بوقف بناء وإخلاء خمسة منازل في شرق بيت لحم ومخيم جنين بالضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر أمنية قولها إن «قوات الاحتلال الإسرائيلي أخطرت ، اليوم ، بوقف بناء أربعة منازل في قرية العساكرة شرق بيت لحم بحجة عدم الترخيص».

بدورها، قالت مصادر محلية إن «قوات الاحتلال دفعت بآليات عسكرية ومعدات ثقيلة ومعدات هندسية وآليات تعبيد شوارع إلى مخيم جنين ، كما أخطرت
عائلات في عمارة الزهراء في محيط المخيم بإخلاء منازلهم تمهيدا لبدء أعمال تعبيد شوارع في المكان».

وأشارت الوكالة إلى أن عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها متواصل منذ 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث تفيد تصريحات رسمية لبلدية
جنين بأن «الاحتلال هدم قرابة 40 % من مخيم جنين، فيما يواصل فتح شوارع جديدة في المخيم وهدم بنايات وتغيير جغرافيته».


مقتل فلسطيني بقصف لمسيرة إسرائيلية شرق غزة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
TT

مقتل فلسطيني بقصف لمسيرة إسرائيلية شرق غزة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

قُتل مواطن فلسطيني، اليوم الاثنين، برصاص القوات الإسرائيلية، على أثر استهدافه في شرق مدينة غزة.

وأعلن الدفاع المدني في غزة، في بيان صحافي، اليوم، «استشهاد مواطن على أثر استهدافه بنيران طائرة مُسيرة إسرائيلية في منطقة الخط الأصفر بحي الشجاعية شرق مدينة غزة».

ووفق المركز الفلسطيني للإعلام، «واصل جيش الاحتلال هجماته المدفعية والجوية على مناطق متفرقة من قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «الطيران الإسرائيلي شنّ سلسلة غارات على مدينة رفح والمناطق الشرقية من مدينة خان يونس جنوب القطاع، بالتوازي مع تجدد عمليات نسف المنازل في مناطق مختلفة، بالإضافة إلى توغل القوات الإسرائيلية نحو مخيم جباليا».

ولفت إلى أن «هذه الهجمات في وقتٍ تستمر فيه المعاناة الإنسانية في قطاع غزة المحاصَر، مع نقص حاد في المستلزمات الأساسية، ومخاوف من انهيار الأبنية المتضررة على ساكنيها».

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية تدهور الأرصدة الدوائية في المستشفيات، حيث بلغت نسب العجز 52 في المائة في الأدوية، و71 في المائة في المستهلكات الطبية.

وحذَّر المدير العام لـ«منظمة الصحة العالمية»، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من أن أكثر من 100 ألف طفل و37 ألف حامل ومُرضع قد يعانون سوء تغذية حاداً، بحلول أبريل (نيسان) 2026، مشيراً إلى أن جهود مكافحة المجاعة في القطاع لا تزال «هشة للغاية».

من جانبه، أعلن رئيس بلدية خان يونس أن البلدية فوجئت بتقليص كبير في إمدادات الوقود، ما يمنعها من رفع الركام من المناطق المتضررة.

وأضاف أن المساعدات التي تتلقاها من بعض الجمعيات المحلية، والتي تُزودها بالآليات، غير كافية لتغطية الاحتياجات، مما يزيد صعوبة معالجة الأضرار في المدينة.

ودعت حركة «حماس»، في ظل استمرار التصعيد، الوسطاء إلى التحرك العاجل لوقف الخروقات الإسرائيلية، والضغط على تل أبيب لبدء عملية إعمار حقيقية لإنقاذ حياة الفلسطينيين.