«الشرق الأوسط» تزور أول مصنع لـ«بي إم دبليو» بالمجر يعمل بالكهرباء المتجددة بالكامل

من التوأم الرقمي إلى الطلاء الأخضر

المصنع صُمِّم وبُني وفق استراتيجية «iFACTORY» ليكون رقمياً من البداية مع نسخة توأم رقمي اختُبرت قبل البناء الفعلي (بي إم دبليو)
المصنع صُمِّم وبُني وفق استراتيجية «iFACTORY» ليكون رقمياً من البداية مع نسخة توأم رقمي اختُبرت قبل البناء الفعلي (بي إم دبليو)
TT

«الشرق الأوسط» تزور أول مصنع لـ«بي إم دبليو» بالمجر يعمل بالكهرباء المتجددة بالكامل

المصنع صُمِّم وبُني وفق استراتيجية «iFACTORY» ليكون رقمياً من البداية مع نسخة توأم رقمي اختُبرت قبل البناء الفعلي (بي إم دبليو)
المصنع صُمِّم وبُني وفق استراتيجية «iFACTORY» ليكون رقمياً من البداية مع نسخة توأم رقمي اختُبرت قبل البناء الفعلي (بي إم دبليو)

على أطراف سهل شاسع في شمال شرقي المجر، تنهض مبانٍ بيضاء لامعة، حيث كانت قبل أعوام قليلة حقولاً زراعية هادئة. في مصنع مجموعة «بي إم دبليو» بمدينة دبرتسن، تدخل الشركة «المرحلة النهائية» قبل انطلاق الإنتاج المتسلسل لسيارة «BMW iX3»، أول طراز من جيل «نويه كلاسه» (Neue Klasse)، المقرر خروجها إلى العالم في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

لكن ما يتبلور في دبرتسن ليس مجرد «خط إنتاج» جديد؛ بل قالبٌ تصنيعي يعيد تعريف بناء السيارة من جذوره بدءاً من هندسة المنصّة، إلى تشغيل المصنع بالاعتماد الكامل على الكهرباء المتجددة، وصولاً إلى منصّات ذكاء اصطناعي. وإلى جانب ذلك، سجّلت المجموعة براءات لعدد كبير من الأنظمة والعمليات المبتكرة في هذا الموقع، بما يرسّخ تفرّده داخل شبكة إنتاج «بي إم دبليو عالمياً».

الحقل الشمسي الذي تبلغ مساحته 50 هكتاراً يوفّر نحو ربع احتياجات المصنع من الكهرباء مع نظام تخزين حراري متقدم (بي إم دبليو)

خلال دعوة خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى المصنع، يقول ميلان نيدلجوفيتش، عضو مجلس إدارة مجموعة «بي إم دبليو» والمسؤول عن الإنتاج إن «انطلاق الإنتاج المتسلسل لـ(iX3) يعلن حقبةً جديدة في صناعة السيارات».

صُمّم مصنع دبرتسن وبُني وفق رؤيتنا الاستراتيجية (iFACTORY،) وهو مصنع رقمي منذ اللحظة الأولى وخالٍ من الوقود الأحفوري. ويضيف نيدلجوفيتش: «هذه ليست لغة دعائية، بل هدفٌ لتصنيع سيارة كهربائية بمتطلبات الجودة الفاخرة، لكن بتكلفة وتعقيد أقل، وببصمة كربونية أدنى جذرياً». ومع أي طراز جديد، ستُرفع القدرة الإنتاجية تدريجياً وعلى مراحل بعد بدء التشغيل المتسلسل.

ميلان نيدلجوفيتش عضو مجلس إدارة مجموعة «بي إم دبليو» والمسؤول عن الإنتاج (بي إم دبليو)

لماذا دبرتسن؟

بدأت القصة عام 2018، عندما قررت «بي إم دبليو» إضافة مصنع أوروبي جديد يتبع قاعدة «الإنتاج يتبع السوق». فاز الموقع المجري بسباق ضمّ عشرات الخيارات. يشرح نيدلجوفيتش أن «القرار لم يُبنَ على الإعفاءات أو المنح، بل اختارت الشركة المجر لأن البنية التحتية قوية، والتعليم رفيع، والجامعات قريبة، ونوعية العيش جيّدة».

لم يبدأ المصنع على أرض الواقع، بل بدأ افتراضياً عبر «المصنع الرقمي» لدى الشركة، حيث جرى بناء نسخة رقمية كاملة لكل المباني والخطوط ومسارات الروبوتات. أُجريت «انطلاقة إنتاج افتراضية» مبكراً في مارس (آذار) 2023، فاختُبرت كل مهمة قبل التنفيذ؛ ما أتاح تركيب الخطوط داخل المباني مطابقةً للتوأم الرقمي.

تقليل التعقيد

على مدى أجيال، تضخّم تعقيد السيارة الفاخرة من حيث تنويعات المواد والمثبتات وخطوات التجميع. توضح «بي إم دبليو» أن فلسفة «نويه كلاسه» تقوم على إعادة التفكير في السيارة نفسها؛ كيف تُبنى على مستوى كفاءة مختلف. في دبرتسن، انخفض عدد «تركيبات التثبيت» من نحو 3000 إلى 250 فقط، وتم تقليص عدد «طرق الوصل» نفسها على نحو ملموس لخفض التعقيد، إلى جانب توحيد وحدات كاملة، مثل الواجهة الأمامية من 17 جزءاً إلى 12، وتقليل تنوّع المواد، حيث لا تضيف قيمة للزبون.

المحصلة هي خفض تكلفة التصنيع بنحو 20 في المائة مع إبقاء «التنوع الذكي» الذي يريده العميل. كما تظهر تفاصيل التصميم المبكّرة في «الختم غير المرئي» للأبواب الذي يصل بصرياً بين الزجاج والباب، وفي تعظيم حيز البطارية داخل الهيكل لزيادة المدى والأداء.

مصنع «بي إم دبليو» في دبرتسن هو أول موقع إنتاج متسلسل للمجموعة يعمل بالكامل بالكهرباء المتجددة (بي إم دبليو)

طلاء «أخضر بالكامل»

تاريخياً، «الطلاء» هو الأكثر استهلاكاً للطاقة، ببلوغ الأفران حتى 180°م وغالباً بالغاز. هنا يختلف كل شيء، حيث سيكون مصنع دبرتسن أول مصنع سيارات للمجموعة يعمل بالكهرباء المتجددة فقط في الظروف التشغيلية الطبيعية. وفي ورشة الطلاء وحدها، يؤدي التحول إلى الكهرباء المتجددة إلى خفض سنوي يصل إلى 12 ألف طن «مكافئ ثاني أكسيد الكربون» ( CO₂e). كما جرى تنفيذ «شبكة حرارة» تسترد طاقة من الهواء المضغوط والأفران وأنظمة التبريد، بما يحقق توفيراً إضافياً يصل 10 في المائة. ويؤمّن الحقل الشمسي على مساحة 50 هكتاراً (نحو نصف كيلومتر مربع تقريباً) نحو ربع احتياجات الطاقة السنوية للمصنع، مع تخزين حراري مائي بسعة 1,800م³ (قدرة 130م.و.س) لاستغلال الفائض أيام التوقف وضخّه عند ذروة الطلب.

إجمالاً، يبلغ الأثر الكربوني لإنتاج «iX3» نحو 80 كغم «CO₂e» بينما ينخفض بصمة موقع دبرتسن نفسه إلى نحو 34 كغم CO₂e لكل سيارة، شاملة البطارية، عند التشغيل بطاقته، أي انخفاض يقارب الثلثين مقارنة بمشتقات «بي إم دبليو» الحالية ونحو 90 في المائة للموقع نفسه بالمقارنة بمرافق المجموعة الأخرى.

ورشة الكبس والهياكل

يوفّر تدفق القيمة المحسّن وأنظمة الكبس كفاءة عالية؛ إذ تتبع المجموعة استراتيجيتها المعهودة باستخدام الأدوات والمكابس نفسها عبر مواقعها عالمياً.

هذا يعظّم استغلال القدرة ويتيح تدوير القوالب وتدريب الطواقم داخل الشبكة. وفي ورشة الهياكل، أتاحت المحاكاة الرقمية المسبقة تحديد القيمة المثلى للتدفق وتموضع قرابة ألف روبوت بأفضل شكل.

رشة الطلاء تعمل بالطاقة المتجددة حصراً ما يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 12 ألف طن سنوياً (بي إم دبليو)

من الاستشعار إلى القرار

خلال تجوال «الشرق الأوسط» في أقسام المصنع، تم فهم طريقة عمل منصة AIQX» (Artificial Intelligence Quality Next)» التي طورتها «بي إم دبليو» داخلياً. إنها عبارة عن كاميرات ومستشعرات على طول الخط تُغذي خوارزميات تتحقق من المطابقة في الزمن الفعلي وتعيد ملاحظات فورية للعامل. وتتجه الرؤية إلى أبعد من ذلك؛ إذ ستغدو السيارة نفسها «عنصراً متصلاً» في إنترنت الأشياء الصناعي، تُجري تحليلاً ذاتياً، وتتفاعل مع المشغّلين، وتُشارك رسائل موثّقة تلقائياً عبر أنظمة وكاميرات على متنها. وبالفعل، فإن المعدات والأدوات والمكونات وكل مركبة داخل صالات التجميع مرتبطة رقمياً بمنظومة إنتاج «بي إم دبليو».

لوجيستيات «هيكل الأصابع»

تتبنّى مباني التجميع بنية «الأصابع» وهي نسخة مُحسّنة عن تصميم مصنع الشركة في مدينة لايبتسيغ في شرق ألمانيا بحيث يُسلَّم 80 في المائة من القطع مباشرةً إلى نقطة التركيب الصحيحة على الخط. وتستفيد اللوجيستيات الكهربائية الداخلية من قطارات سحب ذاتية تنقل البطاريات عالية الجهد من الإنتاج إلى التركيب، ومن روبوتات نقل ذكية توصل المكونات الصغيرة إلى الخط. كما يتيح ربط قواعد البيانات الداخلية والخارجية أتمتة تحليلات مترابطة كانت تُجرى يدوياً، لتصبح «بضغطة زر» وبمعلومة مُهيكلة متاحة دائماً.

المشروع يرسخ نموذجاً مستقبلياً لصناعة سيارات منخفضة الكربون ورقمية يمكن توسيعه عالمياً لعقود مقبلة (بي إم دبليو)

بطاريات الجيل السادس

ابتكرت المجموعة عمليات شديدة الذكاء لإنتاج بطارياتها عالية الجهد المطوَّرة داخلياً؛ وسيكون دبرتسن أول خمسة مواقع عالمياً يبدأ إنتاج «الجيل السادس» (Gen6) على نطاق متسلسل. طُوِّرت العمليات واختُبرت في مواقع تجريبية، وتدعمها توأمات رقمية وقواعد بيانات ذكاء اصطناعي تُحسّن الضبط وتُسرِّع تدريب العاملين. وتتبنّى الفلسفة «صفر عيوب» عبر فحوص مضمّنة على الخط ورصد 100 في المائة في نهاية الخط. ووفق مبدأ (local for local)، يجري تجميع البطاريات في الموقع نفسه لاستغلال كفاءة البنية التحتية وقِصر المسافات.

مصنع «شبكي» داخل المنظومة

يُعدّ دبرتسن أول موقع إنتاج في شبكة المجموعة لا يتبع مصنعاً «أُمّاً» بعينه؛ بل يعمل بصفته مصنعاً شبكياً يجمع أفضل الممارسات من مواقع متعددة حول العالم. وتكمن ميزة ذلك في قدرة القوى العاملة الحالية وهم أكثر من 2000 موظف، على التدريب ضمن الشبكة، ومشاركة الخبرات مع مواقع في الصين وجنوب أفريقيا والمكسيك والولايات المتحدة وألمانيا، ثم إعادة نقل خبرة «نويه كلاسه» (Neue Klasse) إلى مواقعهم، في معادلة تصفها الشركة بـ«ربح للجميع».

تعتزم «بي إم دبليو» طرح نحو 40 طرازاً جديداً أو محدَّثاً ضمن «نويه كلاسه» بحلول 2027 (بي إم دبليو)

ما بعد «iX3»

ستكون سيارة «iX3» مجرد البداية. فبحلول عام 2027 تعتزم «بي إم دبليو» دمج «تقنيات» «Neue Klasse» في 40 طرازاً جديداً أو محدثاً، على أن يصبح مصنع دبرتسن مختبراً حياً لأساليب التصنيع المستقبلية. وستصبح السيارات نفسها عناصر فاعلة في «إنترنت الأشياء» الصناعي، قادرة على تحليل ذاتها ومشاركة البيانات مع المصنع في الوقت الفعلي. ورغم الجدل الأوروبي حول حظر محركات الاحتراق بحلول 2035، يتوقع نيدلجوفيتش أن يواصل الطلب على السيارات الكهربائية صعوده قائلاً: «تكنولوجيا البطاريات ناضجة ولها مستقبل، لكن الانفتاح التكنولوجي أمر حاسم. يذكر: «نحتاج إلى بنية تحتية وأسعار طاقة تنافسية إذا أردنا المضي في هذا المسار».

نموذج يُحتذى في الصناعة

من يقف على أرض المصنع، يدرك أن دبرتسن أكبر من مجرد موقع إنتاج. فهو بمثابة قالب لما يمكن أن تكون عليه صناعة السيارات عالمياً وهي تواجه تحديات إزالة الكربون والتحول الرقمي وخفض التكاليف. كل عنصر، من الحقل الشمسي إلى منصة الجودة المعززة بالذكاء الاصطناعي، صُمم ليكون قابلاً للتوسع. ويختم نيدلجوفيتش حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إن «البساطة قد تبدو سهلة، لكنها الأصعب. لقد قللنا التعقيد، وحققنا التحقق الرقمي لكل عملية، واستفدنا من خبرات شبكتنا العالمية. اليوم نحن مستعدون للإطلاق».

ومع خروج أولى سيارات «Neue Klasse iX3» من خطوط التجميع في الأسابيع المقبلة، سيخضع رهان «بي إم دبليو» على مصنع كهربائي ورقمي بالكامل لاختبار حقيقي. نجاح هذا المشروع قد يحدد ملامح صناعة السيارات لعقود مقبلة.


مقالات ذات صلة

دعم شراء السيارات الكهربائية في ألمانيا قد يعزز الواردات من الصين

الاقتصاد سيارات «بي واي دي» الكهربائية تنتظر التحميل في ميناء ليانيونقانغ بمقاطعة جيانغسو الصينية (رويترز)

دعم شراء السيارات الكهربائية في ألمانيا قد يعزز الواردات من الصين

توقعت شركة استشارات أن تؤدي الحوافز التي أعلنتها الحكومة الألمانية لشراء السيارات الكهربائية إلى زيادة كبيرة في المبيعات، وبالأخص الواردات من الصين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا سيارة «هيونداي إلنترا» موديل CN7 (وكيل هيونداي في مصر عبر فيسبوك)

لوجود عيب تصنيعي... استدعاء سيارات هيونداي إلنترا (CN7) في مصر

أعلنت شركة «جي بي أوتو»، الوكيل المحلي لعلامة «هيونداي» في مصر تنفيذ حملة استدعاء لعدد من سيارات «هيونداي إلنترا» موديل CN7 لرصد عيب تصنيعي محتمل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد صورة جماعية للمسؤولين عقب تدشين أول مركز ابتكار للسيارات الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط بالسعودية (الشرق الأوسط)

تدشين مركز ابتكار وأبحاث في السعودية لتطوير السيارات الكهربائية

أعلنت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (كاكست) بوصفها المُختبر الوطني في المملكة، ومجموعة «لوسِد»، عن تدشين أول مركز ابتكار للسيارات الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك النظر إلى المصابيح الأمامية الساطعة قد يُضعف رؤيتك مؤقتاً عند القيادة ليلاً (بيكسباي)

10 نصائح لقيادة أكثر أماناً ليلاً

قد تنطوي القيادة ليلاً على مخاطر متزايدة إذ يصعب الرؤية، خصوصاً إذا كنت تعاني من مشكلة في العين تؤثر على نظرك، لحسن الحظ، هناك عدة أمور يمكنك القيام بها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

«فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

تعزّز شركة «فولكس واغن» الألمانية حضورها في أسواق الخليج، والسعودية بوصفها ركيزة رئيسية في استراتيجيتها العالمية

«الشرق الأوسط» (الرياض)

دراسة: 20 % من فيديوهات «يوتيوب» مولّدة بالذكاء الاصطناعي

محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة
محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة
TT

دراسة: 20 % من فيديوهات «يوتيوب» مولّدة بالذكاء الاصطناعي

محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة
محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة

أظهرت دراسة أن أكثر من 20 في المائة من الفيديوهات التي يعرضها نظام يوتيوب للمستخدمين الجدد هي «محتوى رديء مُولّد بالذكاء الاصطناعي»، مُصمّم خصيصاً لزيادة المشاهدات.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد أجرت شركة تحرير الفيديو «كابوينغ» استطلاعاً شمل 15 ألف قناة من أشهر قنوات يوتيوب في العالم - أفضل 100 قناة في كل دولة - ووجدت أن 278 قناة منها تحتوي فقط على محتوى رديء مُصمم بتقنية الذكاء الاصطناعي.

وقد حصدت هذه القنوات مجتمعةً أكثر من 63 مليار مشاهدة و221 مليون مشترك، مُدرّةً إيرادات تُقدّر بنحو 117 مليون دولار سنوياً، وفقاً للتقديرات.

كما أنشأ الباحثون حساباً جديداً على «يوتيوب»، ووجدوا أن 104 من أول 500 فيديو تم التوصية به في الصفحة الرئيسية لهذا الحساب كانت ذات محتوى رديء مولد بالذكاء الاصطناعي، تم تطويره بهدف الربح المادي.

وتُقدّم هذه النتائج لمحةً عن صناعةٍ سريعة النمو تُهيمن على منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، من «إكس» إلى «ميتا» إلى «يوتيوب»، وتُرسّخ حقبةً جديدةً من المحتوى، وهو المحتوى التافه الذي يحفز على إدمان هذه المنصات.

وسبق أن كشف تحليل أجرته صحيفة «الغارديان» هذا العام أن ما يقرب من 10في المائة من قنوات «يوتيوب» الأسرع نمواً هي قنوات مُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، حيث حققت ملايين المشاهدات رغم جهود المنصة للحد من «المحتوى غير الأصلي».

وتُعدّ القنوات التي رصدتها شركة كابوينغ عالمية الانتشار وتحظى بمتابعة واسعة من ملايين المشتركين في مختلف أنحاء العالم.

وتعتبر قناة «بندر أبنا دوست»، هي القناة الأكثر مشاهدة في الدراسة، ومقرها الهند، ويبلغ عدد مشاهداتها حالياً 2.4 مليار مشاهدة. وتعرض القناة مغامرات قرد ريسوس وشخصية مفتولة العضلات مستوحاة من شخصية «هالك» الخارقة، يحاربان الشياطين ويسافران على متن مروحية مصنوعة من الطماطم. وقدّرت كابوينغ أن القناة قد تُدرّ أرباحاً تصل إلى 4.25 مليون دولار.

أما قناة «بوتى فرينشي»، ومقرها سنغافورة، والتي تروي مغامرات كلب بولدوغ فرنسي، فقد حصدت ملياري مشاهدة، ويبدو أنها تستهدف الأطفال. وتشير تقديرات كابوينغ إلى أن أرباحها تقارب 4 ملايين دولار سنوياً.

كما يبدو أن قناة «كوينتوس فاسينانتس»، ومقرها الولايات المتحدة، تستهدف الأطفال أيضاً بقصص كرتونية، ولديها 6.65 مليون مشترك.

في الوقت نفسه، تعرض قناة «ذا إيه آي وورلد»، ومقرها باكستان، مقاطع فيديو قصيرة مُولّدة بالذكاء الاصطناعي عن الفيضانات الكارثية التي ضربت باكستان، تحمل عناوين مثل «الفقراء»، و«العائلات الفقيرة»، و«مطبخ الفيضان». وقد حصدت القناة وحدها 1.3 مليار مشاهدة.

وتعليقاً على هذه الدراسة، صرح متحدث باسم «يوتيوب» قائلاً: «الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة، وكأي أداة أخرى، يمكن استخدامه لإنتاج محتوى عالي الجودة وآخر منخفض الجودة. نركز جهودنا على ربط مستخدمينا بمحتوى عالي الجودة، بغض النظر عن طريقة إنتاجه. يجب أن يتوافق المحتوى المرفوع على (يوتيوب) مع إرشاداتنا، وإذا وجدنا أن المحتوى ينتهك أياً من سياساتنا، فسنحذفه».


الصين تصدر مسوّدة قواعد لتنظيم الذكاء الاصطناعي المحاكي للتفاعل البشري

امرأة في معرض حول الذكاء الاصطناعي وعالم الإنترنت بمقاطعة جيجيانغ الصينية (رويترز)
امرأة في معرض حول الذكاء الاصطناعي وعالم الإنترنت بمقاطعة جيجيانغ الصينية (رويترز)
TT

الصين تصدر مسوّدة قواعد لتنظيم الذكاء الاصطناعي المحاكي للتفاعل البشري

امرأة في معرض حول الذكاء الاصطناعي وعالم الإنترنت بمقاطعة جيجيانغ الصينية (رويترز)
امرأة في معرض حول الذكاء الاصطناعي وعالم الإنترنت بمقاطعة جيجيانغ الصينية (رويترز)

أصدرت هيئة الفضاء الإلكتروني الصينية، اليوم (السبت)، مسودة ​قواعد لتشديد الرقابة على خدمات الذكاء الاصطناعي المصممة لمحاكاة الشخصيات البشرية والتفاعل العاطفي مع المستخدمين.

وتؤكد هذه الخطوة ما تبذله بكين من جهود للسيطرة على الانتشار السريع لخدمات ‌الذكاء الاصطناعي ‌المقدمة للجمهور ‌من ⁠خلال ​تشديد معايير ‌السلامة والأخلاقيات.

وستطبق القواعد المقترحة على منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي المقدمة للمستهلكين في الصين، والتي تعرض سمات شخصيات بشرية وأنماط تفكير وأساليب تواصل تتم محاكاتها، وتتفاعل ⁠مع المستخدمين عاطفياً من خلال النصوص ‌أو الصور أو الصوت أو الفيديو، أو غيرها من الوسائل.

وتحدد المسودة نهجاً تنظيمياً يلزم مقدمي الخدمات بتحذير المستخدمين من الاستخدام المفرط، وبالتدخل عندما تظهر على المستخدمين ​علامات الإدمان.

وبموجب هذا المقترح، سيتحمل مقدمو الخدمات مسؤوليات ⁠السلامة طوال دورة حياة المنتج، ووضع أنظمة لمراجعة الخوارزميات وأمن البيانات وحماية المعلومات الشخصية.

وتحدد هذه الإجراءات الخطوط الحمراء للمحتوى والسلوك، وتنص على أنه يجب ألا ينشئ مقدمو الخدمات محتوى من شأنه تهديد الأمن القومي، أو نشر الشائعات، أو الترويج ‌للعنف أو الفحشاء.


ما الاختراق القادم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يتوقعه رئيس «أوبن إيه آي»؟

سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
TT

ما الاختراق القادم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يتوقعه رئيس «أوبن إيه آي»؟

سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

توقع سام ألتمان، رئيس شركة «أوبن إيه آي»، أن يكون الإنجاز الكبير التالي نحو تحقيق ذكاء اصطناعي فائق القدرة هو اكتساب هذه الأنظمة «ذاكرة لا نهائية، ومثالية».

وقد ركزت التطورات الأخيرة التي حققها مبتكر «تشات جي بي تي»، بالإضافة إلى منافسيه، على تحسين قدرات الذكاء الاصطناعي على الاستدلال، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».

لكن في حديثه ضمن بودكاست، قال ألتمان إن التطور الذي يتطلع إليه بشدة هو قدرة الذكاء الاصطناعي على تذكر «كل تفاصيل حياتك»، وأن شركته تعمل على الوصول إلى هذه المرحلة بحلول عام 2026.

شرح ألتمان: «حتى لو كان لديك أفضل مساعد شخصي في العالم... فلن يستطيع تذكر كل كلمة نطقت بها في حياتك».

وأضاف: «لا يمكنه قراءة كل وثيقة كتبتها. ولا يمكنه الاطلاع على جميع أعمالك يومياً، وتذكر كل تفصيل صغير. ولا يمكنه أن يكون جزءاً من حياتك إلى هذا الحد. ولا يوجد إنسان يمتلك ذاكرة مثالية لا متناهية».

وأشار ألتمان إلى أنه «بالتأكيد، سيتمكن الذكاء الاصطناعي من فعل ذلك. نتحدث كثيراً عن هذا الأمر، لكن الذاكرة لا تزال في مراحلها الأولى جداً».

تأتي تصريحاته بعد أسابيع قليلة من إعلانه حالة طوارئ قصوى في شركته عقب إطلاق «غوغل» لأحدث طراز من برنامج «جيميناي».

وصفت «غوغل» برنامج «جيميناي 3» بأنه «عهد جديد من الذكاء» عند إطلاقها تطبيق الذكاء الاصطناعي المُحدّث في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث حقق النموذج نتائج قياسية في العديد من اختبارات الأداء المعيارية في هذا المجال.

قلّل ألتمان من خطورة التهديد الذي يمثله مشروع «جيميناي 3»، مدعياً ​​أن ردّ شركة «أوبن إيه آي» الحازم على المنافسة الجديدة ليس بالأمر غير المألوف.

وقال: «أعتقد أنه من الجيد توخي الحذر، والتحرك بسرعة عند ظهور أي تهديد تنافسي محتمل».

وتابع: «حدث الشيء نفسه لنا في الماضي، حدث ذلك في وقت سابق من هذا العام مع (ديب سيك)... لم يكن لـ(جيميناي 3) التأثير الذي كنا نخشى أن يحدث، ولكنه حدد بعض نقاط الضعف في منتجاتنا واستراتيجيتنا، ونحن نعمل على معالجتها بسرعة كبيرة».

يبلغ عدد مستخدمي «تشات جي بي تي» حالياً نحو 800 مليون، وفقاً لبيانات «أوبن إيه آي»، وهو ما يمثل نحو 71 في المائة من حصة سوق تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ويقارن هذا الرقم بنسبة 87 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.