تركيا تدرس نموذج الفلبين للتعامل مع حلّ «العمال الكردستاني»

البرلمان ناقش طريقة نزع أسلحة جبهة «مورو»... والضغوط لإطلاق سراح أوجلان مستمرة

مظاهرة لأكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان عقب ندائه لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير الماضي (رويترز)
مظاهرة لأكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان عقب ندائه لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير الماضي (رويترز)
TT

تركيا تدرس نموذج الفلبين للتعامل مع حلّ «العمال الكردستاني»

مظاهرة لأكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان عقب ندائه لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير الماضي (رويترز)
مظاهرة لأكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان عقب ندائه لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير الماضي (رويترز)

شرعت اللجنة المعنية بوضع الأساس القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته في مناقشة نماذج دولية لحل حركات انفصالية وتسليم أسلحتها.

وعقدت لجنة «التضامن والوطني والأخوة والديمقراطية»، الأربعاء، اجتماعها العاشر في ظل ضغوط للإفراج عن الزعيم التاريخي للحزب، عبد الله أوجلان، بالاستفادة من مبدأ «الحق في الأمل».

وسبق انعقاد الاجتماع قيام وفد من محاميي شركة «أسرين»، التي تتولى ملف أوجلان، بزيارته في سجن جزيرة «إيمرالي»، غرب تركيا، بعد توقف لمدة 6 سنوات.

وناقشت اللجنة، خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، قضايا «حل النزاعات» و«التنمية الإقليمية»، بمشاركة عدد من الأكاديميين المتخصصين. واستعرضت نموذج حل الصراع الذي استمر لمدة 40 عاماً بين جبهة «مورو» الإسلامية للتحرر وحكومة الفلبين، والتي انتهت بتوقيع اتفاق شامل في 27 مارس (آذار) 2014، قامت الجبهة بموجبه بتسليم أسلحتها إلى طرف ثالث، تم الاتفاق بشأنه مع الحكومة.

نموذج تركي

واستمعت اللجنة إلى السفيرين التركيين السابقين، فاتح أولوصوي وحسين أوروتش، اللذين عملا وسيطين في إنهاء الصراع في الفلبين.

أحد اجتماعات اللجنة البرلمانية لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» برئاسة رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (موقع البرلمان)

وقال كورتولموش، في كلمة خلال افتتاح الاجتماع، إن «من أهم القضايا أن تُعلن (المنظمة الإرهابية) (العمال الكردستاني) فوراً نزع سلاحها الكامل، وأن تستجيب، بكل عناصرها، لدعوة إيمرالي (في إشارة إلى أوجلان). هذا سيمهد الطريق ويطمئن السياسة التركية لاتخاذ الخطوات اللازمة». وأضاف: «سنُجري تحليلاً مُفصلاً لجميع الدراسات ومفاوضات السلام والخطوات المُتخذة فيما يتعلق بحل النزاعات، لكن يمكنني القول بسهولة إن ما نسعى لتحقيقه حالياً هو تقديم نموذج تركي يُحتذى به».

وسبق أن أكد مسؤولون أتراك أن تركيا ستتوصل، بناء على دراسة نماذج في أنحاء العالم لحل المنظمات الإرهابية والمسلحة، إلى نموذجها الخاص فيما يتعلق بنزع أسلحة «العمال الكردستاني»، وذلك بعد أن أعلنت قياداته في جبل قنديل في شمال العراق، الاستجابة لدعوة أوجلان، التي أطلقها في 27 فبراير (شباط) الماضي لحل الحزب وإلقاء أسلحته.

وتأكيداً على المضي قدماً في هذه العملية، وإنهاء الصراع مع الدولة التركية الذي استمر 47 عاماً، قامت مجموعة من 30 من عناصر الحزب بإحراق أسلحتهم، في مراسم رمزية أقيمت في السليمانية في شمال العراق في 11 يوليو (تموز) الماضي.

وجاءت دعوة أوجلان، التي عنونها بـ«نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي»، بموجب مبادرة أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية»، الشريك الأساسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، تحت شعار «تركيا خالية من الإرهاب»، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، دعا فيها أوجلان لتوجيه نداء لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، بدعم من الرئيس رجب طيب إردوغان.

أوجلان و«الحق في الأمل»

وتحدث بهشلي عند طرح مبادرته عن إمكانية النظر في تمتع أوجلان بـ«الحق في الأمل»، وهو مبدأ قانوني أقرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2024، يمنح المحكومين بالسجن المشدد مدى الحياة، الحق في إطلاق سراحهم والانخراط في المجتمع بعد قضاء 25 عاماً من فترة محكوميتهم.

ولم يسبق أن طبقت تركيا هذا المبدأ. وقد يكون أوجلان، الذي أمضى بالسجن 26 عاماً، هو الحالة الأولى من نوعها التي يطبق عليها هذا المبدأ، الذي يحتاج إلى تعديلات قانونية من أجل العمل به.

أوجلان وجّه نداءً لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير الماضي (إ.ب.أ)

ويطالب حزب «العمال الكردستاني»، ويؤيده في ذلك حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، الذي يتولى الاتصالات بين الحكومة والبرلمان والأحزاب وأوجلان، بإطلاق سراحه وتمكينه من العمل بحرية من أجل القيام بدوره في إنجاح عملية السلام وحل المشكلة الكردية.

وشهد العديد من ولايات شرق وجنوب شرقي تركيا، قبل اجتماع اللجنة، مسيرات نظمتها «منصة المؤسسات الديمقراطية» وجمعيات المحامين وحقوق الإنسان، طالب المشاركون فيها بتطبيق «الحق في الأمل» على أوجلان، ودعوا مجلس أوروبا إلى مراقبة تطبيقه، والتزام الحكومة التركية بالامتثال لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وتوصيات لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

وجاءت المسيرات بالتزامن مع انعقاد لجنة وزراء مجلس أوروبا، الذي بدأ الاثنين واختتم الأربعاء.

خطوة جديدة

وفي خطوة لافتة، سمحت السلطات التركية لعدد من محاميي شركة «أسرين»، التي تتولى ملف أوجلان القانوني، بزيارته، بعد آخر زيارة قاموا بها في 2019.

وكشفت الشركة، في بيان، الأربعاء، عن أن محاميها التقوا، الاثنين، كلاً من أوجلان، وأعضاء حزب «العمال الكردستاني» الموجودين معه في سجنه، عمر خيري كونار، وهاميلي يلدريم، وإرغين أتابي، ومراد يامالاك، بعد انقطاع دام 6 سنوات.

وذكر البيان أن أوجلان عرض تقييماته حول العملية الجارية لتحقيق السلام والمجتمع الديمقراطي في تركيا، وأكد أن إرساء القانون الديمقراطي هو أحد الأهداف الأساسية للعملية.

وأضاف أن أوجلان يُصر على حياة مشتركة (للأكراد والأتراك) في إطار دولة ديمقراطية، وأن لديه مشروع جمهورية ديمقراطية، ويؤكد أن القضية الكردية لها أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية عديدة، وأنها في هذه المرحلة تتطلب حلولاً قانونية تشمل تشريعات مؤقتة.

وعدّ البيان أن هذه العملية وصلت إلى مرحلة الحل القانوني، وأن أوجلان ورفاقه يُحتجزون حالياً خارج نطاق القانون كـ«أمر واقع»، لافتاً إلى أن «الحق في الأمل»، الذي كان موضوع نقاش في لجنة وزراء مجلس أوروبا، يُمثل إشكالية هيكلية في القانون التركي، وأن الخطوات الإيجابية في هذا الصدد، ستكون خطوةً أساسيةً في بناء القانون الديمقراطي.

ومن المقرر أن تستمع اللجنة في اجتماعها الـ11، الذي يعقد الخميس، إلى ممثلين عن منظمات المجتمع المدني، وقطاعي الصناعة والأعمال في منطقتي شرق وجنوب شرقي تركيا حول عمليات التنمية بعد انتهاء النزاع المسلح مع حزب «العمال الكردستاني».


مقالات ذات صلة

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

شؤون إقليمية قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

مددت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمرّ عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

وجّه زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان رسالة دعم جديدة لعملية السلام بتركيا في الوقت الذي تستمر فيه الاتصالات والمناقشات حولها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سحب حزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي 25 من مقاتليه من الأراضي التركية إلى شمال العراق بإطار عملية السلام مع تركيا (رويترز)

تركيا: تجاذب حول قانون أوجلان للسلام والاعتراف بـ«المشكلة الكردية»

فجّرت المطالب الكردية بشأن «عملية «السلام» في تركيا التي تمر عبر حل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته تجاذباً على الساحة السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

قال أشخاص مشاركون ومطّلعون على محادثات لدمج قوات كردية مع الدولة السورية إن مسؤولين سوريين وأكراداً وأميركيين يسعون لإظهار تقدّم في اتفاق متعثر بهذا الشأن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

قال عدة أشخاص مشاركين في محادثات لدمج القوات الكردية مع الدولة السورية إن المسؤولين السوريين والأكراد والأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدم في اتفاق متعثر.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
TT

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو

نشر المكتب الصحافي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهما يقودان طائرة مقاتلة فوق مجموعة من المباني في منطقة صحراوية غير محددة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن الفيديو الذي تم نشره على تطبيق «إنستغرام» يبدو أنه يأتي في مناسبة مرور 6 أشهر على الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

ويظهر في الفيديو، الذي تبلغ مدته بضع ثوانٍ، نتنياهو وترمب وهما يرتديان نظارات شمسية ويتبادلان نظرة خاطفة. وجاء في التعليق: «في جولة احتفالية بالنصر»، مع وسم «ستة أشهر».

واستمرت المواجهة العسكرية الخاطفة بين إسرائيل وإيران 12 يوماً فقط، وبدأت في ساعات الفجر الأولى من يوم 13 يونيو (حزيران) 2025، حين شنّت إسرائيل هجوماً مباغتاً على عشرات الأهداف الإيرانية.

وقالت إسرائيل إن هجومها على كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وعلماء نوويين، ومواقع تخصيب اليورانيوم، وبرنامج الصواريخ الباليستية، «كان ضرورياً لمنع طهران من تنفيذ خطتها المعلنة لتدمير الدولة اليهودية»، وفق «تايمز أوف إسرائيل».

وتنفي إيران باستمرار سعيها لامتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، فقد زادت من مستويات تخصيب اليورانيوم إلى مستويات «يمكن استخدامها في أغراض غير سلمية»، وعرقلت وصول المفتشين الدوليين إلى منشآتها النووية، ووسّعت قدراتها الصاروخية الباليستية.

وقالت إسرائيل إن إيران اتخذت مؤخراً خطوات نحو إعادة بناء قدراتها الصاروخية، ولا تزال تسعى إلى امتلاك سلاح نووي.

وردّت إيران على الضربات الإسرائيلية بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي، ونحو 1100 طائرة مسيرة على إسرائيل. وأسفرت الهجمات عن مقتل 32 شخصاً، وإصابة أكثر من 3000 آخرين في إسرائيل، وفقاً لمسؤولين صحيين ومستشفيات.

ومع اقتراب نهاية الحرب، انضمّت الولايات المتحدة إلى الضربات على المنشآت النووية الإيرانية.


تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
TT

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

مدّدت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمر عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس أيضاً اللجنة المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إنه تم خلال فترة عمل اللجنة، الذي استمر منذ تشكيلها في 5 أغسطس (آب) الماضي، تجاوز مراحل حرجة بحساسية بالغة.

وعقدت اللجنة، الأربعاء، اجتماعها الـ20 لعرض وتحليل نتائج الاجتماعات السابقة، تمهيداً لإعداد «تقرير مشترك» استناداً إلى التقارير التي أعدّتها الأحزاب المشاركة وقدمتها إلى البرلمان.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش متحدثاً خلال اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» (حساب البرلمان في «إكس»)

وجرى تصويت خلال الاجتماع، تمّ خلاله الموافقة بالإجماع على تمديد عملها لمدة شهرين بدءاً من 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال كورتولموش إنهم كانوا يهدفون إلى إتمام العملية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن لم تستطع إنجاز عملها بالكامل حتى هذا التاريخ.

قضايا عالقة وغموض

وأكد كورتولموش أن اللجنة البرلمانية ليست هي مَن سيحل القضية برمتها، لافتاً إلى أن هناك شقاً يتعلق بإلقاء «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وهي ذراع لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، أسلحتها، استجابة لنداء زعيم الحزب السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، الذي أطلقه في 27 فبراير (شباط) الماضي، وطالب فيه بحل الحزب ومختلف المجموعات المرتبطة به. وتساءل كورتولموش: «كيف ستضمن اللجنة إلقاء (قوات سوريا الديمقراطية) أسلحتها؟».

وعرضت أكاديميتان تركيتان، خلال الجلسة، ملخصاً تنفيذياً لتحليل محاضر جلسات اللجنة التي بلغت 58 جلسة خلال 19 اجتماعاً، تم خلالها الاستماع إلى 135 شخصاً يمثلون الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك عائلات ضحايا عملية حزب «العمال الكردستاني» وجمعيات المحاربين القدامى.

لا تزال عودة مسلحي «العمال الكردستاني» واندماجهم بالمجتمع تشكّل نقطة غامضة في عملية السلام بتركيا (رويترز)

وعكس التحليل تبايناً واضحاً في مقاربات الجهات الفاعلة فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين مفهومي الأمن والحرية، في العملية التي تسميها الحكومة «تركيا خالية من الإهارب»، ويسميها الجانب التركي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

وأشار التحليل إلى أن الغموض لا يزال يكتنف الهدف النهائي للعملية، وهو «إنهاء الإرهاب»، ويتم التعبير عن أهداف مختلفة مثل «المصالحة» و«النموذج التركي» لحلّ المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) و«الأخوة» و«التطبيع» و«الديمقراطية» و«الاندماج السياسي». ولا يوجد إجماع واضح على كيفية دمج هذه الأهداف معاً، وما الخطوات الملموسة التي ستُتخذ.

ولفت أيضاً إلى وجود اختلافات كبيرة في المقاربات بالنسبة لمسألة العفو والاندماج الاجتماعي لعناصر «العمال الكردستاني»، فضلاً عن استخدام أُطر مختلفة في تحديد الأسباب الجذرية للمشكلة، وهي أمور يجب معالجتها في التقرير النهائي.

مبادئ أساسية

وطالبت الأحزاب المشاركة في اللجنة، خلال الاجتماع، بسرعة الانتهاء من إعداد التقرير النهائي دون تأخير، مع «التمسك بمبادئ الجمهورية التركية وهوية الأمة واللغة في أي خطوات ستتخذ من أجل تعزيز الديمقراطية، ومراعاة ألا تفتح هذه الخطوات آفاقاً جديدة أمام المنظمات الإرهابية». ورفض النائب عن حزب «العدالة والتنمية»، كورشاد زورلو، استخدام مصطلح «السلام» للإشارة للعملية الجارية، قائلاً إن «الحرب تقع بين الدول».

رئيس حزب «الجيد القومي» موساوات درويش أوغلو متحدثاً أمام المجموعة البرلمانية للحزب الأربعاء (حساب الحزب في «إكس»)

في السياق، طالب رئيس حزب «الجيد القومي»، الذي أعلن منذ البداية رفضه العملية الجارية وأي تفاوض مع أوجلان، مساوات درويش أوغلو، الرئيس رجب طيب إردوغان بعدم إهدار وقت البرلمان في إعداد تقارير.

وقال دوريش أوغلو، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء، إن إردوغان «يتصرف أحياناً بوصفه رئيساً لحزب (العدالة والتنمية)، وأحياناً بصفته رئيساً للبلاد، خلال هذه العملية. وبما أنه يدعي أنه وراء هذه العملية، وأنها مشروع دولة ومشروع القرن، فإنه يملك السلطة، لا ينبغي أن يضيع وقت البرلمان في إعداد التقارير، بل وأن يفرج عن أوجلان، إن استطاع».


الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المشاركة في التصويت على قرار الكنيست (البرلمان)، الذي نص على تشكيل لجنة تحقيق ناعمة، في إخفاقات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تفصيلها بشكل يضمن إعفاءه من المسؤولية، ويُحمّل مسؤولية الإخفاق للجيش والمخابرات واتفاقيات أوسلو (1993).

وتم إقرار القانون في القراءة التمهيدية بأكثرية 53 نائباً ومعارضة 48 آخرين، ويحتاج إلى قراءات ثلاث أخرى حتى يصبح قانوناً ساري المفعول.

وأجري التصويت في جلسة عاصفة، برز فيها حضور عدد كبير من ممثلي عائلات القتلى والأسرى الإسرائيليين في الحرب، الذين يعرفون أن لجنة كهذه لن تجري تحقيقاً جدياً، بل تم تفصيلها بطريقة تساير القيادة السياسية وتضيع الحقيقة.

وحضروا وهو يرفعون شعارات احتجاج ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، يعينها رئيس محكمة العدل العليا، وتكون ذات أسنان، قادرة على الوصول إلى الحقيقة والتوصية بمعاقبة المسؤولين.

جانب من احتجاج عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر ضد طريقة تشكيل لجنة التحقيق في الهجوم داخل الكنيست (إ.ب.أ)

وحسب متابعين ومقربين، فإن نتنياهو الذي كان موجوداً في الكنيست لم يشارك في التصويت بالأساس بسبب «خجله من هذه العائلات»، وكذلك فعل وزير آخر في حكومته، زئيف الكين، وعضو الكنيست يولي إدلشتاين، ونائبة وزير الخارجية شيران هسكل.

المعارضة تحضر بلباس أسود

وقد حضر أعضاء الكنيست من المعارضة إلى التصويت بلباس أسود، وتم إخراج عدد منهم من القاعة بعد صراخهم ورفع لافتات منددة باللجنة التي تشكلها الحكومة، وعندما تم التصويت على القانون، قاموا بتمزيق الأوراق التي طُبع عليها، لكن هذا لم يؤثر على قادة الائتلاف الحكومي.

وقد انقسم الجمهور الإسرائيلي أيضاً إلى قسمين، ما بين مؤيد ومعارض، للجنة التحقيق الرسمية. لكن أكثرية 69 في المائة منهم أيَّدوا موقف المعارضة، بتشكيل لجنة رسمية ومهنية.

عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر يرفعون شعارات وصوراً ضد طريقة تشكيل لجنة التحقيق في الهجوم داخل الكنيست (إ.ب.أ)

ومن يعارضون اللجنة الرسمية هم مؤيدو الحكومة، الذين لا يريدون أن يتورط نتنياهو في قضية أخرى، ويخشون من أن تتوصل اللجنة إلى نتيجة مفادها بأن نتنياهو هو المسؤول الأول عن الإخفاق.

وعبَّر عدد من أنصار الليكود عن رغبتهم في أن تحقق هذه اللجنة ليس فقط في إخفاق 7 أكتوبر، بل فيما سبقه من أحداث، مثل اتفاقيات أوسلو، التي وقَّع عليها إسحق رابين، وقرار الانسحاب من غزة سنة 2005 الذي قرره رئيس الوزراء إرئيل شارون؛ ما دفع صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن تنشر رسماً كاريكاتورياً يظهِر اللجنة تتوجه إلى ضريح دافيد بن غوريون، مؤسس إسرائيل، وتستجوبه: «أين كنت في 7 أكتوبر؟».

اتهامات للمحكمة

وتنطلق الحكومة الإسرائيلية في موقفها من اتهماها لرئيس المحكمة العليا، بأنه «ليس نزيهاً، ولا يجوز الاعتماد عليه لتشكيل لجنة تحقيق رسمية»؛ لذلك ينص مشروع القانون الجديد على أن رئيس الكنيست، أمير أوحانا، هو الذي يقرر في تشكيلة اللجنة من خلال «التشاور» مع مندوبي الائتلاف والمعارضة، ثم يصادق الكنيست على تشكيلة اللجنة بأغلبية 80 عضو كنيست، وفي حال عدم وجود أغلبية كهذه، سيقرر رئيس لجنة الكنيست في هوية ثلاثة أعضاء في اللجنة ورئيس المعارضة، يائير لبيد، سيختار الأعضاء الثلاثة الآخرين، وفي حال رفض لبيد ذلك سيقرر رئيس الكنيست هوية الأعضاء الثلاثة الآخرين.

وينص مشروع القانون أيضاً على تعيين أربعة مشرفين للجنة من عائلات قتلى إسرائيليين في 7 أكتوبر، وسيعينهم أعضاء لجنة التحقيق نفسها عندما تبدأ عملها.

وقال لبيد إن «نتنياهو يهرب من المسؤولية. وهذا الهدف الوحيد لمشروع القانون هذا. مساعدته في الهروب. ومساعدته في تحميل مسؤوليته عن الإخفاق على آخرين. وقد قال إن هذه اللجنة الوهمية ستحقق في أوسلو. لماذا أوسلو فقط؟ ماذا عن الهيكل الأول؟ لماذا ليس تمرد اليهود في غيتو وارسو (إبان الحرب العالمية)؟».

زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد (رويترز)

وشدد لبيد على أن «المعارضة لن تتعاون مع هذه المهزلة المخزية، وأمواتنا يستحقون أكثر من ذلك، وكذلك أمن الدولة. وإذا لم تكن هناك لجنة تحقيق رسمية، فلن نعرف الحقيقة أبداً، والأخطر من ذلك أن هذا الهجوم سيحدث مرة أخرى».

وكان نتنياهو قد شكل برئاسته طاقماً وزارياً من أجل إقرار صلاحيات اللجنة، وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن نتنياهو يريد منح اللجنة تفويضاً كبيراً بقدر الإمكان؛ من أجل التحقيق في أكبر عدد ممكن من المواضيع ولسنوات طويلة إلى الوراء؛ بهدف إبعاد مسؤولية إخفاق 7 أكتوبر عن الحكومة الحالية وتوسيع التحقيق كي لا تقدم اللجنة تقريراً أولياً قبل الانتخابات العامة المقبلة.

ويتوقع أن تعود اللجنة في تحقيقها إلى فترة اتفاقيات أوسلو، في عام 1993، أو إلى فترة تنفيذ خطة فك الارتباط عن غزة، في عام 2005، وأن يشمل عمل اللجنة التحقيق في مسؤولية جهاز القضاء والمستويين السياسي والأمني خلال هذه السنين.