موسكو مستعدة لمواجهة عقوبات جديدة وتصر على «ضمانات أمنية شاملة»

زيلينسكي يدعو واشنطن للعودة إلى فكرة وقف فوري لإطلاق النار

انفجار طائرة من دون طيار يضيء السماء خلال غارة روسية بطائرة «درون» على أوكرانيا يوم 25 مايو الماضي (رويترز)
انفجار طائرة من دون طيار يضيء السماء خلال غارة روسية بطائرة «درون» على أوكرانيا يوم 25 مايو الماضي (رويترز)
TT

موسكو مستعدة لمواجهة عقوبات جديدة وتصر على «ضمانات أمنية شاملة»

انفجار طائرة من دون طيار يضيء السماء خلال غارة روسية بطائرة «درون» على أوكرانيا يوم 25 مايو الماضي (رويترز)
انفجار طائرة من دون طيار يضيء السماء خلال غارة روسية بطائرة «درون» على أوكرانيا يوم 25 مايو الماضي (رويترز)

تباينت ردود الفعل الروسية والأوكرانية على الدعوة الجديدة التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب للطرفين بضرورة التوصل إلى اتفاق، وتلويحه بفرض عقوبات جديدة على روسيا.

وتريّثت موسكو، الأربعاء، في التعليق على تقارير أفادت بموافقة ترمب على أول حزمة أسلحة أميركية لأوكرانيا، في إطار اتفاقية مالية جديدة مع حلفائه، تقضي بتزويد كييف بأسلحة من المخزونات الأميركية، على أن تتحمّل دول «الناتو» تكلفتها.

وتحدّث الكرملين عن استعداد روسي لمواصلة المفاوضات، وكرّر شروط موسكو لتحقيق تقدم، في حين دعا الرئيس فولوديمير زيلينسكي واشنطن للعودة إلى فكرة فرض وقف فوري لإطلاق النار.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يشاركان في مؤتمر صحافي بمقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل (أ.ب)

وتجنّب الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف التعليق على قرار المساعدة العسكرية لأوكرانيا، لكنه أفاد في حديث مع الصحافيين بأن بلاده مستعدة لاستئناف المفاوضات مع كييف، محملاً أوكرانيا والاتحاد الأوروبي المسؤولية عن عرقلة المسار السياسي.

وقال بيسكوف إن موسكو وواشنطن لا تناقشان حالياً احتمال عقد لقاء جديد يجمع ترمب مع الرئيس فلاديمير بوتين.

الرئيسان ترمب وزيلينسكي خلال اجتماع سابق في المكتب البيضاوي (أ.ف.ب)

وكانت وسائل إعلام غربية قد سرّبت معطيات عن أن ترمب وافق على تقديم حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا، في قرار هو الأول من نوعه منذ عودته إلى البيت الأبيض. ووفقاً للتقارير، قد تتلقّى أوكرانيا قريباً شحنات من هذه المساعدات الفتاكة.

وقال مصدران مطلعان على الوضع لوكالة «رويترز» إن وكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية، إلبريدج كولبي، وافق على شحنتين بقيمة تصل إلى 500 مليون دولار باستخدام قائمة المتطلبات الأوكرانية ذات الأولوية، التي ستشمل أنظمة دفاع جوي ضرورية لكييف لمواجهة هجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ الروسية المتزايدة.

القادة الأوروبيون وأمين عام حلف شمال الأطلسي يتوسطهم الرئيس الأوكراني خلال اجتماعهم مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض 18 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

ودعا ترمب، الثلاثاء، الطرفين الروسي والأوكراني إلى التوصل لاتفاق، مؤكداً أن على الرئيس زيلينسكي السعي نحو تسوية سياسية مع موسكو. وفي المقابل، لوّح بفرض عقوبات جديدة على الكرملين، مشترطاً لذلك أن توقف بلدان حلف الأطلسي وارداتها من مصادر الطاقة الروسية.

وقال بيسكوف، رداً على سؤال حول ما إذا كانت تتم مناقشة إجراء محادثة هاتفية أو لقاء شخصي بين بوتين وترمب لإعادة ترتيب التفاهمات بين الطرفين: «لا يوجد حالياً أي تفاهم بشأن التوقيت المحتمل لإجراء محادثات هاتفية أو اللقاء الشخصي القادم».

وقال المتحدث باسم الكرملين، الأربعاء، إن خطط أوروبا للتخلص التدريجي من إمدادات الطاقة والسلع الروسية بسرعة أكبر لن تؤثر على روسيا، ولن تجبرها على تغيير موقفها. وعلَّق الناطق الرئاسي على مناقشة الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا، مشيراً إلى أن «الاتحاد الأوروبي يواصل موقفه العدائي تجاه روسيا».

وفي وقت سابق، صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بأنها أجرت «محادثة جيدة» مع الرئيس الأميركي حول تعزيز الجهود المشتركة «لزيادة الضغط الاقتصادي» على روسيا، من خلال إجراءات إضافية.

ووفقاً لها، ستُقدم المفوضية قريباً حزمة عقوباتها التاسعة عشرة التي تستهدف العملات المشفرة والبنوك وقطاع الطاقة.

مسؤولون أوكرانيون وبولنديون في معرض للمسيّرات الأوكرانية بكييف 12 سبتمبر 2025 (المكتب الصحافي لوزارة الخارجية الأوكرانية - أ.ف.ب)

وقالت أورسولا فون دير لاين في منشور عبر منصة «إكس»: «لقد أجريتُ اتصالاً مفيداً معه (ترمب) بشأن تعزيز جهودنا المشتركة لزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا من خلال إجراءات إضافية». وقال بيسكوف: «في هذه الحالة، يواصل الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية منفردة، وكثير منها، اتخاذ موقف عدائي تجاه روسيا».

وأضاف أن 18 حزمة عقوبات أوروبية سابقة «أضرت باقتصاد الاتحاد الأوروبي، وبروكسل تواصل هذا الموقف المدمر».

وأضاف: «فيما يتعلّق بتقييم التهديد الجديد، دعونا ننتظر الصياغة، ثم سنقيّمها».

وقال بيسكوف إن روسيا «لا تزال منفتحة على عملية التفاوض بشأن أوكرانيا»، لكنه أضاف: «نحن نتمسك بموقفنا المعلن».

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس 2025 (رويترز)

في هذا السياق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن روسيا تصر على تثبيت ضمانات أمنية لأوكرانيا «تتوافق تماماً مع التزامات الغرب المنصوص عليها في الوثائق الدولية المعتمدة سابقاً».

وخلال مشاركته في ندوة على مستوى السفراء حول الأزمة الأوكرانية، أوضح الوزير: «سنصرّ، بالطبع، على ضمانات أمنية. لقد سعينا إلى ذلك في فبراير (شباط) 2014، ومرة أخرى بعد عام، حين جرى التوصل إلى اتفاقيات (مينسك) والموافقة عليها في الأمم المتحدة. ويجب أن تتوافق الضمانات الأمنية تماماً مع التزامات الغرب المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وفي وثائق توافق آراء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، في إسطنبول عام 1999 وآستانة عام 2010».

طائرة «رافال» فرنسية تحلّق في أجواء بولندا يوم 13 سبتمبر الحالي في إطار تعزيز حلف «الناتو» دفاعاته على الجبهة الشرقية ضد روسيا بعدما اخترقت مسيّرات روسية المجال الجوي البولندي (الجيش الفرنسي - أ.ف.ب)

وأكد الوزير: «يجب أن تستند هذه الضمانات الأمنية، كما جرى الاتفاق عليها آنذاك، إلى مبدأ عدم تجزئة الأمن، ومبدأ عدم أحقية أي دولة في تعزيز أمنها على حساب الآخرين. وهذا تحديداً ما يحاول الغرب فعله حالياً في أوكرانيا، محاولاً إنقاذها من الانهيار التام».

وجدّد الوزير تأكيد أن روسيا مستعدة لمناقشة الجوانب السياسية للتسوية مع أوكرانيا، والعمل معها بأي شكل. مضيفاً أن بلاده «مع ذلك، لم تتلقَّ بعدُ رداً من كييف على اقتراح تشكيل 3 مجموعات عمل لمعالجة القضايا الإنسانية والعسكرية والسياسية بشكل أكثر تحديداً، والذي طُرح في محادثات إسطنبول».

وحمل لافروف كييف والعواصم الأوروبية المسؤولية عن عرقلة التقدم في مسار السلام، وقال إن هذه الأطراف تحاول إفشال جهود الرئيس الأميركي في دفع تسوية سياسية. ورغم تأكيده فكرة الضمانات الأمنية التي يجب أن تكون شاملة لكل الأطراف، شدد الوزير على معارضة بلاده إشراك أوروبا في مفاوضات السلام، وقال إنه «لا ينبغي للدول الأوروبية الجلوس على طاولة المفاوضات بشأن أوكرانيا بسبب موقفها المناهض لروسيا».

وزيرا الخارجية الأميركي ماركو روبيو والروسي سيرغي لافروف قبيل مؤتمر ترمب وبوتين الصحافي 15 أغسطس (أ.ف.ب)

وزاد: «من الواضح أن أوروبا تسعى، وبكل وقاحة، إلى حجز مكان لها على طاولة المفاوضات، مع موقفها الانتقامي ومساعيها لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا. لا مكان لها على طاولة المفاوضات».

ورأى لافروف أن «القادة الأوروبيين الذين يناقشون إرسال قوات إلى أوكرانيا، وإقامة منطقة حظر جوي، يشبهون (السترات الصفراء) التي تتظاهر بأنها شخصيات مهمة، لكنها عاجزة عن فعل شيء».

وزاد أن «كييف تسعى إلى تقويض موقف واشنطن من التسوية من خلال الاعتراف ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع. كما تحاول أوكرانيا وأوروبا إقناع الرئيس الأميركي بالتخلي عن جهود حفظ السلام».

وعدّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أن فرص التوصل إلى نهاية سريعة للحرب في أوكرانيا ضئيلة. وقال غوتيريش للصحافيين في نيويورك، يوم الثلاثاء: «لست متفائلاً بشأن إحراز تقدم على المدى القصير في عملية السلام بأوكرانيا».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء (د.ب.أ)

وأوضح أن مواقف كييف وموسكو لا تزال متعارضة إلى حد كبير، إذ تسعى أوكرانيا للحفاظ على وحدة أراضيها، في حين تحاول روسيا الإبقاء على مساحات واسعة من البلاد تحت الاحتلال. وأضاف: «أخشى أن نشهد استمرار هذه الحرب لفترة أطول على الأقل».

إلى ذلك، أكد زيلينسكي أن أوكرانيا مستعدة لوقف إطلاق النار، داعياً الرئيس الأميركي إلى العودة لفكرة فرض وقف فوري لإطلاق النار.

وقال زيلينسكي في مقابلة مع «سكاي نيوز»: «كنا نأمل أن يتمسك الرئيس ترمب بمبدأ وقف إطلاق النار. نحن مستعدون لذلك».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

وكان ترمب قد تراجع عن فكرة الهدنة الفورية بعد لقائه بوتين في ألاسكا الشهر الماضي، وتبنى وجهة النظر الروسية التي تدعو إلى إطلاق مفاوضات للتوصل إلى تسوية شاملة، عادّاً أنها أفضل من العمل على هدنة مؤقتة. وجدد زيلينسكي رفضه دعوة بوتين للحضور إلى موسكو لإجراء محادثات.

وقال إنه مستعد للقاء الرئيسين الأميركي والروسي «في إطار ثلاثي أو ثنائي، ومن دون شروط مسبقة»، لكنه أضاف على الفور: «لكن ذلك ينبغي ألا يكون في موسكو».

وصرح بوتين سابقاً بأنه إذا كان زيلينسكي مستعدّاً للقاء، فعليه الحضور إلى موسكو.

وذكر زيلينسكي أنه لا ينوي التوجه إلى موسكو، لكنه منفتح على أي مقترحات لعقد اجتماع في أي دولة أخرى غير روسيا.

وفي إشارة انتقادية ضمنية لترمب طالب الرئيس الأوكراني الغربَ بـ«التركيز على الوضع في أوكرانيا، بدلاً من محاولة بناء العلاقات مع روسيا». وأكد: «على جميع الدول التوقف عن التفكير في نفسها فقط، وفي علاقاتها المستقبلية مع روسيا، والتفكير أكثر فيما يجري في أوكرانيا؛ لأن هذه قضية راهنة، تحدث الآن».


مقالات ذات صلة

ضربات روسية واسعة النطاق على أوكرانيا

أوروبا رجل إنقاذ يعمل على إخماد نيران اندلعت جراء القصف الروسي الثلاثاء (أ.ب)

ضربات روسية واسعة النطاق على أوكرانيا

تشنّ روسيا ضربات على أوكرانيا كل ليلة تقريباً، مستهدفةً بشكل خاص البنى التحتية للطاقة، خصوصاً خلال فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)
خاص ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

خاص ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

لا للحروب الأبدية، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا حريق خلفه هجوم روسي سابق على كييف (رويترز)

انقطاع الكهرباء عن كييف ومحيطها بعد هجوم روسي

قال الجيش الأوكراني إن روسيا شنت هجوماً جوياً في وقت مبكر من صباح اليوم (الثلاثاء) على كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا محققون في موقع اغتيال الجنرال الروسي بموسكو أمس (رويترز)

مقتل ضابط روسي كبير بانفجار سيارة

قُتل جنرال في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي بانفجار سيارة في جنوب موسكو، صباح أمس، في أحدث اغتيال لشخصية عسكرية بارزة، وذلك بعد ساعات فقط من إجراء مندوبين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«اللوفر» يحصّن نافذة استُخدمت في سرقة مجوهرات

خلال العمل على تحصين النافذة التي استُخدمت لسرقة مجوهرات من متحف اللوفر (أ.ب)
خلال العمل على تحصين النافذة التي استُخدمت لسرقة مجوهرات من متحف اللوفر (أ.ب)
TT

«اللوفر» يحصّن نافذة استُخدمت في سرقة مجوهرات

خلال العمل على تحصين النافذة التي استُخدمت لسرقة مجوهرات من متحف اللوفر (أ.ب)
خلال العمل على تحصين النافذة التي استُخدمت لسرقة مجوهرات من متحف اللوفر (أ.ب)

عزّز متحف اللوفر في باريس إجراءات الأمن عبر تركيب شبكة حماية على نافذة زجاجية استُخدمت في عملية سرقة مجوهرات في 19 أكتوبر (تشرين الأول) حين نجح أربعة لصوص في الاقتراب من المبنى باستخدام رافعة ووصل اثنان منهم إلى هذه النافذة المؤدية إلى معرض «أبولون» المطل على ضفاف نهر السين.

سرق اللصوص ثماني قطع مجوهرات من تاج فرنسي، ولا تزال المسروقات التي تُقدر قيمتها بـ88 مليون يورو، مفقودة.

منذ حادثة السطو، باتت إجراءات الأمن في المتحف الأكثر زيارة في العالم، محط انتقادات حادة، إذ كشفت السرقة سلسلة من الثغرات الأمنية.

وقال نائب المدير العام للمتحف فرنسيس شتاينبوك، لوكالة الصحافة الفرنسية، اليوم (الثلاثاء)، إنّ شبكة الحماية هي أحد التدابير الطارئة التي اتُّخذت بعد السرقة، مضيفاً أن «المناقشات» جارية بشأن «تشديد حماية النوافذ الأخرى».

كانت رئيسة متحف اللوفر، لورانس دي كار، قد أكدت لأعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الأسبوع الفائت، أنّ شبكة حماية جديدة سيتم تركيبها «قبل عيد الميلاد». وأوضحت أن الشبكة السابقة قد أزيلت ما بين عامي 2003 و2004 خلال أعمال ترميم واسعة.


ضربات روسية واسعة النطاق على أوكرانيا

رجل إنقاذ يعمل على إخماد نيران اندلعت جراء القصف الروسي الثلاثاء (أ.ب)
رجل إنقاذ يعمل على إخماد نيران اندلعت جراء القصف الروسي الثلاثاء (أ.ب)
TT

ضربات روسية واسعة النطاق على أوكرانيا

رجل إنقاذ يعمل على إخماد نيران اندلعت جراء القصف الروسي الثلاثاء (أ.ب)
رجل إنقاذ يعمل على إخماد نيران اندلعت جراء القصف الروسي الثلاثاء (أ.ب)

قُتل 3 أشخاص على الأقل، وسُجِّلت انقطاعات واسعة في التيار الكهربائي، جراء ضربات نفَّذتها روسيا على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، عدّها الرئيس فولوديمير زيلينسكي مؤشراً على «أولويات» موسكو، في وقت تتسارع فيه الجهود من أجل وضع حدٍّ للحرب.

وأعلن سلاح الجو الأوكراني أنّ روسيا شنَّت هجوماً بـ635 طائرة مسيّرة و38 صاروخاً.

وتأتي عمليات القصف غداة مقتل الجنرال فانيل سارفاروف، بانفجار سيارته في موسكو، وهو ثالث اغتيال لضابط عسكري روسي رفيع المستوى في غضون ما يزيد قليلاً على عام.

كما تأتي في وقت تسارعت فيه المحادثات الهادفة إلى تسوية النزاع، بضغط من الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، من دون أن تسفر عن نتائج ملموسة رغم سلسلة اللقاءات التي عُقدت في ميامي خلال نهاية الأسبوع.

عاملا إسعاف يساعدون امرأة على مغادرة شقتها في مبنى أُصيب بالقصف الروسي بكييف الثلاثاء (رويترز)

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الثلاثاء)، إن مسوّدات وثائق عدة أُعدت ‌بعد أن ‌أجرى ‌مسؤولون ⁠أوكرانيون ​محادثات ‌في مدينة ميامي مع نظرائهم الأميركيين حول سبل إنهاء الحرب ⁠مع روسيا.

وكتب زيلينسكي ‌عبر منصة ‍«إكس»، قائلا: «عملوا بشكل ‍بنّاء مع مبعوثي الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب، وتم ​إعداد مسوّدات عدة... تتضمن على ⁠وجه الخصوص ضمانات أمنية لأوكرانيا، وخططاً للتعافي، وإطار عمل أساسياً لإنهاء هذه الحرب».

وكان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، تحدَّث (الاثنين) عن «تقدم بطيء» في المفاوضات مع الأميركيين، منتقداً في الوقت ذاته القادة الأوروبيين الذين اتهمهم بالسعي لـ«عرقلة العملية الدبلوماسية».

هجوم روسي

وأفاد زيلينسكي بمقتل طفلة في الرابعة من عمرها في منطقة زيتومير في وسط البلاد، حيث استهدفت ضربات مسيّرة روسية مبنى سكنياً.

وأشار إلى أنّ العمال سارعوا لإصلاح البنية التحتية للطاقة التي تضرّرت في الهجوم الذي أدى إلى انقطاعات طارئة في التيار الكهربائي في مناطق عدة في ظل طقس شتوي شديد البرودة.

وقال: «هجوم قبل عيد الميلاد، في وقت يرغب الناس ببساطة في أن يكونوا مع عائلاتهم، في منازلهم، وفي أمان. هجوم نُفّذ أساساً في خضم مفاوضات تهدف إلى إنهاء هذه الحرب».

ورأى أنّ «بوتين غير قادر على قبول أنّه يجب أن يتوقف عن القتل».

شرطي يساعد امرأة على مغادرة شقتها في مبنى أُصيب بالقصف الروسي بكييف الثلاثاء (رويترز)

وتشنّ روسيا ضربات على أوكرانيا كل ليلة تقريباً، مستهدفةً بشكل خاص البنى التحتية للطاقة، خصوصاً خلال فصل الشتاء.

وتأتي الانقطاعات الجديدة في التيار الكهربائي في وقت تشهد فيه أوكرانيا درجات حرارة تلامس الصفر، أو حتى أقل من درجة التجمّد في معظم أنحاء البلاد.

وأعلن الجيش الروسي أنّه شنّ ضربات ضخمة على مواقع عسكرية وأخرى للطاقة، مستخدماً مسيّرات بعيدة المدى، وصواريخ فرط صوتية.

غير أنّ السلطات الأوكرانية ترى أنّ تصاعد حدة الضربات يهدف لتدمير الخدمات اللوجيستية البحرية لأوكرانيا بشكل كامل.

بولندا و«الناتو»

وأعلن الجيش البولندي، في منشور على منصة «إكس» صباح الثلاثاء، أنّ سلاح الجو «البولندي والحليف (في إشارة إلى حلف شمال الأطلسي)» وُضعا في حالة تأهّب، وحلّقت مقاتلات في أجواء البلاد في إجراء وقائي على خلفية الضربات الروسية على الأراضي الأوكرانية.

ويتم تفعيل هذا الإجراء بانتظام عندما تستهدف الضربات المناطق الأوكرانية الغربية القريبة من الحدود البولندية.

عمال يزيلون دماراً من على سطح مبنى سكني أُصيب بالقصف الروسي بكييف الثلاثاء (أ. ف. ب)

ودعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مارك روته، إلى مواصلة دعم أوكرانيا، محذراً في الوقت نفسه من مخاطر أمنية على الدول الأوروبية في الحلف.

وقال روته، في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إنه لمنع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من الإقدام على مهاجمة أي دولة عضو في «ناتو» يجب ضمان بقاء أوكرانيا قوية، إضافة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي كما تقرر في قمة «ناتو» في لاهاي. وأضاف: «إذا قمنا بهذين الأمرين، فسنكون أقوياء بما يكفي للدفاع عن أنفسنا، ولن يجرؤ بوتين على المحاولة مطلقاً».

وأكد روته، الذي شغل سابقاً منصب رئيس وزراء هولندا، أن عملية تعزيز القدرات الدفاعية يجب أن تتم بسرعة، موضحاً أن تقديرات أجهزة استخبارات مختلفة تشير إلى أن الوضع قد يصبح خطيراً اعتباراً من عام 2027 أو 2029 أو 2031 إذا لم يحدث ذلك.

وأوضح روته أن بوتين ينفق حالياً أكثر من 40 في المائة من ميزانية الدولة على التسلح، لافتاً إلى أن الحرب في أوكرانيا أظهرت استعداد بوتين للتضحية بـ1.1 مليون شخص، في إشارة إلى تقديرات أعداد القتلى والجرحى من الجانب الروسي.


ألمانيا تعلن ترحيل سوري إلى بلاده للمرة الأولى منذ عام 2011

وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت (د.ب.أ)
وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تعلن ترحيل سوري إلى بلاده للمرة الأولى منذ عام 2011

وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت (د.ب.أ)
وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت (د.ب.أ)

أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، اليوم الثلاثاء، ترحيل سوري من ألمانيا، لأول مرة منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011.

وذكرت الوزارة أنه جرى ترحيل المهاجر السوري، الذي سبق أن أُدين بتُهم جنائية في ألمانيا، إلى دمشق حيث سُلّم إلى السلطات السورية، صباح الثلاثاء.

وقال وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت، في بيان: «لمجتمعنا مصلحة مشروعة في ضمان مغادرة المجرمين بلدنا».

تأتي هذه الخطوة بعد أشهر من المناقشات مع الحكومة السورية. وبذلت السلطات الألمانية جهوداً مماثلة للتوصّل إلى اتفاق في هذا الشأن مع حكومة «طالبان» في أفغانستان وترحيل الأفغان من أراضيها.

وندّدت منظمات حقوقية بقرار ترحيل المهاجرين إلى كلّ من سوريا وأفغانستان، مشيرة إلى انعدام الاستقرار المتواصل في البلدين، وانتهاكات موثّقة لحقوق الإنسان.

غير أن الائتلاف الحكومي في ألمانيا جعل مسألة ترحيل السوريين إلى بلدهم أولوية دبلوماسية منذ الإطاحة ببشار الأسد من الحكم قبل سنة تقريباً.

وفي يوليو (تموز) الماضي، كانت النمسا أوّل بلد في الاتحاد الأوروبي يرحّل مواطناً سورياً منذ 2011.

وأعلنت وزارة الداخلية الألمانية التوصّل إلى اتفاق في هذا الصدد مع كلّ من دمشق وكابل لإتاحة المجال لعمليات ترحيل دورية «لمجرمين وأفراد خطِرين» في المستقبل.

وهاجر نحو مليون سوري إلى ألمانيا هرباً من فظائع الحرب في بلادهم، ووصل جزء كبير منهم في 2015.

وأمضى السوري، الذي جرى ترحيله، الثلاثاء، عقوبة سجن في ولاية شمال الراين وستفاليا (غرب ألمانيا)، على خلفية السطو في ظروف مشدّدة للعقوبة والإيذاء الجسدي والابتزاز.

وكشفت الوزارة عن ترحيل مواطن أفغاني أيضاً، الثلاثاء، أمضى عقوبة سجن لجرائم متعدّدة.