تصعيد إسرائيلي «نوعي» في جنوب لبنان

غارة على النبطية توقع 14 جريحاً بينهم أطفال

طفل يقف إلى جانب المبنى الذي استهدف في النبطية مساء الاثنين (أ.ب)
طفل يقف إلى جانب المبنى الذي استهدف في النبطية مساء الاثنين (أ.ب)
TT

تصعيد إسرائيلي «نوعي» في جنوب لبنان

طفل يقف إلى جانب المبنى الذي استهدف في النبطية مساء الاثنين (أ.ب)
طفل يقف إلى جانب المبنى الذي استهدف في النبطية مساء الاثنين (أ.ب)

تُمثّل الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مساء الاثنين مبنى في منطقة كسار زعتر بمدينة النبطية نقلة «نوعية» جديدة في مسار المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» وتل أبيب.

فالعمل العسكري الإسرائيلي لم يعد يقتصر على قرى حدودية اعتادت أن تكون مسرحاً للضربات، بل طالت النبيطة، وهي مدينة كبيرة في الجنوب اللبناني، ما يعكس توجهاً إسرائيلياً نحو توسيع نطاق بنك الأهداف إلى مناطق مكتظة بالسكان.

المبنى المستهدف تحوّل إلى ركام، وسط أضرار جسيمة في محيطه. وقد أعلن مركز عمليات طوارئ وزارة الصحة أنّ الحصيلة النهائية للغارة بلغت 14 جريحاً بينهم نساء وأطفال. هذه الخسائر تؤكد أنّ التكلفة الإنسانية تبقى العامل الأخطر في أي تصعيد، حيث يجد المدنيون أنفسهم في قلب المواجهة.

المبنى الذي استهدفه القصف الإسرائيلي في النبطية (الوكالة الوطنية للإعلام)

وعملت منذ صباح الثلاثاء ورش أشغال على رفع الأنقاض من محيط المبنى المستهدف المؤلف من 5 طبقات بعد استهدافه بصواريخ أصابت السقف الخامس للمبنى، واخترقت بقية الأسقف لتستقر في الطبقة الأولى وتلحق به أضراراً كبيرة، حسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرةً إلى أن سكان المبنى المستهدف اضطروا إلى إخلائه بسبب التصدعات التي أصابت أساساته، وخطورة ذلك على السكن فيه، وعمل السكان على نقل حاجياتهم الضرورية وبعض الأدوات من شققهم.

وتسببت الغارة بأضرار كبيرة في المباني والمحال التجارية المجاورة، وبالعديد من السيارات المركونة في الشوارع المحيطة بالمبنى المستهدف، إضافة إلى أضرار بشبكتي الكهرباء والهاتف.

إسرائيل: «اغتيال نوعي»

وسائل إعلام إسرائيلية وصفت العملية بأنّها «اغتيال نوعي»، فيما أوضح الجيش الإسرائيلي أنّ الغارة استهدفت «مقراً لـ(حزب الله) يشكل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان». وأضاف أنّ الحزب «يعيد بناء بنيته التحتية مستخدماً المدنيين دروعاً بشرية»، متوعداً بمواصلة العمليات «لإزالة أي تهديد».

وأكد عضو «كتلة التنمية والتحرير» (التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) النائب محمد خواجة لـ«الشرق الأوسط»: «إنّ ما فعلته إسرائيل في استهداف النبطية تجاوز كل الحدود، فهي لا تفرّق بين أهداف عسكرية ومدنية، وقد رأينا كيف استُهدفت مبانٍ تضم أطفالاً ونساء، لتبرّر عدوانها بأنها تنفّذ عمليات نوعية». وأضاف: «بهذا السلوك، تعطي إسرائيل لنفسها الحق في استهداف أي مدينة أو بلدة أو حتى عاصمة عربية، تحت شعارات ملفّقة».

ورأى أنّ «الاستهدافات الإسرائيلية للبنان تأخذ أكثر من بعد، فهي لا تقتصر على ما تدّعيه تل أبيب من ضرب مواقع أو مخازن تابعة لـ(حزب الله)، بل أصبحت تطول مناطق سكنية مأهولة، ما يجعل أي حي أو مبنى عرضة للقصف تحت ذريعة وجود قاعدة أو مركز للحزب، وهو ما يشكّل انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية».

وحذّر خواجة من أنّ «ما حصل في النبطية ليس حادثاً معزولاً، بل يندرج في هذا السياق، وقد يتكرر في أماكن أخرى داخل لبنان وخارجه».

طبيب يداوي طفلاً أُصيب في الغارة التي استهدفت المبنى في النبطية مساء الاثنين (أ.ب)

وشدّد على أنّ «لبنان التزم بالكامل باتفاق وقف الأعمال العدائية الموقّع في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو اتفاق رعته وضمنت تنفيذه الولايات المتحدة، لكن إسرائيل لم تلتزم به منذ اليوم الأول»، مذكّراً بأنّ «تقارير قوات (اليونيفيل) تؤكّد التزام لبنان بما اتفق عليه جنوب نهر الليطاني، بينما تمنع إسرائيل الجيش اللبناني من بسط سلطته الكاملة هناك، وتحول دون عودة المدنيين إلى قراهم وإعادة إعمار بيوتهم».

واعتبر أنّ «استمرار إسرائيل في اعتداءاتها يُبقي المنطقة مفتوحة على احتمالات خطيرة، فيما المؤشرات حتى الآن تدلّ على أنّها ستواصل سياسة الاستهداف المتدرّج».

التفوق الجوي

في البعد العسكري، قال العميد المتقاعد سعيد قزح لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الاستهدافات الإسرائيلية لا تراعي وجود المدنيين، إذ يكفي أن تعتبر أنّ مبنى أو موقعاً ما يُستخدم للتخطيط أو كغرفة عمليات أو لتخزين السلاح حتى تبرّر ضربه، بصرف النظر عن موقعه أو طبيعة المنطقة المحيطة به»، وأضاف أنّ «إسرائيل ماضية في نهجها التصعيدي، وهي لا تضع ضوابط لنفسها، سواء في الجنوب أو في أي منطقة لبنانية أخرى، من الشمال إلى جبل لبنان وحتى بيروت»، ويضيف: «بالنسبة إليها، أي تهديد محتمل لأمن مستوطنيها سيتم القضاء عليه، وهذا ما تفعله عبر سلسلة من الاغتيالات، وتدمير المراكز والمخازن التابعة لـ(حزب الله)، وملاحقة قياداته ومقاتليه من دون أن يسائلها أحد».

وحول سيناريوهات المرحلة المقبلة، رأى قزح أنّ «هذا الوضع هو الأمثل بالنسبة إلى إسرائيل لأنها لا تدفع ثمناً بشرياً على الأرض، ولا تحتاج إلى اجتياح بري، بل تعتمد على التفوق الجوي والضربات المركّزة كلما اكتشفت هدفاً جديداً». ولفت إلى أنه «من الطبيعي أن تتزايد هذه العمليات الجوية ما دامت لا تكلّفها شيئاً في الأرواح». ورأى أنّ «ما يعني إسرائيل هو أمنها الداخلي وحده، وهي ستواصل استهدافها لأي سلاح أو موقع تعتبره مهدّداً لها، أينما وُجد».


مقالات ذات صلة

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:50

خاص شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بعلبك (شرق لبنان))
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الوفد العراقي برئاسة إحسان العوادي، مدير مكتب ئيس الوزراء العراقي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)
المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

روت عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني، أحمد شكر، تفاصيل جديدة بشأن اختفائه قبل أيام، مشيرة إلى أن مغترباً لبنانياً في كينشاسا يُدعى «ع . م» تواصل مع أحمد لاستئجار شقته في جنوب بيروت، وأنه زار لبنان مراراً.

وقال عبد السلام، شقيق الضابط المختفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المغترب طلب لاحقاً من أحمد المساعدة في بيع قطعة أرض في زحلة لِمُتموّل يُدعى سليم كساب، لكن تبين لاحقاً أنه اسم مستعار.

وفي يوم اختفاء أحمد، ذهب لمقابلة المتمول، لكن المغترب اعتذر من عدم الحضور. وأظهرت كاميرات المراقبة تحرك سيارة باتجاه بلدية الصويرة، حيث فُقد أثر أحمد؛ مما أثار الشكوك بشأن تعرضه للاختطاف، من دون وجود أدلة واضحة.

ونفت العائلة أي علاقة لأحمد بملف الطيار الإسرائيلي رون آراد المفقود منذ 1986، وأيَّ علاقة له بالأحزاب.


الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
TT

الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)

أفاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بأن العلاقات السورية - الروسية تدخل عهداً جديداً مبنياً على الاحترام المتبادل.

وقال الشيباني، خلال اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أمس، إن مناقشة العلاقة بين البلدين تجري بقدر أكبر من الصراحة والانفتاح، مشدداً على أن دمشق تتطلع إلى بناء علاقات متوازنة وهادئة مع جميع الدول.

والتقى الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتناول اللقاء سبل تطوير الشراكة العسكرية، بما يعزز القدرات الدفاعية للجيش السوري، ويواكب التطورات الحديثة في الصناعات العسكرية.

وأوردت «الوكالة العربية السورية للأنباء» أن الرئيس الروسي «جدّد موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكّد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».


العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
TT

العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

كثّف العراق ملاحقته القضائية لمواطنين تورطوا في القتال ضمن الحرب الروسية – الأوكرانية، محذّراً من عقوبات بحق من يلتحق بقوات عسكرية أجنبية من دون موافقة رسمية.

وأكد رئيس مجلس القضاء فائق زيدان أن القانون يعاقب بالسجن كل من يشارك في نزاعات خارجية، مشدداً على تجريم شبكات التجنيد والاتجار بالبشر.

جاء ذلك بالتزامن مع عمل لجنة حكومية خاصة بمكافحة تجنيد العراقيين للقتال في أراض أجنبية، وسط تضارب بشأن أعداد المجندين.

وتتحدث تقارير صحافية عن وجود نحو 50 ألف عراقي جُندوا للقتال في صفوف القوات الروسية، في حين تشير إحصاءات غير رسمية إلى نحو 5 آلاف مقاتل يتوزعون بواقع 3 آلاف مع الجيش الروسي، وألفي مقاتل مع الجيش الأوكراني.

وكانت محكمة عراقية قد أصدرت حكماً بالسجن المؤبد بحق مدان بتجنيد مقاتلين للقتال مع روسيا.