مصر وقطر لمواصلة مساعي وقف النار في غزة

وسط حديث إسرائيلي عن توفير القاهرة «غطاء أمنياً» لقادة المقاومة

فلسطيني مبتور الساق يسير متكئاً على عكازين إلى جانب نازحين آخرين متجهين جنوباً من مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني مبتور الساق يسير متكئاً على عكازين إلى جانب نازحين آخرين متجهين جنوباً من مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر وقطر لمواصلة مساعي وقف النار في غزة

فلسطيني مبتور الساق يسير متكئاً على عكازين إلى جانب نازحين آخرين متجهين جنوباً من مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني مبتور الساق يسير متكئاً على عكازين إلى جانب نازحين آخرين متجهين جنوباً من مدينة غزة (أ.ف.ب)

تأكيدات مصرية - قطرية تتواصل بشأن استمرار مساعي وقف النار في قطاع غزة، وسط حديث أميركي رسمي عن التركيز على الدور الذي يمكن أن تؤديه الدوحة لإبرام صفقة بالقطاع الفترة المقبلة.

يتزامن مع تلك التأكيدات تواصل التصعيد الإسرائيلي في مدينة غزة، ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أهمية استمرار الدور المصري القطري في الوساطة ارتباطاً بأهداف مرتبطة بفلسطين وأمن واستقرار المنطقة، متوقعين أن تتم بلورة اتفاق فقط حال ضغطت واشنطن على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لوقف التصعيد.

وقبيل قمة الدوحة، الاثنين، للنظر في الهجوم الإسرائيلي عليها، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، «ضرورة مواصلة المساعي للتوصل إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق، والرفض القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم»، وفق بيان للرئاسة المصرية.

ذلك التأكيد للدولتين الرئيستين في الوساطة في إنهاء حرب غزة، بجوار واشنطن حليفة إسرائيل، جاء غداة حديث رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في اجتماع وزاري عربي بالدوحة، بأن «الدوحة ماضية في نهج الوساطة لحل النزاعات».

فلسطينيون يتفقدون أنقاض برج الجندي المجهول بعد تدميره جراء قصف إسرائيلي في حي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وشدد رئيس وزراء قطر، الذي تلقت دولته ضربة إسرائيلية الثلاثاء الماضي، على أن «الممارسات الإسرائيلية الغوغائية والهمجية لن تثني دولة قطر عن مواصلة بذل الجهود المخلصة مع جمهورية مصر العربية، والولايات المتحدة، لوقف هذه الحرب الظالمة»، وأرجع ذلك الموقف بقوله: «إننا في دولة قطر نؤكد على أن الوساطة في حل النزاعات بالطرق السلمية ليست التزاماً قانونياً نص عليه الدستور الدائم للدولة فحسب؛ ولكنها التزام إنساني وأخلاقي وعقيدة راسخة في سياستنا، كما أن السلام العادل والشامل والدائم خيار استراتيجي لا غنى عنه».

ولم يتضح على الفور أي دور ستلعبه الدوحة بعد استهداف إسرائيلي لها، وهل ستقبل استضافة وفود إسرائيلية أم لا، غير أن تسريبات إسرائيلية، الاثنين، تزعم وجود دور أمني أكبر للقاهرة المرحلة المقبلة؛ دون تأكيد أو نفي مصري بعد.

وكشفت صحيفتا «يديعوت أحرونوت» و«واي نت»، الإسرائيليتين، الاثنين، أن السلطات الأمنية بمصر وجهت رسالة تحذيرية صريحة إلى كل من تل أبيب وواشنطن بشأن عدم المساس بأي قادة بالمقاومة على أراضيها، فضلاً عن تعزيز إجراءات الحماية، لا سيما لقادة الفصائل الفلسطينية على أراضيها، وأبرزهم زياد النخالة، الأمين العام لـ«حركة الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، إلى جانب مسؤولين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

ويؤكد الخبير العسكري الاستراتيجي اللواء سمير فرج أن «الموقف المصري القطري ترسيخ للجهود الداعمة لحفظ أمن واستقرار المنطقة، وعدم ترك الساحة لنتنياهو يخرب فيها»، مرجحاً أن «يتسع دور مصر أكبر في المفاوضات، وليس في استضافة قادة مقاومة، كما يروج إعلام إسرائيلي لأنباء غير صحيحة».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني المختص بالشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، أن «التأكيدات المصرية القطرية جاءت في توقيت بالغ الدقة، وهي إدراك لأبعاد الأزمة بالمنطقة وأهمية وقفها فوراً، وبالتالي مواصلة دورهما المهم للغاية».

وشدد جمهور على أن «تحركات القاهرة الأمنية ورسائلها بشأن قادة المقاومة، سواء كانت أنباء أو حقائق، فهي تأتي في ظل حكومة يمنية فاشية تتخطى كل الخطوط الحمراء، وحتمية مواجهة أي تجاوز، في ظل مواقف مصر الثابتة في رفض التهجير، وهذا تحد لمشروع إسرائيل الحالي الذي يدفع نحو التهجير».

وخلال مؤتمر صحافي، الاثنين، مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، قال وزير خارجية الولايات المتحدة ماركو روبيو إننا «نركز الآن على الدور الذي يمكن أن تؤديه الدوحة في إبرام صفقة في غزة»، مؤكداً أهمية الدور القطري.

وجاء حديث روبيو خلال زيارته لإسرائيل، غداة كشف قناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية، الأحد، أن «مسؤولين أميركيين أجروا محادثات في الأيام الأخيرة مع مسؤولين إسرائيليين وقطريين في محاولة لاستئناف الاتصالات بشأن صفقة المختطفين».

وفي نهاية الأسبوع، وجد رئيس وزراء قطر في الولايات المتحدة والتقى مع الرئيس دونالد ترمب، ونائب الرئيس «جي دي فانس»، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وخلال المحادثات أوضح المسؤولون الأميركيون أنه «يجب إيجاد الطريقة الصحيحة لاستئناف المفاوضات»، وذلك وفقاً لمصدرين مطلعين على التفاصيل تحدثوا للقناة الإسرائيلية.

وسيناقش روبيو، مع مسؤولين إسرائيليين إمكانية استئناف الاتصالات، وحسب مصدر مطلع على التفاصيل قال لـ«i24NEWS» فإنه من المحتمل أن «تطرح الإدارة مبادرة جديدة لإخراج المفاوضات من الجمود»، وسط أنباء عن زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة للدوحة الثلاثاء.

وخلال قمة قادة الدول العربية والإسلامية الاستثنائية في الدوحة، الاثنين، أكد قادة مصر والأردن وتركيا والعراق وفلسطين، في كلماتهم، ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ورجح فرج أن تقدم واشنطن على نوع من أنواع الترضية لقطر والدول العربية بتسهيل إتمام صفقة والضغط على إسرائيل لتنفيذ ذلك باعتباره أقل تعويض يمكن أن تفعله واشنطن، متوقعاً أنه خلال زيارة روبيو ستتم مناقشة إبداء إسرائيل مرونة لإبرام اتفاق.

ويرى نهور جمهور أن الأمر بشأن أي اتفاق مستقبلي يتوقف على جدية واشنطن التي يمكن أن تضع خطوطاً لنتنياهو، مشدداً أن أميركا «لا تزال أطراف اللعبة في يدها، وسنرى ستفعل ذلك وتلجم إسرائيل أم ستمنح لها الضوء الأخضر لمزيد من التصعيد؟!».


مقالات ذات صلة

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

شؤون إقليمية عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

للمرة العاشرة على التوالي، تقدَّمت الحكومة الإسرائيلية بطلب للمحكمة العليا لتمديد مهلة الرد على التماس «رابطة الصحافيين الأجانب»؛ للسماح بالدخول الحر لقطاع غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تقرير: إسرائيل تسمح للآلاف من جنود الاحتياط بالاحتفاظ ببنادق في منازلهم

يستعدّ الجيش الإسرائيلي لتسليح نحو 10 آلاف جندي احتياطي من الفرقة 96 ببنادق طويلة تُحفظ في منازلهم على مدار العام

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
المشرق العربي والدة أحمد زيود خلال تشييع جثمانه خلال جنازته قرب جنين في الضفة الغربية اليوم (أ.ب)

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة

قُتل ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما قتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين بالضفة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».


وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».