أرق
من حرير على جسد
وأجملَ من عناقٍ
بعد طويل سفر
لنعقدِ الحدائقَ بين كفينا
ونركض
عكس اتجاه الأرض
والناس
الذاهبة إلى المنحدرات
بكل إلحاح ورغبة.
أيتها الأجمل
من عرق ريحان في السابعة
لا تكفّي عن ولادة الماء
والسحر
والغبطة
سأحضر لكِ الكلمات
التي تحبينها
وأزرعها في أحواض
قربَ صدركِ
الذي يطعم الليل رشاقته
وسكونه
فتخرج منها الجملُ
سهلةً
وشفافةً
سنملأ حديقتنا بشجر السرو
والبرتقال ونملأ أغصانها
بأطفالٍ يشبهونكِ
يرثون من عيونك السحر
ومن صفاتكِ
حبّ الحياة
فيقطعون شجر الكره
ويزرعون الورد عن كل سيف
يكسرونه
لأجلكِ سيبعث الكون أخضر
ومن يديك تتجدد الصفات
ومن قلبي
الذي تخبزينه بالمحبة
سيعبر النسيانُ
ومن شفتيكِ سأراقب الأدعية
وهي تصير خبزاً
للجياع
وألحفةً للعابرين الوقت بلا أسماء
وتحيل حبنا غيماً خفيفاً
يتسلق السماءَ
ويمطر
رغم ثقوب الرصاص..
مدن منسية
المدنُ المنسيةُ التي تقيمُ في صدرك
تلفّ أولادَها بذراعٍ مبتورةٍ
وشفاهٍ مشققة.
مثقلةٌ بالجثث المكدسة
التي كان عليها أن تُقتلَ دفعةً واحدة
قبل أن ترفضَ الأمهاتُ
فتحَ قبور أولادهنّ
لئلا تصيبَهم قشعريرةُ البرد
والحمى.
المدنُ المنسيةُ التي تقيمُ في صدرك
تتربعُ بين الجثثِ عرشَ البكاءِ
وتفردُ يديها خارجاً
لتشدَّ لهم مواسمَ الفرحِ والأعياد
فتعودُ خائبةً
وتعودين إلى المرايا
ببثورٍ غيرِ مبررةٍ في وجهكِ
وحزناً
ثقيلاً
طويلاً
لا يخفيه أحمرُ الشفاه
ولا أقلامُ الكحل
ولا عطورُكِ الباذخة.
المدنُ المنسيةُ التي تقيمُ في صدركِ
فتيةٌ تحبّ الرقصَ
والشعرَ
وقراءةَ الفناجين
والحكايا
حقولُها تغوي الطيورَ المهاجرةَ
وأشجارُها
تلخصُ تاريخَ الجمالِ
ورائحةَ العبير
منسيةٌ هي المدن التي في صدرك
من الزمن
الذي أوردَ إليها الوحوشَ
والقنابلَ
والموتَ الغليظَ
والفزاعاتِ التي تهشّ الفرح.
إليكِ سأحضرُ قلبي غداً
ونفرط منه المشقة والأحزان
نحشوها في ظلال البيوت التي ستأكلها
الحروب
قبل أن تختفي
تختنق،
وتموت.
غداً سأمتلك حزناً نظيفاً
تركت أحزاني في سلة الغسيل
دحشتها في جيب قميصي
حيث لا تظهر لأمي
وهي تغسل على يديها ثيابنا
غداً سأمتلكُ حزناً نظيفاً
تخرجُ منه الحسرة
ضحكاً وابتسامات.
(2)
دسّت جديلتها في كفنه
كلما مشطت شعرها
سمعتْ صوتاً في ثيابه
يضحك.
(3)
علمنا أبي ألّا نكذب
وأطلقنا
في بريةٍ تقتل الصادقين.
(4)
سأوقد لكَ قلبي
مناراتٍ وأشرعةً لا تضل طريقها
سأعطيك أصابعي إن تعبت
من البحث عن الضوء
وأكشط عن جلدكَ الخوف
وعن عيونكَ الوحدة
لا تقل تحت أي غرفةٍ أنت
في أي طابق كنت
قبرك جاهز، ونعشك كذلك
اتبعني إلى المقبرة.
(5)
القبر الذي ستجرفه البلدوزر غداً
المتمدد بسكونٍ تحت شجرة محروقة
كأنها نهاية الحرب
ليس على شاهده ورد
ولا موضع كف
سيقضي الليلة كأي ليلة
ينتظر أن يزوره في الصباح أحد.
