من غزة إلى أوروبا... قصة هروب جريئة لفلسطيني بواسطة دراجة مائية

متحدث باسم وكالة مراقبة الحدود وصف الواقعة بأنها «حدث غير عادي»

الفلسطيني محمد أبو دخة يلتقط «سيلفي» مع زملائه ضياء (27 عاماً) وباسم (23 عاماً) في لامبيدوسا (رويترز)
الفلسطيني محمد أبو دخة يلتقط «سيلفي» مع زملائه ضياء (27 عاماً) وباسم (23 عاماً) في لامبيدوسا (رويترز)
TT

من غزة إلى أوروبا... قصة هروب جريئة لفلسطيني بواسطة دراجة مائية

الفلسطيني محمد أبو دخة يلتقط «سيلفي» مع زملائه ضياء (27 عاماً) وباسم (23 عاماً) في لامبيدوسا (رويترز)
الفلسطيني محمد أبو دخة يلتقط «سيلفي» مع زملائه ضياء (27 عاماً) وباسم (23 عاماً) في لامبيدوسا (رويترز)

استغرق الأمر أكثر من عام، وآلاف الدولارات، ومهارة، وتحديات، ودراجة مائية: هكذا تمكن محمد أبو دخة، الفلسطيني البالغ من العمر 31 عاماً، من الفرار من غزة إلى أوروبا.

ووثّق أبو دخة قصته بمقاطع فيديو، وصور، وملفات صوتية، شاركها مع وكالة «رويترز» للأنباء. كما أجرت الوكالة مقابلات معه ومع رفاقه في الرحلة عند وصولهم إلى إيطاليا، ومع أقاربهم في قطاع غزة.

هرباً من الدمار الذي خلفته الحرب بين إسرائيل و«حماس» التي استمرت قرابة عامين، والتي تقول السلطات الصحية في غزة إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 57 ألف فلسطيني، عبر أبو دخة معبر رفح الحدودي إلى مصر في أبريل (نيسان) 2024، دافعاً 5000 دولار.

إلى الصين ثم العودة إلى مصر

قال أبو دخة إنه ذهب في البداية إلى الصين، حيث كان يأمل في الحصول على اللجوء، لكنه عاد إلى مصر عبر ماليزيا وإندونيسيا بعد أن فشل في ذلك.

الفلسطيني محمد أبو دخة يلتقط «سيلفي» في بروكسل (رويترز)

وأطلع أبو دخة وكالة «رويترز» للأنباء على مراسلات عبر البريد الإلكتروني مع ممثلي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الصين خلال الفترة من أغسطس (آب) إلى سبتمبر (أيلول) 2024. ثم توجه أبو دخة إلى ليبيا، حيث أفادت تقارير متعددة صادرة عن جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بأن عشرات الآلاف من المهاجرين يتعرضون للإساءة والاستغلال بشكل روتيني من قبل المتاجرين والميليشيات أثناء محاولتهم تأمين مكان على متن قارب متجه إلى أوروبا.

ووفقاً لبيانات وزارة الداخلية الإيطالية، وصل أكثر من 47 ألف مهاجر بالقوارب إلى البلاد خلال العام الجاري، معظمهم من ليبيا، وتونس.

دراجة مائية راسية على الشاطئ أمام محمد أبو دخة فلسطيني يبلغ من العمر 31 عاماً من غزة ومهاجرين فلسطينيين آخرين يستخدمونها للإبحار إلى لامبيدوسا (رويترز)

لكن أبو دخة نجح في العبور في ظروف استثنائية للغاية. وقال إنه بعد 10 محاولات فاشلة للعبور بمساعدة مهربين، اشترى دراجة نارية مائية مستعملة من نوع ياماها بنحو خمسة آلاف دولار من خلال موقع تسوق ليبي على الإنترنت، وأنفق 1500 دولار أخرى على معدات، بما في ذلك جهاز لتحديد المواقع (جي بي إس)، وهاتف يعمل عبر الأقمار الاصطناعية، وسترات نجاة. وقال إنه برفقة فلسطينيين اثنين آخرين، هما ضياء (27 عاماً)، وباسم (23 عاماً)، قاد الدراجة النارية المائية لمدة 12 ساعة تقريباً تعرضوا خلالها لمطاردة من زورق دورية تونسي، مضيفاً أنهم سحبوا بالدراجة النارية أيضاً زورقاً صغيراً محملاً بإمدادات إضافية.

واستخدم الثلاثة تطبيق (تشات جي بي تي) لحساب كمية الوقود التي سيحتاجونها، لكن الوقود نفد منهم على بُعد نحو 20 كيلومتراً من جزيرة لامبيدوسا. وتمكنوا من إطلاق استغاثة، مما استدعى عملية إنقاذ، وترجلهم عند أقصى جزيرة جنوبية في إيطاليا في 18 أغسطس. وقال متحدث باسم وكالة مراقبة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) إن زورق دورية رومانياً مشاركاً في مهمة للوكالة أنقذهم، واصفاً الظروف بأنها «حدث غير عادي». وقال باسم، الذي لم يذكر اسم عائلته: «هي كانت مغامرة حياة أو موت ولكن الموفق الله... نحمد الله على كل شيء حصل معنا، نحن لم نتوقع ما سيكون أمامنا... ونتمنى من الله بداية جديدة». وقال فيليبو أونجارو المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إيطاليا: «كانت طريقة وصولهم فريدة من نوعها»، مؤكداً أن السلطات سجلت وصولهم إلى إيطاليا بعد رحلة على متن دراجة مائية من ميناء الخمس الليبي وإنقاذهم قبالة لامبيدوسا. وتبعد مدينة الخمس نحو 350 كيلومتراً عن لامبيدوسا. وتواصل أبو دخة مع وكالة «رويترز» للأنباء أثناء إقامته في مركز للمهاجرين في لامبيدوسا، بعد أن أخبره أحد الموظفين هناك بأن وسائل إعلام محلية نقلت قصة وصوله على متن دراجة مائية.

من لامبيدوسا إلى ألمانيا

من لامبيدوسا، استمرت الرحلة الشاقة. نُقل الثلاثة على متن عبارة إلى البر الرئيس لصقلية، ثم إلى جنوة في شمال غربي إيطاليا، لكنهم هربوا من الحافلة التي كانت تقلهم قبل وصولهم إلى وجهتهم، بينما قال متحدث باسم وزارة الداخلية الإيطالية إنه لا توجد معلومات محددة عن تحركات الثلاثة. وبعد اختبائهم وسط الأشجار لبضع ساعات، استقل أبو دخة طائرة من جنوة إلى بروكسل. ومن بروكسل، قال إنه سافر إلى ألمانيا، حيث استقل قطاراً إلى كولونيا أولاً، ثم إلى أوسنابروك في ساكسونيا السفلى، حيث استقبله أحد أقاربه بالسيارة واصطحبه إلى برامشه، وهي بلدة قريبة. ويقول إنه تقدم بطلب لجوء، وينتظر من محكمة النظر فيه، دون أن يتم تحديد موعد لنظر الطلب بعد. وأوضح أنه ليس لديه عمل، أو دخل، ويقيم في مركز محلي لطالبي اللجوء. ورفض المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا التعليق على قضيته، وأرجع هذا إلى أسباب تتعلق بالخصوصية. ولا تزال عائلة أبو دخة تعيش في منطقة خيام بخان يونس جنوب غزة، بعد أن دمر منزلهم. وقال والده، انتصار خضير أبو دخة، متحدثاً من غزة: «كان عنده شركة وعنده نت فاتح نت وشغل وكل شيء الحمد لله كان مرتاح مادياً وكل شي وكان باني... كل هذا البناء هدوه اليهود بعدما هدوا البيت والسور تبعه وكل شي». ويأمل أبو دخة في الحصول على الإقامة في ألمانيا، وإحضار زوجته وطفليه، اللذين يبلغان من العمر أربع وست سنوات. وقال إن أحدهما يعاني من حالة عصبية تتطلب رعاية طبية. وأوضح أنه خاطر بحياته على متن الدراجة المائية، لأنه من دون عائلته لا يرى معنى للحياة.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تدعو إلى ضبط النفس في غزة

المشرق العربي ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب في دار المستشارية في برلين (إ.ب.أ) play-circle

الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تدعو إلى ضبط النفس في غزة

حضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
المشرق العربي جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة «حماس» في الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

تجمّع عشرات الأشخاص، السبت، بمدينة غزة لتشييع 6 أشخاص قضوا بالأمس في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين فيما عدته «حماس» «خرقاً واضحاً ومتجدداً لوقف إطلاق النار

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

تسريبات أميركية تشير لوجود خطة بشأن إعمار جزء من قطاع غزة، تحمل اسم «شروق الشمس» أعدها فريق يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بنشر مقاطع فيديو وصور لأسلحة جديدة ظهرت في أيدي عناصر المجموعات المسلحة الموجودة في مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تكشف عن قاعدة بيانات الفصائل العراقية

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تكشف عن قاعدة بيانات الفصائل العراقية

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

كشفت مصادرُ مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أنَّ مسؤولين عراقيين تسلّموا خلال الأيام الماضية قاعدة بيانات أمنية إسرائيلية شديدة التفصيل عن الفصائل المسلحة العراقية، نُقلت عبر جهاز استخبارات غربي، وتضمَّنت معلوماتٍ واسعة عن القيادات، والبنية العسكرية، والشبكات المالية، والواجهات الحكومية المرتبطة بهذه الجماعات.

وأفادت المصادر بأنَّ حجم البيانات ودقَّتها «أذهلا» المسؤولين، وشكّلا إنذاراً عملياً بقرب تحرك عسكري محتمل.

وجاء تسليم «ملف ضخم» من البيانات بعد تحذير من دولة عربية «صديقة» أبلغت بغدادَ بأنَّ إسرائيل تتحدَّث عن ضوء أخضر أميركي للتحرك منفردة في العراق، وسط تراجع صبر واشنطن حيال ملف السلاح خارج الدولة. وأكَّد مسؤول عراقي «وصول الرسائل إلى بغداد».

ووفق المعلومات، فإنَّ الضربات المحتملة كانت ستشمل معسكرات تدريب، ومخازن صواريخ ومسيّرات، إضافة إلى مؤسسات وشخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري على صلة بالفصائل و«الحشد الشعبي».

وساهمت هذه التطورات في تسريع نقاشات داخل «الإطار التنسيقي» حول حصر السلاح بيد الدولة، مع طرح مراحل أولى لتسليم الأسلحة الثقيلة وتفكيك مواقع استراتيجية، رغم استمرار الخلافات حول الجهة المنفذة وآليات الضمان. ويتزامن ذلك مع ضغوط أميركية ربطت التعاون الأمني بجدول زمني قابل للتحقق لنزع القدرات العملياتية للفصائل.

إقليمياً، أفادت «إن بي سي نيوز» بأنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مخاطر توسع برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وخيارات توجيه ضربات جديدة.


سلام: حصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي قريباً


رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
TT

سلام: حصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي قريباً


رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

أكَّد رئيسُ الحكومة اللبنانية نواف سلام لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ المرحلة الثانية من خطة الجيش لحصر السلاح والمفترض أن تبدأ قريباً، ستكون بين ضفتي نهر الليطاني جنوباً ونهر الأولي شمالاً، فيما ستكون المرحلة الثالثة في بيروت وجبل لبنان، ثم الرابعة في البقاع، وبعدها بقية المناطق.

ولفت سلام إلى أنَّ ما قامت به المؤسسة العسكرية اللبنانية أدَّى إلى بسط سلطة الدولة بالكامل على المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني وصولاً إلى الحدود الجنوبية، ما عدا النقاط التي تحتلها إسرائيل، التي يجب أن تنسحبَ منها من دون إبطاء.

وفيما أشار الرئيس سلام إلى أنَّ مجلس الوزراء سوف ينعقد بدايات العام الجديد لتقييم المرحلة الأولى، مؤكداً ضرورة قيام إسرائيل بخطوات مقابلة، ووقف اعتداءاتها وخروقاتها لقرار وقف الأعمال العدائية، فإنَّه رأى أنَّ هذا لا يمنع لبنانَ من الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة حصر السلاح التي تمتد من شمال نهر الليطاني إلى منطقة نهر الأولي، وهي منطقة كبيرة نسبياً.


«ترمب ينتقم»... ضرب 70 هدفاً لـ«داعش» في سوريا

جنود أميركيون يجهزون مقاتلة "إف 15إي" بالذخائر قبيل انطلاقها لضرب أهداف ل"داعش" في سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
جنود أميركيون يجهزون مقاتلة "إف 15إي" بالذخائر قبيل انطلاقها لضرب أهداف ل"داعش" في سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
TT

«ترمب ينتقم»... ضرب 70 هدفاً لـ«داعش» في سوريا

جنود أميركيون يجهزون مقاتلة "إف 15إي" بالذخائر قبيل انطلاقها لضرب أهداف ل"داعش" في سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
جنود أميركيون يجهزون مقاتلة "إف 15إي" بالذخائر قبيل انطلاقها لضرب أهداف ل"داعش" في سوريا الجمعة (أ.ف.ب)

نفّذ الرئيس دونالد ترمب تهديدَه بالانتقام من تنظيم «داعش» على خلفية مقتل 3 أميركيين، هم جنديان ومترجم، بهجوم قام به متطرفٌ في تدمر بالبادية السورية، السبت قبل الماضي. وشملت ضربات أميركية، فجر الجمعة، 70 هدفاً لـ«داعش» في بوادي دير الزور وحمص والرقة. واستمرت الغارات نحو خمس ساعات وشاركت في تنفيذها طائرات ومروحيات وراجمات صواريخ من نوع «هيمارس». كما أعلن الأردن مشاركة طائراته في الهجوم.

وفيما تحدث ترمب، الجمعة، عن «ضربة انتقامية قوية جداً»، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث: «بدأت القوات الأميركية عملية (ضربة عين الصقر) في سوريا للقضاء على مقاتلين وبنى تحتية ومواقع تخزين أسلحة لـ(داعش)»، واصفاً العملية بأنَّها «إعلان انتقام» بعد هجوم تدمر الذي أسفر عن مقتل 3 أميركيين.

وقالت مصادر قريبة من وزارة الدفاع في دمشق إنَّ الضربات الأميركية قد تكون مفتوحة وتستمر لأيام.