سلطات بنغازي تطلق حملة لملاحقة المهاجرين غير النظاميين

وسط اتهام خفر السواحل الليبي بإطلاق نار على سفينة إنقاذ نرويجية

جانب من حملة لضبط المهاجرين في شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية)
جانب من حملة لضبط المهاجرين في شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية)
TT

سلطات بنغازي تطلق حملة لملاحقة المهاجرين غير النظاميين

جانب من حملة لضبط المهاجرين في شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية)
جانب من حملة لضبط المهاجرين في شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية)

أطلقت سلطات بنغازي في شرق ليبيا حملة لملاحقة المهاجرين غير النظاميين في الأسواق والشوارع، وذلك وسط اتهامات نرويجية لخفر السواحل الليبي بإطلاق النار على سفينة إنقاذ في البحر المتوسط.

وأعلنت إدارة العمليات الأمنية بجهاز مكافحة الهجرة غير النظامية عن ضبط 105 مهاجرين من جنسيات مختلفة، قالت إنهم «لا يحملون مستندات رسمية»، خلال حملة أمنية نُفذت السبت في مدينة بنغازي.

سلطات شرق ليبيا تعلن ضبط 105 مهاجرين من جنسيات مختلفة ضمن حملة شنتها لملاحقتهم في الأسواق والمحال (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية)

وأوضح الجهاز، الأحد، أن المهاجرين المضبوطين أُحيلوا إلى مركز إيواء بنغازي الكبرى لاستكمال الإجراءات الطبية والأمنية والإدارية، مشدداً على «أهمية تعاون المواطنين وأصحاب المحال والمصانع والشركات لضمان تسوية أوضاع العمالة الأجنبية وفق القانون، وحفاظاً على الأمن القومي للدولة».

وأكد مكتب الإعلام الأمني بالجهاز «استمرار الحملات اليومية لضبط المخالفين وتنفيذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم».

من جانبه، برر رئيس الجهاز اللواء صلاح الخفيفي، الحملة، قائلاً إنها تأتي «في إطار الجهود المبذولة للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية وما يترتب عليها من وجود عشوائي داخل المدن»، مشيراً إلى أن «طرق المعاملة وتشغيل المهاجرين داخل المحال والأسواق التجارية وحتى المنازل أمور حذّر منها الجهاز مراراً وتكراراً».

ولفت الخفيفي إلى أن «المسؤولية الوطنية تتطلب تعاوناً مشتركاً بين الجهاز والمواطنين وأصحاب المحال والمصانع والشركات لاتخاذ كل التدابير القانونية اللازمة لتسوية أوضاع العمالة الأجنبية وفق القوانين المعمول بها، حفاظاً على الأمن القومي للدولة الليبية». وشدد على أن إدارة العمليات الأمنية «تواصل تنفيذ حملاتها اليومية والمستمرة لضبط الوافدين المخالفين لشروط الدخول إلى الأراضي الليبية».

عشرات من المهاجرين التشاديين قبل ترحيلهم من الكفرة الليبية (جهاز مكافحة الهجرة)

وأعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، فرع سرت بوسط ليبيا، عن ترحيل 18 مهاجراً من الجنسية النيجرية براً، لافتاً إلى أن هذه العملية تأتي في إطار الجهود المستمرة التي يبذلها الجهاز «للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية وضبط الأمن داخل المدن وخارجها».

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية بشرق ليبيا أنه في إطار تنفيذ خطة «العودة الطوعية»، جرى ترحيل 156 مهاجراً أفريقياً بالتنسيق مع المنظمة الدولية للهجرة (IOM) والمنظمات الدولية الأخرى والسفارات المعنية.

وأكدت الوزارة «استمرارها في تنفيذ هذه العمليات وفق الإجراءات القانونية واللوائح والتشريعات النافذة، وبما ينسجم مع التزامات الدولة تجاه القوانين المحلية والمعايير الدولية ذات الصلة، وبالتعاون مع الشركاء الدوليين في هذا المجال».

ويأتي ذلك فيما التزمت السلطات الليبية المعنية بملف الهجرة الصمت حيال الاتهامات النرويجية الموجهة إلى خفر السواحل الليبي بإطلاق النار على سفينة إنقاذ مهاجرين في البحر المتوسط.

وطالبت وزارة الخارجية النرويجية السلطات الليبية بفتح تحقيق في حادثة إطلاق النار على سفينة «أوشن فايكينغ» النرويجية، التابعة لمنظمة «إس أو إس ميديتيراني»، التي كانت قد أنقذت 87 مهاجراً قبالة السواحل الليبية، بينهم 9 قُصّر، قبل أن تتعرض لإطلاق نحو 100 رصاصة في المياه الدولية يوم 24 أغسطس (آب)، ما ألحق أضراراً جسيمة بمقدمتها وهوائياتها ومعدات الإنقاذ.

وقالت وسائل إعلام محلية إن وزارة الخارجية النرويجية وجهت مذكرة رسمية إلى السلطات الليبية عبر سفارتها في الدنمارك بشأن الحادث، لكنها لم تتلق رداً حتى الآن.


مقالات ذات صلة

السياسة الأميركية في ليبيا… حراك كثير وحسم قليل

شمال افريقيا قائد «أفريكوم» مع حفتر في بنغازي (القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي)

السياسة الأميركية في ليبيا… حراك كثير وحسم قليل

ينظر مراقبون إلى أداء إدارة ترمب في الملف الليبي خلال العام الماضي على أنه انتهج مقاربة تقوم على «تسويات على نار هادئة»، تعتمد تفاهمات سياسية وعسكرية محدودة.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)

مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

بدأ رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب ليبيا عبد الحميد الدبيبة مشاورات مكثفة لتعيين رئيس جديد لهيئة أركان الجيش

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا محمد الحداد في مكتبه برئاسة أركان قوات الوحدة (أرشيفية - رئاسة الأركان)

مصرع الحداد... نهاية مفجعة لقائد عسكري تبنى «وحدة الجيش» الليبي

طوى تحطم طائرة في تركيا الثلاثاء الفصل الأخير من مسيرة رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية غرب ليبيا، منهياً على نحو صادم حياة قائد تبنى وحدة الجيش

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا  رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)

ترقب ليبي لـ«آلية أممية بديلة» تفك الجمود السياسي

تباينت التوقعات السياسية في ليبيا حول ملامح «الآليات البديلة» التي قد تقترحها مبعوثة الأمم المتحدة هانا تيتيه للتعامل مع الأجسام السياسية خصوصاً مجلسي النواب

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

اعتمدت مفوضية الانتخابات الليبية، الثلاثاء، نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق المجالس البلدية، كما ألغت نتائج بعضها «بعد ثبوت خروقات ومخالفات».

خالد محمود (القاهرة)

«بالة الملابس» تكسب زبائن جدداً في مصر وتزعج المصنّعين

أسواق الملابس المستعملة تستقبل جماهير جديدة للتكيُّف مع الغلاء (الشرق الأوسط)
أسواق الملابس المستعملة تستقبل جماهير جديدة للتكيُّف مع الغلاء (الشرق الأوسط)
TT

«بالة الملابس» تكسب زبائن جدداً في مصر وتزعج المصنّعين

أسواق الملابس المستعملة تستقبل جماهير جديدة للتكيُّف مع الغلاء (الشرق الأوسط)
أسواق الملابس المستعملة تستقبل جماهير جديدة للتكيُّف مع الغلاء (الشرق الأوسط)

داخل محل جديد في منطقة وكالة البلح بوسط القاهرة، حيث مركز بيع الملابس المستعملة (البالة)، وقفت الثلاثينية نورا محمود، ومعها طفلتها ذات الأعوام الستة، تتسوق بين قِطع ملابس عدة مُعلقة بشكلٍ مُهندم سهل، تقول، لـ«الشرق الأوسط»، إنها فوجئت من تفاوت الأسعار بين هذا المحل وغيره من محالّ الملابس.

وتكتسب سوق «البالة» في مصر جماهير جديدة مع ارتفاع الأسعار، ولم تعد مرتبطة بمركزية مكانية، كوكالة البلح في القاهرة، أو سوق البالة في بورسعيد، مثل العقود الماضية، مع توسُّع هذه السوق وانتشار مراكزها ومحالّها في مناطق متفرقة من القاهرة والجيزة، سواء لبيع ملابس مستعملة أم «ستوكات»؛ أي ملابس بواقي تصدير، وقد تبدأ الأسعار فيها من 25 جنيهاً (نصف دولار تقريباً).

في المقابل، يثير نمو هذه السوق استياء صانعي الملابس ممن يطالبون بتشديد الرقابة على المنافذ الجمركية لـ«وقف تهريب هذه الملابس التي تُغرق السوق»، وفق نائب رئيس «شعبة الملابس الجاهزة» بغرفة القاهرة التجارية، خالد سعفان، الذي قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بعضها جديد ويأتي تهريباً وسط قِطع أثاث أو بحِيل أخرى، ويباع في المحالّ بثمنٍ أقل من الذي تبيع به محالّ تستورد بضائعها بطرق شرعية»، مؤكداً أن توسع هذه السوق دون رقابة يضر صناعة الملابس وسوقها بمصر.

وبالنسبة لنورا، فإن معرفتها بهذه السوق من الملابس ستوفر في ميزانية أسرتها التي تعتمد على عمل زوجها فقط، ولا يتعدى دخله الـ15 ألف جنيه (الدولار نحو 47.5 جنيه)، وهو مبلغ قد يذهب ربعه إذا احتاجوا إلى شراء سترة شتوية ثقيلة لأي منهم، بينما يبلغ متوسط سعر السترة في هذا المحل 800 جنيه.

الباحث الاقتصادي، المتخصص في أسواق المال، محمود جمال سعيد، أكد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأسواق الاستهلاكية في مصر تمر بمرحلة تحول هيكلي في أنماط الإنفاق، نتيجة مباشرة لموجات التضخم التي طالت قطاع التجزئة، وبشكلٍ أكثر حدة في سوق الملابس الجاهزة بمنتصف العام الحالي، ما فرَض واقعاً اقتصادياً جديداً دفع بشريحة عريضة من المستهلكين نحو أسواق الملابس المستعملة (البالة) والمنافذ التي تتبع نظام البيع بالوزن، كخيار استراتيجي لمواجهة تضخم التكاليف في العلامات التجارية التقليدية».

اتساع سوق الملابس المستعملة يهدد سوق الملابس الجديدة (الشرق الأوسط)

وبلغت نسبة التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نحو 12.3 في المائة، مقارنة بـ12.5 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول).

جماهير جديدة

كما لعب «الإنفلونسرز» دوراً في اكتساب سوق «البالة» جماهير جديدة، مع كثرة المقاطع الترويجية لهم عن «البرندات» التي يشترونها بأسعار زهيدة؛ ما كسر الصورة الذهنية المرتبطة بفقر الطبقات التي تلجأ للبالة، مقابل صورة أخرى عن اقتناص الفرص وإتاحة الأناقة.

ويلاحظ الأربعيني أحمد إسماعيل، وهو عامل في جراج للسيارات عند مدخل وكالة البلح، ازدياد إقبال طبقات اجتماعية ميسّرة تمتلك «سيارات غالية» على الوكالة بشكل أكبر، قاصدين تجاراً يبيعون قطعاً بألف جنيه أو ألفين، بدلاً من شرائها من الخارج بـ10 آلاف جنيه، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يؤثر ذلك على وجود الباعة الآخرين الذين يقصدهم البسطاء».

ويشهد كريم أحمد (20 عاماً)، وهو بائع في الوكالة، على اتساع سوق البالة عما كانت عليه قبل 5 أعوام، حين بدأ العمل فيها مع والده. ويقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الباعة والمحلات أصبحت كثيرة، ليس في الوكالة فقط، بل في كل منطقة؛ كنتُ أعمل في الهرم من قبل». ويلفت إلى تنوُّع المقبلين على الوكالة، واكتسابها زبائن جدداً.

الصناعة المحلية تتأثر

سوق «وكالة البلح» المركز الرئيسي للملابس المستعملة في القاهرة (الشرق الأوسط)

وقال الباحث الاقتصادي إن الإقبال المتزايد على «البالة»، الذي لم يعد مقتصراً على الفئات محدودة الدخل، بل امتد ليشمل فئات من الطبقة المتوسطة التي تبحث عن الجودة والقيمة مقابل السعر، خلق نوعاً من المنافسة غير المتكافئة مع المحلات التجارية التقليدية، مما أثار مطالبات مشروعة بضرورة تكثيف الحملات الرقابية؛ لضمان جودة المعروض والالتزام بالاشتراطات الصحية والضريبية، بما يحقق مبدأ تكافؤ الفرص في السوق.

كانت «شعبة الملابس الجاهزة» في غرفة القاهرة التجارية قد قدمت مذكرة إلى وزارة الصناعة، قبل شهور، تشكو فيها من اتساع سوق البالة وتأثيراتها على المُصنعين، أعقبها تعميم جمركي، في أبريل (نيسان) الماضي، بخفض الكمية المسموح بدخولها للشخص الواحد، خلال العام، إلى 150 كيلوغراماً، بدلاً من 500 كيلوغرام، وفق تصريحات مُتَلفزة لرئيس غرفة الملابس الجاهزة، محمد عبد السلام، الذي أكد، قبل أيام، «تأثير سوق البالة على الصناعة المحلية»، مطالباً بـ«ضبطها».

الطبقة الوسطى تلجأ إلى «وكالة البلح» للتكيف مع ارتفاع الأسعار (الشرق الأوسط)

الأمر نفسه أكده نائب رئيس الغرفة، مطالباً بـ«تشديد إجراءات التفتيش عبر المنافذ الجمركية الكثيرة، مع الرقابة على السوق نفسها، بخروج حملات تفتيش على المحال التي تبيع الملابس بالكيلوغرامات، أو الملابس الجديدة التي تدخل دون جمارك، أو بجمارك مخفضة على أنها (بالة)، وكذلك على الجمعيات التي تتلقى هذه الملابس على صورة تبرعات، وبعضها يتسرب للسوق».

وتشهد سوق الملابس الجاهزة نمواً في مصر، إذ ارتفعت صادراتها، خلال الشهور السبعة الأولى، بنسبة 26 في المائة، لتصل إلى 1.939 مليار دولار، مقابل 1.539 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق المجلس التصديري للملابس الجاهزة.

وفي المجمل، يصف الباحث الاقتصادي المشهد الاستهلاكي في مصر بـ«المرن»؛ إذ ابتكر المجتمع حلولاً ذاتية لمواجهة ضغوط الأسعار، لكنها تضع صُنَّاع القرار أمام تحدي تنظيم هذه الأسواق البديلة، بما يحقق مصلحة التاجر والمستهلك معاً.


تلويح مصري بـ«إجراء قانوني دولي» في مواجهة أضرار محتملة لـ«سد النهضة»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ المصري الخميس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ المصري الخميس (الخارجية المصرية)
TT

تلويح مصري بـ«إجراء قانوني دولي» في مواجهة أضرار محتملة لـ«سد النهضة»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ المصري الخميس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ المصري الخميس (الخارجية المصرية)

لوّحت مصر باتخاذ «إجراء قانوني دولي» حال وقوع أضرار ناتجة عن «سد النهضة» الإثيوبي، وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الخميس، إن «أي ضرر قد يلحق بمصر نتيجة للمشروع سيُقابل برد فعل في إطار ما يكفله القانون الدولي من حقوق، على رأسها حق الدفاع عن النفس وحماية الأمن القومي»، مشدداً على «أن مصر لن تتهاون في حماية مقدرات شعبها ومواردها الحيوية».

جاءت تصريحات عبد العاطي، التي أدلى بها خلال جلسة عقدها مع لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، بعد أيام من تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «مطلب بلاده الوحيد هو عدم المساس بحقوقها في مياه النيل والتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي»، نافياً توجيه أي «تهديد إلى إثيوبيا».

وأعلنت مصر في ديسمبر (كانون الأول) 2023 فشل آخر جولة للمفاوضات بشأن السد، وإغلاق المسار التفاوضي بعد جولات متعددة على مدار سنوات طويلة.

لكن الوزير عبد العاطي أشار في المقابل إلى تحركات «تشمل التواصل مع الشركاء الدوليين، والاستفادة من الأطر القانونية الدولية، بهدف ضمان عدم المساس بحصة مصر التاريخية من مياه النيل، باعتبارها قضية وجود وليست مجرد ملف فني أو سياسي».

وشدد على أن «مصر ستواصل العمل وفق رؤية متوازنة تجمع بين ضبط النفس والحزم، والتمسك بالقانون الدولي، مع الاستعداد لاتخاذ ما يلزم من خطوات لحماية مصالحها المائية والاستراتيجية، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة».

سد النهضة الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

وخلال هذا الشهر رفعت إثيوبيا من حدة لهجتها تجاه مصر في سياق النزاع المستمر حول سد النهضة، واتهمت القاهرة «بالسعي إلى احتكار مياه نهر النيل استناداً إلى اتفاقات أُبرمت خلال الحقبة الاستعمارية»، وزعمت أن مصر «عرقلة مسار المفاوضات الممتدة منذ أكثر من عقد».

وفسّر أستاذ القانون الدولي العام محمد محمود مهران، تصريحات عبد العاطي، باللجوء إلى القانون الدولي، لافتاً إلى أنها «تعني تحديداً تفعيل المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الخاصة بحق الدفاع الشرعي عن النفس، وهذا يعني أن مصر تحتفظ بحقها في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية أمنها المائي».

وأضاف مهران في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الرد القانوني الدولي يتضمن أيضاً «اللجوء الفوري لمجلس الأمن لاعتبار التهديد المائي الإثيوبي تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وإمكانية تفعيل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة للضغط عليها لطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول الانتهاكات الإثيوبية، وتفعيل آليات المسؤولية الدولية لمطالبة إثيوبيا بالتعويضات عن كل الأضرار».

ولفت خبير القانون الدولي إلى أن «تصريح عبد العاطي يحمل تحذيراً واضحاً بأن مصر استنفدت كل الوسائل الودية وباتت مستعدة للانتقال لمرحلة جديدة أكثر حسماً».

بدوره، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، إن «وزير الخارجية المصري استند في حديثه الأخير إلى ميثاق الأمم المتحدة وفقاً للفصلين السادس والسابع، بخاصة حال تعرضت مصر إلى الخطر الجسيم أو واجهت تعنتاً في التوزيع العادل والمنصف لمياه نهر النيل، باعتباره نهراً دولياً وكذلك إثبات ما تتعرض له من فقر مائي نتيجة تراجع كميات المياه الواردة ومقارنتها بعدد السكان، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً للمواطنين».

وزير الخارجية المصري يؤكد اتخاذ بلاده إجراءً قانونياً دولياً حال وقوع أضرار بسبب «سد النهضة» (الخارجية المصرية)

ويركز «الفصل السادس» على الحلول السلمية للمنازعات عبر التفاوض والوساطة وغيرها، بينما «الفصل السابع» يمنح مجلس الأمن صلاحية اتخاذ إجراءات أكثر حدة بما في ذلك التدخل العسكري.

والتزمت مصر بأسس حل النزاع عبر الطرق السلمية التي يكلفها «الفصل السادس» وفقاً لما أوضحه حليمة لـ«الشرق الأوسط»، الذي أشار إلى أن أبرز الأضرار المحتملة على مصر «قد تشمل حالات الجفاف أو الجفاف الممتد أو تعرض السد للانهيار».

ويرى حليمة أن «مصر تنفتح أيضاً على الخيارات الدبلوماسية بما يضمن الضغط على إثيوبيا لإعادة النظر في تصرفاتها الأحادية بشأن إدارة وتشغيل السد، والوصول إلى اتفاق قانوني ملزم يحظى بتأييد إقليمي ودولي والمنظمات المعنية، كما أن القاهرة تنفتح على دخول وسيط لديه من التأثير ويسعى لقبول الطرفين لتسوية الأزمة والتعويل على الولايات المتحدة في هذا الأمر».

وتعتمد مصر على نهر النيل مورداً رئيسياً لتلبية احتياجاتها المائية، وتحصل على حصة مياه سنوية تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، وهي تقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات سابقة لوزارة الري المصرية.


مفوضة «العون الإنساني» لـ«الشرق الأوسط»: نزوح أكثر من 145 ألف أسرة جرّاء معارك كردفان

مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)
مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)
TT

مفوضة «العون الإنساني» لـ«الشرق الأوسط»: نزوح أكثر من 145 ألف أسرة جرّاء معارك كردفان

مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)
مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)

قالت الحكومة السودانية إن أكثر من 145 ألف أسرة نزحت وتشردت جرّاء المعارك الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في إقليم كردفان، وسط ظروف إنسانية بالغة القسوة، مؤكدة التزامها بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في كل أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها «الدعم».

وتشير تقديرات «الأمم المتحدة» إلى أن نحو 20 مليون سوداني؛ أي نحو نصف السكان، يعانون «انعداماً حاداً في الأمن الغذائي»، في وقتٍ أعلن «برنامج الأغذية العالمي» أنه بصدد تخفيض الحصص الغذائية مطلع العام المقبل، إلى 70 في المائة للذين يواجهون المجاعة، و50 في المائة للمعرّضين لخطر الانزلاق إليها، بسبب نقص التمويل.

وقالت «مفوضة العون الإنساني» سلوى آدم بنية إنه لا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن عدد النازحين منذ اندلاع الحرب في البلاد، «لكنها كبيرة جداً وفي ارتفاع مستمر دون توقف».

نازحون يصطفّون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

وأضافت، في تصريحات خاصة، لــ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة «أبقت كل المعابر البرية مفتوحة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع المحتاجين في كل أنحاء البلاد»، بما في ذلك المناطق التي تُسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في دارفور وكردفان، «على الرغم من أن الأخيرة تعترض شاحنات الإغاثة وتعرقل وصول المواد الغذائية للمواطنين».

وأشارت إلى أن الحكومة السودانية سبق أن أجرت تنسيقاً مع المنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، في ولاية جنوب كردفان وجبال النوبة، ومنحت آلاف التأشيرات للعاملين في المجال الإنساني لدخول البلاد». وأضافت: «مِن حق الدولة السماح لموظفي الإغاثة بدخول البلاد أو رفضهم، دون ذكر الأسباب... وهذا نهجٌ متعارف عليه عند دول العالم».

ونفت بشدة ما يتردد عن مجاعة في السودان، وقالت: «إن أهداف الحديث عن هذا الأمر مراراً وتكراراً، سياسية وليست إنسانية».

عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

وتابعت: «أن شاحنات الإغاثة تنطلق من مدينة الدبة في شمال البلاد، إلى مدن الجنينة والفاشر ونيالا وغيرها من المناطق في إقليم دارفور»، مشيرة إلى موافقة الحكومة على استمرار فتح معبر «أدري» على الحدود مع دولة تشاد، الذي يُعد ممراً رئيساً لدخول المساعدات الإنسانية دارفور، «وهو ما يؤكد حرص الحكومة على إيصال إلإغاثة للمحتاجين».

ونزح الآلاف من المدنيين بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى مخيمات اللاجئين، في ظل النقص الكبير بحصص المساعدات الإنسانية الكافية.

وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، في أحدث تقرير لها، الأسبوع الماضي، ارتفاع عدد النازحين بولايات كردفان الثلاث، إلى أكثر من 50 ألف سوداني، بعد توسيع «الدعم السريع» عملياتها العسكرية في الإقليم.

جانب من مساعدات يقدمها «مركز الملك سلمان للإغاثة» في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان تعزيزاً للأمن الغذائي هناك (واس)

وردّاً على شكاوى بعض المنظمات من الإجراءات الحكومية التي تُعرقل وصول المساعدات الإنسانية، قالت «إن الحكومة تتحمل كل الإجراءات، وتعمل على تسهيل وصول المنظمات الإنسانية دون عوائق»، مشيرة إلى أن الاعتراض دائماً يأتي من جانب «قوات الدعم السريع».

وبشأن الاتهامات التي تُوجه إلى الحكومة السودانية باستهدافها قوافل الإغاثة الإنسانية، شددت على أن «هذه الاتهامات سياسية وذات أجندة معينة»، مضيفة: «لا يمكن أن نمنح المنظمات إذناً لدخول البلاد، ثم نستهدفها».

وحضّت المسؤولة الحكومية المجتمع الدولي على «ممارسة مزيد من الضغوط على الدول التي تدعم وتُمول (قوات الدعم السريع)؛ لأن ذلك الدعم يسهم في إطالة أمد الحرب في السودان.

وذكرت سلوى آدم أن عدد النازحين الذين وصلوا إلى ولايات في شمال البلاد بعد سقوط الفاشر، بلغ أكثر من 15 ألف أسرة، بينما استقبلت ولاية النيل الأبيض في الوسط نحو 14 ألف أسرة، إلى جانب 15 ألف أسرة نزحت إلى العاصمة الخرطوم.