التقييم الإسرائيلي: كلفة الهجوم على الدوحة أكبر من فائدته

اعتقاد سائد بأن العملية الفاشلة لن تضر على المدى البعيد بدور قطر

رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
TT

التقييم الإسرائيلي: كلفة الهجوم على الدوحة أكبر من فائدته

رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)

ما زالت إسرائيل تقيّم تبعات الهجوم الفاشل على العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء الماضي. والتقييم الحالي يشير إلى أن الكلفة كانت عالية الثمن، وقد أضرت كثيراً بمكانة إسرائيل في المنطقة وعلى الحلبة الدولية، لكن في المحصلة ليس متوقعاً أن تنسف أي اتفاق محتمل وليس منتظراً أن تنسحب قطر من الوساطة في نهاية الأمر.

وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الأمر كان يستحق العناء؛ لأنه حتى مع نجاح العملية فلن يؤثر ذلك على الاتفاق، أو وساطة قطر.

أضاف المسؤول الإسرائيلي: «عندما قطع رأس هنية، ألم يكن هناك اتفاق؟ عندما قُطعت رؤوس يحيى ومحمد السنوار ومحمد الضيف، ألم يكن هناك اتفاق؟ في النهاية (حماس) تُبرم اتفاقاً انطلاقاً من اعتباراتها ومصالحها الخاصة، وليس بسبب غضبها أو عدم غضبها من إسرائيل. قد يؤثر ذلك على التوازن الداخلي للقوى في (حماس). لن يكون هناك الكثير من التداعيات على الاتفاق ما لم يقرر الأميركيون الضغط بقوة من أجله. هذا هو التغيير الوحيد الذي قد يحدث لأن مصالح الأطراف الأخرى لا تتغير».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يظهر من نافذة مروحية رئاسية بعد تناول العشاء مع رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (غيتي - أ.ف.ب)

وثمة شبه إجماع في إسرائيل على أن نجاح العملية، لو تم، أو فشلها الحالي ما كان سيؤثر في السياق البعيد على دور قطر أو الاتفاق في قطاع غزة، لكن التبعات جاءت مفاجئة إلى حد وربما لم تكن متوقعة.

وكتبت كسينيا سفيتلوفا في «تايمز أوف إسرائيل» إنه في هذه المرحلة، أصبح من الواضح بالفعل أن محاولة اغتيال كبار شخصيات «حماس» في الدوحة فشلت، لكن الضرر الذي لحق بالمفاوضات والمكانة الدولية لإسرائيل «نجح».

واعتبرت سفيتلوفا، وهي عضو كنيست سابقة، أن الضرر الذي لحق بتكامل إسرائيل الإقليمي كان فورياً، بعدما أدرك الزعماء العرب أن السياسة الإسرائيلية الحالية، التي تعتمد بشكل كامل على العدوان والقوة، دون إضافة الدبلوماسية والحوار، أصبحت منذ فترة طويلة تشكل عبئاً.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يتقدم المشيعين خلال جنازة ضحايا العدوان الإسرائيلي على الدوحة (أ.ف.ب)

وقالت: «يشعر كثيرون بقلق بالغ من أن تؤدي سياسة (الفيل المتوحش) في نهاية المطاف إلى واقع أكثر كارثية، وهو ما سيكون سيئاً للجميع؛ لإسرائيل وجيرانها العرب».

وأيد البروفسور إيلي فودا أن العملية كانت خطأ استراتيجياً تكلفته أعلى من فوائده. وكتب في مقال في «القناة 12» الإسرائيلية: «كانت محاولة إسرائيل اغتيال قادة المكتب السياسي لـ(حماس) في الدوحة مفاجئة وجريئة. ولكن حتى لو نجحت العملية لكان تحليل التكلفة والعائد قد أظهر أن الجانب السلبي يفوق الإيجابي».

ويرى فودا، وهو أستاذ في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية، أن إسرائيل أضرت بجهد طويل من العمل لبناء الثقة مع القطريين، وعززت تاريخاً من خرق الثقة في المنطقة مع حلفائها.

ويعتقد فودا أن الهجوم أحرج الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وهو حليف لقطر مثل إسرائيل، ووضعه في موقف متلعثم، كما عزز عند دول الشرق الأوسط أن إسرائيل تسعى إلى مكانة مهيمنة في النظام الإقليمي، وهو فوق ذلك (الهجوم) قد أضاف هيبة ونفوذاً لقطر ودق جرس إنذار عند باقي الدول العربية بأن هذا العمل قد يهددهم أيضاً، في وقت أو آخر. وأضاف: «في التحليل النهائي، يبدو أن عيوب العملية تفوق مزاياها».

وذهب محللون آخرون إلى أبعد من ذلك، بل إن رونين بيرجمان كتب في «يديعوت أحرونوت» أن الفشل كان من الممكن أن يكون أكبر لأن المنشأة التي هوجمت كان من المفترض أن تؤوي مسؤولاً قطرياً رفيع المستوى مسؤولاً عن العلاقات مع إسرائيل.

وأكد بيرجمان أن مسؤولي الأمن في إسرائيل لم يكونوا راضين عن العملية.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مرحباً برئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في الدوحة الجمعة (إ.ب.أ)

وكشفت محادثات مع أربعة مسؤولين أمنيين واستخباراتيين إسرائيليين عن انتقادات لاذعة لقرار تنفيذ الهجوم، لا في حال فشله، بل في حال نجاحه، كما قال بيرجمان، مضيفاً: «هل ظنوا أن (حماس) ستفرج عن الرهائن؟ هل ظنوا أن قطر لن ترد بقسوة على هذا الانتهاك الخطير لسيادتها؟ ولماذا اتُّخذ القرار الآن، بينما كانت الأسباب نفسها قائمة قبل عام؟ ما هو هدف رئيس الوزراء عندما أمر بالعملية؟ وكيف يعتقد رئيس الوزراء أن هذه العملية، حتى لو نجحت، ستُقرّب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة؟

ومن ضمن أشياء أخرى ركز الإعلام الإسرائيلي على لقاء أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الذي يعتبر صديقاً لإسرائيل ويعارض أي خطوة من جانب الاتحاد الأوروبي ضدها.

لقد كانت الصورة مزعجة للإسرائيليين إلى حد ما، وعلقت «يديعوت أحرونوت» قائلة: «العناق من صديق إسرائيل أيضاً».

وعلق يائير لبيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، على تقارير أخرى نقلها الإعلام الإسرائيلي حول نية مصر تشكيل قوة عربية مشتركة قائلاً إن هذه الحكومة زعزعت «مكانتنا الدولية بمزيج قاتل من اللامسؤولية والهواة والغطرسة أصبح يُمزقنا في العالم. يجب استبدالهم قبل فوات الأوان».

والثمن الذي دفعته الحكومة الإسرائيلية ليس متعلقاً بالخارج فقط.

وكتبت سيما كادمون في «يديعوت أحرونوت»: «ما بدا نجاحاً باهراً في الساعات الأولى بدأ يتلاشى في الساعات والأيام التي تلت (...) وما يمكن قوله بوضوح الآن هو أننا لم ننجح. لكن المشكلة ليست في عملية فاشلة. لقد كانت وستظل هناك عمليات أخرى كهذه (...) المشكلة التي تُكشف هنا مجدداً هي انعدام ثقة الجمهور بدوافع الحكومة. فبعد كل هذا التسييس لقرارات الحكومة، تتآكل الثقة إلى حد العدم. ولن يكون من المبالغة القول إنها معدومة لدى شرائح كبيرة من السكان، ومعظم عائلات الرهائن».


مقالات ذات صلة

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

حذرت إسرائيل إدارة الرئيس دونالد ترمب من أن إيران ربما تستخدم مناورة صاروخية للحرس الثوري الإيراني غطاء لشن ضربة على إسرائيل.

المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب في دار المستشارية في برلين (إ.ب.أ) play-circle

الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تدعو إلى ضبط النفس في غزة

حضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

تحليل إخباري ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

قال رئيس «هيئة الاستعلامات» المصرية، ضياء رشوان، إن الحديث عن الترتيب للقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن «شائعة لا أساس لها».

أحمد جمال (القاهرة )
شؤون إقليمية 
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»

مسار أمني ــ اقتصادي لمفاوضات لبنان وإسرائيل

تأخذ المفاوضات بين لبنان وإسرائيل مساراً أمنياً - اقتصادياً، في وقت تعتمد تل أبيب سياسة «تضخيم» لقدراتِ «حزب الله»، ما يثير مخاوف من أنها تمهّد لتوجيه ضربة.

«الشرق الأوسط» (بيروت - تل أبيب)

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
TT

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)

أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم (الأحد)، نقلاً عن مصادر إسرائيلية وأميركية قولها إن إسرائيل حذرت إدارة الرئيس دونالد ترمب من أن إيران ربما تستخدم مناورة صاروخية للحرس الثوري الإيراني غطاء لشن ضربة على إسرائيل.

وأبلغت مصادر إسرائيلية الموقع أن قدرة الجيش الإسرائيلي على تحمل المخاطر أقل بكثير مما كانت عليه في السابق، وأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أثارت مخاوف تل أبيب بعد رصد تحركات صاروخية إيرانية.

وذكر «أكسيوس» أن مصادر إسرائيلية أبلغته أن الاستخبارات الإسرائيلية ترى بوادر على إعادة إيران بناء قدراتها الصاروخية.

ورغم أن احتمال وقوع هجوم إيراني أقل من 50 في المائة، وفق ما ذكره «أكسيوس»، أكد الموقع الإخباري الأميركي أن الخطر الأكبر يكمن في أن يتسبب سوء تقدير في اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران بأن يعتقد كل طرف أن الآخر يستعد لشن هجوم عليه.

وأوضح «أكسيوس» أن قائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، زار إسرائيل اليوم وناقش مع رئيس الأركان الإسرائيلي ايال زامير، المخاوف بشأن إيران، مشيراً إلى أن زامير دعا للتنسيق بشكل وثيق مع الولايات المتحدة تحسبا لهجوم إيراني.


للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
TT

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)

للمرة العاشرة على التوالي، تقدَّمت الحكومة الإسرائيلية بطلب رسمي إلى المحكمة العليا في القدس الغربية، الأحد، لتمديد المهلة للرد على التماس تقدّمت به «رابطة الصحافيين الأجانب»؛ للسماح لوسائل الإعلام الدولية بالوصول الحر والمستقل إلى قطاع غزة.

ومنذ بداية الحرب على غزة، حاولت «رابطة الصحافيين الأجانب» في تل أبيب، التي تمثل رابطة المراسلين الأجانب في إسرائيل ومئات من وسائل الإعلام الدولية، إدخال صحافيين ميدانيين إلى قطاع غزة وغيره من المناطق الفلسطينية وحتى الإسرائيلية التي نالها نصيب من آثار الحرب، ولكن السلطات الإسرائيلية دأبت على الرفض، إلا في حالات استثنائية اقتصر فيها دخول الصحافيين الأجانب، كما الإسرائيليين، على جولات محدودة ينظمها الجيش وتُنفَّذ تحت مرافقة عسكرية مشددة وبشروط صارمة تشمل الالتزام بعرض المواد الصحافية على الرقابة العسكرية قبل النشر.

واضطرت الرابطة للجوء إلى القضاء الإسرائيلي، بعد أشهر قليلة من الحرب، تطلب إصدار أمر يلزم الحكومة بالسماح للصحافيين بالدخول إلى غزة بشكل مستقل، من دون مرافقة عسكرية. ولكن المحكمة رفضت الاستجابة بذريعة العمليات العسكرية.

مشيعون يحملون جثمان واحد من 5 صحافيين قُتلوا خلال غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة... أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

وفي سبتمبر (أيلول) 2024، قُدّم التماس جديد، أمرت المحكمة في أعقابه الحكومة بتقديم مخطط يسمح بدخول الصحافيين. ولكن الحكومة وجدت سبيلاً آخر للتهرب، إذ تتقدم كل مرة بطلب إلى المحكمة لتأجيل البت في الموضوع ومنحها مهلة أخرى. وقد فعلت ذلك حتى الآن 10 مرات.

وبدا أن المحكمة تهادنها، فتوافق على التأجيل. وأثار هذا النهج غضباً واسعاً في الأوساط الإعلامية الدولية، التي ترى في السياسة الإسرائيلية أسلوباً منهجياً لمنع التغطية المستقلة.

وازدادت حدة الانتقادات مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ما جعل مطلب السماح بدخول الصحافة الأجنبية أكثر إلحاحاً.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد تطرّق إلى القضية مرتين خلال الفترة الأخيرة. ففي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» قال إنه سيعطي تعليماته للجيش بـ«الاستعداد» لهذه المسألة.

وعبَّرت «رابطة الصحافة الأجنبية» في إسرائيل عن «خيبة أمل شديدة» إزاء هذه السياسة، وخصوصاً تجاه ما تبديه المحكمة من «مهادنة».

وترى نقابة الصحافيين الفلسطينيين أن هذا المنع هو «جزء لا يتجزأ من سياسة إسرائيل لإخفاء حقيقة جرائمها في غزة والضفة الغربية».

وبحسب رئيس هذه النقابة، ناصر أبو بكر، فإن ما جرى في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 على يد إسرائيل هو «أكبر مجزرة بحق الصحافيين في التاريخ».

وقال، في بيان، إن نحو 1500 صحافي فلسطيني يعملون حالياً وسط القصف، وقد أُصيب المئات، واعتقلت إسرائيل نحو 200 آخرين، كما دمرت كثيراً من المؤسسات الإعلامية.


إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

عادت القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية تتحدث عن قلق شديد وشعور بالخطر الوجودي من النشاط الإيراني المتجدد لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية والعودة إلى المشروع النووي، وهو الأمر الذي يذكر بما حصل قبيل الهجوم الإسرائيلي على إيران في حرب الـ«12 يوماً» في يونيو (حزيران) الماضي. ويؤكدون في تل أبيب أن حرباً أخرى باتت حتمية، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يريد أن يعرف إن كانت الولايات المتحدة مستعدة للشراكة فيها.

وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن هناك عدة إشارات تدل على أن إيران بدأت تتحرك من جديد باتجاه إحياء مشروعها النووي، مع أنها لم تستأنف بعدُ تخصيب اليورانيوم. فهناك حركة دائمة في الأسابيع الأخيرة حول المفاعلات النووية التي تم تدميرها في الحرب الإسرائيلية الأميركية عليها.

وأضافت المصادر أن هناك جهوداً هستيرية لإنتاج الصواريخ الباليستية، التي تبلغ بمعدل 3000 صاروخ في الشهر. ومع أن هذه الصواريخ تعتبر من الجيل القديم عديم الدقة، التي يمكن إسقاطها قبل أن تصل إلى أهدافها، فإن ما يصل منها إلى هدفه كافٍ لأن يُحدث دماراً خطيراً.

وتؤكد هذه المصادر، وفقاً للكاتبة في «معاريف» العبرية، آنا برسكي، أن العقيدة الجديدة في الجيش الإسرائيلي تحتم توجيه ضربة استباقية، مع أنها لا تستبعد أيضاً هجوماً استباقياً من طهران.

وقالت: «حتى لو لم يكن النووي على رأس القائمة الفورية، فإن إيران تواصل التحرك، أحياناً عبر ترميم بنى تحتية، وأحياناً عبر إخفاء، وأحياناً ببساطة عبر استغلال الغموض وفجوات الرقابة. بكلمات أخرى، ترميم القدرة الصاروخية وترميم النووي ليسا محورين منفصلين، بل منظومة واحدة، وهي تقلق جداً إسرائيل. الصاروخ يبني غرفاً. الغلاف يسمح بالنووي، والنووي، حتى لو تأجل، يبقى الهدف الأسمى».

استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض يوم 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

وأكدت الكاتبة أن نتنياهو قرر طرح الموضوع على طاولة البحث خلال لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الاثنين، وسيحاول معرفة إن كان مستعداً للشراكة مع إسرائيل في هذه الحرب وكيف.

وقالت برسكي: «سيطرح عليه أربعة بدائل، منها: هجوم إسرائيلي مستقل عبر مساعدة أميركية محدودة، وحملة مشتركة، وعملية أميركية كاملة، وهي ليست مناورة نظرية. فهي تعكس جدالاً على فهم الوقت: هل الانتظار ومحاولة كبح إيران بوسائل سياسية، أم العمل قبل أن يصل الترميم إلى نقطة اللاعودة».

وأضافت: «ومركز الثقل في اللقاء لن يكون ما تريد إسرائيل عمله، بل ما الذي تكون الولايات المتحدة مستعدة لأن تحتمله. هنا يتأكد الموقف الأميركي كما ينعكس في التحليلات الأخيرة. ترمب يريد خلق نظام إقليمي جديد دون أن يعلق مرة أخرى في حرب لا نهاية واضحة لها. من ناحيته، إيران تعد خطراً، لكنها أيضاً حفرة مالية وسياسية وعسكرية. وهو كفيل بأن يفضل صيغة دبلوماسية متصلبة، عقوبات وتهديد عسكري في الخلفية، على جولة أخرى تلزمه بأن يشرح للجمهور الأميركي لماذا يعود إلى سماء الشرق الأوسط مع قاذفات وذخائر».

وقد خرجت جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية بعناوين مثيرة عن حتمية حرب مقبلة مع إيران. وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن إيران هي التي يمكن أن تبادر إلى هذه الحرب، وذلك لأنها تتحسب من انتشار المظاهرات التي بدأت في مدينة مشهد إلى بقية المدن الإيرانية، احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية والنقص الكبير في الماء والكهرباء وارتفاع أسعار الوقود. وتؤكد أنه من المحتمل أن تقدم القيادة الإيرانية على شن حرب حتى تشغل الشعب عن معاناته.

لكن صحيفة «معاريف» اعتبرته مبادرة إسرائيلية، لأن هناك خطراً وجودياً وهناك فرصة لا يجوز إضاعتها. وقالت: «يصل الموقف الإسرائيلي من مكان وجودي. فمن ناحيتنا، الخيار العسكري ليس شعاراً بل تأمين حياة. إذا كانت التقديرات بشأن تسريع إنتاج الصواريخ وإعادة الدفاع الجوي صحيحة، فإن إسرائيل تخشى من أن تُغلق نافذة الفرص. اليوم إيران لا تزال في منتصف الترميم، لكن غداً ستكون محمية أكثر، متوزعة أكثر، وقدرة الهجوم ستكون أغلى وأخطر. وعليه، حتى لو عرض نتنياهو لترمب سلسلة بدائل، فإن الرسالة واحدة: إسرائيل لن تسمح لإيران بالوصول مرة أخرى إلى وضع يكون بوسعها فيه أن تنصب مظلة صواريخ ودفاع تغلق السماء من فوق المواقع الحساسة».

لكن الصحيفة تتحدث هنا عن «فجوة استراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة. القدس وواشنطن. ترمب يريد الامتناع عن الحرب، بينما إسرائيل تخشى من أن منع الحرب الآن سيخلق حرباً أكبر بعد ذلك. ترمب الذي عاد إلى البيت الأبيض مع الوعد بتصميم نظام إقليمي جديد وتقليص الاحتكاك الأميركي المباشر، معني بالاستقرار: في غزة، في الشمال، وفي الساحة الإيرانية. من ناحيته، وقف نار إقليمي وحفظ الردع أفضل من جولة تصعيد أخرى. لكن الردع، كما يفهمونه في إسرائيل، يصمد فقط إذا ما كان من خلفه تهديد مصداق. نتنياهو سيصل إلى مار آلاغو مع رسالة واضحة بما يكفي: من دون خط أحمر حقيقي، إيران ستواصل البناء، الترميم والاستعداد الفاعل للهجوم المقبل. ترمب سيكون مطالباً بأن يقرر إذا كان سيقلص مجال العمل الإسرائيلي باسم الاستقرار، أم يترك التهديد العسكري على الطاولة، حتى وإن كان بثمن المخاطرة بالتصعيد».