مع استدعاء إسرائيل عشرات الآلاف من جنود الاحتياط للمشاركة في اجتياح مدينة غزة، يزداد عدد الجنود، ومعهم أمهاتهم، الذين يعلنون رفضهم العودة إلى القطاع الفلسطيني، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
لا أرقام رسمية عن عدد الجنود الإسرائيليين الرافضين للعودة إلى غزة، لكن مجموعات جديدة بدأت تروّج علناً لمواقفها الرافضة للخدمة، رغم خطر السجن، في ظاهرة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب التي دخلت عامها الثاني، عقب هجوم «حماس»، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، على جنوب إسرائيل، وإن لم تؤثر بعد بشكل واضح على العمليات العسكرية.
ويظهر هذا التمرُّد وسط احتجاجات جماهيرية واسعة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، متهمين إياه بإطالة أمد الحرب لدوافع سياسية، بدلاً من إبرام صفقة مع «حماس» تفضي إلى إطلاق سراح 48 رهينة ما زالوا محتجزين، يُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة.

مخاوف الأمهات
عدد من معارضي الحرب، بينهم مسؤولون أمنيون سابقون، يخشون أن الهجوم الإسرائيلي الجديد على مدينة غزة لن يحقق إنجازاً حقيقياً، بل يعرّض الرهائن للخطر. كما تواجه إسرائيل انتقادات دولية متزايدة بسبب الكارثة الإنسانية والحصار المفروض على القطاع.
إحدى الحركات التي تقودها أمهات الجنود تطالب بوقف إرسال أبنائهن إلى المعارك. تقول نوريت فيلسنثال - بيرغر، عن أصغر أبنائها: «لم أتوقف عن التفكير في كيفية كسر ساقه أو ذراعه حتى لا يُجبر على العودة (إلى غزة)».
أكد الجندي والطبيب الميداني أفشالوم زوهار سال (28 عاماً)، الذي خدم مرات عدة في غزة، أن الجنود منهكون ومحبطون ولا يعرفون بعد الآن من أجل ماذا يقاتلون. وأضاف أن بعض الوحدات عادت إلى المناطق نفسها التي قاتلت فيها سابقاً؛ ما جعلهم أكثر عرضة لهجمات «حماس»، رغم ضعفها.

مجموعات رفض متنامية
تقول مجموعة «جنود من أجل الرهائن» إنها تمثل أكثر من 360 جندياً يرفضون الخدمة. ورغم أن عدد الممتنعين لا يزال محدوداً مقارنة ببداية الحرب، حين اندفع الاحتياط للالتحاق بالجبهات، فإن رفض الخدمة يُعد جريمة يُعاقَب عليها بالسجن، وقد سُجن بعضهم بالفعل لأسابيع.

وقال ماكس كريش، أحد أفراد المجموعة، في مؤتمر صحافي: «حرب نتنياهو العدوانية تعرّض رهائننا للخطر وتدمّر المجتمع الإسرائيلي، بينما تقتل وتجرح وتجوّع سكان غزة المدنيين بأكملهم».
وفي موازاة ذلك، تقول حركة «أنقذوا أرواحنا» إنها تضم نحو ألف أم لجنود. ويرى مراقبون أن حركة مشابهة ساهمت في إنهاء احتلال إسرائيل لجنوب لبنان عام 2000.

خدمة الجيش «خط أحمر»
رغم تنامي الغضب، لا يزال الجيش يُنظر إليه في إسرائيل باعتباره «مقدساً»؛ فقد استدعت الحكومة مؤخراً 60 ألفاً من الاحتياط، في بلد يقل عدد سكانه عن 10 ملايين؛ حيث الخدمة الإلزامية مفروضة على معظم الرجال اليهود.
إخفاق الحكومة في فرض الخدمة على المتدينين المتشددين زاد من النقمة الشعبية، لا سيما أن المتدينين يتمتعون بإعفاءات تفاوض عليها قادتهم السياسيون المتحالفون مع نتنياهو.

وأفاد «معهد الديمقراطية» الإسرائيلي، في استطلاع نهاية أغسطس (آب)، بأن نحو ثلثي الإسرائيليين، بينهم 60 في المائة من اليهود، يؤيدون صفقة شاملة تشمل إطلاق جميع الرهائن ووقف القتال وانسحاب القوات من غزة. لكن نتنياهو يرفض متمسكاً بأن الحرب ستنتهي فقط مع إعادة كل الرهائن ونزع سلاح «حماس»، مع بقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويحذّر محللون، مثل مائيراف زونسزاين، من «مجموعة الأزمات الدولية»، من أن دفع الجنود لمواصلة القتال في بلد منقسم قد يترك أثراً عميقاً على قدرات إسرائيل مستقبلاً.






