رياض منصور لـ«الشرق الأوسط»: نتوقع غالبية أممية ساحقة لمخرجات مؤتمر «حل الدولتين»

مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة قال إن «الفيل الكبير» في العالم هو قضية بلاده

المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور متحدثاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور متحدثاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
TT

رياض منصور لـ«الشرق الأوسط»: نتوقع غالبية أممية ساحقة لمخرجات مؤتمر «حل الدولتين»

المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور متحدثاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور متحدثاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة على مشروع قرار قدمته فرنسا وبريطانيا ورعته عشرات الدول الأخرى، للمصادقة على مخرجات «المؤتمر الدولي الرفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وحل الدولتين»، الذي سيتوج باجتماع على مستوى القمة في 22 سبتمبر (أيلول) الحالي ضمن أعمال الدورة السنوية الـ80 للجمعية العامة في نيويورك.

وتوقع المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أن يحصل مشروع القرار على غالبية ساحقة في تصويت الجمعية العامة، التي ستعبر عن «عميق امتنانها» لكل من المملكة العربية السعودية وفرنسا لـ«اضطلاعهما بمسؤولياتهما بوصفهما رئيسين مشاركين للمؤتمر، ولصياغتهما بالاشتراك مع رؤساء مجموعات العمل (إعلان نيويورك في شأن تسوية قضية فلسطين سلمياً وتنفيذ حل الدولتين)»، معلنة تأييدها لهذا الإعلان.

ويشير مشروع القرار في ديباجته إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تسعى إلى «تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط» بما في ذلك عبر اعتماد «وثيقة ختامية عملية المنحى لرسم مسار عاجل لا رجعة فيه نحو تسوية قضية فلسطين سلمياً وتنفيذ حل الدولتين».

وقال السفير منصور لـ«الشرق الأوسط» إن مؤتمر حل الدولتين على مستوى القمة «لن يتأثر» بقرار إدارة الرئيس دونالد ترمب الخاص بعدم منح أو إلغاء تأشيرات دخول أعضاء الوفد الفلسطيني للحيلولة دون مشاركته في أعمال الدورة السنوية للأمم المتحدة، علماً أن «رغبتنا لا تزال تتمثل في أن حقنا - وانسجاماً مع اتفاقية المقر - في أن تلتزم الولايات المتحدة، بعدّها دولة المقر، بتسهيل كل أعمال الوفود للمشاركة في أعمال الجمعية العامة والأمم المتحدة بشكل عام»، مشيراً إلى ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والدائرة القانونية في الأمم المتحدة لجهة أن قرار المنع الأميركي بحق الوفد الفلسطيني «مخالف للقسم 11 من اتفاقية المقر».

وأكد أن الخطوات الأميركية التي «تشكل انتهاكاً لاتفاقية المقر، ولا سيما القسم 11 منها» أدت إلى «نتائج عكسية. فالتعاطف متزايد معنا، وبعض من كانوا مترددين سيحسمون أمرهم لصالح خطوات عملية سيقدمون عليها، من ضمنها الاعتراف بدولة فلسطين». وأشار إلى دول مثل الدنمارك واليونان اللتين صارتا أقرب من أي وقت مضى إلى الاعتراف بدولة فلسطين.

فلسطين حاضرة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلقي كلمة خلال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

وقال منصور أيضاً إن «الفيل الكبير في العالم هو مسألة فلسطين التي ستكون حاضرة في كل زخم يمكن للإنسان أن يفكر فيه في دورة الجمعية العامة هذه السنة». بل إن «هذه الدورة هي دورة فلسطين بكل مربعاتها ومكعباتها وكينونتها»، متوقعاً أن تتطابق كلمات زعماء العالم مع ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر حل الدولتين والملحق التابع له، وهي أن «المهمة الأولى للعالم هي أن تتوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني وبخاصة في قطاع غزة»، والانطلاق من «ضرورة وقف هذا العدوان ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية» للفلسطينيين في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وشدد على أن الوفد الفلسطيني بقيادة الرئيس عباس «سيكون حاضراً في أعمال الجمعية العامة» سواء شخصياً إذا تراجعت واشنطن عن قرارها المجحف بحق الفلسطينيين، أو عبر الوسائل الأخرى المتاحة لأنه «يستطيع أن يخاطب الجمعية العامة مباشرة بطرق أخرى، كما حصل في مناسبات شبيهة، وآخرها عندما خاطب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعية العامة قبل سنتين» بسبب ظروف الحرب مع روسيا.

ولفت منصور إلى أن المشاورات الجارية مع الدول والهيئات الدولية أدت إلى «زخم هائل» متوقع في الجمعية العامة وفي مؤتمر حل الدولتين على مستوى القمة إزاء المسألة الفلسطينية «من وقف العدوان» على غزة والضفة الغربية و«الاعتراف بالدولة» و«زيادة الزخم لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني ومن ثم استقلال دولة فلسطين وتجسيد حل الدولتين على الأرض»، مضيفاً: «لا نريد لهذا الزخم أن يتجزأ. نريد أن نحافظ عليه وأن نراكم عليه ليعطي المفعول المرجو لكي تبدأ رحلة الانصياع للإرادة الدولية، بما فيها إرادة محكمة العدل الدولية بأن هذا الاحتلال غير القانوني يجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن».

تحولات نوعية

القائمة بأعمال المندوبة الأميركية دوروثي شيا ترفع يدها مستخدمة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع مشروع يمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة (صور الأمم المتحدة)

وقال أيضاً إنه رغم أن 89 من الدول والجهات الإقليمية تبنت حتى الآن مؤتمر حل الدولتين، فإن بريطانيا وفرنسا قدمتا مشروع قرار، ونحن رعيناه مع دول أخرى، من أجل اعتماد مخرجات حل الدولتين، أي الإعلان الختامي والملحق الخاص به في 12 سبتمبر الحالي، ليصير واحداً من قرارات الأمم المتحدة. وهذا ما سيُعتمد أيضاً في قمة حل الدولتين في 22 سبتمبر، مع ما سيرافقه من إعلانات للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولفت إلى أن الدول المعترفة بدولة فلسطين يبلغ الآن 149 دولة، يضاف إليها فرنسا. وأضاف أن هناك عشر دول إضافية عبرت عن استعدادها للاعتراف بالدولة، ومن ثمّ سيصل عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية إلى 160 دولة قريباً.

وإذ لفت إلى أن «قرارات الدول في هذه المسألة أو غيرها ذات طبيعة سيادية»، استعار المعادلة الفيزيائية التي تفيد بأن «التراكمات الكمية تصل في لحظة ما إلى تحولات نوعية». وذكّر بأنه في المرة الأخيرة التي مارست فيها الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإسقاط مشروع قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، جرى الذهاب إلى الجمعية العامة تحت بند «متحدين من أجل السلام» والتصويت على القرار نفسه، فجاءت نتيجة التصويت مرتفعة للغاية لمصلحة القرار الذي يفيد بأن «دولة فلسطين تستوفي شروط العضوية الكاملة» بما في ذلك أنها «دولة محبة للسلام».


مقالات ذات صلة

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ) play-circle

رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

إدانة أممية شديدة لاعتقال الحوثيين 10 موظفين إضافيين، ورفع عدد المحتجزين إلى 69.

«الشرق الأوسط» (عدن)
تحليل إخباري الكمبيوتر العملاق «أندروميدا» من شركة «سيريبراس سيستمز» في مركز للبيانات في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

تحليل إخباري العولمة الجديدة وخطر السقوط في هاوية الاستبداد

خفت كثيراً وهج التعدد والتمايز، وصارت مجتمعات عديدة تتشابه إلى حد «الملل» مع ضمور العديد من العادات والتقاليد إلى حد تهديد الهويات.

أنطوان الحاج
آسيا أفراد من الشرطة الأفغانية في احتفال تخرّج بجلال آباد يوم 11 ديسمبر الحالي (إ.ب.أ)

2000 مقاتل بتنظيم «داعش - خراسان» ينشطون في أفغانستان

أورد تقرير للأمم المتحدة أن تنظيم «داعش - خراسان» يحتفظ بنحو 2000 مقاتل في أفغانستان ويلقن الأطفال دون سن 14 عاماً أفكاره ويهدد الأمن الإقليمي بعمليات إرهابية.

«الشرق الأوسط» (كابل)

«قسد» تستهدف نقاطاً للأمن الداخلي في حلب

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)
TT

«قسد» تستهدف نقاطاً للأمن الداخلي في حلب

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)

ذكرت قناة «الإخبارية» السورية، الاثنين، أن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد شنت هجوماً استهدف نقاطاً لقوى الأمن الداخلي في حلب، في حين اتهمت «قسد» فصائل مسلحة تابعة لوزارة الدفاع بمهاجمة قواتها.

وأفاد «تلفزيون سوريا» باندلاع اشتباكات متقطعة بين قوات الجيش و«قوات سوريا الديمقراطية» في حلب الواقعة شمال البلاد.

بينما ذكر تلفزيون «حلب اليوم» نقلاً عن مصادره أن 5 جرحى وصلوا إلى مستشفى الرازي «بينهم عنصران من الدفاع المدني جراء إصابتهم برصاص قناصة (قسد) قرب دوار شيحان بحلب»، وأضاف المصدر نفسه أن «(قسد) تسحب عناصرها من الحواجز المشتركة مع الأمن الداخلي عند دوار شيحان بحلب، وتطلق النار بشكل مباشر على المدنيين».

على الجانب الآخر، قالت «قسد» في بيان إن اثنين من أفرادها في حلب أصيبوا بجروح إثر هجوم نفذته فصائل مرتبطة بوزارة الدفاع السورية على حاجز في دوار الشيحان.
وحملت قوات سوريا الديمقراطية حكومة دمشق «المسؤولية الكاملة عن هذه الاعتداءات».

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن «قسد» شنت هجوماً بقذائف (آر.بي.جي) والهاون على محيط حي الأشرفية والمنطقة الممتدة من دوار شيحان إلى دوار الليرمون في حلب. وأفادت الوكالة الرسمية بإغلاق طريق غازي عنتاب-حلب بسبب هجمات «قسد».

وتأتي الاشتباكات في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية أسعد الشيباني، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان، إن الحكومة السورية «لم تلمس مبادرة جدية» من «قسد» لتنفيذ اتفاق العاشر من مارس (آذار)، مشيراً إلى أنها تماطل في تنفيذ الاتفاق الذي يقضي بدمجها في مؤسسات الدولة.

وأضاف الشيباني: «قدمنا مقترحاً لـ(قسد) للمرونة، وتسلمنا ردها بالأمس، وتقوم وزارة الدفاع الآن بدراسته. أي تأخر من (قسد) في الاندماج مع الجيش السوري سيؤثر سلباً في استقرار المنطقة الشرقية».

وقال وزير الخارجية التركي إنه «لا نية لـ(قسد) لإحراز تقدُّم في اتفاق 10 مارس»، مضيفاً أن التنسيق بينها وبين إسرائيل يؤخر التوصل لنتيجة. وتابع قائلاً: «اندماج (قسد) في الحكومة السورية سيكون في صالح الجميع».


إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)
ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)
TT

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)
ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان، معتبراً أن وجود هذه القوات، إلى جانب قوات أوروبية أخرى تشارك روما هذه الرغبة، «يساعد الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها»، حسبما قال الرئيس اللبناني جوزيف عون.

وقرر مجلس الأمن الدولي أواخر أغسطس (آب) الماضي، تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل) لمرة أخيرة مع وضع برنامج لانسحابها عام 2027، بعدما طالبت إسرائيل والولايات المتحدة بذلك. ونص قرار المجلس، الذي تم تبنيه بالإجماع، على «تمديد تفويض (اليونيفيل) مرة أخيرة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2026، والبدء بعملية تقليص وانسحاب منسقة وآمنة بدءاً من 31 ديسمبر 2026 ضمن مهلة عام واحد».

وزير الدفاع الإيطالي

وشدد وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، خلال لقائه بالرئيس اللبناني جوزيف عون في بيروت الاثنين، على دعم إيطاليا للبنان في المجالات كافة، لا سيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار بالجنوب، مشيراً إلى أن بلاده ترغب في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، لافتاً إلى وجود دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه.

وقال كروسيتو إن هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه بالجنوب، لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له، حسبما أفادت الرئاسة اللبنانية.

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو (الرئاسة اللبنانية)

ويبلغ عدد الدول التي تتألف منها «اليونيفيل» 49 دولة، حيث تشارك بما مجموعه 9,923 جندياً لحفظ السلام، وتتصدر إيطاليا قائمة الدول الأوروبية بالعديد، إذ بلغ عدد الجنود المشاركين 1,099 جندياً، فيما يبلغ عدد الجنود الإسبان في البعثة 824 جندياً، و762 فرنسياً، و414 آيرلندياً، و217 بولندياً، و221 ألمانياً. أما كبرى البعثات، فهي من إندونيسيا بـ1232 جندياً.

وأشار كروسيتو إلى أن بلاده تواصل اتصالاتها بهدف تثبيت الاستقرار في الجنوب، وتتابع تطورات التفاوض الذي بدأه لبنان، وسوف تعمل كي تتحقق نتائج عملية منه، لأنه لا مصلحة لأحد في استمرار التوتر بالجنوب، وعلى إسرائيل أن تدرك هذا الأمر جيداً. وأكد الوزير الإيطالي أن المساعدات الإيطالية للجيش سوف تستمر وفق ما تم الاتفاق عليه مع وزير الدفاع اللبناني خلال محادثاتهما اليوم.

لبنان يرحب

من جهته، أبلغ عون وزير الدفاع الإيطالي بأن لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بعد اكتمال انسحابها عام 2027، وذلك لمساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها.

جنود في الكتيبة الإيطالية بـ«اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة مع الجيش اللبناني (اليونيفيل)

وقال الرئيس عون إن خيار التفاوض الذي اعتمده لبنان، وكلف سفيراً سابقاً ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، هدفه وقف الأعمال العدائية، وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي، وإعادة الأسرى المعتقلين في إسرائيل، وإعادة السكان الجنوبيين إلى قراهم وممتلكاتهم، مضيفاً: «لبنان ينتظر خطوات إيجابية من الجانب الإسرائيلي، ونعتمد على دول صديقة مثل إيطاليا، للدفع في اتجاه إنجاح العملية التفاوضية، والوصول إلى نتائج إيجابية».

وأكد الرئيس عون لوزير الدفاع الإيطالي أن لبنان بلد محب للسلام، ولا يريد الحرب؛ بل يعمل لحفظ الأمن وحماية الحدود وبسط سيادة الدولة، وهذا ما يجب أن يتولاه الجيش اللبناني بالتعاون مع الدول الصديقة الراغبة في مساعدته، «لا سيما أننا تعلمنا من الحروب المتتالية على أرضنا، أنه لا يمكن أن ينتصر فريق على آخر، ولا بد في النهاية من التفاوض».

ولفت رئيس الجمهورية إلى أن الجيش هو العمود الفقري لضمان الاستقرار؛ ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة كلها التي تتأثر حكماً بما يكون عليه الواقع الأمني في لبنان. وأشار إلى أهمية توفير الدعم للجيش الذي لا تقتصر مهماته على الحدود فقط؛ بل على كل لبنان، «وبالتالي فإن أي مساعدة تقدمها الحكومة الإيطالية للجيش اللبناني والقوى المسلحة اللبنانية هي موضع شكر وتقدير من الدولة اللبنانية».

سياسياً، اعتبر رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل، أنّ المرحلة المقبلة تشكّل امتحاناً حاسماً للدولة اللبنانية و«حزب الله»، مشدداً على أنّ استكمال انتشار الجيش وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي هما المعيار الفعلي لتجنيب لبنان حرباً جديدة وإطلاق مسار الاستقرار.

وقال الجميل بعد لقائه السفير الأميركي لدى لبنان ميشال عيسى، إن «الطريقة الوحيدة لحماية لبنان ومنع تكرار المآسي هي بسط سلطة الجيش اللبناني على كامل الأراضي اللبنانية»، مضيفاً: «كل منطقة يوجد فيها الجيش تكون محمية، وكل منطقة خارجة عن سلطة الدولة وسيادتها تكون عرضة للخطر، خصوصاً في الجنوب».

وأشار الجميّل إلى ضرورة انتقال الجيش اللبناني فور انتهاء المهلة المحددة في خطته إلى منطقة شمال الليطاني، موضحاً أن «منطقة جنوب الليطاني باتت خالية من أي سلاح، وهذا أمر يجب أن يُعلن رسمياً في وقت قريب، كي يشعر أهل الجنوب بالأمان ويتوقف تعرضهم للقصف والأذى».


صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)
من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)
من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس إيغور غريتشوشكين، جرّاء اعتصام الأخير بالصمت، ورفضه الإجابة عن الأسئلة، وهو ما زاد تعقيدات التحقيق الذي يراوح مكانه منذ سنوات بين العوائق القانونية، والسياسية الداخلية، والحسابات الدولية.

وكان البيطار توجّه الأربعاء الماضي إلى صوفيا، لاستجواب غريتشوشكين، مالك سفينة أقلت نيترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020، وهو موقوف في صوفيا منذ ثلاثة أشهر، بموجب مذكرة توقيف صادرة عن القضاء اللبناني، ومعممة عبر الإنتربول الدولي. وعقد البيطار جلسة في حضور وكيلته، وقضاة بلغاريين، في مكان الاحتجاز المؤقت، حيث جرى توجيه الأسئلة له عبر قاضي تحقيق بلغاري، التزاماً بالأصول القانونية المعتمدة في التعاون القضائي الدولي.

قاضي التحقيق اللبناني في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار (الوكالة الوطنية للإعلام)

وقال مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إنّ المدعى عليه «رفض الإجابة عن أي سؤال، ملتزماً الصمت كلياً، باستثناء عبارة واحدة، حين قال إنه يكتفي بالإفادة التي سبق أن أدلى بها خلال استجوابه من قبل شعبة المعلومات اللبنانية في قبرص في العام 2020، وليس لديه ما يضيفه بشأنها.

تهرّب من المواجهة

وأضفى الصمت مزيداً من الشكوك حول دور غريتشوشكين وسفينته التي نقلت نيترات الأمونيوم من جورجيا إلى مرفأ بيروت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 في خطوة اعتبرها مصدر قضائي رفيع «محاولة واضحة للتهرّب من مواجهة أسئلة يعتبرها التحقيق أساسية في تحديد المسؤوليات».

لكن المصدر أثنى عبر «الشرق الأوسط» على «التعاون الكامل الذي أبداه القضاء البلغاري مع المحقّق العدلي، سواء على مستوى القضاة، أو إدارة السجن في صوفيا»، مشيراً إلى أن الفريق القضائي البلغاري «أجرى محاولات متكررة لإقناع غريتشوشكين بالإدلاء بأقواله، إلا أنّه أصرّ على موقفه، وامتنع نهائياً عن التحدّث».

علامات استفهام

وقال إن «امتناع مالك السفينة روسوس هو حق قانوني له، إلا أنّه يطرح علامات استفهام كبرى حول ما يحمله من معطيات قد تكون مفصلية في رسم صورة كاملة لمسار شحنة نيترات الأمونيوم منذ تحميلها وحتى انفجارها»، لافتاً إلى أن البيطار كان «يهدف إلى كشف حقيقة من اشترى نيترات الأمونيوم ولصالح من؟ وهل أن حمولة الباخرة كانت بالفعل ذاهبة إلى موزمبيق، أو أن هناك عملية تحايل غيرت وجهتها إلى مرفأ بيروت؟».

الدخان يتصاعد من موقع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 (رويترز)

ونقل المصدر القضائي عن مسؤولي السجن المؤقت الذي يحتجز فيه غريتشوشكين أن الأخير «يعاني وضعاً نفسياً صعباً منذ اعتقاله» في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي في صوفيا، أثناء توجهه من قبرص إلى موسكو. وأوضحت أن البيطار أبلغه بأنه «ليس متهماً، بل مشتبه به، وإذا ما أدلى بإفادته قد يكون ذلك سبباً لوقف الإجراءات القائمة بحقه، لكن ذلك لم يغير شيئاً بقناعاته». وأوضح المصدر أن غريتشوشكين «أجلس على كرسي وضع مقابل القاضي البيطار، حيث أغمض عينيه بيديه ولم ينظر إلى المحقق العدلي، ولا حتى للقضاة البلغاريين، مكتفياً بالقول أنا لا أعرف لماذا أنا مسجون هنا؟ وليس لدي ما أقوله».

مواكبة أمنية

في الإطار اللوجستي، والمواكبة الأمنية والدبلوماسية للمهمّة، علمت «الشرق الأوسط» أن مهمة البيطار «أحيطت بعناية كبيرة، حيث توجّه من منزله إلى مطار رفيق الحريري الدولي بمواكبة من مخابرات الجيش اللبناني، ومتابعة حثيثة من وزير العدل عادل نصّار». ووفق المعلومات فإنّ سفيرة لبنان في بلغاريا رحاب أبو زين «لعبت دوراً مهمّاً في تهيئة الظروف الملائمة لإنجاح مهمة البيطار في صوفيا، حيث استقبلته في المطار، ورافقته إلى مكان إقامته، كما تولّت السفيرة شخصياً تأمين كاتب محضر التحقيق، ومترجمين اثنين، وسبق ذلك أن نسّقت مع السلطات البلغارية لتأمين المواكبة الأمنية له»، مشيرة إلى أن ذلك «عكس جدّية الجانب اللبناني في استكمال التحقيق رغم العراقيل».

وإزاء هذا التطوّر، يطرح السؤال مجدداً عن مصير غريتشوشكين: هل ستفرج عنه السلطات البلغارية أم ستسلّمه إلى لبنان؟ حتى الآن، لا يوجد جواب حاسم. إلا أنّ المصدر القضائي يؤكد أنّ لبنان «لم يفقد الأمل بإمكانية تسلمه، لا سيما أن محكمة الاستئناف البلغارية ستعقد جلسة هذا الأسبوع للنظر في طعن النائب العام بقرار رفض تسليمه». وشدد على أنه «حتى لو أطلقت بلغاريا سراحه فإن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه ما زالت سارية المفعول، وتتيح توقيفه في أي بلد يتوجّه إليه، باستثناء روسيا التي يحمل جنسيتها».

تقدير سيادي

في هذا السياق، يلفت المصدر القضائي إلى أنّ قرار بلغاريا المحتمل بعدم التسليم، في حال تثبيته «لا يشكّل سابقة ملزمة لدول أخرى، فلكل دولة تقديرها السيادي، وتعاونها القضائي قد يتغيّر تبعاً للضمانات المقدّمة، والظروف السياسية، والقانونية المحيطة بكل حالة»، لافتاً إلى «وجود أمل كبير بأن تقرر محكمة الاستئناف في بلغاريا تسليمه إلى لبنان، وأن سفيرة لبنان في صوفيا تتابع عن كثب تطورات هذا الملفّ مع السلطات البلغارية».

ووفق المصدر فإن «مذكرة التوقيف الغيابية بحق مالك السفينة روسوس ستبقى سارية المفعول، وإن البيطار فور عودته إلى لبنان سيقرر الخطوات التي سيتخذها في حال رفضت محكمة الاستئناف في صوفيا تسليمه إلى لبنان».