أكد وزير الخارجية الإستوني مارغوس تساهكنا، أن العلاقات بين بلاده والمملكة العربية السعودية «انتقلت إلى مستوى جديد»، مشيراً إلى أن زيارته الحالية إلى الرياض على رأس وفد تجاري كبير، ولقاءاته مع المسؤولين السعوديين، «أعطت دفعة قوية للتعاون الثنائي، وأرست أسساً لشراكة طويلة المدى».
وقال تساخنا في حوار مع «الشرق الأوسط» إن إستونيا تنظر إلى السعودية باعتبارها قوة إقليمية رائدة، وقاطرة للتغيير، ليس على المستوى المحلي أو الإقليمي فحسب، بل على المستوى الدولي أيضاً، لافتاً إلى أن «دور المملكة يتجاوز المنطقة إلى أفريقيا، وعلاقاتها المتنامية مع الهند، والعالم».

وأضاف أن بلاده، التي تُعرف بكونها الأكثر رقمنة في العالم، «ترى في رؤية السعودية 2030 مشروعاً طموحاً، ومذهلاً»، مؤكداً أن إستونيا، بما لديها من خبرات في التحول الرقمي والأمن السيبراني والطاقة الخضراء، «تسعى لأن تكون جزءاً من هذا التحول التاريخي».
التحول الرقمي ورؤية 2030
وقال الوزير الإستوني إن السعودية قطعت شوطاً كبيراً في مجال الرقمنة، وأشار إلى إمكانية تعزيز التعاون بشكل أكبر، موضحاً أن بلاده تمكنت خلال أكثر من 20 عاماً من جعل 100 في المائة من خدماتها الحكومية متاحة عبر الإنترنت، وهو ما وفر نحو 1400 سنة من ساعات العمل سنوياً. واعتبر أن هذه التجربة «يمكن أن تكون ملهمة ومفيدة ضمن مستهدفات التحول الرقمي لرؤية 2030».
وأضاف: «ما أراه هنا مذهل فعلاً، رؤية 2030 خطة طموحة للغاية، والسعودية في قلب عملية تحول مشابهة لما مررنا به نحن في إستونيا، حيث كنا بلداً فقيراً قبل 30 عاماً، وتحولت دولتنا ومجتمعنا بشكل كبير، أنجزنا الكثير، لكن ما نراه الآن في السعودية رائع، ونود أن نكون جزءاً منه».

وتابع: «دفء الاستقبال والجانب العملي هنا مدهشان، هذه الرسالة سأحملها معي إلى تالين، لشركاتنا، وحكومتنا، لأننا نرى أن هذه العلاقات ممتازة، ونريد أن نكون ملتزمين بها طويلاً، وهذا أمر جيد».
دور سعودي محوري
وأكد مارغوس تساهكنا أن السعودية تلعب دوراً محورياً في المنطقة والعالم، ليس فقط في الأسواق والأعمال، بل على المستوى السياسي أيضاً، وقال: «السعودية تلعب دور القائد هنا، نحن لا نتحدث فقط عن الأسواق، أو مستوى الأعمال، بل عن السعودية قاطرة للمنطقة، بل وللعالم أيضاً».
وأضاف: «بالنسبة لإستونيا، بوصفها دولة شمالية صغيرة يبلغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة، لدينا أدوات وأفكار وابتكارات لتقديمها، لكن كما ذكرت، هو التزام طويل الأمد، نرى أن السعودية تؤدي دوراً محورياً في المنطقة، وكذلك على صعيد السياسة العالمية».
الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي
وفيما يخص الأمن السيبراني، أكد تساهكنا أن بلاده تعد من الدول الرائدة عالمياً في هذا المجال، مشيراً إلى أن التعاون مع السعودية يمكن أن يشمل ليس فقط الحلول التقنية، بل أيضاً «بناء المنظومة الكاملة التي تضمن حماية المجتمع بأسره، بما في ذلك القطاعان الخاص والاجتماعي».
كما شدد على أهمية رفع مستوى الوعي المجتمعي تجاه مخاطر الأمن السيبراني، لافتاً إلى أن إستونيا طورت تطبيقات متقدمة للذكاء الاصطناعي في التعليم، والقضاء، والضرائب، وهي خبرات يمكن مشاركتها مع المملكة التي تملك بدورها رؤية طموحة في مجال الذكاء الاصطناعي.

الطاقة الخضراء والاستثمار المتبادل
وفي ملف الطاقة المتجددة، أشار الوزير الإستوني إلى أن حكومته وضعت هدفاً يتمثل في أن تصبح نسبة الطاقة المتجددة بحلول 2030 أكثر من 100 في المائة، مؤكداً أن هذا الطموح يتلاقى مع مساعي السعودية في مجال الطاقة الخضراء. وكشف عن إمكانية دخول شركات إستونية إلى السوق السعودية لتقديم حلول تقنية مبتكرة، في الوقت نفسه الذي ترحب فيه بلاده باستثمارات سعودية في هذا القطاع.
شراكة طويلة المدى
وختم وزير الخارجية الإستوني حديثه بالإشارة إلى أن بلاده والسعودية يُنتظَر أن توقعا اتفاقية عامة تُعد «خطوة استثنائية تؤطر لعلاقة طويلة المدى تشمل التعاون السياسي والاقتصادي». وقال: «نحن نتشارك القيم نفسها، ومنها الالتزام بالقانون الدولي، ورفض تغيير الحدود بالقوة، وهو ما يجعل هذه الشراكة مرشحة لمستقبل واعد في السنوات المقبلة».

