اعتصام أمام السفارة الأميركية في تونس دعماً لـ«أسطول الصمود العالمي»

استنكار لمشروع قانون بالكونغرس «لاستعادة الديمقراطية في تونس»

مظاهرة دعم في سيدي بوسعيد بتونس يوم الأحد لـ«أسطول الصمود العالمي» المتجه لقطاع غزة (إ.ب.أ)
مظاهرة دعم في سيدي بوسعيد بتونس يوم الأحد لـ«أسطول الصمود العالمي» المتجه لقطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

اعتصام أمام السفارة الأميركية في تونس دعماً لـ«أسطول الصمود العالمي»

مظاهرة دعم في سيدي بوسعيد بتونس يوم الأحد لـ«أسطول الصمود العالمي» المتجه لقطاع غزة (إ.ب.أ)
مظاهرة دعم في سيدي بوسعيد بتونس يوم الأحد لـ«أسطول الصمود العالمي» المتجه لقطاع غزة (إ.ب.أ)

بدأ نشطاء في تونس اعتصاماً أمام السفارة الأميركية دعماً لـ«أسطول الصمود العالمي» لكسر الحصار حول قطاع غزة، واحتجاجاً على سياسات إدارة الرئيس دونالد ترمب في المنطقة، وعلى ما يرونه «تدخلاً» في شؤونهم الداخلية.

ونصب المعتصمون خياماً، مساء الأحد، قبالة مقر السفارة بمنطقة «البحيرة» القريبة من وسط العاصمة، بعد ساعات من وصول أولى سفن الأسطول الداعم لغزة من سواحل إسبانيا إلى ميناء سيدي بوسعيد بشمال تونس.

وكانت حوالي 20 سفينة قد انطلقت من ميناء برشلونة الإسباني في جزء من «أسطول الصمود العالمي»، وبدأت بالتوافد على سيدي بوسعيد، الأحد، قبل التوجه للقطاع في مسعى إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليه، وتقديم مساعدات إنسانية، وتحدي سياسة التجويع هناك.

ويحمل الأسطول عدداً من النشطاء، من بينهم السويدية غريتا تونبرغ، والبرازيلي تياغو أفيلا. كما يشارك فيه الممثلان الآيرلندي ليام كنينغهام والإسباني إدوارد فرنانديز، إلى جانب نواب أوروبيين وشخصيات عامة، مثل رئيسة بلدية برشلونة سابقاً آدا كولاو.

مواطنون تونسيون يرحبون بالناشطتين السويدية غريتا تونبرغ والألمانية ياسمين عكار لدى وصول سفن أسطول داعم لقطاع غزة إلى ميناء سيدي بوسعيد يوم الأحد (أ.ب)

وفي تونس، توشح عدد كبير من المواطنين والنشطاء وممثلي المجتمع المدني الكوفية الفلسطينية، ورفعوا علم فلسطين في شاطئ سيدي بوسعيد المحاذي للميناء لدى استقبالهم الأسطول، الأحد.

أسطول الدعم «الأكبر»

ومن المتوقع أن تنضم سفن محلية تونسية ومغاربية إلى الأسطول قبل انطلاقه، الأربعاء المقبل، مواصلاً رحلته إلى قطاع غزة. كما تجري حملات تبرع في عدة مدن تونسية لتمويل رحلة الأسطول.

وكانت قافلة أخرى قد انطلقت من ميناء جنوا الإيطالي الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن تلتقي هذه السفن جميعاً قبيل الانطلاق من تونس، الأربعاء.

وتُعد تونس المحطة الأخيرة قبل إبحار الأسطول إلى وجهته الأخيرة نحو قطاع غزة.

مظاهرة دعم في سيدي بوسعيد بتونس يوم الأحد لـ«أسطول الصمود العالمي» المتجه لقطاع غزة (إ.ب.أ)

وانطلق نحو غزة من قبل «أسطول الحرية» والسفينة «حنظلة»، واقتصر كل منهما على سفينة واحدة، مما يجعل «أسطول الصمود» هو أكبر تحرك نحو قطاع غزة الذي يعيش ظروفاً إنسانية كارثية.

وفي المرتين السابقتين، اعترضت إسرائيل طريق النشطاء في المياه الدولية، وأجبرت السفينتين على التوجه إلى سواحلها، حيث حققت مع النشطاء قبل أن تفرج عنهم لاحقاً.

«التدخل» الأميركي في الشأن التونسي

يحتج أيضاً المعتصمون أمام السفارة الأميركية في تونس على طرح نائبين في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يعدونه تدخلاً في الشأن التونسي، إذ يفرض عقوبات على مسؤولين في بلادهم بدعوى التورط في انتهاكات لحقوق الإنسان.

وكان النائب الجمهوري الأميركي جو ويلسون قد أعلن تقديمه، والنائب الديمقراطي جيسون كرو مشروع قانون جديداً في مجلس النواب؛ بهدف «استعادة الديمقراطية، وفرض عقوبات على مسؤولين تونسيين متورطين في انتهاكات لحقوق الإنسان وتقويض المؤسسات الديمقراطية».

وقوبل مشروع القانون الذي يحمل اسم «استعادة الديمقراطية في تونس» باستهجان واسع على المستويين الشعبي والسياسي في تونس.

مبنى الكونغرس الأميركي في العاصمة واشنطن (أ.ب)

وأصدر «الحزب الجمهوري» في تونس، السبت، بياناً قال فيه إنه يتابع «بقلق واستنكار» مشروع القانون الأميركي، عادّاً إياه «اعتداءً صارخاً على السيادة الوطنية، وتدخلاً مرفوضاً في شؤوننا الداخلية».

وأضاف الحزب في بيانه أن مشروع القانون المطروح «يكشف مجدداً ازدواجية الخطاب الأميركي الذي يدّعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، فيما تاريخه حافل بدعم الاستبداد والتنكيل بالشعوب».

ولتجنيب تونس مثل هذه المبادرات الخارجية، دعا الحزب إلى «إطلاق حوار وطني شامل يضم مختلف القوى السياسية والاجتماعية والمدنية»، وإلى «المصالحة الوطنية الحقيقية التي تنهي الانقسام وتعيد الثقة بين التونسيين»، وإلى «استعادة المسار الديمقراطي القائم على الفصل بين السلطات، واحترام الدستور والحقوق والحريات، انطلاقاً من إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي».

ومن جانبها، قالت حركة «مواطنون أنصار الوطن» إن هذا التدخل الأميركي «حلقة جديدة من محاولات فرض الوصاية تحت شعارات زائفة»، مؤكدة أنه يهدف إلى «إجهاض المسار الإصلاحي وتفكيك مؤسسات الدولة»، داعيةً إلى تشكيل «جبهة وطنية واسعة، وصياغة ميثاق يقوم على الدفاع عن السيادة ومكافحة الفساد، وترسيخ الاستقلالية الاقتصادية والسياسية».

ووصف النائب بالبرلمان التونسي ياسين مامي مشروع القانون الأميركي بأنه «تدخل مرفوض في الشأن الداخلي لدولة ذات سيادة كاملة، وانتهاك لمبادئ العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل»، مشيراً إلى أنه يعكس «رغبة في فرض إملاءات خارجية من خلال ربط المساعدات الاقتصادية بشروط سياسية وانتقائية».

كما أعرب النائب طارق مهدي عن «بالغ استغرابه ورفضه المطلق» لمشروع القانون، مؤكداً «عدم قبول محاولات الوصاية أو فرض القراءات الأجنبية على تجربة تونس». وقال: «الديمقراطية ليست وصفة جاهزة، بل تعد مساراً وطنياً يتطور وفقاً لإرادة الشعب وتطلعاته».

ويتضمن المشروع أحكاماً صارمة، تشمل تعليق المساعدات الموجهة للأجهزة الأمنية والعسكرية التونسية المرتبطة بما تعده واشنطن «قمعاً داخلياً أو انتهاكات لحقوق الإنسان»، وإعداد قائمة علنية خلال 180 يوماً تضم مسؤولين تونسيين يشتبه في «تورطهم بالفساد أو انتهاكات حقوق الإنسان»، مع فرض عقوبات مباشرة تشمل تجميد الأصول، ومنع دخول الأراضي الأميركية.


مقالات ذات صلة

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

شمال افريقيا أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة تطالب بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية، بسبب التلوث البيئي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أوروبا عنصر من الشرطة البريطانية (رويترز)

الشرطة البريطانية تتعهد باتخاذ تدابير حازمة بحق المتظاهرين الداعين إلى «الانتفاضة»

تنوي الشرطة في لندن ومانشستر اتخاذ تدابير حازمة بحق الأشخاص الذين يطلقون نداءات تحضّ على «الانتفاضة» خلال المظاهرات المؤيّدة للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي يتظاهرون لدعمه وسط العاصمة (إ.ب.أ)

أنصار الرئيس التونسي يتظاهرون لدعمه وسط انقسامات حادة

خرج أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد في شوارع العاصمة، الأربعاء، في مظاهرة لدعمه ورفض «التدخلات الخارجية».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من مظاهرات سابقة خرجت في طرابلس للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة 22 مايو الماضي (إ.ب.أ)

ليبيا: حراك شعبي في مصراتة يطالب بـ«إسقاط» حكومة الدبيبة

حضّ حراك شعبي جميع أطياف الليبيين على المشاركة في «اعتصام مفتوح في طرابلس للمطالبة بإسقاط حكومة الدبيبة بعيداً عن الحزبية والجِهوية والقبلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا احتجاج ضد سياسات الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ) play-circle

اشتباكات بين الشرطة التونسية وشبان في القيروان بعد وفاة رجل

قال شهود لوكالة «رويترز» إن اشتباكات اندلعت لليلة ثانية على التوالي، السبت، بين الشرطة التونسية وشبان غاضبين في مدينة القيروان، بعد وفاة رجل بسبب عنف الشرطة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.


«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق ما كشف تقرير جديد.

وقال «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق، التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غضباً دولياً بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء، واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي. وأكد «مختبر الأبحاث الإنسانية» أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً يتطابق مع رفات بشرية. وتتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، كما تتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في غضون شهر اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي، لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية. وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي، وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف. وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة، ويُقدر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».

وأمس الثلاثاء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية، ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب غربي السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان، منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، حسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، التي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملاً في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف مدني». مضيفاً أن المعتقلين «محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».