الذكاء الاصطناعي والنفط... تحالف المستقبل

محللون لـ«الشرق الأوسط»: «اقتصاد المعرفة» يتطلب طاقة هائلة... والبترول باقٍ

«مركز ذكاء العربية» أوّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)
«مركز ذكاء العربية» أوّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)
TT

الذكاء الاصطناعي والنفط... تحالف المستقبل

«مركز ذكاء العربية» أوّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)
«مركز ذكاء العربية» أوّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)

في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن قرب نهاية عصر النفط والطاقة التقليدية، تشير التطورات التكنولوجية الحديثة إلى واقع مختلف. ففي قلب الثورة الرقمية؛ من الذكاء الاصطناعي إلى العملات المشفرة، تبرز أنشطة اقتصادية جديدة تحتاج إلى مراكز بيانات لا يمكنها الاستغناء عن كميات هائلة من الطاقة تفوق عشرات أضعاف ما تستهلكه الأنشطة التقليدية، وهو ما يدعم موقف منتجي النفط بأن مصادر الطاقة الأحفورية ستبقى أساسية للمستقبل.

يتماشى هذا الواقع مع تصريحاتٍ أدلى بها سابقاً في هذا الإطار وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي أشار، في مناسبات عدة، إلى أن التوسع في الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات الضخمة التي تدعمه، سيؤدي إلى زيادة كبيرة في استهلاك الطاقة؛ وأنه رغم التوسع في مصادر الطاقة المتجددة، سيظل العالم بحاجة لكل جزء من الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز؛ لتلبية الطلب المتزايد الناتج عن هذه التقنيات. ويرى عبد العزيز بن سلمان أن الحديث عن التخلي عن النفط غير واقعي؛ لأن التقدم التكنولوجي، وعلى رأسه الذكاء الاصطناعي، يفرض طلباً متزايداً على الطاقة، وهذا الطلب لا يمكن تلبيته بالكامل من المصادر المتجددة وحدها.

أحد الزوار يجرب نظارات «ميتا» في مؤتمر «ليب» بالسعودية (الشرق الأوسط)

توضح الدراسات الحديثة أن عدداً من الأنشطة التكنولوجية الصاعدة تستهلك طاقة بكميات غير مسبوقة، منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي: تستهلك طاقة تعادل 20 ضِعف ما تستهلكه المراكز التقليدية. ويعود ذلك إلى الحاجة لطاقة هائلة لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة، وتخزين ومعالجة البيانات الضخمة، بالإضافة إلى متطلبات التبريد المستمر، وهو ما يستهلك طاقة إضافية وكبيرة جداً.
  • التعدين الرقمي للعملات المشفرة: تحتاج عمليات تعدين عملات، مثل البتكوين والإيثيريوم، إلى أجهزة متخصصة تعمل على مدار الساعة، ما يرفع استهلاك الطاقة بشكل كبير.
  • المركبات الكهربائية: ازدياد الطلب على محطات الشحن، خاصة الشحن فائق السرعة، يضع ضغطاً كبيراً على شبكات الكهرباء.
  • الروبوتات والأتمتة الصناعية: تعتمد خطوط الإنتاج الذكية على الطاقة بشكل مكثف.
  • الواقع الافتراضي والمعزّز: تتطلب تطبيقات مثل الألعاب والميتافيرس معالجات ورسوميات قوية، وكلها تستهلك طاقة عالية.

وفقاً لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، بلغ إجمالي استهلاك الطاقة الكهربائية عالمياً من مراكز البيانات 500 تيراوات/ساعة في عام 2023، وهو ما يزيد عن ضِعف متوسط ​​الاستهلاك المسجل خلال الفترة من 2015 إلى 2019. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات ليصل إلى 1500 تيراواط/ساعة على مستوى العالم، بحلول عام 2030، وهو ما يعادل إجمالي استهلاك الهند من الكهرباء، التي تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث استهلاك الطاقة.

كما أنه، وفقاً لتوقعاتٍ أوردتها شركة «ماكينزي»، في تقريرٍ نشره صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يتجاوز استهلاك الكهرباء الخاص بخوادم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة 600 تيراواط/ساعة، بحلول عام 2030. ويُسهم هذا الارتفاع في زيادة وتيرة إنشاء مراكز بيانات ضخمة لتخزين بيانات الحوسبة السحابية، ومعالجة استعلامات الذكاء الاصطناعي.

هذا الاستهلاك الهائل للطاقة يؤكد أن التخلي التام عن النفط والغاز ليس خياراً ممكناً على المدى القريب، بل قد يزيد الطلب على الطاقة بشكل عام.

صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

محللون: النفط باقٍ

يؤكد خبراء بقطاع الطاقة أن النفط ليس في طريقه إلى الزوال. فوفقاً لمستشار شؤون الطاقة، عبد العزيز المقبل، تستند قيادة السعودية أسواق النفط إلى أربع ركائز أساسية تتمثل في: تفعيل التعاون مع المنتجين من خلال منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، والعمل من خلال مظلة عمل مشترك وفعّال في أسواق النفط العالمية والمخزونات الكافية؛ وقراءة احتياجات السوق وتلبية ذلك بمرونة عالية بعيداً عن التأثيرات المعنوية أو مواقع المضاربات في أسواق الآجال؛ وتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال توفير إمدادات كافية لتحفيز النمو الاقتصادي العالمي بغض النظر عن التوترات الجيوسياسية والصراعات الإقليمية والحروب التجارية؛ وتحقيق أعلى المعايير مع ضمان وصول موارد الطاقة لأكبر عدد من المجتمعات بهدف دفع عجلة التنمية الدولية.

وأشار إلى أن هذه الركائز «جعلت أسواق النفط العالمية الأقل عرضة للتذبذبات السعرية، خلال السنوات الخمس الماضية، وحَمَت نمو الطلب بعيداً عن اختطاف المشهد العالمي إلى ما كان يسمى كارثة المناخ، واستخدام هذه العبارات الهيستيرية من أجل خدمة أجندات مغلوطة كفيلة بالتسبب في أزمة انقطاعات للطاقة، كما نشهد حالياً في مناطق متعددة عالمياً انصاعت لهذه الأجندات حتى أصبحت منظومة أمن الطاقة فيها رهينة سرديات لم تكن مبنية على دراسات علمية أو اقتصادية، وهاهي حالياً تهرول مسرعة إلى البحث عن مصادر نفطية لإنقاذ منظومة الطاقة وتحفيز نمو اقتصاداتها».

مدينة «نيوم» السعودية وقّعت العام الماضي اتفاقية بقيمة 5 مليارات دولار لبناء مركز بيانات للذكاء الاصطناعي (نيوم)

من جهته، يرى كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن الطلب على النفط سيستمر في النمو خلال العقود المقبلة، قائلاً: «غير صحيح أن النفط سينضب من جهة، أو أن الطلب عليه سيَضعف. هذه كلها إعلانات ودعايات من قِبل الغرب للتخلص من النفط، وكأنما العالم يقفل نافذة العولمة التي أطلقها قبل عقود»، مضيفاً أن سكان العالم في ازدياد، وبالتالي فإن الطلب على النفط يزداد في الفترة المقبلة، ولن تغني الطاقة المتجددة عن النفط والغاز، حيث إن الطاقة المتجددة تتركز أساساً في توليد الكهرباء وتحلية المياه وغيرها، لكنها لا تستطيع أن تصل بالشكل الكبير إلى قطاع النقل. وسيستمر هذا القطاع في الاعتماد على النفط بوصفه مصدراً رئيسياً».

وأشار الصبان إلى أن «البعض يحاول بشتى الوسائل استخدام مسألة تغير المناخ، رغم أننا جميعاً نعرف أن المناخ يتغير منذ ملايين السنين، حيث لم يكن هنالك نفط، وبالتالي هذه المقولة أصبح من الصعب الاعتماد عليها في تمرير موضوع التخلص من استهلاك النفط. ونجد أن بعض الدول الغربية بدأت تتجه عكس اتجاه مواجهة تغير المناخ كما يُذكر، وأصبحنا نرى زيادة في عمليات، وفي إنتاج النفط والغاز، وزيادة في الاعتماد على هذين المصدرين بشكل رئيسي. ونرى في الوقت نفسه أن الغرب يتناقض مع نفسه من حيث استمرار اعتماده على الفحم، رغم أن الفحم هو أشد خطراً من النفط والغاز، بل يقدم له إعانات. وهذا منطق غير مقبول وغير اقتصادي، ويؤدي حتماً إلى عدم تنافسية الفحم مع الغاز والنفط»، مشدداً على أنه يجب التخلص من هذا الاعتقاد الخاطئ والاعتماد على جميع مصادر الطاقة.

وأضاف أن «مسألة نضوب النفط غير صحيحة، ونرى بين الشهر والآخر زيادة في الاحتياطي العالمي من النفط، وتتزعم السعودية هذه الزيادات، سواء النفط أو الغاز، كما أن هنالك تطويراً متسارعاً لهذين المصدرين، وكل محاولات تخلص من النفط لن تكون مُجدية في الفترة المقبلة، وعلى الغرب أن يعي ذلك، كما نرى أن الولايات المتحدة تشجع وتدفع بالاستمرار في اكتشاف النفط والغاز، وكذلك بريطانيا تتجه لزيادة إنتاج النفط والغاز من بحر الشمال، وهذا بطبيعة الحال يشير إلى تراجع كبير في مسألة مواجهة تغير المناخ».

ولفت الصبان إلى أن السعودية اتجهت إلى أن تكون مصدراً ومنتجاً لمختلف مصادر الطاقة وتطوير مصادر الطاقة المختلفة؛ من نفط وغاز ومصادر متجددة؛ لأنها تعرف أن العالم يحتاج إلى كل هذه المصادر، والاعتماد الرئيسي سيكون على النفط والغاز في الفترة المقبلة. كما اتجهت إلى الطاقة النووية وطاقة الهيدروجين، وهي بذلك ترسل رسالة إلى العالم بأنها جاهزة لأي تغيير في مصادر الطاقة وبقدرتها على إنتاج جميع مصادر الطاقة المختلفة.


مقالات ذات صلة

«وول ستريت» ترتفع بعد تقرير التضخم الأميركي المشجع

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» ترتفع بعد تقرير التضخم الأميركي المشجع

ارتفعت الأسهم الأميركية يوم الخميس بعد صدور تقرير مُشجع بشأن التضخم، ما قد يتيح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من المرونة في خفض أسعار الفائدة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم البابا ليو الرابع عشر يخاطب الناس في ساحة القديس بطرس بمدينة الفاتيكان يوم 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

بابا الفاتيكان ينتقد توظيف الدين لتبرير العنف والنزعة القومية

انتقد البابا ليو الرابع عشر، بابا الفاتيكان، اليوم الخميس، الزعماء السياسيين الذين يستغلون المعتقدات الدينية لتبرير الصراعات أو السياسات القومية.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
الاقتصاد الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)

«سنتر3» و«هيوماين» تعلنان عن مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاواط في السعودية

أعلنت شركة «سنتر3» التابعة لمجموعة «إس تي سي» وشركة «هيوماين» إطلاق مشروع مشترك استراتيجي لبناء مراكز بيانات مخصصة للذكاء الاصطناعي في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم الذكاء الاصطناعي يتسوّق لك... و«فيزا» تضمن عدم تعرضك للاحتيال

الذكاء الاصطناعي يتسوّق لك... و«فيزا» تضمن عدم تعرضك للاحتيال

ضرورة وضع أُطر أمنية جديدة تتحقق من هوية كل من الإنسان ووكيل الذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا رودني بروكس

أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

شكوك في قدرة الروبوتات وفي سلامة استخدام الإنسان لها

تيم فيرنهولز (نيويورك)

«تيك توك» تقرر بيع وحدتها بأميركا لمستثمرين أميركيين

رجل يفتح تطبيق «تيك توك» على هاتفه المحمول في إسلام آباد باكستان (أرشيفية - أ.ب)
رجل يفتح تطبيق «تيك توك» على هاتفه المحمول في إسلام آباد باكستان (أرشيفية - أ.ب)
TT

«تيك توك» تقرر بيع وحدتها بأميركا لمستثمرين أميركيين

رجل يفتح تطبيق «تيك توك» على هاتفه المحمول في إسلام آباد باكستان (أرشيفية - أ.ب)
رجل يفتح تطبيق «تيك توك» على هاتفه المحمول في إسلام آباد باكستان (أرشيفية - أ.ب)

وقعت ​شركة «بايت دانس» المالكة لتطبيق «تيك توك» صفقة لبيع وحدتها في الولايات المتحدة لمشروع مشترك ‌يسيطر عليه ‌مستثمرون ‌أميركيون، وذلك ⁠وفقا ​لمذكرة ‌من الرئيس التنفيذي لتيك توك اطلعت عليها رويترز.

ومن المقرر إتمام الصفقة في 22 يناير (⁠كانون الثاني)، ما ‌سيمثل النهاية لسنوات من ‍الجهود ‍لإجبار الشركة الصينية ‍الأم بايت دانس على التخارج من أعمالها في الولايات المتحدة ​وسط مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

وأفادت شبكة بلومبيرغ وموقع أكسيوس نقلا عن مذكرة داخلية أن شو تشو، الرئيس التنفيذي لتيك توك، أبلغ موظفيه بأن شركة التواصل الاجتماعي ومالكته الصينية «بايت دانس» وافقتا على الكيان الجديد بمشاركة شركات «أوراكل» و«سيلفر ليك» و«إم.جي.إكس»، ومقرها أبوظبي، كمستثمرين رئيسيين.

ويعد لاري اليسون، مؤسس شركة أوراكل ورئيسها التنفيذي، من الحلفاء القدامي للرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأوضح تشو للموظفين أن «بايت دانس» ستحتفظ بنحو 20% من الكيان الجديد، وهي النسبة القصوى المسموح بها لشركة صينية بموجب القانون.

ويأتي هذا الترتيب في استجابة لقانون صدر في عهد الرئيس السابق جو بايدن يجبر شركة «بايت دانس» على بيع عمليات تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة أو مواجهة خطر حظره في أكبر أسواقه. وقد حذر مسؤولون أميركيون بمن فيهم ترمب نفسه خلال ولايته الأولى، من استخدام الصين لتيك توك في جمع بيانات الأميركيين أو ممارسة نفوذها من خلال خوارزميته المتطورة.

وقال تشو في المذكرة التي نقلتها بلومبيرغ «عند إتمام الصفقة، سيعمل المشروع المشترك الأميركي (...) ككيان مستقل تحت سلطة حماية البيانات الأميركية وأمن الخوارزميات ومراقبة المحتوى». وكان ترمب قد ذكر في سبتمبر (أيلول) اسم أليسون، رئيس شركة أوراكل وأحد أغنى رجال العالم، كمستثمر رئيسي في هذا الاتفاق.

وعاد اليسون إلى دائرة الضوء من خلال تعاملاته مع ترمب الذي رعى دخول صديقه القديم في شراكات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي مع شركة «أوبن آي». كما موّل إليسون استحواذ ابنه ديفيد مؤخرا على شركة «باراماونت»، ويخوض حاليا صراعا مع نتفليكس للاستحواذ على «وارنر براذرز».


مصر تُضيف 28 طائرة إلى أسطولها لمواكبة الانتعاشة السياحية

المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
TT

مصر تُضيف 28 طائرة إلى أسطولها لمواكبة الانتعاشة السياحية

المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير اجتذب عدداً كبيراً من السائحين (الشرق الأوسط)

أعلنت مصر عن تعزيز أسطولها الوطني في مجال الطيران المدني، عبر إضافة نحو 28 طائرة جديدة تابعة لشركة «مصر للطيران»، بدءاً من يناير (كانون الثاني) المقبل وعلى مدى عامين، لمواكبة الانتعاشة السياحية التي تشهدها البلاد، ولا سيما عقب افتتاح المتحف المصري الكبير مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأكد رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، أن مؤشرات التدفق السياحي هذا العام تُسجل أرقاماً مميزة، مشيراً إلى أن تقديرات الحكومة تتوقع ارتفاعات متتالية في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، في ظل الزخم الحالي، خصوصاً بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.

وأكّد مدبولي، خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة الاستشارية لتطوير السياحة المصرية، أنه يتم العمل مع وزارة الطيران المدني لتعزيز حجم الأسطول الوطني بإضافة نحو 28 طائرة جديدة تابعة لشركة «مصر للطيران» بدءاً من يناير المقبل ولمدة عامين، كما يتم العمل على تيسير دخول مختلف الشركات الخاصة للمطارات المصرية، وفق بيان لرئاسة مجلس الوزراء، الخميس.

وأشار إلى بدء طرح المطارات المصرية للإدارة والتشغيل بواسطة القطاع الخاص، مؤكداً العمل على زيادة سعات عدد من المطارات بما يُسهم في استيعاب الزيادة الحالية في أعداد الوافدين، إلى جانب تعزيز كفاءة الإدارة والتشغيل.

وتعمل مصر على تحسين تجربة السائحين بداية من دخولهم المطار حتى الخروج منه وعودتهم إلى بلادهم، بما يتضمنه ذلك من تيسير لإجراءات التأشيرة الاضطرارية والإلكترونية.

ووفق تصريحات مدبولي، فإن الحكومة تستهدف مُضاعفة حجم الغرف السياحية عن طريق المستثمرين السياحيين، ومبادرات الحكومة في هذا الشأن، ومنها القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء الخاص بتغيير النشاط السكنى إلى فندقي.

وقال رئيس الوزراء: «نعمل على تحسين تجربة السائح داخل مصر عند زيارته أي منطقة سياحية، والحكومة منفتحة على التعاون مع القطاع الخاص لإدارة المناطق السياحية وفق أعلى المعايير».

وشهدت مصر طفرة في أعداد السائحين خلال العام الحالي؛ حيث أشار وزير السياحة والآثار في تصريحات سابقة إلى تقديرات لعدد السائحين تصل إلى 18 مليون سائح، مقارنة بـ15.7 مليون خلال العام الماضي.

ويرى الخبير السياحي المصري، محمد كارم، أن «إضافة 28 طائرة لأسطول الطيران خطوة ذكية، وجاءت في توقيت مهم، فالدولة تتحرك بمنطق استباقي، لأنها تواكب الانتعاشة الحالية، وتتوقع مزيداً من السياحة الوافدة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «زيادة عدد الطائرات ستؤدي إلى ارتفاع عدد الرحلات، وقد تُفتح خطوط جديدة، وهو ما يسهم في تشجيع السياحة الوافدة من مناطق مثل شرق آسيا وأميركا اللاتينية وأسواق سياحية جديدة، كما يُعزز تنشيط الطيران (الشارتر) ويحسن تجربة السائح، خصوصاً مع ربط الرحلات بالمقاصد السياحية».

وأشار إلى أن أي تحسين في التجربة السياحية يوجه رسالة للمستثمرين والأسواق الخارجية لتأكيد النمو السياحي في مصر، ما يُشجع الاستثمار في البنية التحتية، والغرف الفندقية، ويسهم في زيادة أعداد السائحين.


لاغارد: قرارات الفائدة ستُبنى على البيانات دون التزام بمسار مسبق

كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

لاغارد: قرارات الفائدة ستُبنى على البيانات دون التزام بمسار مسبق

كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)
كريستين لاغارد تعلن موقف البنك المركزي الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في فرانكفورت 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن تقييمات البنك تؤكد أن التضخم يُتوقع أن يستقر عند هدف البنك البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، مشددة على قرار إبقاء أسعار الفائدة الرئيسية الثلاث دون أي تغيير. وأضافت: «نحن عازمون على ضمان استقرار التضخم عند هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط. وسنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويُقيّم كل اجتماع على حدة لتحديد السياسة النقدية الملائمة. وستُبنى قراراتنا بشأن أسعار الفائدة على تقييمنا لتوقعات التضخم والمخاطر المحيطة به، مع مراعاة البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، فضلاً عن ديناميكيات التضخم الأساسي وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار محدد لأسعار الفائدة».

وتشير توقعات موظفي البنك الأوروبي الجديد إلى أن معدل التضخم العام سيبلغ في المتوسط 2.1 في المائة في 2025، و1.9 في المائة في 2026، و1.8 في المائة في 2027، و2 في المائة في 2028. أما التضخم باستثناء الطاقة والغذاء فيتوقع أن يسجل 2.4 في المائة في 2025، و2.2 في المائة في 2026، و1.9 في المائة في 2027، و2 في المائة في 2028. وقد تم رفع توقعات التضخم لعام 2026 بسبب توقع تباطؤ انخفاض التضخم في قطاع الخدمات بشكل أبطأ من السابق. كما يُتوقع أن يكون النمو الاقتصادي أقوى مقارنة بتوقعات سبتمبر (أيلول)، مدفوعاً بشكل رئيسي بالطلب المحلي. وتشير التوقعات إلى نمو بنسبة 1.4 في المائة في 2025، و1.2 في المائة في 2026، و1.4 في المائة في 2027، ومن المتوقع أن يظل عند 1.4 في المائة في 2028.

النشاط الاقتصادي

أظهر الاقتصاد مرونة واضحة، حيث نما بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثالث، مدعوماً بالإنفاق الاستهلاكي والاستثمار الأقوى. كما ارتفعت الصادرات، مع مساهمة كبيرة من قطاع الكيماويات. واستمر النمو بقيادة قطاع الخدمات، خصوصاً المعلومات والاتصالات، بينما ظل النشاط الصناعي والبناء مستقراً. من المتوقع أن يستمر هذا النمط في المدى القريب.

ويستفيد الاقتصاد من سوق عمل قوية، حيث بلغ معدل البطالة 6.4 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو قريب من أدنى مستوياته التاريخية، ونما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة في الربع الثالث. في الوقت نفسه، تراجع الطلب على العمالة أكثر، مع وصول معدل الوظائف الشاغرة إلى أدنى مستوياته منذ الجائحة.

وتشير توقعات الموظفين إلى أن الطلب المحلي سيكون المحرك الرئيس للنمو في السنوات المقبلة. ومن المتوقع ارتفاع الدخل الحقيقي تدريجياً، وانخفاض معدل الادخار من مستواه المرتفع، ما سيدعم الاستهلاك. كما من المتوقع أن يزداد دعم الاقتصاد من استثمارات الشركات والإنفاق الحكومي الكبير على البنية التحتية والدفاع. ومع ذلك، من المرجح أن تظل بيئة التجارة العالمية الصعبة عاملاً عائقاً للنمو في منطقة اليورو هذا العام والعام المقبل.

وأشارت لاغارد إلى أن المجلس التنفيذي يؤكد على الحاجة الملحة لتعزيز منطقة اليورو واقتصادها في ظل السياق الجيوسياسي الحالي. وقالت: «نرحب بدعوة المفوضية الأوروبية للحكومات لإعطاء الأولوية للمالية العامة المستدامة، والاستثمار الاستراتيجي، والإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو. ومن الضروري استغلال الإمكانات الكاملة للسوق الموحدة وتعزيز تكامل أسواق رأس المال بسرعة، بما في ذلك إتمام اتحاد الادخار والاستثمار واتحاد البنوك، واعتماد تنظيم اليورو الرقمي بشكل عاجل».

تقييم المخاطر

على الرغم من تخفيف التوترات التجارية، فإن البيئة الدولية المتقلبة قد تعطل سلاسل التوريد، وتضعف الصادرات والاستهلاك والاستثمار. كما يمكن أن يؤدي تدهور ثقة الأسواق المالية العالمية إلى تشديد شروط التمويل وزيادة المخاطر وضعف النمو. تظل التوترات الجيوسياسية، خصوصاً الحرب الروسية ضد أوكرانيا، مصدراً رئيسياً للغموض.

من جهة أخرى، قد يدفع الإنفاق المخطط للبنية التحتية والدفاع، إلى جانب الإصلاحات الإنتاجية، النمو أعلى من المتوقع، وقد يحفز تحسن الثقة الإنفاق الخاص.

وبحسب لاغارد، تظل توقعات التضخم أكثر غموضاً من المعتاد بسبب البيئة الدولية المتقلبة. فقد يكون التضخم أقل إذا قل الطلب على الصادرات الأوروبية نتيجة الرسوم الجمركية الأميركية أو زيادة صادرات الدول ذات الطاقة الإنتاجية الزائدة إلى منطقة اليورو. وقد يؤدي ارتفاع اليورو إلى خفض التضخم أكثر من المتوقع. في المقابل، قد يكون التضخم أعلى إذا تسببت سلاسل التوريد المقطوعة في زيادة أسعار الواردات أو قيود الطاقة الإنتاجية في منطقة اليورو، أو إذا تباطأ انخفاض الضغوط على الأجور.

كما قد يؤدي زيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، أو الأحداث المناخية القصوى، إلى رفع التضخم الغذائي أكثر من المتوقع.