الذكاء الاصطناعي والنفط... تحالف المستقبل

محللون لـ«الشرق الأوسط»: «اقتصاد المعرفة» يتطلب طاقة هائلة... والبترول باقٍ

«مركز ذكاء العربية» أوّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)
«مركز ذكاء العربية» أوّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)
TT

الذكاء الاصطناعي والنفط... تحالف المستقبل

«مركز ذكاء العربية» أوّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)
«مركز ذكاء العربية» أوّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)

في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن قرب نهاية عصر النفط والطاقة التقليدية، تشير التطورات التكنولوجية الحديثة إلى واقع مختلف. ففي قلب الثورة الرقمية؛ من الذكاء الاصطناعي إلى العملات المشفرة، تبرز أنشطة اقتصادية جديدة تحتاج إلى مراكز بيانات لا يمكنها الاستغناء عن كميات هائلة من الطاقة تفوق عشرات أضعاف ما تستهلكه الأنشطة التقليدية، وهو ما يدعم موقف منتجي النفط بأن مصادر الطاقة الأحفورية ستبقى أساسية للمستقبل.

يتماشى هذا الواقع مع تصريحاتٍ أدلى بها سابقاً في هذا الإطار وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي أشار، في مناسبات عدة، إلى أن التوسع في الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات الضخمة التي تدعمه، سيؤدي إلى زيادة كبيرة في استهلاك الطاقة؛ وأنه رغم التوسع في مصادر الطاقة المتجددة، سيظل العالم بحاجة لكل جزء من الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز؛ لتلبية الطلب المتزايد الناتج عن هذه التقنيات. ويرى عبد العزيز بن سلمان أن الحديث عن التخلي عن النفط غير واقعي؛ لأن التقدم التكنولوجي، وعلى رأسه الذكاء الاصطناعي، يفرض طلباً متزايداً على الطاقة، وهذا الطلب لا يمكن تلبيته بالكامل من المصادر المتجددة وحدها.

أحد الزوار يجرب نظارات «ميتا» في مؤتمر «ليب» بالسعودية (الشرق الأوسط)

توضح الدراسات الحديثة أن عدداً من الأنشطة التكنولوجية الصاعدة تستهلك طاقة بكميات غير مسبوقة، منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي: تستهلك طاقة تعادل 20 ضِعف ما تستهلكه المراكز التقليدية. ويعود ذلك إلى الحاجة لطاقة هائلة لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة، وتخزين ومعالجة البيانات الضخمة، بالإضافة إلى متطلبات التبريد المستمر، وهو ما يستهلك طاقة إضافية وكبيرة جداً.
  • التعدين الرقمي للعملات المشفرة: تحتاج عمليات تعدين عملات، مثل البتكوين والإيثيريوم، إلى أجهزة متخصصة تعمل على مدار الساعة، ما يرفع استهلاك الطاقة بشكل كبير.
  • المركبات الكهربائية: ازدياد الطلب على محطات الشحن، خاصة الشحن فائق السرعة، يضع ضغطاً كبيراً على شبكات الكهرباء.
  • الروبوتات والأتمتة الصناعية: تعتمد خطوط الإنتاج الذكية على الطاقة بشكل مكثف.
  • الواقع الافتراضي والمعزّز: تتطلب تطبيقات مثل الألعاب والميتافيرس معالجات ورسوميات قوية، وكلها تستهلك طاقة عالية.

وفقاً لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، بلغ إجمالي استهلاك الطاقة الكهربائية عالمياً من مراكز البيانات 500 تيراوات/ساعة في عام 2023، وهو ما يزيد عن ضِعف متوسط ​​الاستهلاك المسجل خلال الفترة من 2015 إلى 2019. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات ليصل إلى 1500 تيراواط/ساعة على مستوى العالم، بحلول عام 2030، وهو ما يعادل إجمالي استهلاك الهند من الكهرباء، التي تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث استهلاك الطاقة.

كما أنه، وفقاً لتوقعاتٍ أوردتها شركة «ماكينزي»، في تقريرٍ نشره صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يتجاوز استهلاك الكهرباء الخاص بخوادم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة 600 تيراواط/ساعة، بحلول عام 2030. ويُسهم هذا الارتفاع في زيادة وتيرة إنشاء مراكز بيانات ضخمة لتخزين بيانات الحوسبة السحابية، ومعالجة استعلامات الذكاء الاصطناعي.

هذا الاستهلاك الهائل للطاقة يؤكد أن التخلي التام عن النفط والغاز ليس خياراً ممكناً على المدى القريب، بل قد يزيد الطلب على الطاقة بشكل عام.

صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

محللون: النفط باقٍ

يؤكد خبراء بقطاع الطاقة أن النفط ليس في طريقه إلى الزوال. فوفقاً لمستشار شؤون الطاقة، عبد العزيز المقبل، تستند قيادة السعودية أسواق النفط إلى أربع ركائز أساسية تتمثل في: تفعيل التعاون مع المنتجين من خلال منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، والعمل من خلال مظلة عمل مشترك وفعّال في أسواق النفط العالمية والمخزونات الكافية؛ وقراءة احتياجات السوق وتلبية ذلك بمرونة عالية بعيداً عن التأثيرات المعنوية أو مواقع المضاربات في أسواق الآجال؛ وتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال توفير إمدادات كافية لتحفيز النمو الاقتصادي العالمي بغض النظر عن التوترات الجيوسياسية والصراعات الإقليمية والحروب التجارية؛ وتحقيق أعلى المعايير مع ضمان وصول موارد الطاقة لأكبر عدد من المجتمعات بهدف دفع عجلة التنمية الدولية.

وأشار إلى أن هذه الركائز «جعلت أسواق النفط العالمية الأقل عرضة للتذبذبات السعرية، خلال السنوات الخمس الماضية، وحَمَت نمو الطلب بعيداً عن اختطاف المشهد العالمي إلى ما كان يسمى كارثة المناخ، واستخدام هذه العبارات الهيستيرية من أجل خدمة أجندات مغلوطة كفيلة بالتسبب في أزمة انقطاعات للطاقة، كما نشهد حالياً في مناطق متعددة عالمياً انصاعت لهذه الأجندات حتى أصبحت منظومة أمن الطاقة فيها رهينة سرديات لم تكن مبنية على دراسات علمية أو اقتصادية، وهاهي حالياً تهرول مسرعة إلى البحث عن مصادر نفطية لإنقاذ منظومة الطاقة وتحفيز نمو اقتصاداتها».

مدينة «نيوم» السعودية وقّعت العام الماضي اتفاقية بقيمة 5 مليارات دولار لبناء مركز بيانات للذكاء الاصطناعي (نيوم)

من جهته، يرى كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن الطلب على النفط سيستمر في النمو خلال العقود المقبلة، قائلاً: «غير صحيح أن النفط سينضب من جهة، أو أن الطلب عليه سيَضعف. هذه كلها إعلانات ودعايات من قِبل الغرب للتخلص من النفط، وكأنما العالم يقفل نافذة العولمة التي أطلقها قبل عقود»، مضيفاً أن سكان العالم في ازدياد، وبالتالي فإن الطلب على النفط يزداد في الفترة المقبلة، ولن تغني الطاقة المتجددة عن النفط والغاز، حيث إن الطاقة المتجددة تتركز أساساً في توليد الكهرباء وتحلية المياه وغيرها، لكنها لا تستطيع أن تصل بالشكل الكبير إلى قطاع النقل. وسيستمر هذا القطاع في الاعتماد على النفط بوصفه مصدراً رئيسياً».

وأشار الصبان إلى أن «البعض يحاول بشتى الوسائل استخدام مسألة تغير المناخ، رغم أننا جميعاً نعرف أن المناخ يتغير منذ ملايين السنين، حيث لم يكن هنالك نفط، وبالتالي هذه المقولة أصبح من الصعب الاعتماد عليها في تمرير موضوع التخلص من استهلاك النفط. ونجد أن بعض الدول الغربية بدأت تتجه عكس اتجاه مواجهة تغير المناخ كما يُذكر، وأصبحنا نرى زيادة في عمليات، وفي إنتاج النفط والغاز، وزيادة في الاعتماد على هذين المصدرين بشكل رئيسي. ونرى في الوقت نفسه أن الغرب يتناقض مع نفسه من حيث استمرار اعتماده على الفحم، رغم أن الفحم هو أشد خطراً من النفط والغاز، بل يقدم له إعانات. وهذا منطق غير مقبول وغير اقتصادي، ويؤدي حتماً إلى عدم تنافسية الفحم مع الغاز والنفط»، مشدداً على أنه يجب التخلص من هذا الاعتقاد الخاطئ والاعتماد على جميع مصادر الطاقة.

وأضاف أن «مسألة نضوب النفط غير صحيحة، ونرى بين الشهر والآخر زيادة في الاحتياطي العالمي من النفط، وتتزعم السعودية هذه الزيادات، سواء النفط أو الغاز، كما أن هنالك تطويراً متسارعاً لهذين المصدرين، وكل محاولات تخلص من النفط لن تكون مُجدية في الفترة المقبلة، وعلى الغرب أن يعي ذلك، كما نرى أن الولايات المتحدة تشجع وتدفع بالاستمرار في اكتشاف النفط والغاز، وكذلك بريطانيا تتجه لزيادة إنتاج النفط والغاز من بحر الشمال، وهذا بطبيعة الحال يشير إلى تراجع كبير في مسألة مواجهة تغير المناخ».

ولفت الصبان إلى أن السعودية اتجهت إلى أن تكون مصدراً ومنتجاً لمختلف مصادر الطاقة وتطوير مصادر الطاقة المختلفة؛ من نفط وغاز ومصادر متجددة؛ لأنها تعرف أن العالم يحتاج إلى كل هذه المصادر، والاعتماد الرئيسي سيكون على النفط والغاز في الفترة المقبلة. كما اتجهت إلى الطاقة النووية وطاقة الهيدروجين، وهي بذلك ترسل رسالة إلى العالم بأنها جاهزة لأي تغيير في مصادر الطاقة وبقدرتها على إنتاج جميع مصادر الطاقة المختلفة.


مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان ينتقد توظيف الدين لتبرير العنف والنزعة القومية

العالم البابا ليو الرابع عشر يخاطب الناس في ساحة القديس بطرس بمدينة الفاتيكان يوم 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

بابا الفاتيكان ينتقد توظيف الدين لتبرير العنف والنزعة القومية

انتقد البابا ليو الرابع عشر، بابا الفاتيكان، اليوم الخميس، الزعماء السياسيين الذين يستغلون المعتقدات الدينية لتبرير الصراعات أو السياسات القومية.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
الاقتصاد الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)

«سنتر3» و«هيوماين» تعلنان عن مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاواط في السعودية

أعلنت شركة «سنتر3» التابعة لمجموعة «إس تي سي» وشركة «هيوماين» إطلاق مشروع مشترك استراتيجي لبناء مراكز بيانات مخصصة للذكاء الاصطناعي في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم الذكاء الاصطناعي يتسوّق لك... و«فيزا» تضمن عدم تعرضك للاحتيال

الذكاء الاصطناعي يتسوّق لك... و«فيزا» تضمن عدم تعرضك للاحتيال

ضرورة وضع أُطر أمنية جديدة تتحقق من هوية كل من الإنسان ووكيل الذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا رودني بروكس

أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

شكوك في قدرة الروبوتات وفي سلامة استخدام الإنسان لها

تيم فيرنهولز (نيويورك)
الاقتصاد متعاملو العملات يراقبون مؤشر «كوسبي» في غرفة تداول بنك هانا بسيول (أ.ب)

اهتزاز الثقة بقطاع الذكاء الاصطناعي يضغط على أسواق آسيا

تراجعت الأسهم الآسيوية يوم الخميس متأثرةً بخسائر «وول ستريت»، بعدما أدت مخاوف متزايدة بشأن قطاع الذكاء الاصطناعي إلى ضغوط حادة على أسهم شركات التكنولوجيا.


تباطؤ غير متوقع للتضخم الأميركي في نوفمبر

متسوقون في السوق الشرقية في كابيتول هيل بواشنطن العاصمة (رويترز)
متسوقون في السوق الشرقية في كابيتول هيل بواشنطن العاصمة (رويترز)
TT

تباطؤ غير متوقع للتضخم الأميركي في نوفمبر

متسوقون في السوق الشرقية في كابيتول هيل بواشنطن العاصمة (رويترز)
متسوقون في السوق الشرقية في كابيتول هيل بواشنطن العاصمة (رويترز)

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بوتيرة أقل من المتوقع خلال العام المنتهي في نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا أن هذا التباطؤ يُرجح أن يكون لأسباب فنية، فيما لا يزال الأميركيون يواجهون تحديات كبيرة في القدرة على تحمل التكاليف يُعزى جزء منها إلى الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات.

وأفاد مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل الأميركية، الخميس، بأن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 2.7 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر، في حين كان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا ارتفاع المؤشر بنسبة 3.1 في المائة.

ولم ينشر مكتب إحصاءات العمل التغيّرات الشهرية لمؤشر أسعار المستهلكين بعد أن حال إغلاق الحكومة، الذي استمر 43 يوماً، دون جمع بيانات أكتوبر (تشرين الأول)، ما أدّى إلى إلغاء تقرير الشهر نفسه لعدم إمكانية استرجاع البيانات بأثر رجعي. كما أثر هذا الإغلاق الطويل على بيانات سوق العمل، إذ لم تُعلن الحكومة عن معدل البطالة لشهر أكتوبر للمرة الأولى على الإطلاق.

يُذكر أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 3 في المائة خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في سبتمبر (أيلول).

وأوضحت وكالة الإحصاء أنها «لا تستطيع تقديم إرشادات محددة لمستخدمي البيانات حول كيفية التعامل مع بيانات أكتوبر المفقودة»، ونصح الاقتصاديون بمراجعة المؤشر السنوي أو على أساس تغييرات كل شهرين.

وعلى الصعيد السياسي، تذبذب موقف الرئيس ترمب، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية لعام 2024، بوعود بكبح التضخم، بين التقليل من شأن مشكلات القدرة على تحمل التكاليف ووصفها بالخدعة، وإلقاء اللوم على الرئيس السابق جو بايدن، مع وعد بأن الأميركيين سيستفيدون من سياساته الاقتصادية في العام المقبل.

وسجّل مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني الغذاء والطاقة، ارتفاعاً بنسبة 2.6 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر، بعد أن بلغ 3 في المائة في سبتمبر.

ويتتبع «الاحتياطي الفيدرالي» مؤشرات أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي لتحقيق هدفه التضخمي البالغ 2 في المائة. وتُحسب هذه المؤشرات من بعض مكونات مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين.

وقد أُلغي تقرير مؤشر أسعار المنتجين لشهر أكتوبر، على أن يصدر تقرير نوفمبر منتصف يناير (كانون الثاني)، ولم تحدد الحكومة بعد موعداً جديداً لإصدار بيانات أسعار نفقات الاستهلاك لشهر نوفمبر، فيما كانت مؤشرات أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي قد تجاوزت الهدف بشكل كبير في سبتمبر.

وقد خفّض مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الأسبوع الماضي سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى نطاق يتراوح بين 3.50 في المائة و3.75 في المائة، مع تأكيد أن مزيداً من التخفيضات في تكاليف الاقتراض غير مرجح على المدى القريب، في انتظار وضوح اتجاه سوق العمل والتضخم.

وصرح رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، للصحافيين قائلاً: «الرسوم الجمركية هي السبب الرئيسي وراء تجاوز التضخم للهدف».

وأشار خبراء الاقتصاد إلى أن المستهلكين قد يحتاجون إلى بعض الوقت لملاحظة انخفاض الأسعار نتيجة تراجع البيت الأبيض عن الرسوم الجمركية على بعض السلع، بما في ذلك لحوم البقر والموز والقهوة.


انخفاض طلبات إعانة البطالة الأسبوعية في أميركا

لافتة «للتوظيف» معلّقة على نافذة أحد مطاعم تشيبوتلي بمدينة نيويورك (رويترز)
لافتة «للتوظيف» معلّقة على نافذة أحد مطاعم تشيبوتلي بمدينة نيويورك (رويترز)
TT

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأسبوعية في أميركا

لافتة «للتوظيف» معلّقة على نافذة أحد مطاعم تشيبوتلي بمدينة نيويورك (رويترز)
لافتة «للتوظيف» معلّقة على نافذة أحد مطاعم تشيبوتلي بمدينة نيويورك (رويترز)

انخفضت طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، في حين استمرت التقلبات الموسمية، مما يعكس استقراراً نسبياً في سوق العمل خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وأعلنت وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، أن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية تراجعت بمقدار 13 ألف طلب، لتصل إلى 224 ألف طلب بعد التعديل الموسمي للأسبوع المنتهي في 13 ديسمبر. وكانت توقعات خبراء الاقتصاد، وفق استطلاع «رويترز»، تشير إلى 225 ألف طلب.

وشهدت الطلبات تقلبات، خلال الأسابيع الأخيرة، متأثرة بصعوبة تعديل البيانات خلال عطلة عيد الشكر. ويشير هذا التراجع إلى أن أصحاب العمل لم يوسعوا التوظيف بشكل كبير، لكنهم لم يلجأوا أيضاً إلى تسريحات جماعية.

وأشار خبراء الاقتصاد إلى أن التعريفات الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب أحدثت صدمة غير متوقعة للشركات، التي استجابت بتقليص عدد موظفيها جزئياً.

وأظهر استطلاعٌ، أجرته فروع «الاحتياطي الفيدرالي» في ريتشموند وأتلانتا بالتعاون مع كلية فوكوا للأعمال بجامعة ديوك، وشمل 548 مديراً مالياً من شركات متنوعة الحجم، أن الرسوم الجمركية لا تزال تشكل مصدر قلق كبير للشركات.

وتغطي بيانات طلبات إعانة البطالة الفترة التي أُجري خلالها استطلاع الشركات لبيانات الوظائف غير الزراعية، ضمن تقرير التوظيف لشهر ديسمبر. وأفاد مكتب إحصاءات العمل، يوم الثلاثاء، بزيادة الوظائف غير الزراعية بمقدار 64 ألف وظيفة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومن المتوقع صدور تقرير ديسمبر في موعده المقرر في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ورغم أن معدل البطالة ارتفع إلى 4.6 في المائة خلال نوفمبر، وهو الأعلى منذ سبتمبر (أيلول) 2021، لكن هذا الرقم تأثّر بعوامل فنية مرتبطة بإغلاق الحكومة الذي استمر 43 يوماً، ما حالَ دون نشر بيانات معدل البطالة لشهر أكتوبر (تشرين الأول). وقد أوقف هذا الإغلاق الأطول في تاريخ الولايات المتحدة جمع البيانات اللازمة من الأُسر لحساب معدل البطالة.

وفي الوقت نفسه، خفض صنّاع السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي، سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق يتراوح بين 3.50 في المائة و3.75 في المائة، مع الإشارة إلى توقف مؤقت عن خفض أسعار الفائدة لحين وضوح مؤشرات سوق العمل والتضخم.

ويؤدي ضعف التوظيف إلى استمرار بعض العاطلين في البطالة لفترات أطول. وأظهر تقرير طلبات إعانة البطالة ارتفاع عدد الأشخاص الذين يتلقّون إعانات بعد أسبوع من صرفها، وهو مؤشر على حالة التوظيف، بمقدار 67 ألف شخص ليصل إلى 1.897 مليون، بعد التعديل الموسمي للأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر.


عمان والهند توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة

السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند خلال توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (العمانية)
السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند خلال توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (العمانية)
TT

عمان والهند توقعان اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة

السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند خلال توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (العمانية)
السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند خلال توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (العمانية)

وقّعت عمان والهند اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار الثنائيين، في خطوة تعكس سعي نيودلهي إلى توسيع علاقاتها في الشرق الأوسط، وتنويع أسواق صادراتها لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة.

وحسب «وكالة الأنباء العُمانية»، شهد حفل توقيع الاتفاقية كلٌّ من السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، وناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند؛ حيث جرى توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والهند في قصر البركة العامر بمسقط، على هامش زيارة رئيس الوزراء الهندي.

وقالت وزارة التجارة الهندية في بيان إن سلطنة عُمان منحت الهند إعفاءات جمركية على أكثر من 98 في المائة من بنودها الجمركية، بما يغطي تقريباً جميع الصادرات الهندية، بما في ذلك الأحجار الكريمة والمجوهرات، والمنسوجات، والأدوية، والسيارات، وفق «رويترز».

وفي المقابل، ستخفض الهند الرسوم الجمركية على نحو 78 في المائة من بنودها الجمركية، ما يشمل قرابة 95 في المائة من وارداتها من سلطنة عُمان من حيث القيمة، ويبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين أكثر من 10 مليارات دولار.

وتكتسب هذه العلاقة أهمية استراتيجية لنيودلهي، إذ تُعدّ عُمان بوابة رئيسية إلى مضيق هرمز، الممر البحري الضيق بين عُمان وإيران الذي يُعد نقطة عبور حيوية لشحنات النفط العالمية.

وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في خطاب ألقاه في عُمان: «ستُرسي هذه الاتفاقية وتيرة جديدة لتجارتنا، وتُعزز الثقة باستثماراتنا، وتفتح آفاقاً واسعة لفرص جديدة في قطاعات متعددة».

وتُعد هذه الاتفاقية ثاني اتفاق تجاري ثنائي للهند هذا العام بعد اتفاقها مع المملكة المتحدة، وتأتي في وقت يسعى فيه المصدّرون الهنود إلى اختراق أسواق جديدة، في ظل تشديد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتُعد هذه الاتفاقية أول اتفاقية تجارية ثنائية لسلطنة عُمان منذ توقيعها اتفاقاً مماثلاً مع الولايات المتحدة في عام 2006.

وفي أعقاب تعثر المفاوضات، ضاعف ترمب الرسوم الجمركية على السلع الهندية إلى 50 في المائة في أواخر أغسطس (آب)، وهي الأعلى عالمياً، بما في ذلك رسوم إضافية بنسبة 25 في المائة ردّاً على شراء الهند النفط الروسي.

وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية لم تتمكن نيودلهي من إبرام اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي هذا العام، كما كان مخططاً له.

وقال أجاي سريفاستافا، مؤسس مبادرة أبحاث التجارة العالمية، إن الاتفاق «لا يقتصر على تخفيض الرسوم الجمركية فحسب، بل يحمل أبعاداً جيوسياسية تتعلق بتعزيز الحضور الإقليمي للهند».

من جانبه، قال كيريت بهانسالي، رئيس مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات، إن الاتفاقية ستدعم صادرات القطاع، التي قد ترتفع من 35 مليون دولار إلى نحو 150 مليون دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وأشار البيان إلى أن بعض السلع الحساسة، مثل منتجات الألبان والشاي والقهوة والمطاط والتبغ، استُثنيت من الاتفاق. كما أوضح أن الاتفاقية تفتح آفاقاً جديدة أمام الهند في سوق استيراد الخدمات في سلطنة عُمان، البالغة قيمته 12.5 مليار دولار؛ حيث لا تتجاوز حصة الهند الحالية 5.3 في المائة.