خمس مراحل لجمع السلاح في لبنان لاستيعاب التأزّم الداخلي

عودة الاعتبار للحوار وتلازم الخطوات

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام لحظة وصوله إلى القصر الجمهوري للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام لحظة وصوله إلى القصر الجمهوري للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء الجمعة (أ.ف.ب)
TT

خمس مراحل لجمع السلاح في لبنان لاستيعاب التأزّم الداخلي

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام لحظة وصوله إلى القصر الجمهوري للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام لحظة وصوله إلى القصر الجمهوري للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء الجمعة (أ.ف.ب)

ينشغل السفراء العرب والأجانب المعتمدون لدى لبنان في مواكبتهم لتنفيذ الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، لتمكينها من بسط سلطتها على جميع أراضيها، وقوبلت بترحيب من مجلس الوزراء، وبتأييد من القوى السياسية مجتمعة؛ كونها أخرجت البلد من التأزُّم، وقطعت الطريق على العودة به إلى المربع الأول، وأن المعنيين يترقبون رد فعل المجتمع الدولي، وكيف سيتعاطى مع تطبيقها على 5 مراحل، تبدأ الأولى في جنوب الليطاني لاستكمال انتشار الجيش، بمؤازرة قوة الطوارئ الدولية الموقتة (يونيفيل)، حتى الحدود الدولية.

يأتي ترحيب مجلس الوزراء بالخطة التي ينظر إليها سفير دولة أوروبية (فضّل عدم ذكر اسمه) على أنها أفضل الممكن، وجاءت نتيجة للاتصالات التي قام بها رئيس الجمهورية جوزيف عون مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نواف سلام.

مجلس الوزراء اللبناني مجتمعاً الجمعة برئاسة الرئيس جوزيف عون (رويترز)

لذلك، تعاوَنَ عون مع الرئيس سلام لتحييد المداولات عن التأزم بانسحاب الوزراء الشيعة، بينما يساور القلق الشارع من تفلُّت الوضع؛ ما أفسح المجال للاستماع إلى شروحات قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، للخطة التي وضعتها القيادة لبسط سلطة الدولة على أراضيها، ولم يُدخل عليها تعديلات، ما عدا التوافق مع سلام، كما علمت «الشرق الأوسط»، على أن تقدّم القيادة تقريراً شهرياً إلى مجلس الوزراء حول سير تطبيقها للخطة.

صيغة عشية الجلسة

وفي هذا السياق، تأكَّد أنه تم التوصل إلى صيغة على الطريقة اللبنانية، عشية انعقاد الجلسة، وكانت وراء إخراجها من التأزُّم، وفتحت الباب للتوافق عليها، حتى بعد انسحاب الوزراء الشيعة منها، وأن «طَبْخها» جاء تتويجاً لاتصالات كان محورها عون، بتواصله مع بري وسلام الذي أبدى كلَّ مرونة وتفهّم لموقف الثنائي الشيعي، رغم حملات «التخوين» التي استهدفته من «حزب الله».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر وزاري أن تواصل عون ببري وسلام كان وراء إطلاق الضوء الأخضر لتحرّك نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، والفريق الاستشاري لرئيس الجمهورية، نحو بري، الذي وافق على التسوية التي توصل إليها مجلس الوزراء، فيما كان معاونه السياسي، النائب علي حسن خليل، على تشاور دائم مع قيادة الحزب التي أوكلت لحليفها، رئيس المجلس، مهمة التفاوض بالإنابة عنها، مؤكدةً تأييدها لكل ما يتم التوافق عليه بين الرؤساء.

بري يرفض تحريك الشارع

وأكد المصدر أن بري كان قاطعاً، برفضه تحريك الشارع من قبل الحزب، ولفت إلى أن الترحيب بالخطة جاء معطوفاً على تكليف قيادة الجيش بوضعها، وقال إن عدم تحديد جدول زمني لتطبيقها أمر طبيعي خاضع لتوفير الإمكانات المالية واللوجستية، من عتاد وعدد للمؤسسة العسكرية، وهذا ما دفع بالثنائي إلى سحب تحفُّظِه على الخطة، على أن تتوازى مع الطلب من واشنطن بالضغط على تل أبيب لضمان انسحابها، ما يتيح للقيادة بأن تخفّض من وحداتها العسكرية المنتشرة في جنوب الليطاني، لنشرها في مناطق أخرى، من أجل تنفيذ المراحل المتبقية لحصرية السلاح.

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستمع إلى نائب رئيس الحكومة طارق متري خلال اجتماع مجلس الوزراء (أ.ب)

وتوقف أمام البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء، بتمييزه بين موافقة لبنان على الأهداف الواردة في الورقة الأميركية - اللبنانية التي أعدها السفير توم براك، وتحفُّظه على ما تبقى فيها من أفكار، لأنه لا خيار أمام الحكومة سوى تأييدها، كونها تصبّ في خانة بسط سلطة الدولة على أراضيها لتطبيق القرار «1701»، وأن تحفُّظه عليها نابع من عدم إيفاء واشنطن بالتزامها، بالضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب، تطبيقاً للتلازم بين الخطوات.

التلازم بين الخطوات

وتوقَّع أن تتيح الفترة الزمنية، التي حددتها قيادة الجيش لاحتواء السلاح، إعادة الاعتبار للتلازم بين الخطوات التي يطالب بها لبنان، ولن يتراجع عنها، باعتبار أن اللبنانيين، بمن فيهم الثنائي الشيعي، يُجمِعون عليها، وهي تؤخر تطبيق حصرية السلاح. وأمل بأن تُسهم زيارة نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لـ«الشرق الأوسط»، مورغن أورتاغوس، المرتقبة لجنوب لبنان، ومعها قائد المنطقة الوسطى للجيوش الأميركية، بإقناع إسرائيل بالانسحاب، على أن تتلازم المرحلة الانتقالية الخاصة باحتواء السلاح، مع تكثيف الحوار الداخلي، للتوصل إلى اتفاق حول استراتيجية أمن وطني للبنان، كما دعا عون في خطاب القسم الذي يشرع الأبواب أمام جمع سلاح «حزب الله»، وبالتالي يُسقط ما يتذرع به، بدفاعه عن احتفاظه بسلاحه.

وكشف أن الورقة الأميركية - اللبنانية تبقى عالقة على التزام إسرائيل وسوريا بها، وقال إن المفاوضات اللبنانية - السورية سجّلت، مع قيام وفد سوري بزيارة لبنان واجتماعه بمتري، حصول بوادر انفراج يؤسس عليها لانطلاق المفاوضات في دمشق، الاثنين، بين لجنتين من البلدين؛ الأولى للبحث في اتفاقية للتعاون القضائي، والثانية لتعزيز وضبط الحدود، في ظل الإصرار المشترك من الجانبين على توفير الشروط للتوصل لاتفاق حول المشكلات العالقة، على أن يرأس الجانب اللبناني مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، كلود غانم.

خمس مراحل

ومع أن الخطة أُحيطت بسرية تامة، علمت «الشرق الأوسط» أنها ستُنفّذ على خمس مراحل؛ الأولى لاستكمال بسط سلطة الدولة في جنوب الليطاني، وحُددت بثلاثة أشهر، والثانية تشمل شماله حتى الأُولي، والثالثة تشمل بيروت الإدارية، وضمنها الضاحية الجنوبية، والرابعة البقاع، والخامسة المناطق الباقية. على أن يكون استكمال جمع السلاح الفلسطيني مشمولاً بهذه المراحل.

وبالنسبة إلى احتواء السلاح، مع بدء سريان المرحلة الثانية من الخطة التي تشمل شمال الليطاني حتى الأولي وتمتد ثلاثة أشهر، كشف المصدر أن الاحتواء سيشمل جميع المناطق اللبنانية بلا استثناء، وينص على منع حمل السلاح أو نقله والامتناع عن استحداث إنشاءات توحي بأنها تُستخدم لأغراض عسكرية. وقال إن ما يميّز شمال الليطاني يكمن في ضبط الحدود ومنع استخدامها لإطلاق الصواريخ، على غرار ما قامت به «حماس» سابقاً، واستكمال جمع السلاح الفلسطيني بشمول مخيمَي عين الحلوة والمية ومية.

وأكد أن عملية الاحتواء ترافقت مع قيام وزير الدفاع، اللواء ميشال منسى، بخطوات لحمايتها، أبرزها «تقطيره» ما أمكن لرخص حمل السلاح بوقف عشوائية منحها من دون التدقيق في هوية طالبها، وما إذا كان بحاجة إليها.

وقال إن خَفْض هذا الكم الهائل من الرخص تلازم مع شطب كلمة «مختلف» من الرخصة التي كانت تجيز لحاملها أن يتنقل بسلاح لا يقتصر على المسدس، وإنما على أسلحة من العيار الثقيل، مشترطاً على طالبها أن يتقدم بطلب حول نوع السلاح الفردي ورقمه، إضافة إلى أنه بادر منذ تسلُّم منصبه إلى ضبط عدد بطاقات تسهيل المرور التي تسمح لحامليها بتجاوز الحواجز الأمنية، وعدم خضوعهم للتفتيش، خصوصاً أنه ثبت أن بعض مَن يحملها يستخدمها لتهريب السلاح وكل أشكال الممنوعات، ومطلوبون للقضاء اللبناني.


مقالات ذات صلة

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.


مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
TT

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)

أفادت مصادر مقربة من وزارة الداخلية السورية بأن الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «سام7»، التي ضُبطت في منطقة البوكمال بمحافظة دير الزور شرق سوريا، كان من المفترض أن تُهرّب إلى «حزب الله» في لبنان عبر الأراضي السورية.

ورجحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يجري تهريب الصواريخ خلال سنوات الحرب السورية من إيران عبر الأراضي العراقية إلى الأراضي السورية من خلال شبكة الأنفاق التي حفرتها الميليشيات الإيرانية والأخرى التابعة لها خلال سيطرتها على منطقة البوكمال، حيث كانت تقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد الذي أُسقط في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024 على يد فصائل سورية تقودها «هيئة تحرير الشام».

إحباط الأمن السوري تهريب كميات كبيرة من الألغام الحربية في يبرود بريف دمشق كانت متجهة إلى لبنان (أرشيفية - الداخلية)

ورجحت المصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة الصواريخ إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» في لبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد خلال الحرب في سوريا.

كانت وزارة الداخلية السورية، قالت في وقت سابق الاثنين، ببيان صحافي: «وردت معلومات دقيقة إلى مديرية الأمن في البوكمال، بشرق البلاد، تفيد بإخفاء صواريخ مضادة للطيران داخل أحد المنازل، تمهيداً لتهريبها خارج البلاد».

وأضافت أنه «بناءً على هذه المعلومات، نفذت عملية مداهمة مُحكمة أسفرت عن ضبط صواريخ من نوع (سام7)»، مشيرة إلى أن الأسلحة المضبوطة صودرت. ولفتت إلى أن الجهات المختصة باشرت تحقيقاتها، لملاحقة جميع المتورطين؛ بهدف إلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة، مؤكدة استمرارها في التصدي لكل أعمال التهريب والأنشطة غير المشروعة، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان أمن البلاد واستقرارها.

ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

ولم تحدد الوزارة في بيانها الجهة أو الدولة التي كان من المفترض أن تهرَّب الصواريخ إليها، لكن مدينة البوكمال محاذية لحدود العراق الغربية، ويوجد فيها معبر حدودي رسمي بين سوريا والعراق يعرف باسم معبر «البوكمال - القائم».

وخلال الحرب السورية سيطرت الميليشيات الإيرانية على مدينة البوكمال وعلى الشريط الحدودي بين سوريا والعراق ونشرت عناصر ميليشياتها والأخرى التابعة لها على طوله، وحولت المنطقة، وفق مصادر محلية، شرياناً حيوياً لتزويد ميليشياتها في سوريا و«حزب الله» في لبنان بالأسلحة الإيرانية عبر الأراضي العراقية ومن ثم السورية.

كما أنشأت إيران في البوكمال خلال سنوات الحرب السورية ما عُرفت بـ«قاعدة الإمام علي» على بعد ما بين 3 و4 كيلومترات من الحدود العراقية، ونفذت عمليات تغيير ديموغرافي في المنطقة، من ضمنها إحلال سكان جدد من الميليشيات محل السكان الأصليين الذين هُجّرت غالبيتهم وجرى الاستيلاء على أملاكهم.

وتُدوولت قبل يومين مقاطع فيديو من قبل نشطاء ووسائل إعلام تظهر شبكة واسعة من الأنفاق في منطقة البوكمال، حُفرت على يد الميليشيات الإيرانية والأخرى التابعة لها خلال حكم الأسد، وذلك على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع العراق.

وتظهر الصور أن الأنفاق واسعة بما يكفي لعبور المركبات، ويبدو أنها كانت مساراً رئيسياً لتهريب الأسلحة للجماعات المسلحة الموالية لإيران في سوريا و«حزب الله» في لبنان. وتقع هذه الشبكة بالقرب من «قاعدة الإمام علي».

ومنذ الأيام الأولى لسقوط الأسد، فرت الميليشيات الإيرانية ومقاتلو «حزب الله» اللبناني من الأراضي السورية، لكن مصادر محلية تتحدث عن وجود أذرع لهما في بعض المناطق.

وتحدثت مصادر إعلامية في ريف دير الزور لـ«الشرق الأوسط» عن أن «شبكة الأنفاق التي حفرتها إيران في البوكمال واسعة جداً، وهي مخفية، وليس من السهل اكتشافها بالكامل»، مشيرة إلى أن «السلطات السورية الجديدة، وبعد وصولها إلى الحكم، اكتشفت عدداً من هذه الأنفاق، ودمرتها، لكن يُعتقد أن أعداداً أخرى من الأنفاق ما زالت غير مكتشفة».

ولفتت المصادر إلى أن «المنطقة لا تزال توجد فيها خلايا نائمة تابعة لإيران و(حزب الله)، وهي التي تنفذ محاولات تهريب هذه الأسلحة، بينما تعمل السلطات السورية على ملاحقتها، وقد نجحت في إلقاء القبض على بعضها».

ومنذ إسقاط نظام الأسد، تسعى السلطات السورية الجديدة إلى إحكام السيطرة على الحدود مع دول الجوار، بما يشمل ملاحقة شبكات تهريب المخدرات وبقايا نظام الأسد، ومنع عمليات تهريب الأسلحة.

وأعلنت السلطات الجديدة خلال العام الحالي بعد تحرير سوريا عن إحباط كثير من عمليات تهريب الأسلحة إلى لبنان.

ويرى مراقبون أن «حزب الله»، وبعد انتهاء وجوده ووجود إيران في الأراضي السورية، يحاول عبر خلاياه النائمة في الأراضي السورية، تهريب ما تبقى من أسلحة موجودة في مستودعاته التي لم تُضبط بعد، خصوصاً مع تراجع قدراته التسليحية بعد الحرب التي شنتها عليه إسرائيل العام الماضي، والاحتمالات التي ترد في التقارير وتتحدث عن نية إسرائيل شن حرب جديدة عليه.