للوهلة الأولى، لا يكون من الصعب فهم سبب رغبة ليفربول في التعاقد مع ألكسندر إيزاك، فهو لاعب شاب لن يُكمل عامه السادس والعشرين حتى أواخر هذا الشهر، وسجّل أكثر من 20 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز في كلٍّ من الموسمين الماضيين، وهو الأمر الذي لم يحققه سوى المهاجم النرويجي العملاق إيرلينغ هالاند. لكن إيزاك لا يحرز الأهداف فحسب، لكنه مهاجم عصري تماماً.
قبل ثلاثين أو أربعين عاماً، عندما كانت معظم الفرق تعتمد على طريقة 4 - 4 - 2، كانت ثنائيات الهجوم تأتي على شكلين: إما مهاجم محوري ولاعب آخر قادر على إنهاء الهجمات أمام المرمى، أو مهاجم مُبدع ولاعب آخر لديه القدرة على إحراز الأهداف. وفي هذه الأيام، يجمع أفضل المهاجمين بين هذه السمات الثلاث (اللعب محطة هجومية، وتقديم لمحات إبداعية، وإحراز الأهداف). ومع ذلك، لم يكن هذا شيئاً جديداً تماماً: لقد ولت أيام كيني دالغليش وإيان راش، أو نيل كوين وكيفن فيليبس منذ زمن طويل، وأصبحت كرة القدم تعتمد لبعض الوقت على لاعبين من أمثال ديدييه دروغبا وأندريه شيفتشينكو وراداميل فالكاو، وهم المهاجمون الذين يتمتعون بالسرعة ومزيج من القوة البدنية والقدرات الفنية.

ويبدو هالاند، الذي يتميز بضخامة البنية والسرعة والقدرة على إنهاء الهجمات، كأنه امتداد لذلك، أو كوحش عملاق لا يظهر إلا كل جيل على غرار الأرجنتيني الأسطوري بيرنابي فيريرا، أو الروسي العظيم إدوارد ستريلتسوف.
لكن بينما لا يزال هالاند، الذي يبلغ طوله 195 سم، يأتي في الصدارة من حيث كونه مهاجماً يجمع بين مزيج من القوة البدنية والسرعة، فهناك كثير من اللاعبين الآخرين الذين يمتلكون الصفات نفسها. وشهدت فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة انتقال عدد كبير من المهاجمين، ومعظمهم يتوافقون مع هذا القالب. يبلغ طول إيزاك 192 سم، ويبلغ طول بنيامين سيسكو 195 سم، ونيك فولتميد 198 سم، ويبلغ طول كل من فيكتور غيوكيريس وهوغو إيكيتيكي وراندال كولو مواني 189 سم، ويبلغ طول وليام ديلاب وفيكتور أوسيمين 185 سم، ومع ذلك لا يمكن تصنيف أي منهم على أنه مهاجم تقليدي، فجميعهم لاعبون متحركون، وجميعهم لديهم قدرات فنية كبيرة، ولا يعتمد أي منهم على التمركز بجوار القائم لمقابلة الكرات الطويلة.
لم يحرز إيزاك كثيراً من الأهداف برأسه، كما أنه لاعب نحيف ولا يمتلك قوة بدنية كبيرة، لكن 4 من أهدافه الـ23 في الموسم الماضي، جاءت بضربات رأس، بما في ذلك هدفه الذي لا ينسى في مرمى آرسنال؛ عندما قابل الكرة العرضية التي لعبها أنتوني غوردون ليضعها في المرمى.

لكن الأكثر لفتاً للانتباه هو قدرته على الركض في المساحات الخالية، والتعاون الجيد مع زملائه في الخط الأمامي، وتسلم الكرة في مناطق على الأطراف، وكذلك داخل منطقة الجزاء. وعلى الرغم من أنه كان يلعب مهاجماً صريحاً في ريال سوسيداد، فإنه لعب في بعض الأحيان على الجانبين الأيسر والأيمن.
ونظراً لأن كودي غاكبو ومحمد صلاح يميلان إلى الدخول إلى عمق الملعب، وبالتالي يحتاجان إلى أن يبتعد المهاجم عن طريقهما لخلق مساحة لهما، فمن السهل أن نرى كيف يمكن لهؤلاء اللاعبين الثلاثة أن يشكلوا خطاً أمامياً سلساً للغاية، ولكن مع ميزة إضافية تتمثل في إمكانية استخدام إيزاك بشكل أكبر مهاجماً تقليدياً لمحاولة استقبال الكرات العرضية.
كما يمتلك إيزاك سرعة مذهلة، لذا ربما يستفيد من الكرات البينية التي يلعبها له فلوريان فيرتز من عمق الملعب.

يشير هذا إلى أن التشكيلة الأساسية لليفربول لن تضم على الأرجح إيزاك وإيكيتيكي في الوقت نفسه إلا نادراً، على الرغم من أن المهاجم الفرنسي، كما هي الحال مع إيزاك، يتميز بأنه لاعب متحرك ولا يتقيد بمركز المهاجم التقليدي. في آينتراخت فرنكفورت الألماني، كانت هناك أوقات لعب فيها إيكيتيكي إلى جانب عمر مرموش وفق طريقة لعب 4 - 4 - 2.
وعلى الرغم من أن هذه قد لا تبدو طريقة جيدة لمساعدة صلاح في تقديم أفضل ما لديه، فلا يوجد سبب يمنع إيكيتيكي وإيزاك من اللعب ثنائياً وفق طريقة 4 - 4 - 2، فقد لعب غاكبو في بعض الأحيان على الجانب الأيسر من خط الوسط، ونظراً لقدرة دومينيك سوبوسلاي على اللعب في مركز الظهير، يبدو من المعقول افتراض أنه يمكنه أيضاً اللعب لاعب خط وسط ناحية اليمين، على أن يتعاون في ذلك مع الظهير جيريمي فريمبونغ.
ومن المنطقي البدء في التخطيط للمستقبل من دون صلاح، فاللاعب المصري يبلغ من العمر 33 عاماً وينتهي عقده في عام 2027، وهو ما يعني أن الصيف المقبل يبدو وقتاً منطقياً للتخلص منه. ومن دون صلاح، ستكون الحاجة أقل للالتزام بطريقة 4 - 3 - 3 التي اعتمد عليها ليفربول خلال معظم فترات العقد الماضي، حتى لو كان سلوت يفضل الاعتماد على مهاجمين على الأطراف.

وعلى الرغم من كل الأموال التي أنفقها ليفربول هذا الصيف، فقد انتهى الأمر بأن يكون لديه نفس عدد المهاجمين الذي كان لديه الموسم الماضي. قد يبدو من غير اللائق الحديث عن مأساة وفاة ديوغو جوتا في سياق تخطيط الفريق، لكن الحقيقة تتمثل في أنه ترك فراغاً كبيراً كان يتعين على النادي ملؤه.
وبعد بيع داروين نونيز ولويس دياز، ووصول فيرتز وإيكيتيكي وإيزاك، أصبح ليفربول يمتلك نفس عدد مهاجمي الموسم الماضي، لكن ربما بجودة أعلى. وعلى الرغم من تنوع قدرات هؤلاء المهاجمين، فإن التركيز يبدو بشكل أكبر هذا الموسم على عمق الملعب.
وربما يكون القلق الأكبر أن الفريق يبدو فجأةً كأنه يمتلك كثيراً من الخيارات الهجومية، في الوقت الذي يعاني فيه من نقص واضح بمركز خط الوسط المدافع. لكن إذا كان سلوت قد تمكن من تغيير مركز سوبوسلاي لكي يعتمد عليه في مركز الظهير، فمن الواضح أنه بإمكانه تغيير مراكز لاعبين آخرين لسد نقاط الضعف الأخرى!
* «الغارديان»



