مصر: أحزاب معارضة تختبر حضورها شعبيّاً عبر انتخابات «النواب»

مشاورات مستمرة لتشكيل «تحالفات»

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (المجلس)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (المجلس)
TT

مصر: أحزاب معارضة تختبر حضورها شعبيّاً عبر انتخابات «النواب»

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (المجلس)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (المجلس)

تسعى أحزاب معارضة مصرية لاختبار حضورها شعبيّاً عبر انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) المقررة قبل نهاية العام الحالي، عبر مشاورات تستهدف تشكيل «تحالفات» من أجل المنافسة في الاستحقاق.

وتُجرى انتخابات «النواب» عبر 143 دائرة انتخابية تخصص للانتخابات بالنظام الفردي، و4 دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم. وعدد مقاعد البرلمان 568 مقعداً، نصفها للدوائر الفردية، والنصف الآخر لـ«القوائم المغلقة»، ما يعني فوز أعضاء القائمة كلهم حال تحقيقها أعلى الأصوات، فيما يعين رئيس الجمهورية 5 في المائة من نواب المجلس، بما يعادل 28 مقعداً.

وتنسق بعض أحزاب المعارضة بشأن تشكيل «قائمة موحدة» للمنافسة على القوائم الانتخابية على غرار «القائمة الوطنية» التي خاضت انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) أخيراً، وفازت بالتزكية مع غياب وجود قوائم منافسة.

واتفقت أحزاب «الإصلاح والتنمية» و«العدل» و«المصري الديمقراطي الاجتماعي» على «تحالف انتخابي» بالنسبة لمقاعد الفردي. فيما قرّر حزبا «المحافظين» و«الدستور» التنسيق على مقاعد الفردي في الانتخابات عبر تحالف «الطريق الحر»، مع قرار عدم المنافسة على مقاعد القوائم، علماً بأن هذه التحالفات تأتي في وقت تنضوي فيه أحزاب المعارضة تحت مظلة «الحركة المدنية الديمقراطية» التي أعلن مجلس أمنائها استمرارها كـ«مظلة جامعة للمعارضة».

اجتماع سابق لحزبي «الدستور» و«المحافظين» للتنسيق بشأن انتخابات «النواب» (حزب الدستور)

وقال القيادي في «حزب المحافظين»، مجدي حمدان، لـ«الشرق الأوسط»، إن تحالف «الطريق الحر» يأتي في إطار انتخابي سعياً لتحقيق نتائج إيجابية بانتخابات البرلمان، مشيراً إلى أن التحالف سيعمل على إفراغ الدوائر لاختيار الشخصية الأقوى والأكثر حظاً لدعمها والالتفاف حولها. وأضاف حمدان أن التحالف ليست لديه القدرة البشرية والملاءة المالية لعمل قوائم انتخابية تكون على المقاعد الخاصة بالقائمة، مؤكداً أن «أحزاب المعارضة تواجه عادة مشكلة في الإنفاق الدعائي على الانتخابات».

الأمين العام لـ«الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي»، باسم كامل، أشار إلى أهمية التنافس بالانتخابات البرلمانية لكونها ستؤدي إلى زيادة نسبة المشاركة، لافتاً إلى ضرورة أن يكون المرشحون لديهم شعبية يمكن الاستناد إليها وملاءة مالية لتنفيذ حملة انتخابية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن التحالف الانتخابي الذي يعملون على التنسيق من أجله بالمقاعد الفردية يأتي في إطار محاولة الاستفادة من أقوى العناصر المؤهلة، ومحاولة الدفع بها للفوز في الانتخابات، لكنه أقرّ بصعوبة المنافسة لأحزاب المعارضة خلال الانتخابات المقبلة.

ولم تحصل أحزاب المعارضة على أي مقاعد في انتخابات مجلس «الشيوخ»، التي أعلنت نتائجها أخيراً في نظام الفردي، بينما اقتصر فوز مرشحيها على الأسماء المدرجة في مرشحي «القائمة الوطنية» التي فازت بالتزكية، مع تجاوزها حاجز الخمسة في المائة من أصوات الناخبين.

اجتماع سابق لـ«الحركة المدنية» في مقر حزب «المحافظين» (الحركة)

عودة إلى الأمين العام لـ«الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي»، الذي أكّد أن طبيعة انتخابات «النواب» تختلف عن «الشيوخ»، الذي يتسم باتساع الدوائر الانتخابية، وشهد إحجاماً من المرشحين عن الترشح من الأساس، معرباً عن طموحه في قدرة المرشحين على تجاوز العقبات المحتملة في انتخابات «النواب»، رغم التجربة السابقة في انتخابات 2020، التي لم تؤدِ سوى لفوز عدد محدود للغاية. لكن القيادي بـ«حزب المحافظين» أشار إلى أن المعطيات الحالية ترجح تكرار ما حدث في انتخابات 2020.

في المقابل، أكّدت القيادية بحزب «الجبهة الوطنية»، فريدة الشوباشي، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاحتكام لصناديق الانتخابات سيكون الفيصل بين جميع المرشحين، موضحة أن سياستهم الحزبية الانفتاح والتعاون مع جميع الأحزاب المعارضة والمؤيدة من أجل تحقيق الأهداف الوطنية.

وأضافت أن الحزب لا يزال يواصل مشاوراته بشأن «التحالفات» التي سينخرط بها خلال الانتخابات، معتبرة أن «تعدد التحالفات ظاهرة مفيدة على المستوى السياسي، طالما وجدت العناصر المشتركة في الرؤى والفكر بين الأحزاب المتحالفة، مع التأكيد على أهمية نقل هذه الأفكار للناخبين خلال فترة الدعاية».

وأشارت الشوباشي إلى ضرورة العمل الميداني من الأحزاب كافة، لينعكس الأمر على تمثيلهم في «النواب»، مع عدم وضع افتراضات مسبقة لنتائج الانتخابات المقبلة.


مقالات ذات صلة

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«مستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية في المجال الأمني».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر» استجابة لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

أعرب الرئيس المصري خلال لقاء لافروف، السبت، عن «تقديره لمسار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، التي تشهد نمواً متواصلاً في مختلف المجالات»

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا ناخبون في محافظة بورسعيد المصرية خلال المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (تنسيقية شباب الأحزاب)

«النواب» المصري يواجه «طعوناً» جديدة على نتائج الدوائر الملغاة

تواجه نتائج انتخابات مجلس النواب المصري «طعوناً» جديدة أمام القضاء الإداري، تخص نتائج دوائر سبق إلغاؤها وإعادة الاقتراع بها.

علاء حموده (القاهرة)
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

تحليل إخباري ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

قال رئيس «هيئة الاستعلامات» المصرية، ضياء رشوان، إن الحديث عن الترتيب للقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن «شائعة لا أساس لها».

أحمد جمال (القاهرة )

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

تستعد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية التي أُجريت مؤخراً في مدن شرق البلاد وجنوبها.

وأعلنت المفوضية في بيان، الأحد، أن مركزها للعدّ والإحصاء استكمل إدخال جميع بيانات استمارات النتائج الواردة من المكاتب الانتخابية، في إطار الإجراءات الفنية المعتمدة و«وفق أعلى معايير الدقة والمراجعة»، مشيرة إلى أن «العمل حالياً متوقف عند انتظار أحكام القضاء المختص بشأن الطعون المقدمة؛ التزاماً بمبدأ سيادة القانون، وضماناً لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية».

ونفت المفوضية ما جرى تداوله بشأن صدور النتائج الأولية لهذه الانتخابات، مؤكدة أن الإعلان عن أي نتائج سيتم فقط عبر القنوات الرسمية للمفوضية، وبعد استكمال جميع المراحل القانونية والإجرائية، مجددة «التزامها بإطلاع الجميع على أي مستجدات في حينها وبكل شفافية».

وتنتظر المفوضية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

من جهة أخرى، أدانت لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب بشرق ليبيا، الهجوم الذي استهدف مقر «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في مدينة جنزور بالعاصمة طرابلس، وعدّته «اعتداءً خطيراً على مؤسسات الدولة، ومحاولة لإفشال جهود مكافحة الفساد وتقويض ثقة المواطنين».

وطالبت اللجنة، في بيان مساء السبت، بفتح تحقيق عاجل وشفاف لملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، مع اتخاذ إجراءات لحماية المؤسسات الرقابية، مؤكدة تضامنها الكامل مع العاملين بالهيئة، واستمرار دعمها لمسار الإصلاح وبناء دولة القانون.

وكان مقر هيئة مكافحة الفساد في جنزور بغرب ليبيا، تعرض لهجوم الأسبوع الماضي، أدى إلى أضرار مادية دون إصابات بشرية، وسط تعهدات بتحقيق سريع وإدانات رسمية؛ باعتباره استهدافاً مباشراً لمؤسسة رقابية معنية بحماية المال العام.

وفي شأن يتعلق بالأرصدة الليبية المجمدة في الخارج، قال رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمّدة بالخارج بمجلس النواب، يوسف العقوري، إنه «يتابع باهتمام بالغ، إحاطة مجلس الأمن الدولي التي عُقدت الجمعة، وذلك في إطار متابعة ملف الأموال الليبية المجمّدة في الخارج، وما يحيط به من تجاوزات خطيرة».

ونقل العقوري مساء السبت، عن السفير عمار بن جمعة، المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، قوله إن «الأرصدة المالية الليبية المجمّدة تتعرض للتآكل وسوء الاستخدام من قبل بعض المؤسسات المالية الأجنبية المودعة لديها، في خرق واضح للقانون الدولي وللقرارات الأممية ذات الصلة».

وقال العقوري إن السفير الجزائري، طالب باسم بلاده وباسم المجموعة الأفريقية، «بضرورة إجراء عملية محاسبة شاملة وشفافة، ومساءلة الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، مع إلزامها بتعويض الدولة الليبية عن أي خسائر لحقت بهذه الأرصدة».

ورحب العقوري بـ«الدعم الدولي لموقف ليبيا الذي يطالب بتدقيق مالي لجميع الأرصدة، وتعويضها عن أي مخالفات بشأنها»، وأضاف أن «أي تلاعب أو سوء إدارة لهذه الأرصدة، يُعدّ اعتداءً مباشراً على السيادة الليبية وحقوق الأجيال القادمة».

وانتهى إلى أن اللجنة «لن تتهاون في هذا الملف، وستتخذ كل الإجراءات البرلمانية والقانونية والدولية اللازمة لملاحقة المتسببين، وضمان حماية الأموال الليبية واسترداد حقوق الدولة كاملة بالتنسيق الكامل مع الدول الصديقة الأعضاء في مجلس الأمن».


الجزائر تعتزم ملاحقة أموال الفساد في «الملاذات الضريبية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
TT

الجزائر تعتزم ملاحقة أموال الفساد في «الملاذات الضريبية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في افتتاح «معرض الإنتاج الوطني» بالجزائر العاصمة (الرئاسة)

أعاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون طرح ملف «الأموال المنهوبة» إلى الواجهة، مؤكداً أن «معركة استرجاع ممتلكات الشعب لا تزال مستمرة»، وتمر حسبه عبر مسارين: داخلي حقق نتائج ملموسة، وخارجي ينتظر «ساعة الحقيقة». ومنذ سقوط حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2019، أطلقت السلطات حملة في الداخل والخارج، تستهدف وجهاء في النظام محل شبهة اختلاس أو تحويل أموال عامة.

وفي خطوة تهدف إلى جرد حسابات واحدة من أعقد القضايا الاقتصادية في تاريخ الجزائر، تناول الرئيس تبون في تصريحات حديثة «قضية المال المسروق»، لمناسبة حضوره «معرض الإنتاج الوطني» الذي تجري فعالياته بالعاصمة منذ الخميس الماضي، وذلك بحضور الوزير الأول سيفي غريب، وكثير من المسؤولين المدنيين والعسكريين.

رجال أعمال جزائريون في السجن بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأكد الرئيس تبون أنه «تم اختلاس مبالغ ضخمة من قبل أوليغارشيين»، في إشارة ضمناً، إلى رجال أعمال كانوا نافذين في اتخاذ القرار السياسي خلال فترة حكم بوتفليقة (1999 - 2019)، لافتاً إلى أنهم «أخفوا الأموال في الجزر العذراء»، في إشارة إلى البلدان التي يفترض أنها تحتضن شركات وهمية، منشأها أموال عامة جزائرية من عائدات «الفساد»، أو ما يسمى في الإعلام «الملاذات الضريبية».

وجهاء من النظام السابق

وحسب الرئيس تبون، فإن «البلاد عاشت كارثة حقيقية، حيث تعرضت الأموال للسرقة، فضلاً عن تفشي ظاهرة تضخيم الفواتير، واليوم يجب استرجاع أموال الدولة». ويقصد تبون بـ«الكارثة» فترة حكم الرئيس السابق، التي تميّزت، وفق تقدير الفريق المسيّر للبلاد حالياً، بممارسات فساد مالي وأخلاقي غير مسبوقة. ويُطلق على رجال تلك المرحلة وصف «العصابة»، علماً بأن تبون تولّى خلالها مسؤوليات وزارية بارزة، ويؤكد أنه كان شخصياً أحد «ضحايا العصابة»، بعد عزله من رئاسة الوزراء سنة 2017، عقب ثلاثة أشهر فقط من توليه المنصب، مُرجعاً ذلك إلى كونه «شكّل مصدر تهديد لمصالح الأوليغارشية». وقال تبون بهذا الخصوص، في «معرض الإنتاج الوطني»: «بالنسبة للأموال المخفية في الجزر العذراء أو في أي مكان آخر، سيأتي يومها... وفي كل الحالات، بالنسبة للأشياء الظاهرة، سيسمح ذلك للخزينة العامة باسترجاع جزء من آلاف المليارات من الدينارات». يقصد بـ«الأشياء الظاهرة»، الشركات والأموال التي تم حجزها ومصادرتها، بقرارات قضائية، والتي توجد في الجزائر وتعود في الأصل إلى رجال أعمال أدانتهم المحاكم بأحكام ثقيلة بالسجن بين عامي 2020 و2021. وتم ضم هذه الأملاك إلى «الشركات القابضة» المملوكة للدولة.

وأشاد تبون بـ«النفس الجديد الذي نشهده اليوم فيما يخص جهود استرجاع الأموال المنهوبة، بعد التراخي الذي لوحظ في هذا الجانب»، مشدداً على «ضرورة أن يُعطى لقيصر ما هو لقيصر».

وتحدث عن سيفي قائلاً: «منذ أن كان وزيراً للصناعة، هو من استرجع غالبية الشركات»، في إشارة إلى ضم 37 مؤسسة للصناعات الغذائية إلى مجمع عمومي مختص في هذا النشاط، وهي حالياً تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، حسب تصريحات سابقة للوزير الأول. وكانت هذه المؤسسات ملكاً لرجال أعمال متهمين بالفساد. وأوضح المسؤولون للرئيس، في «معرض الإنتاج الوطني»، أن جميع الوظائف في هذه المؤسسات تم الحفاظ عليها، كما تم إجراء توظيفات جديدة، وكذلك تطوير وتحديث هذه المؤسسات. والهدف من ذلك هو تنويع منتجات المجمع الحكومي للصناعة الغذائية، ودعم السوق المحلية بالمنتجات والسلع، والتوجه نحو التصدير. ويعمل في هذا المجمَع حالياً 2234 شخصاً، حسب المسؤولين أنفسهم.

أرقام مجهولة

ولا تُعرف حتى الساعة قيمة «المال المسروق» الموجود في الخارج. أما في الداخل فقد صرّح تبون عام 2023 بأن قيمة الأملاك والأموال التي صادرها القضاء، بعد محاكمات في إطار «الفساد»، تصل إلى 22 مليار دولار. وكتبت الصحافة يومها أن جهاز الأمن اكتشف أموالاً طائلة مخزنة في شقة بالعاصمة، ملك لمسؤول عسكري كبير هارب من القضاء يعيش حالياً في الخارج.

الجنرال غالي بلقصير قائد الدرك سابقاً صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية بتهم فساد (الشرق الأوسط)

وأطلق القضاء الجزائري منذ عام 2021 مذكرات اعتقال دولية بحق عدة مسؤولين مدنيين وعسكريين، بعد إدانتهم غيابياً بتهم فساد، أبرزهم وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، ووزير الطاقة شكيب خليل، وقائد سلاح الدرك الجنرال غالي بلقصير، وكلهم يقيمون في بلدان مصنفة «ملاذات ضريبية».

رئيس مجموعة «سوناطراك» سابقاً عبد المؤمن ولد قدور (إعلام حكومي)

تعاون دولي متباين

وتتعاون الدول بشكل مختلف مع مذكرات الاعتقال الجزائرية. ففي أغسطس (آب) 2021 تسلمت الجزائر من دولة الإمارات، رئيس شركة «سوناطراك» للمحروقات سابقاً عبد المؤمن ولد قدور، إثر الحكم عليه قضائياً بتهمة «تضخيم فواتير» في صفقة شراء مصفاة نفطية من إيطاليا.

وسبق للرئيس الجزائري أن صرّح، لوسائل إعلام أجنبية، بأن فرنسا «لا تتعاون بالقدر المطلوب» مع الجزائر فيما يخص طلبات التحفظ على أرصدة مالية وممتلكات عقارية تعود لمسؤولين ونافذين، كانوا جزءاً من منظومة الحكم في فترات سابقة.

وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (الشرق الأوسط)

ويُعدّ الوزير عبد السلام بوشوارب (2015 - 2017) أبرز هذه الحالات، إذ رفض القضاء الفرنسي، في مارس (آذار) الماضي، طلب تسليمه إلى الجزائر، عاداً أن حكومتها «لم تقدم ضمانات حول تنظيم محاكمة عادلة له». وبخلاف باريس، أظهرت سويسرا استعداداً للتعاون مع الجزائر في هذا المجال. فبعد تسليمها عام 2023 وديعة بقيمة 1.7 مليون يورو تعود لبوشوارب، تعهد وزير العدل والشرطة السويسري خلال زيارته الجزائر في يوليو (تموز) الماضي، بأن برن «ستقدّم كل الدعم للجزائر في مساعيها الرامية إلى استرجاع الأموال التي تعود ملكيتها إلى الشعب الجزائري».


10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
TT

10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقاً في ولاية شمال دارفور

عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)
عناصر مسلحة من «قوات الدعم السريع» يستقلون سيارة في الخرطوم في 23 أبريل 2023 (لقطة من فيديو - أ.ف.ب)

قُتِل 10 أشخاص في نهاية الأسبوع جرّاء ضربة بواسطة طائرة مسيّرة على سوق مزدحمة في ولاية شمال دارفور السودانية، على ما أفاد به مسعفون لم يذكروا الجهة التي نفذت الهجوم.

ويأتي الهجوم في وقت اشتدت المعارك في مناطق سودانية أخرى؛ ما دفع إلى إجلاء العاملين في مجال الإغاثة، الأحد، من مدينة كادوقلي الجنوبية المحاصرة والتي تعاني المجاعة.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان منذ 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو عن مقتل عشرات الآلاف، وتسببت بنزوح نحو 12 مليوناً، وأدت إلى «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وأوضح مجلس غرف طوارئ شمال دارفور، وهو إحدى مئات المجموعات التطوعية التي تنسق المساعدات في السودان، أن ضربة بطائرة مسيّرة «استهدفت، السبت، سوق الحارة بمحلية المالحة».

ولم يشر المجلس إلى الجهة التي نفّذت الهجوم، موضحاً أنه أدى إلى «وقوع حريق جزئي في المحال التجارية وخسائر مادية كبيرة». ولم يصدر تعليق فوري من الجيش السوداني أو من «قوات الدعم السريع».

وتتركز الحرب راهناً في جنوب كردفان، وتصاعدت حدة الاشتباكات في كادوقلي، عاصمة الولاية؛ حيث أسفر هجوم بطائرة مسيّرة، الأسبوع الفائت، عن مقتل 8 أشخاص في أثناء محاولتهم الفرار من المدينة الخاضعة لسيطرة الجيش.

وقال مصدر في منظمة إنسانية تعمل في كادوقلي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، إن المنظمات الإنسانية «أجلت جميع عامليها» من المدينة بسبب الأوضاع الأمنية.

وجاء الإجلاء عقب قرار الأمم المتحدة نقل مركزها اللوجيستي من كادوقلي، بحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، لكنه لم يشر إلى الوجهة التي نُقل إليها العاملون. وتحاصر «الدعم السريع» وحلفاؤها كادوقلي ومدينة الدلنج المجاورة منذ اندلاع الحرب.

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الأسبوع المنصرم، سيطرتها على منطقة برنو، وهي خط دفاعي رئيسي على الطريق الذي يربط كادوقلي بالدلنج.

وبعد سيطرتها في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، ركّزت «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الغني بالموارد، وهو خط استراتيجي يربط مناطق الشمال والشرق الخاضعة للجيش بدارفور التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في الغرب.

وأدت الحرب في السودان إلى تقسيمه فعلياً إلى شطرين، أولهما في قبضة الجيش الذي يسيطر على الشمال والشرق والوسط، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على عواصم الولايات الخمس في دارفور، وعلى أجزاء من الجنوب مع حلفائها.