أظهرت دراسة أميركية أنّ تناول القهوة قبل التبرّع بالدم قد يؤثّر سلباً في جودة الدم المتبرَّع به ويقلّل من فاعلية عمليات نقله.
وأوضح الباحثون من جامعة كولورادو الطبية أنّ هذا التأثير يظهر بشكل خاص لدى الأشخاص الحاملين طفرات جينية شائعة تؤثر في وظائف خلايا الدم الحمراء؛ ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «هيماتولوجيكا» العلمية.
ويُعدّ الكافيين من أكثر المواد المنبِّهة استهلاكاً في العالم، ويوجد بشكل أساسي في القهوة، والشاي، والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة. ورغم شهرته بتأثيراته الإيجابية على اليقظة والانتباه، فإنّ له أيضاً انعكاسات معقَّدة على الجسم، خصوصاً على خلايا الدم الحمراء.
واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 13 ألف متبرّع بالدم؛ إذ تبيَّن أنّ ارتفاع مستويات الكافيين يرتبط بزيادة قابلية خلايا الدم الحمراء للتلف في أثناء التخزين وانخفاض فاعليتها بعد النقل.
وعلى الصعيد السريري، أظهرت عمليات نقل الدم ذات المستويات المرتفعة من الكافيين انخفاضاً في مستوى الهيموغلوبين لدى المرضى وزيادة في مؤشرات تحلّل خلايا الدم.
وكانت هذه التأثيرات أكثر وضوحاً لدى المرضى والمتبرّعين الحاملين طفرات في جين ينظم وظائف خلايا الدم الحمراء في حالة نقص الأكسجين.
كما كشفت الدراسة عن أن الكافيين يزيد من الإجهاد التأكسدي في خلايا الدم الحمراء عبر آليتين: تعطيل أحد المستقبلات الخليوية وتثبيط إنزيم مسؤول عن الحماية من الإجهاد التأكسدي. ويرى الباحثون أنّ هذا التأثير المزدوج قد يفسّر أيضاً دور الكافيين المعروف في تحسين الأداء البدني؛ إذ يُساعد الإجهاد التأكسدي المعتدل الناتج من التمارين على تعزيز التكيف الفسيولوجي للجسم.
وأشار الباحثون إلى أنّ الكافيين يمثّل عاملاً سلوكياً قابلاً للتعديل يمكن أن يؤثر في جودة الدم، وبما أنّ له عمراً حيوياً قصيراً، فإنّ تقليل استهلاكه قبل التبرّع قد يحدّ من تأثيراته السلبية، وهو ما يتماشى مع بعض الإرشادات الأوروبية التي توصي بتجنّبه قبل التبرُّع. في المقابل، لا تُطبَّق هذه التوصيات في دول مثل الولايات المتحدة وإيطاليا؛ إذ يُنظر إلى الكافيين أحياناً بصفته عاملاً مُساعداً لرفع ضغط الدم مؤقتاً وتسهيل عملية التبرع.
وقال الباحث الرئيسي للدراسة، الدكتور أنجيلو داليشاندرو: «لطالما عرفنا تأثير الكافيين على الدماغ والجهاز العصبي، لكن هذه هي المرة الأولى التي نثبت فيها على نطاق واسع تأثيره على بيولوجيا خلايا الدم الحمراء».
وأضاف: «تشير نتائجنا إلى أن مجرّد فنجان قهوة صباحي قد تكون له عواقب مهمّة على جودة الدم المخزن وفاعليته عند نقله للمرضى».
ووفق الباحثين، فإنّ هذه النتائج قد تفتح الباب أمام نهج جديد في شخصنة عمليات نقل الدم؛ إذ لا يقتصر على توافق فصائل الدم فقط، بل يشمل أيضاً العوامل الوراثية والعادات الغذائية المؤثرة في جودته.








