تجاوزت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التوترات التي تعيشها العاصمة طرابلس، ومضت لتعزيز تعاونها العسكري مع السلطات الإيطالية، في حين دعا مجلس الأمن الدولي الأطراف الليبية لدعم «الخريطة الأممية».
ولا تزال الأوضاع الأمنية في العاصمة تُراوح مكانها، في ظل حالة استنفار بين قوات «الوحدة» والداعمين لها، وعناصر «جهاز الردع» والموالين له.
وأعلنت حكومة «الوحدة»، الخميس، عن اجتماع ثلاثي، عُقد في العاصمة الإيطالية روما بين وكيلها لوزارة الدفاع عبد السلام زوبي، ووزير الدفاع الإيطالي غويدو كروزيتو، ورئيس جهاز المخابرات الإيطالي.

وقالت الحكومة إن الاجتماع «بحث أوجه العلاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا؛ وسُبل تعزيز التعاون العسكري والأمني، مع التركيز على تطوير القدرات العسكرية لوزارة الدفاع»، بالإضافة إلى «دعم جهود التنسيق الأمني، وتعزيز التعاون في مجالات التدريب، ورفع كفاءة الكوادر العسكرية»، مضيفة أن النقاشات تناولت أيضاً «قضايا الأمن الإقليمي، وأمن المتوسط؛ إلى جانب عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك؛ بما يعكس حرص الجانبين على توسيع نطاق الشراكة الاستراتيجية».
ونقلت الحكومة تأكيد الجانبين «أهمية استمرار التنسيق والتشاور، بما يخدم المصالح المشتركة، ويدعم جهود الأمن والاستقرار في المنطقة، ويُعزز عمق التعاون العسكري والأمني بين ليبيا وإيطاليا».

في غضون ذلك، نظّمت المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، (الخميس)، حفلاً عسكرياً بمناسبة تخريج الدورة التدريبية لـ«الكتيبة الثالثة مشاة»، التابعة لـ«اللواء 62 مجحفل»، بحضور معاون رئيس الأركان آمر المنطقة العسكرية بالساحل الغربي، صلاح النمروش.
وشهد الحفل، الذي نقلته رئاسة الأركان بغرب ليبيا، الخميس، عروضاً ميدانية للمهارات القتالية والعسكرية، قدّمها خريجو الدورة؛ حيث أظهروا من خلالها أعلى درجات الانضباط والدقة والجاهزية القتالية.
وتحدّث النمروش أمام الحضور عن «الجهود المبذولة» في إعداد وتدريب الكتيبة الثالثة مشاة، مثمّناً «دور فريق التدريب التركي، وآمر الكتيبة وكل المشرفين على الدورة». ودعا الخريجين إلى أن يكونوا «قدوة في الانضباط وروح الفريق؛ والبقاء على استعداد دائم لحماية الوطن والدفاع عن سيادته».

وفي غضون ذلك، وفيما ترابط المدرعات العسكرية والقوات التابعة للطرفين خلف خطوط التماس، تسارع المبعوثة الأممية إلى تفعيل «خريطة الطريق» السياسية لكسر الجمود القائم ووضع البلاد على مسار الانتخابات.
وفي السياق نفسه، أعادت البعثة الأممية، الخميس، نشر بيان ترحيب «مجلس الأمن» بإحاطة المبعوثة هانا تيتيه، التي قدّمتها في 21 أغسطس (آب) 2025، معلنة خلالها إطلاق «خريطة الطريق» الخاصة بالعملية السياسية.
ودعا أعضاء مجلس الأمن «أصحاب الشأن» من المؤسسات الليبية العمل على «حلول وسط»، تكفل إحراز تقدم في عملية بقيادة وملكية ليبية، تحت رعاية البعثة و«بشكل كامل وشفاف، وبنيات صادقة دون إملاء شروط مسبقة»، مجددين دعوتهم للمجتمع الدولي لتقديم الدعم لهذه العملية.
ورحّب أعضاء مجلس الأمن بإعادة إحياء لجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا، المعروفة باسم «عملية برلين»؛ وشجعوا على مواصلة تطورها والمضي قدماً. مشيرين إلى «مدى أهمية التقدم نحو توحيد جميع المؤسسات، بما فيها المؤسسات العسكرية والأمنية».

وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن «قلقهم» إزاء «المناخ الأمني الهش» في ليبيا، مشددين على «أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في عموم ليبيا». ونصحوا الأطراف الليبية بـ«احترام اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 2020؛ والنأي عن أي أفعال أحادية الجانب، قد تُهدد الوضع الأمني الهش وأمن المدنيين».
كما شدّد أعضاء مجلس الأمن على أهمية إسراع جميع الأطراف الليبية لإحراز تقدم ملموس، وصولاً إلى ديمومة للسلام والاستقرار والأمن من أجل الشعب الليبي. كما أكّدوا احترامهم لسيادة ليبيا واستقلالها، وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.
وبخصوص الموازنة العامة، دعا الأعضاء المؤسسات المعنية «للاضطلاع باتخاذ الخطوات اللازمة الكفيلة بوضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات المالية، وإعداد ميزانية موحدة تكفل استقرار النظام المالي لليبيا لصالح الليبيين كافة».
كما تطرّق أعضاء مجلس الأمن إلى المجالس المحلية، ورحبوا باستكمال انتخابات المجالس البلدية، التي أنجزت مؤخراً في 34 بلدية في ليبيا، مشيدين بالمفوضية الوطنية العليا للانتخابات على جهودها، ومشددين «على أهمية ضمان مشاركة المرأة في العملية على نحو تام، يتحرّى المساواة والفاعلية والأمان».

وكانت هانا تيتيه قد بحثت مع محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، الذي يُجري زيارة رسمية إلى الجزائر، مستجدات الأوضاع الأمنية والعسكرية في طرابلس، والتحديات التي تواجه جهود التهدئة والتسوية السياسية في البلاد.
وقال مكتب المنفي، مساء الأربعاء، إنه التقى نائبة هانا تيتيه للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، لبحث مجمل الأوضاع في طرابلس، على خلفية التوترات التي تشهدها العاصمة.
وأعربت هانا تيتيه، حسب بيان البعثة، عن «تقديرها لجهود» المجلس الرئاسي؛ ولجنتي «الترتيبات الأمنية» و«العسكرية» ولجنة «الهدنة»، في التوسط لإيجاد حل سلمي للوضع الراهن في طرابلس.
وانتهت هانا تيتيه مؤكدة «دعمها المتواصل» لجميع جهود الوساطة الجارية للتهدئة في طرابلس، وجددت «استعداد البعثة لتقديم مزيد من المساعدة لاستكمال الاتفاق ودعم تنفيذه».





