شكلت قرارات الاتحاد السعودي لكرة القدم الصادرة الأربعاء مفاجأة كبرى وغير متوقعة في الشارع الرياضي المحلي، حيث جاء الإعلان عن إعفاء الأمين العام إبراهيم القاسم من منصبه بمثابة نقطة تحول في مسار العمل التنظيمي داخل الاتحاد.
القرار بدا مفاجئاً حتى للمتابعين المقربين، إذ لم تسبق هذه الخطوة مؤشرات علنية على قرب حدوث تغيير بهذا الحجم في منصب يعد من أهم المواقع التنفيذية داخل منظومة كرة القدم السعودية.
ومع ذلك، فإن المتابع الدقيق للتطورات الأخيرة في مشهد اللعبة، وما رافق بطولة السوبر السعودي من جدل قانوني وتنظيمي واسع، قد يرى أن هذه الخطوة جاءت استجابة طبيعية للحاجة إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي.

القرار الذي أصدره مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم جاء بعد توجيه من الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، رئيس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية، لم يتوقف عند إعفاء القاسم فحسب، بل جاء ضمن حزمة من الإجراءات الأوسع شملت استحداث مناصب جديدة وتكليفات تنظيمية إضافية. فقد أعلن الاتحاد تعيين سمير المحمادي أميناً عاماً جديداً للاتحاد، مع منحه مهمة الإشراف المباشر على الإدارة العامة للرقابة على الحوكمة، بما يضمن استمرار العمل المؤسسي بكفاءة عالية ويعزز استقلالية القرارات. كما تضمن القرار استحداث منصب جديد تحت اسم «أمين سر اللجان القضائية» ليتولى مهمة التنسيق بين اللجان المختلفة، ورفع تقارير دورية للإدارة العامة للحوكمة، بما يعكس رغبة واضحة في تطوير عمل اللجان وضمان نزاهتها.
الاتحاد شدد في بيانه على أن هذه القرارات تأتي في إطار حرصه على تعزيز الشفافية ورفع مستوى الامتثال المؤسسي، مؤكداً في الوقت ذاته التزامه الكامل باحترام القرارات القضائية الصادرة من لجانه المستقلة، وفتح المجال أمام الأندية لاستخدام السبل القانونية المتاحة للاستئناف عبر مركز التحكيم الرياضي السعودي. كما استعرض المجلس التقارير الفنية الخاصة ببطولة السوبر السعودي المقامة في هونغ كونغ، التي أكدت استقرار النتائج التي أسفرت عنها المباريات، مع الالتزام بتطبيق اللوائح المنظمة للبطولة وضمان حقوق جميع الأطراف.

الاسم الجديد الذي تصدر المشهد هو سمير المحمادي، الذي يُعدّ من الوجوه الإدارية الصاعدة بقوة في قطاع الرياضة السعودي. المحمادي، يمتلك سجلاً إدارياً حافلاً بالخبرات المتراكمة، أبرزها عمله مستشاراً أول لرئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم خلال العام الماضي، وهو المنصب الذي مكنه من متابعة أدق التفاصيل المرتبطة بملفات التطوير والحوكمة من داخل أروقة الاتحاد.
إلى جانب ذلك، يشغل المحمادي منصب الرئيس التنفيذي للجنة المحلية المنظمة لكأس آسيا 2027.
ويسجل المحمادي اسمه، (الرقم 17)، في سجلات الأمناء العامين وفق مشروع توثيق كرة القدم السعودية، إذ تعاقب على منصب الأمين العام الأسماء التالية بالترتيب، وهم: مصطفى كامل منصور 1955 – 1960، ثم عبد الله العبادي وصالح بن ناصر وعبد العزيز الثنيان ثم عبد الرحمن العليق 1970 وإبراهيم العلي 1972 وعثمان السعد في الفترة من 1972 وحتى 1992 ثم عبد الرحمن الدهام في الفترة ما بين 1992 وحتى 2001 يليه سعيد جمعان الغامدي في الفترة ما بين 2001 و 2003 ثم محمد الطويل في العام نفسه وأعقبه فيصل العبد الهادي في الفترة ما بين 2005 وحتى 2011 ثم عبد الله السهلي مكلفاً عام 2012 يليه أحمد الخميس في الفترة ما بين 2012 إلى 2016 ثم عادل البطي عام 2016 أعقبه في المنصب لؤي السبيعي 2018، لكنه لم يمض طويلاً، ليغادر ويحل محله إبراهيم القاسم في أواخر 2018 ليستمر حتى سبتمبر 2025 الحالي.

وكانت لجنة الاستئناف التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم هي شرارة الأحداث التي تسببت في هذه القرارات، وذلك بعد أن ألغت قرار لجنة الانضباط والأخلاق الصادر بحق نادي الهلال، وذلك بعد نظرها في الاستئناف الذي تقدم به النادي، لكنها في الوقت ذاته اتخذت قرارات مفاجئة ضد الهلال.
وأوضحت اللجنة في بيانها أنها قبلت استئناف الهلال من حيث الشكل، استناداً إلى المواد (144) و(145) و(146) و(148) من لائحة الانضباط والأخلاق، لكنها بعد مراجعة الملف قررت إلغاء القرار السابق للجنة الانضباط والأخلاق رقم (3/ل ج/2025) الصادر بتاريخ 5 أغسطس (آب) 2025، والمتعلق بانسحاب الهلال من المشاركة في كأس السوبر بحجة الإرهاق.
وقررت لجنة الاستئناف عدّ الهلال خاسراً أمام القادسية بنتيجة ثلاثة أهداف دون مقابل، وحرمانه من استكمال بقية مباريات السوبر السعودي للموسم الرياضي 2025 - 2026.
كما ألزمت النادي بدفع غرامة مالية مقدارها خمسمائة ألف ريال سعودي لحساب الاتحاد السعودي لكرة القدم، على أن يتم السداد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بالقرار، مع حرمانه من أي عوائد مالية تخص المسابقة.
إلى جانب ذلك، قررت اللجنة مصادرة رسوم الاستئناف المدفوعة من قبل الهلال عملاً بالمادة (148) من لائحة الانضباط والأخلاق، مؤكدة أن القرار قابل للطعن وفقاً للفقرة (1) من المادة (61) من النظام الأساسي للاتحاد السعودي لكرة القدم.
كما قررت حرمان الهلال من المشاركة في أي بطولة خروج مغلوب في الموسم التالي (2026 - 2027) وهذا يعني احتمالية حرمانه من كأس الملك في حال أقيمت كأس السوبر الموسم المقبل في شهر يناير (كانون الثاني) 2027.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت في 26 أغسطس (آب) الماضي، وفق مصادر مطلعة، أن عدداً من أعضاء الجمعية العمومية التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم طالبوا مجلس إدارة الاتحاد الذي يرأسه ياسر المسحل عبر خطابات رسمية، بمراجعة عمل اللجان القضائية، ولا سيما «الاستئناف»، وضرورة إجراء تغيير كامل، خصوصاً بعد قراراتها الأخيرة التي أثارت الجدل في الشارع الرياضي السعودي.
ووفق المصادر، فإن مجلس إدارة الاتحاد السعودي يملك فقط تعيين رؤساء وأعضاء مجالس اللجان القضائية، ولكنه لا يملك إعفاءهم من مناصبهم؛ لكونها من صلاحيات الجمعية العمومية في الاتحاد، وذلك وفق المادة 23 الفقرة 10 من النظام الأساسي للاتحاد السعودي لكرة القدم.

ووفق المادة 53 الفقرة الرابعة، فإنه لا يجوز لمجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم إعفاء رئيس ونائب وأعضاء اللجان القضائية من مناصبهم إلا من قبل الجمعية العمومية.
وفي حال تزايدت الطلبات والشكاوى تجاه لجنة الاستئناف، فإن مصيرها سيكون بيد الجمعية العمومية التي ستصوت لإعفاء الرئيس والأعضاء في اللجنة، ومن ثم انتظار مجلس إدارة الاتحاد لتعيين رئيس وأعضاء جدد للمصادقة عليهم لاحقاً، وذلك كما تنص المادة 35 من صلاحيات مجلس الإدارة، الفقرة الرابعة.
ووفق المصادر، فإن أحمد القنيعان رئيس لجنة الاستئناف، والأعضاء؛ يزيد الرشيد ومحمد الثبيت وأحمد بانعمة، قد يقدمون استقالاتهم في استباق لقرار الجمعية العمومية التي يُتوقع أن تُعقد خلال الفترة المقبلة.

