عشية انعقاد اجتماعات فريق قيادة الحرب، بدعوة من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو؛ للتداول في تداعيات الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية وعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، آخرها بلجيكيا، دعا وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى فرض السيادة الإسرائيلية على 82 في المائة من الضفة الغربية.
وكان نتنياهو بدأ، الثلاثاء، مشاورات يومية متواصلة ستتوَّج الخميس باجتماع أمني مصغّر تحت عنوان «تقدير موقف في الضفة الغربية» لبحث التداعيات الأمنية للاعتراف بدولة فلسطينية من قِبل دول عدة في الأمم المتحدة، الذي تقوده السعودية وفرنسا وبموجبه ستعترف دول عدة بفلسطين، مثل فرنسا، وبريطانيا، وبلجيكا، وسلوفينيا، وكندا وأستراليا، وغيرها.
وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، بأن الاجتماع يتناول أيضاً «خطوات الرد الإسرائيلية المحتملة»، وعلى رأسها «فرض السيادة الإسرائيلية» على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
وحسب التقرير، وُجّهت الدعوة إلى وزراء الأمن يسرائيل كاتس، والخارجية جدعون ساعر، والمالية بتسلئيل سموتريتش، والقضاء ياريف ليفين، والأمن القومي إيتمار بن غفير، إلى جانب مسؤولين عسكريين طُلب منهم عرض تقديراتهم الأمنية بشأن الخطوات المحتملة.
ورغم أن سموتريتش يرفض الربط بين الضم والمواقف الغربية للاعتراف بالدولة، للزعم بأنه «قرار عقائدي وآيديولوجي لحكومة اليمين»؛ فإن نتنياهو يصر على ربطه.
سموتريتش يصعّد ويستعجل
وقالت مصادر سياسية إن النقاش في اجتماعات الحكومة سيتطرق تحديداً لسيناريوهات الضم في الضفة بصفتها «خطوةً مضادة» لتحركات الاعترافات. وعاد سموتريتش ليتحدث عن الترحيل أيضاً في الضفة الغربية وليس فقط في غزة.
وفي مؤتمر صحافي عقده خصيصاً للموضوع، صباح الأربعاء، بالاشتراك مع قادة مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، قال: «يجب أن نعود إلى المبدأ الصهيوني القديم الذي يقول إنه يجب أن يكون لدينا أكبر مساحة من الأرض بأقل ما يمكن من السكان».

وأضاف: «هنالك إجماع في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) على رفض إقامة دولة فلسطينية، وعلى ضم يهودا والسامرة (التسمية الصهيونية للضفة الغربية). فقد اتخذ الكنيست قراراً بهذه الروح قبل أشهر عدة، أيَّده 71 نائباً ولم يعارضه من النواب اليهود سوى خمسة».
السيطرة على 82 % من الضفة
ودعا الوزير المتطرف نتنياهو إلى اتخاذ قرار لضم مناطق تمثل 82 في المائة من مساحة الضفة، وفصلها في المنطقة «ب» (التي أصبحت - حسب اتفاقيات أوسلو - خاضعة لإسرائيل أمنياً وللسلطة الفلسطينية إدارياً وتبلغ مساحتها 22 في المائة من الضفة الغربية) والمناطق «ج» (التي تشكل 60 في المائة من الضفة وتخضع بالكامل لسيطرة الاحتلال إدارياً وأمنياً).
وقال سموتريتش: «بهذا الضم فقط نمنع إقامة (دولة الإرهاب الفلسطينية) قربنا».

وقد حيا قادة الاستيطان الوزير سموتريتش، على مساهمته بصفته وزير مالية كبيراً ومن يشغل في الحكومة أيضاً منصب وزير ثانٍ في وزارة الدفاع ويتولى مسؤولية إدارة شؤون المستوطنات.
وذكّر قادة الاستيطان بأنه «في زمن هذه الحكومة وبفضل نتنياهو وسموتريتش تم إقرار 49495 وحدة استيطان جديدة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)، وحتى نهاية السنة الحالية سوف يتم إقرار نحو 15 ألف وحدة سكنية أخرى».
خيارات متباينة لفرض السيادة
وكان نتنياهو قد عقد في الأسابيع الأخيرة اجتماعات مغلقة مشابهة بمشاركة عدد محدود من الوزراء المقربين، بينهم الوزير رون ديرمر المكلّف ملف العلاقات مع الولايات المتحدة ودول الخليج، إلى جانب ساعر وسموتريتش.
والأسبوع الماضي، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بأن ديرمر قال خلال أحد الاجتماعات إن «السيادة ستُفرض في الضفة الغربية، والسؤال هو على أي جزء منها».
وخلال هذه النقاشات، طُرحت خيارات متباينة: فرض السيادة على كتل استيطانية فقط، أو على جميع المستوطنات، أو على كامل المناطق المصنفة C، أو الاكتفاء بمساحات مفتوحة مثل غور الأردن.

وبرزت خلال هذه المداولات، حسب التقرير العبري، معضلة أخرى حول توقيت الخطوة، وما إذا أقدمت إسرائيل على الضم إجراءً احترازياً يسبق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، أم رداً مباشراً عليه. وأفاد بأن الوزير ديرمر بعث برسالة سابقة إلى مسؤولين فرنسيين، قال فيها: «أنتم تدفعوننا للرد، وهذا لن يقود إلى دولة فلسطينية».
«لقد حان وقت السيادة»
وقال وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف (عن حزب «عوتسما يهوديت»): «السيادة في الضفة الغربية كان ينبغي فرضها منذ زمن، بغضّ النظر عن مواقف فرنسا. لكن إذا جاءت الخطوة بالتزامن مع اعتراف فرنسي، فستكون رسالة واضحة أن أرض إسرائيل كلها لنا».
من جهته، دعا عضو الكنيست سيمحا روتمان من «الصهيونية الدينية» نتنياهو وحكومته إلى الإسراع بالخطوة، مضيفاً: «السيادة ليست رداً على خطوات دولية أو تهديدات. إنها السبيل الوحيد لضمان مستقبل دولة إسرائيل. لقد حان وقت السيادة».
وذكرت صحيفة «معاريف»، الثلاثاء، أن موضوع فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة يُدار في أجواء من السرية، من دون أي تصريحات علنية. وحسب التقرير، فقد أوعز نتنياهو لوزرائه «بالتحدث أقل ما يمكن» في هذا الملف؛ خشية أن يثير ذلك انتقادات من الرئيس الأميركي، دونالد ترمب.

ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية مطلعة أن «كل شيء هادئ في واشنطن؛ لذلك نعمل بهدوء، الضجيج قد يضر»، مشيرة إلى أنه لا يوجد أي إعلان رسمي من الإدارة الأميركية يدعم الضم، حتى لو كان جزئياً، كما لا تُجرى لقاءات أو أعمال مشتركة مع الأميركيين في هذا الشأن.
وحسب التقديرات في إسرائيل، فإن الأولويات الإسرائيلية مقابل الإدارة في واشنطن لا تضع مسألة الضم في مقدمة الاهتمام؛ «إذ تنشغل الإدارة الأميركية حالياً في توفير الغطاء لإسرائيل في حربها على غزة، وفي نشاطها العسكري تجاه سوريا ولبنان». وأشارت الصحيفة إلى أن القلق الإسرائيلي يتركز بشكل خاص حول مشروع البناء الاستيطاني في منطقة E1، حيث يخشى المسؤولون أن يؤدي أي إعلان علني بشأن الضم إلى دفع ترمب للتراجع عن «الدعم الصامت» الذي منحته إدارته مؤخراً لهذا المشروع، أو حتى إلى معارضة الخطوة بشكل علني.



