تسعى مصر إلى تقديم تجربة سياحية جديدة خلال زيارة الهرم الأكبر خوفو في منطقة الأهرامات بالجيزة، من خلال تزويد غرف الملك والملكة بأجهزة حديثة لتنقية الهواء، وهي أجهزة من طراز «شارب»، مزودة بتقنية البلازما كلاستر، وذلك بالتعاون مع «مجموعة العربي»، و«شارب» اليابانية.
تأتي هذه الخطوة في إطار حرص وزارة السياحة والآثار، ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، على الحفاظ وصون آثارها الفريدة، لا سيما الهرم الأكبر العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع للعالم القديم، وبما يتماشى مع توجه الدولة نحو تطبيق معايير الاستدامة، وتعزيز مفهوم السياحة الخضراء، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار، الثلاثاء.
وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أن «تركيب أجهزة تنقية الهواء داخل هرم الملك خوفو يمثل خطوة مهمة في توظيف التكنولوجيا الحديثة للحفاظ على التراث الأثري المصري، حيث ستسهم في خفض معدلات الرطوبة داخل الغرف الأثرية وتنقية الهواء، مما يساعد على حماية الجدران الداخلية من عوامل التآكل».
وأكد حرص الوزارة على أن يحظى زوار المنطقة بتجربة آمنة ومريحة أثناء دخولهم الغرف الأثرية الضيقة داخل الأهرامات، حيث تسهم هذه الأجهزة في تحسين جودة الهواء، مما يوفر بيئة صحية وأكثر متعة لاكتشاف عظمة الحضارة المصرية.

ويرى الخبير الأثري المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الخطوة تجيب عن سؤال مهم في إدارة التراث، مفاده: كيف نوفق بين الأصالة والمعاصرة، وبين الحفاظ على روح المكان وتوفير الراحة والأمان للزوار؟
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة تركيب أجهزة تنقية هواء داخل غرف الملك والملكة في هرم خوفو خطوة لافتة، تحمل أكثر من دلالة»، موضحاً أنها «تعكس اهتمام الدولة المصرية بتوفير تجربة سياحية حديثة ومريحة، تراعي صحة الزائرين في موقع أثري ضيق ومغلق يعاني من ضعف التهوية وتكدس الأعداد. ومن ناحية أخرى، تثير تساؤلات حول العلاقة بين الحفاظ على الأثر الأصيل، وبين التدخلات التقنية الحديثة داخله».
ولفت إلى أن الهرم الأكبر ليس مجرد مزار سياحي، بل أيقونة للتراث الإنساني العالمي، شيدت قبل 4500 عام، وأي تغيير أو إضافة داخل حجراته يجب أن يُنظر إليه بمنظار دقيق يوازن بين الحفاظ على أصالة الأثر، وحماية الزوار، واستمرار قدرته على استقبال الأعداد الكبيرة من السياح.

وجاءت مشاركة شركة «توشيبا» اليابانية في هذه الخطوة لتعكس تقديرها للحضارة المصرية العريقة، والتزامها بتقديم أحدث الحلول الذكية للحفاظ على التراث الإنساني، وفق تعبير ممثل الشركة هيديوكي ناجامين.
فيما وصف المهندس محمد عبد المجيد العربي، هذه الخطوة بأنها تعكس الإيمان العميق بأهمية توظيف التكنولوجيا الحديثة في حماية التراث الأثري، فهي لم تعد رفاهية وإنما ضرورة بيئية وصحية.

وعدّ الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، خطوة تركيب أجهزة تنقية هواء داخل الهرم الأكبر «مهمة ومطلوبة بالنسبة للسائحين»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «دائماً ما كنا نطالب بإجراءات خاصة داخل الأماكن السياحية التاريخية المغلقة، مثل مقابر وادي الملوك والملكات والنبلاء وكذلك الأهرامات، أولها تنقية الهواء في هذه الغرف والممرات إن أمكن لضمان الاستدامة للبيئة النظيفة داخل الأثر».
وأكد الشماع أن «هذه الخطوة ستساعد على التخلص من الرطوبة داخل الغرف والممرات، وستسمح بتحسين التجربة السياحية داخل الأماكن المغلقة، وأجهزة تنقية الهواء خطوة رائعة ومفيدة، وبها استدامة للبيئة الصحية التي يتم توفيرها للسائح، ونتمنى أن تمتد هذه التجربة إلى الأماكن الأثرية المغلقة الأخرى».



