الرئيس الإيراني يحذر أوروبا من «تعقيد التوتر» ويدعو لحلول دبلوماسية

بزشكيان لدول «منظمة شنغهاي»: نحتاج دعمكم ضد الضغوط الغربية

بزشكيان يلقي كلمة أمام قمة مجموعة «شنغهاي للتعاون» في تيانجين بشمال الصين (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يلقي كلمة أمام قمة مجموعة «شنغهاي للتعاون» في تيانجين بشمال الصين (الرئاسة الإيرانية)
TT

الرئيس الإيراني يحذر أوروبا من «تعقيد التوتر» ويدعو لحلول دبلوماسية

بزشكيان يلقي كلمة أمام قمة مجموعة «شنغهاي للتعاون» في تيانجين بشمال الصين (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يلقي كلمة أمام قمة مجموعة «شنغهاي للتعاون» في تيانجين بشمال الصين (الرئاسة الإيرانية)

حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، القوى الأوروبية، من «تعقيد الأوضاع وزيادة التوتر»، إذا أصرت على اللجوء لآلية «سناب باك»، مشيراً إلى أن بلاده «مستعدة دائماً لإيجاد حل دبلوماسي لتسوية ملفها النووي».

ودعا بزشكيان دول «منظمة شنغهاي للتعاون»، إلى لعب دور «فعّال ومسؤول» في مواجهة ما وصفه بـ«الظلم والضغوط غير العادلة» المفروضة على إيران.

وأوضح في كلمته أمام قمة المنظمة، أن «الشعب الإيراني عانى على مدى السنوات الماضية، لا سيما في الأشهر الأخيرة، من محاولات فرض السلام بالقوة عبر العقوبات المتنوعة والاعتداءات العسكرية»، حسبما أوردت الرئاسة الإيرانية.

ودافع بزشكيان عن برنامج إيران النووي، قائلاً إن بلاده «تحركت خلال العقدين الماضيين ضمن إطار حقوقها القانونية، وسعت دائماً إلى إزالة أي غموض عبر الحوار والمفاوضات».

وقال بزشكيان إن إيران «تعرضت لاعتداء في يونيو (حزيران) الماضي، بينما كانت الولايات المتحدة تجلس إلى طاولة المفاوضات»، موضحاً أن التهديدات الأوروبية الحالية بإعادة فرض العقوبات الدولية، تأتي رغم «عدم التزام هذه الدول بتعهداتها»، ورغم خضوع الأنشطة النووية الإيرانية «لأشد الرقابات الدولية».

وأضاف أن «اللجوء إلى الخيار العسكري فشل في الماضي، وسيقابل بمقاومة بطولية من الشعب الإيراني»، محذراً من أن تفعيل آلية «سناب باك» لن يؤدي إلا إلى «تعقيد الأوضاع وزيادة التوتر».

بزشكيان يلقي كلمة أمام قمة مجموعة «شنغهاي للتعاون» في تيانجين بشمال الصين (الرئاسة الإيرانية)

وفعلت دول «الترويكا» الأوروبية، الخميس الماضي، مسار آلية «سناب باك»، لإعادة فرض العقوبات الأممية قبل أن تفقد قدرتها في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، على اتخاذ الخطوة.

وتستغرق العملية 30 يوماً، ويأمل الأوروبيون في أن تدفع هذه الخطوة، طهران، إلى تقديم التزامات بشأن برنامجها النووي بنهاية سبتمبر (أيلول)، تقنعهم بتأجيل اتخاذ إجراء ملموس.

وأشار بزشكيان إلى أن إيران توصي الولايات المتحدة وأوروبا بـ«التخلي عن سياسات المواجهة، والعودة إلى طاولة الدبلوماسية، للوصول إلى حل متوازن وعادل للأزمة النووية».

جاء ذلك في وقت قال فيه نائب وزير الخارجية الإيرانية كاظم غريب آبادي، إن لدى 3 قوى أوروبية فترة زمنية تتراوح بين 20 و30 يوماً، لمراجعة موقفها من تفعيل آلية «سناب باك»، مشيراً إلى أن أي تحرك لإعادة فرض العقوبات الأممية قد يقابله رد إيراني «متناسب».

وأجرت «الترويكا» الأوروبية عدة جولات من المحادثات مع طهران، بهدف الاتفاق على تأجيل الآلية منذ أن ضربت إسرائيل والولايات المتحدة منشآت إيران النووية في منتصف يونيو، لكن الدول الثلاث اعتبرت أن المحادثات التي جرت جولتها الأخيرة في جنيف الثلاثاء الماضي، لم تسفر عن التزامات ملموسة بما فيه الكفاية من إيران.

وقال الوزراء: «تلتزم (الترويكا) الأوروبية باستخدام كل أداة دبلوماسية متاحة لضمان عدم تطوير إيران سلاحاً نووياً. ويشمل ذلك قرارنا تفعيل آلية (إعادة فرض العقوبات) اليوم من خلال هذا الإخطار». وأضافوا: «ومع ذلك، يظل التزام (الترويكا) الأوروبية بالحل الدبلوماسي ثابتاً. وستستفيد (الترويكا) الأوروبية بشكل كامل من فترة الثلاثين يوماً التي تلي الإخطار من أجل حل المشكلة التي أدت إلى هذا الإخطار». وهددت إيران من قبل، باتخاذ «رد قاسٍ» في حال إعادة فرض العقوبات. ولوّحت في وقت سابق، بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا فعّلت الدول الأوروبية الآلية.

وكان وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، قد أعلن الخميس، استعداد طهران لاستئناف مفاوضات «عادلة»، إذا أبدى الغرب حسن النية. ودعا مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، التي تعد منسقة للاتفاق النووي، إلى أن تتجنب القوى الغربية «الإجراءات التي تقوض فرص النجاح».

وقالت كالاس الجمعة، إن الأسابيع المقبلة تشكّل «فرصة» للتوصل إلى حل دبلوماسي لملف إيران النووي.

في هذا السياق، أوضح غريب آبادي أن طهران أبلغت العواصم الأوروبية، بأن إخطار تفعيل الآلية «غير قانوني، ولا يستند إلى أساس حقوقي»، مضيفاً أن بعض المنظمات الدولية «تتعامل مع الملف ضمن اعتبارات سياسية»، بحسب وسائل إعلام إيرانية.

وقال غريب آبادي إن الفترة الحالية «ليست فرصة لإيران وحدها، بل للأوروبيين أيضاً، لإعادة تقييم مواقفهم في هذا الملف».

والأحد، اتهم نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، وسائل الإعلام الغربية، بـ«السعي إلى المبالغة» في تقييم آلية «سناب باك»، مضيفاً أن الدول الأوروبية الثلاث «لا تملك المؤهلات لبدء عملية استعادة العقوبات».

وقال عارف: «إذا تم تنفيذ آلية الاستعادة، فسيتم اتخاذ القرارات اللازمة بما يتناسب مع هذا الإجراء». وأضاف: «لسنا متطوعين للعقوبات، لكن تجربة العقود الأربعة الماضية أظهرت أن الأمة الإيرانية أكبر من أن تستسلم للعقوبات».

الوفد الإيراني خلال قمة مجموعة شنغهاي للتعاون في تيانجين بشمال الصين (الرئاسة الإيرانية)

وتجري طهران مشاورات مع الدول الأعضاء في «منظمة شنغهاي» للتعاون، خصوصاً روسيا والصين، في مسعى لعرقلة تحرك القوى الأوروبية بتفعيل آلية «سناب باك».

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن غريب آبادي، قوله إن الصين وروسيا وباكستان تعارض آلية «سناب باك»، وعودة القرارات التي سبق أن ألغاها مجلس الأمن، في إشارة إلى 6 قرارات أممية مجمدة بموجب القرار 2231 الذي تبنى الاتفاق النووي.

ولفت غريب آبادي إلى أن الصين وروسيا عضوان دائمان في مجلس الأمن، بينما تشغل باكستان عضوية غير دائمة. كما ذكر أن مشاورات بلاده مع الدول الأعضاء في «منظمة شنغهاي للتعاون» أسفرت عن إدراج بنود في البيان الختامي للقمة الأخيرة، من بينها إدانة الهجمات الإسرائيلية والأميركية على إيران، بما في ذلك استهداف منشآت نووية، وهو ما عدّته المنظمة «مخالفاً للقانون الدولي».

وأضاف أن البيان تضمن أيضاً بنداً يؤكد أهمية التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2231، ورفض تطبيقه بشكل «انتقائي».

واقترحت روسيا والصين مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يمدد الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 لمدة 6 أشهر، ويحث جميع الأطراف على استئناف المفاوضات فوراً. لكنهما لم تطلبا التصويت عليه بعد. وحذفت الدولتان، وهما حليفتان استراتيجيتان لإيران، عبارات مثيرة للجدل من مشروع القرار الذي اقترحتاه في البداية يوم الأحد، والذي كان من شأنه أن يمنع الدول الأوروبية الثلاث من إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، نظيرهما الإيراني مسعود بزشكيان الاثنين، على هامش قمة في الصين.

وحضّت وزارة الخارجية الروسية، الأوروبيين، على مراجعة قرار إعادة فرض العقوبات، محذرة من أنه قد يؤدي إلى «عواقب لا يمكن إصلاحها».


مقالات ذات صلة

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ) play-circle

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام play-circle 01:12

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية play-circle 00:36

تباين إيراني بشأن بدء مناورات صاروخية واسعة النطاق

أفادت وسائل إعلام إيرانية ببدء اختبار صاروخي في عدد من المناطق داخل البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صواريخ باليستية إيرانية تُرى خلال عرض عسكري في طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

إيران: برنامجنا الصاروخي دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الاثنين، إن البرنامج الصاروخي الإيراني دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

حذرت إسرائيل إدارة الرئيس دونالد ترمب من أن إيران ربما تستخدم مناورة صاروخية للحرس الثوري الإيراني غطاء لشن ضربة على إسرائيل.


نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

وأضاف نتنياهو، وفقاً لوكالة «رويترز»، ‌أن ‍أنشطة طهران النووية ستخضع للنقاش مع الرئيس الأميركي دونالد ​ترمب خلال زيارته في وقت لاحق من هذا الشهر.

و أضاف نتنياهو في بيان مشترك مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس «نحن نراقب الوضع ونتخذ الاستعدادات اللازمة. أود أن أوضح لإيران أن أي عمل ضد إسرائيل سيقابل برد قاس للغاية»، بحسب صحيفة«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني (واي نت).

ولم يدل نتنياهو بمزيد من المعلومات عن إشارته إلى التدريبات الإيرانية.

تأتي تصريحات نتنياهو في سياق تصاعد التحذيرات الأميركية – الإسرائيلية من عودة إيران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية، بعد الحرب التي اندلعت بين الطرفين في يونيو (حزيران) الماضي.

ويتزايد القلق في إسرائيل، من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزءاً من جهود أوسع لإعادة بناء الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب.

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين أمس، أن هامش تحمل المخاطر بات أقل من السابق، في ظل تجربة الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من حرب متعددة الجبهات.

ورغم أن التقديرات الاستخباراتية لا تشير إلى هجوم إيراني وشيك، فإن المخاوف تتركز على احتمال سوء تقدير متبادل قد يقود إلى مواجهة غير مقصودة.

وتقول تقديرات أمنية غربية إن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية حساسة خلال تلك الحرب لم تُنه التهديد بالكامل، بل دفعت طهران، وفق هذه التقديرات، إلى السعي لإعادة ترميم قدراتها بأساليب أكثر تحصيناً.

وقال قائد الجيش الإيراني، أمير حاتمي أن القوات المسلحة تراقب «بدقة» تحركات خصومها، وستتعامل «بحزم» مع أي أعمال عدائية.

تباينت وسائل إعلام رسمية في إيران بشأن تقارير عن بدء اختبار صاروخي في عدة محافظات من البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتواصل الخلاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مشاهدات ميدانية وتقارير واردة من مواطنين وقوع اختبار صاروخي في نقاط مختلفة من إيران.

وفي وقت لاحق، نفى حساب التلفزيون الرسمي في بيان مقتضب على «تلغرام» إجراء أي مناورات صاروخية.


نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

​قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل وافقت على ‌تعزيز ‌التعاون الأمني ​​مع ‌اليونان ⁠وقبرص.

وجاءت ​تعليقات ‌نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ⁠ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي ‌نيكوس ‍خريستودوليديس في ‍القدس.

وقال نتنياهو أيضاً ‍إن الدول الثلاث تعتزم المضي قدماً ​في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند ⁠والشرق الأوسط وأوروبا، وهو مبادرة لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط بحراً وبراً.


مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

TT

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام
صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية، في وقت تشير فيه تقديرات أمنية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية خلال حرب يونيو (حزيران) لم تنه التهديد بالكامل.

وبينما تؤكد واشنطن أن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد قصف منشأة فوردو، تتحدث تل أبيب عن نافذة زمنية تضيق، وخيارات عسكرية تعود إلى الطاولة، وسط مخاوف من سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة جديدة غير مقصودة.

وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن إيران «لم تستوعب الرسالة كاملة» عقب القصف الأميركي لمنشأتها النووية بواسطة قاذفات الشبح «بي 2» خلال الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في يونيو، وذلك وسط تقارير تشير إلى محاولات طهران إعادة ترميم قدراتها النووية والصاروخية.

وأضاف هاكابي، في مقابلة أُجريت على هامش مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، أنه «لا يعتقد أن إيران أخذت الرئيس الأميركي دونالد ترمب على محمل الجد إلى أن جاءت الليلة التي توجهت فيها قاذفات الشبح إلى فوردو»، وفق ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية.

ورداً على سؤال بشأن التقارير المتداولة حول مساعي طهران لإعادة ترميم المنشأة، قال: «آمل أنهم فهموا الرسالة، لكن يبدو أنهم لم يفهموها كاملة؛ لأنهم يحاولون إعادة تشكيل الموقع وإيجاد طرق جديدة لتعميق التحصينات وجعلها أكثر أمناً».

حركة المرور أمام جدارية دعائية تصور رأساً حربياً لصاروخ إيراني يحمل شعاراً بالفارسية يقول: «سقط الصاروخ بين العفاریت» في أحد شوارع طهران يوليو الماضي (إ.ب.أ)

وتعرب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن قلق متزايد إزاء تقدم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، متهمين طهران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما مع وقوع إسرائيل ضمن مدى هذه الصواريخ.

وحسب شبكة «إن بي سي» الأميركية، يتخوف مسؤولون أميركيون بصورة متزايدة من توسع البرنامج الصاروخي الإيراني، ونقلت الشبكة عن مصادر لم تسمّها، السبت، أن مسؤولين يستعدون لإطلاع الرئيس الأميركي على «الخيارات المتاحة» للتعامل مع هذا التهديد، بما في ذلك سيناريوهات عسكرية محتملة.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في 29 ديسمبر (كانون الأول) في ميامي، حيث يعتزم، وفق مصادر إسرائيلية، بحث مساعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية، إضافة إلى احتمال توجيه ضربة أخرى لإيران في عام 2026. وكانت قناة «إن بي سي نيوز» قد كشفت سابقاً عن نية نتنياهو عرض هذا الملف على ترمب، في إطار ما تصفه إسرائيل بأنه تهديد آخذ في التصاعد.

وعند سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تمنح الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي جديد على إيران في حال رأت إسرائيل أن ذلك ضروري، أجاب هاكابي: «كل ما يمكنني فعله هو التذكير بما قاله الرئيس ترمب مراراً، وهو أن إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم أبداً، ولن تمتلك سلاحاً نووياً». وأضاف أن استئناف إيران لقدراتها في مجال الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي لا يشكل تهديداً لإسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل «يمثل تهديداً حقيقياً لأوروبا بأكملها»، متابعاً بنبرة حادة أن الأوروبيين «إن لم يفهموا ذلك، فهم أكثر غباءً مما أعتقد أحياناً»، مع الإشارة إلى أن أوروبا أعادت تفعيل عقوبات «سناب باك» ضد إيران.

واشنطن على الخط

وفي السياق ذاته، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه «يؤيد شن هجوم على إيران»، محذّراً من أن مساعي طهران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن برنامجها النووي.

وجاءت تصريحات غراهام خلال زيارة يجريها حالياً إلى إسرائيل، التقى خلالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين كباراً في الجيش الإسرائيلي، من بينهم رئيس شعبة العمليات ووزير الأمن يسرائيل كاتس. وقال غراهام في مقابلة مع محطة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية إن إيران «تحاول استعادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم»، معتبراً أن ذلك، إلى جانب تطوير الصواريخ الباليستية، يمثل «تهديداً حقيقياً لإسرائيل».

وأضاف السيناتور الجمهوري أن «أي شيء يضعف إسرائيل يضعف الولايات المتحدة أيضاً»، داعياً إلى استهداف القدرات الصاروخية الإيرانية في أي ضربة مقبلة. وفي مقابلة منفصلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، قال غراهام إن الصواريخ الباليستية الإيرانية قد «تغرق القبة الحديدية»، مؤكداً أنه «لا يمكن السماح لإيران بإنتاجها». وأوضح أنه لا يؤيد غزواً أميركياً لإيران، لكنه يدعم «توجيه ضربة عسكرية» في حال ظهرت مؤشرات على استئناف البرنامج النووي أو برنامج الصواريخ.

قلق إسرائيلي متصاعد

بالتوازي، أفاد تقرير لموقع «أكسيوس» بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب (أ.ب)

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة». في المقابل، أكد مصدر أميركي أن الاستخبارات الأميركية لا تملك حالياً مؤشرات على هجوم إيراني وشيك.

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه. وفي هذا السياق، أجرى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، اتصالاً مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أبلغه خلاله بقلق إسرائيل من المناورة الصاروخية التي بدأها «الحرس الثوري».

وأشار زامير إلى أن تحركات الصواريخ الإيرانية وخطوات تشغيلية أخرى قد تكون غطاءً لهجوم مفاجئ، داعياً إلى تنسيق دفاعي وثيق بين القوات الأميركية والإسرائيلية.

تلميحات بحرب جديدة

وترافق القلق الاستخباراتي مع تصعيد في الخطاب العلني. وحذر زامير، خلال مراسم تسليم مهام رئيس مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، من أن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء»، في تلميح واضح إلى احتمال استهداف إيران مجدداً.

وقال زامير إن «في صميم أطول وأعقد حرب في تاريخ إسرائيل تقف الحملة ضد إيران»، معتبراً أن طهران هي التي «مولت وسلّحت حلقة الخنق حول إسرائيل»، في إشارة إلى الحرب متعددة الجبهات التي اندلعت منذ أكتوبر 2023.

تهديد مُلح

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وتؤكد المصادر أن طهران بدأت بالفعل خطوات لإعادة بناء قواتها الصاروخية، لكنها لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الحرب. ولا ترى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ولا جهاز «الموساد» أن وتيرة هذه الخطوات تفرض تحركاً عسكرياً عاجلاً خلال الشهرين أو الثلاثة المقبلة، إلا أنها قد تتحول إلى مسألة أكثر إلحاحاً لاحقاً هذا العام.

طفل يجلس فوق رأس حربي لصاروخ باليستي في المعرض الدائم التابع لـ«الحرس الثوري» بضواحي طهران نوفمبر الماضي (أ.ب)

وفي هذا الإطار، يتركز القلق الإسرائيلي بشكل متزايد على الصواريخ الباليستية بوصفها تهديداً أكثر إلحاحاً من البرنامج النووي نفسه، رغم وصف إسرائيل العلني للنووي الإيراني بأنه تهديد وجودي؛ إذ يرى مسؤولون إسرائيليون أن الصواريخ تمثل الخطر الفوري الأكبر، خصوصاً بعد التجربة الأخيرة التي لم تتمكن فيها الدفاعات الإسرائيلية من اعتراض جميع الهجمات.